المغرب: 28% زيادة في التحويلات من الخارج خلال فبراير

ارتفاع واردات قطاع السيارات 40%... وتدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى 53,6 %

علم المغرب بجانب فئات متنوعة من العملة الأميركية الدولار (رويترز)
علم المغرب بجانب فئات متنوعة من العملة الأميركية الدولار (رويترز)
TT
20

المغرب: 28% زيادة في التحويلات من الخارج خلال فبراير

علم المغرب بجانب فئات متنوعة من العملة الأميركية الدولار (رويترز)
علم المغرب بجانب فئات متنوعة من العملة الأميركية الدولار (رويترز)

أفاد مكتب الصرف المغربي (مكتب تحويل العملات) بأن تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج بلغت ما يقارب 17,3 مليار درهم (1,73 مليار دولار) خلال شهر فبراير (شباط) الماضي، مقابل 13,45 مليار درهم (1,34 مليار دولار) قبل سنة.
وذكر المكتب، في وثيقة حول المؤشرات الشهرية للمبادلات الخارجية لشهر فبراير الماضي، أن هذه التحويلات سجلت بذلك ارتفاعا بنسبة 28,6 في المائة (زائد 3,84 مليار درهم) مقارنة بشهر فبراير 2022.
من جهة أخرى، سجل المكتب فائضا في رصيد مبادلات الخدمات، والذي ارتفع بأزيد من 13,51 مليار درهم (1,35مليار دولار)، مشيرا إلى أن هذا الارتفاع الناتج عن زيادة الصادرات (زائد 88,3 في المائة، أي ما يعادل 37,65 مليار درهم/3,76 مليار دولار) أكبر بكثير من ذلك الذي سجلته الواردات (زائد 31,4 في المائة أي ما يعادل 17,31 مليار درهم/1,73 مليار دولار).
من جهة أخرى، ذكر مكتب الصرف أن مبيعات قطاع السيارات بلغت أزيد من 21,66 مليار درهم (2,16 مليار دولار) عند متم فبراير الماضي، بارتفاع نسبته 40,5 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من السنة الفائتة.
وأفاد المكتب بأن هذا التطور يعزى إلى ارتفاع المبيعات في كافة فروع القطاع، بما في ذلك فروع التصنيع (زائد 44,7 في المائة)، وتوصيل الأسلاك الكهربائية (زائد 43,8 في المائة)، والجزء الداخلي للسيارات والمقاعد (زائد 20 في المائة).
وبالموازاة مع ذلك، عرفت صادرات قطاع الإلكترونيات والكهرباء نموا بـ 36,4 في المائة إلى 3,65 مليار درهم (365 مليون دولار) عند متم فبراير 2023، ويعزى هذا الارتفاع، بالأساس، إلى نمو مبيعات القطع الإلكترونية بـ 57,7 في المائة إلى 1,4 مليار درهم (140 مليون دولار)، وكذا نمو مبيعات الأسلاك والكابلات (زائد 33,9 في المائة إلى 1,37 مليار درهم/137مليون دولار).
من جهتها، سجلت مبيعات النسيج والجلد ارتفاعا بنسبة 15,1 في المائة برسم الشهرين الأولين من السنة الجارية، وذلك إثر ارتفاع صادرات الملابس الجاهزة (زائد 18 في المائة)، والأحذية (زائد 20,6 في المائة)، وكذا صادرات سلع الجوارب (زائد 7,6 في المائة).
أما بخصوص صادرات الفوسفات ومشتقاته، فقد استقرت عند 10,96 مليار درهم (1,09 مليار دولار) عند متم فبراير الماضي، مقابل 14,68 مليار درهم (1,46 مليار دولار) خلال الفترة ذاتها من السنة الماضية، ويعزى هذا التراجع إلى انخفاض مبيعات الأسمدة الطبيعية والكيماوية (ناقص 22,3 في المائة)، والحمض الفوسفوري (ناقص 37,8 في المائة) والفوسفات (ناقص 17,5 في المائة).
أما بالنسبة لمداخيل الأسفار فبلغت أزيد من 16 مليار درهم (1,6 مليار دولار) عند متم فبراير الماضي مقابل 3,56 مليار درهم (356 مليون دولار) فقط خلال الفترة ذاتها من سنة 2022.
