رحيل كمال بشر «شيخ اللغويين العرب»

صاحب كتابي «علم الأصوات» و«فن الكلام»

رحيل كمال بشر «شيخ اللغويين العرب»
TT

رحيل كمال بشر «شيخ اللغويين العرب»

رحيل كمال بشر «شيخ اللغويين العرب»

بعد رحلة عطاء خصبة قضاها في رحاب اللغة العربية كاشفًا عن جمالياتها وأسرارها وبلاغتها، وواضعًا الأسس العلمية لتطويرها وتنقيتها من الشوائب والعلل التي تحد من حيويتها، غيب الموت، أمس، بالقاهرة، شيخ اللغويين العرب العالم الجليل، صاحب كتاب «علم الأصوات» الدكتور كمال بشر، نائب رئيس مجمع اللغة العربية، الأستاذ بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، بعد صراع مع أمراض الشيخوخة، عن عمر يناهز الـ94 عامًا.
ومن المرجح أن يوارى جثمان العالم الجليل الثرى في قريته محلة دياي بمركز دسوق بمحافظة كفر الشيخ بوسط دلتا مصر، حيث وُلد بها في عام 1921. وكان كُتّاب القرية أولى العتبات لانطلاقه في فضاء العلم والمعرفة، واستطاع من خلاله أن يحفظ القرآن الكريم في تسعة أشهر وهو في سن صغيرة، بعدها التحق بالمعهد الأزهري الابتدائي بمدينة دسوق عام 1932، ثم المعهد الثانوي الأزهري بالإسكندرية، ومنه انتقل إلى رحاب كلية دار العلوم.
حافظ العالم الراحل على تفوقه العلمي، وفي أثناء دراسته بالكلية كان في طليعة الطلاب الذين وقفوا في وجه الحكومة مطالبين بتحويل دار العلوم من مدرسة عليا إلى كلية تتمتع بما تتمتع به سائر الكليات. وبعد الكثير من الإضرابات والمظاهرات والصدام مع البوليس صدر المرسوم الملكي بتحويل دار العلوم إلى كلية وضمها إلى جامعة فؤاد الأول بالقاهرة.
وكان الدكتور كمال بشر من أول الخريجين في أول سنة يحصل عليها طالب دار العلوم على درجة الليسانس في اللغة العربية والدراسات الإسلامية، وذلك بتقدير «ممتاز - أول الفرقة» في عام 1946. كما حصل على دبلوم المعهد العالي للمعلمين في التربية وعلم النفس 1948. ونظرا لتفوقه تم اختياره في بعثة علمية إلى إنجلترا للتخصص في علم اللغة، ومن جامعة لندن حصل على درجة الماجستير في علم اللغة المقارن 1953 وعلى درجة الدكتوراه في علم اللغة والأصوات 1956. وبعد عودته من البعثة تدرج في مراتب التعليم الجامعي، حتى تولى عمادة كلية دار العلوم في الفترة من 1973 إلى 1975، ثم عمل أستاذا متفرغًا من 1978 حتى وفاته.
كرس كمال بشر حياته لخدمة اللغة العربية، ويعد من الرعيل الأول الذي نشر علم اللغة الحديث بالجامعات العربية، والنهوض بتدريسه من خلال منهج علمي جديد، ومن بين الجامعات التي عمل بها وشهدت جهوده في هذا الشأن، جامعة الملك سعود، وكلية التربية وكلية الإنسانيات والعلوم الاجتماعية بقطر، وكلية الآداب بجامعة الإمارات، وجامعة الكويت، ومعهد بورقيبة للغات، هذا بالإضافة إلى تدريسه بكلية دار العلوم وأغلب الكليات ومعاهد البحوث بمصر.
وخلال رحلته مع العلم والحياة تمتع العالم الجليل بدماثة الخلق والتواضع، وعرف بروحه المرحة، وحبه للحوار الكاشف البناء، وشكل مدرسة فريدة، خاصة في إعداد الباحثين اللغويين منهجيا وثقافيا. وأشرف على عدد كبير منهم بكلية دار العلوم وبكلية الآداب جامعة القاهرة وبمعهد البحوث والدراسات العربية وبجامعة الأزهر. وشارك في فحص الإنتاج العلمي والبحوث العلمية (للنشر أو الترقية) في مصر والسعودية والإمارات والأردن والكويت وفلسطين والبحرين. وكان واسع التأليف في شتى مجالات اللغة، وربطها بتداعيات الحياة بالحياة، من خلال جسور متنوعة تربط ما بين تراثها القديم وواقعها الراهن، وهي مؤلفات أصبحت بمثابة مراجع أساسية للباحثين في علم اللغة العربية ومن أهمها: «قضايا لغوية» (1962)، «علم الأصوات»، نُشر عدة مرات وأعيد تنقيحه وطبعه 1999، «دراسات في علم اللغة» (1996)، «دور الكلمة في اللغة»، وهو ترجمة لكتاب «words and their uses»، وقد نشر أول مرة سنة 1962، وأعيد طبعه أكثر من خمس عشرة مرة، و«علم اللغة الاجتماعي»، نشر أول مرة سنة 1992، وأعيد طبعه (منقحا) سنوات 93، 94، 1995، «العربية بين الوهم وسوء الفهم»، نشر سنة 2000، «فن الكلام»، 2003. «التفكير اللغوي بين القديم والجديد»، 2005. بالإضافة إلى الكثير من البحوث والدراسات المنشورة والتي شارك ببعضها في مؤتمرات علمية.
كان العالم الجليل من أبرز المرشحين للحصول على جائزة النيل للآداب هذا العام من المجلس الأعلى للثقافة، وهي أرفع الأوسمة التي تمنحها الدولة في هذا الصدد، وذلك تتويجًا لتاريخه باعتباره من كبار اللغويين في العصر الحديث، لكن لم يحالفه الحظ، وقد أثار عدم حصوله عليها استياء في أوساط الكتاب والمثقفين.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.