وذكر مكتب الصرف أن هذه المداخيل تجاوزت بذلك المستوى المسجل عند متم فبراير 2020 (12,17 مليار دهم/ 1,21 مليار دولار)، وهي الفترة التي سبقت إغلاق الحدود جراء تفشي جائحة كوفيد-19.
وارتفعت نفقات السفر برسم الشهرين الأولين من 2023 إلى 3,62 مليار درهم (362 مليون دولار). وبذلك، بلغ فائض رصيد الأسفار 12,38 مليار درهم (1,23 مليار دولار) عند متم فبراير الماضي، مقابل 1,64 مليار درهم (164 مليون دولار) فقط قبل سنة.
وأوضح مكتب الصرف أن صافي تدفقات الاستثمارات الأجنبية ارتفع إلى نحو 3,37 مليار درهم (337 مليون دولار) عند متم فبراير 2023، ليسجل ارتفاعا بنسبة 53,6 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من السنة الماضية.
وذكر المكتب أن عائدات الاستثمارات الأجنبية المباشرة سجلت ارتفاعا بنسبة 19,8 في المائة إلى 5,03 مليار درهم (503 ملايين دولار)، في حين سجلت النفقات انخفاضا بـ 17,2 في المائة.
وبلغت الاستثمارات المغربية المباشرة بالخارج، برسم الشهرين الأولين من هذه السنة، 3,24 مليار درهم (324 مليون دولار)، مسجلة بذلك تراجعا طفيفا بنسبة 2 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من سنة 2022.
وبالموازاة مع ذلك، همت تحويلات هذه الاستثمارات مبلغ 2,19 مليار درهم، أي بانخفاض نسبته 11,6 في المائة، ليرتفع بذلك صافي تدفقات الاستثمارات المغربية المباشرة بالخارج بنسبة 26,8 في المائة.
وبشأن العجز التجاري للمغرب، قال مكتب الصرف إنه بلغ نحو 44,92 مليار درهم (4,49 مليار دولار) خلال فبراير الماضي، بارتفاع نسبته 17,8 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من السنة الماضية.
وأبرز المكتب ارتفاع الواردات بنسبة 11,6 في المائة إلى أزيد من 113,63 مليار درهم (11,36 مليار دولار) والصادرات بـ 7,9 في المائة إلى 68,71 مليار درهم (6,87 مليار دولار)، مشيرا إلى أن معدل التغطية بلغ 60,5 في المائة مقابل 62,5 في المائة قبل سنة.
وأضاف مكتب الصرف أن ارتفاع واردات السلع شمل أغلب أصناف المنتجات، لافتا إلى أن الفاتورة الطاقية ارتفعت بـ 29,6 في المائة إثر زيادة الإمدادات بالنسبة لجميع المنتجات الطاقية، بما فيها زيوت الغاز والوقود (زائد 1,667 مليار درهم/ زائد 166مليون دولار)، وذلك نتيجة ارتفاع الأسعار بـ 29,2 في المائة (8,940 درهم/0,89 دولار) للطن الواحد عند متم فبراير الماضي مقابل 6,921 درهم للطن الواحد قبل سنة، في حين انخفضت الكميات المستوردة بنسبة 5,1 في المائة.
وفي ما يتعلق بواردات سلع التجهيز، فقد ارتفعت بنسبة 16,7 في المائة جراء نمو حجم اقتناء المحركات ذات المكابس بنسبة 41,6 في المائة، فيما زادت واردات المنتجات الغذائية بنسبة 11,9 في المائة.
وفي المقابل، انخفضت واردات المنتجات الخام بنسبة 4,7 في المائة جراء تراجع حجم مشتريات الكبريت الخام وغير المكرر بنسبة 49,8 في المائة.
وسجل المكتب أن واردات المنتجات نصف الجاهزة انخفضت، بدورها، بنسبة 3,2 في المائة نتيجة لانخفاض حجم مشتريات الأمونياك بـ30,6 في المائة إلى 2,03 مليار درهم (203 ملايين دولار).
وبخصوص صادرات السلع، فقد شمل ارتفاعها أغلب القطاعات، ولا سيما السيارات والإلكترونيات والكهرباء والنسيج والجلد.


مقالات ذات صلة

المغرب: حزب معارض ينسق مع اتحاد عمالي لمواجهة تداعيات غلاء الأسعار

العالم المغرب: حزب معارض ينسق مع اتحاد عمالي لمواجهة تداعيات غلاء الأسعار

المغرب: حزب معارض ينسق مع اتحاد عمالي لمواجهة تداعيات غلاء الأسعار

أعلن كل من «حزب التقدم والاشتراكية» المغربي (معارضة برلمانية)»، و«الاتحاد المغربي للشغل»؛ أعرق اتحاد عمالي في المغرب، التنسيق بينهما في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يعاني منها المواطنون في ظل موجة الغلاء. وقال بيان مشترك للهيئتين، صدر الثلاثاء إثر اجتماع بين قيادتيهما، إنه جرى الاتفاق على تشكيل لجنة مشتركة بينهما لتتبع «التنسيق الثنائي في جميع المبادرات المستقبلية» التي تروم الدفاع عن قضايا الطبقة العاملة المغربية وعموم المواطنات والمواطنين. واتفق الطرفان أيضاً على التنسيق داخل البرلمان بغرفتيه في جميع القضايا «دفاعاً عن مصالح العمال وكافة الجماهير الشعبية».

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا المغرب: قادة الغالبية الحكومية لمواجهة الغلاء

المغرب: قادة الغالبية الحكومية لمواجهة الغلاء

أكد قادة أحزاب الغالبية الحكومية في المغرب، خلال لقاء بالرباط مساء أمس (الخميس)، أنهم عازمون على مواصلة العمل معاً لتنفيذ البرنامج الحكومي، رغم التحديات الاقتصادية وارتفاع الأسعار، وشددوا على أنهم يعملون في انسجام تام، نافين وجود خلافات. وقال عزيز أخنوش، رئيس الحكومة ورئيس حزب التجمع الوطني للأحرار (متزعم الائتلاف الحكومي)، إن ارتفاع أسعار المنتجات الفلاحية في المغرب يعود للجفاف وارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات، التي تضاعف ثمنها ما زاد كلفة الإنتاج.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا حزب معارض ينتقد عجز الحكومة المغربية عن مواجهة الغلاء

حزب معارض ينتقد عجز الحكومة المغربية عن مواجهة الغلاء

انتقد حزب «الحركة الشعبية المغربي» (معارضة برلمانية)، «عجز» الحكومة عن مواجهة غلاء المعيشة وارتفاع أسعار المحروقات. جاء ذلك في وقت تفاقمت فيه أزمة غلاء الأسعار في المغرب، رغم اتخاذ إجراءات حكومية لضبط الأسواق. وأقر مصطفى بايتاس، الوزير المكلف العلاقات مع البرلمان، الناطق باسم الحكومة، اليوم، في لقاء صحافي، عقب اجتماع مجلس الحكومة، بأن إجراءات الحكومة لم تكن كافية لخفض الأسعار، مشيراً إلى أن موجة التضخم في البلاد معقدة. وقال بيان للمكتب السياسي لـ«حزب الحركة الشعبية» صدر أمس إن «الواقع الملموس» يكشف زيف الشعارات والتبريرات، وفشل الإجراءات الحكومية المعلنة، وعجزها عن الحد من توالي غلاء أسعار الخ

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا وزير التجارة المغربي: إنشاء أول شبكة عربية للمنافسة لتحقيق التكامل

وزير التجارة المغربي: إنشاء أول شبكة عربية للمنافسة لتحقيق التكامل

قال رياض مزور، وزير التجارة والصناعة المغربي، إن إنشاء أول شبكة عربية للمنافسة تحت رعاية جامعة الدول العربية «من شأنه تحقيق التعاون والتكامل بين الدول العربية». وأشار مزور خلال اللقاء السنوي الثاني لـ«شبكة المنافسة العربية»، الذي انعقد يوم الأربعاء بالرباط، إلى أهمية تعزيز التنسيق في مجال المنافسة؛ من خلال تبادل الخبرات والتجارب وبناء القدرات، وتقديم الدعم اللازم للدول العربية التي تسعى إلى سن تشريعاتها الخاصة بحماية المنافسة.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
شمال افريقيا بنك المغرب المركزي في الرباط (رويترز)

«الأوروبي لإعادة الإعمار» في المغرب لتأكيد الالتزام بدعم النمو الاقتصادي

بدأت رئيسة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، أوديل رونو-باسو، أمس الأربعاء، زيارة للمغرب تدوم ثلاثة أيام. أوضح البنك الأوروبي، في بيان له، أن رونو-باسو ستلتقي، خلال هذه الزيارة، بعدد من أعضاء الحكومة، والفاعلين في قطاع الأعمال وممثلي المجتمع المدني. وأورد البيان أن رونو-باسو صرحت، عشية هذه الزيارة، بأن «البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية ملتزم بدعم النمو الاقتصادي بالمغرب، واندماجه الإقليمي، وكذا مؤهلاته في مجال الاقتصاد الأخضر، وتعزيز تكافؤ الفرص، لا سيما من أجل مكافحة بطالة الشباب ومعالجة قضايا النوع». وذكر البيان أن البنك الأوروبي عزز حضوره بالمغرب خلال سنة 2022 من خلال استثمارات

«الشرق الأوسط» (الرباط)

ماذا يريد رئيس التشيك من زيارته إلى موريتانيا؟

الرئيس محمد ولد الغزواني مستقبِلاً الرئيس التشيكي بيتر بيفيل (الرئاسة الموريتانية)
الرئيس محمد ولد الغزواني مستقبِلاً الرئيس التشيكي بيتر بيفيل (الرئاسة الموريتانية)
TT
20

ماذا يريد رئيس التشيك من زيارته إلى موريتانيا؟

الرئيس محمد ولد الغزواني مستقبِلاً الرئيس التشيكي بيتر بيفيل (الرئاسة الموريتانية)
الرئيس محمد ولد الغزواني مستقبِلاً الرئيس التشيكي بيتر بيفيل (الرئاسة الموريتانية)

في خضم التحولات المتسارعة التي تشهدها منطقة الساحل وغرب أفريقيا، وتزايد التنافس الدولي في القارة السمراء، تبرز زيارة الرئيس التشيكي بيتر بيفيل إلى نواكشوط، والتي اختُتمت، الثلاثاء، وهي زيارة قد تبدو على السطح اقتصادية الطابع، لكن ما بين السطور يكشف عن أبعاد أمنية واستراتيجية أعمق.

الرئيس الموريتاني خلال استقبال رئيس التشيك والوفد المرافق له (الرئاسة الموريتانية)
الرئيس الموريتاني خلال استقبال رئيس التشيك والوفد المرافق له (الرئاسة الموريتانية)

الزيارة التي استمرت 3 أيام، تدخل ضمن جولة أفريقية كانت موريتانيا محطتها الأولى، وقد أسفرت عن مباحثات على انفراد أجراها رئيسا البلدين، وتم خلالها توقيع «بروتوكول اتفاق للتعاون والشراكة في مجال الأعمال» بين القطاع الخاص في البلدين، وقالت الرئاسة الموريتانية إن البروتوكول يشمل «مجالات التجارة والاستثمار، والتكوين ونقل التكنولوجيا وتبادل الخبرات»، دون تقديم تفاصيل أكثر.

شريك استراتيجي

الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني وصف التشيك بأنها «شريك استراتيجي»، وقال إنه «بفضل الخبرة الصناعية التشيكية والطموح الموريتاني في مجال التحول الاقتصادي، يمكن للبلدين توحيد جهودهما لما فيه مصلحتهما المشتركة»، مؤكداً أن الهدف هو «بناء شراكات قوية تكون قاعدة صلبة لتعاون اقتصادي مثمر وبنَّاء».

الرئيس الموريتاني مرحِّباً بالرئيس بيتر بيفيل (الرئاسة الموريتانية)
الرئيس الموريتاني مرحِّباً بالرئيس بيتر بيفيل (الرئاسة الموريتانية)

وأوضح ولد الغزواني أن موريتانيا «بحكم ما تنعم به من استقرار وموارد طبيعية ورأس مال بشري واعد، تسعى لأن تصير وجهة مفضلة للاستثمارات المنتجة المسؤولة والمستدامة»، وفق تعبيره.

أما الرئيس التشيكي فقد أعلن أن بلاده مهتمة بموريتانيا «كشريك ينعم بالاستقرار في المنطقة، ويتوفر على فرص استثمارية عديدة»، قبل أن يشدد على «أهمية تنويع التعاون ليشمل المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية».

ما وراء الاقتصاد

رغم أن التشيك ليست من القوى الكبرى المؤثرة في أفريقيا، فإن تحرُّكها الأخير اتجاه موريتانيا، الواقعة على تخوم الساحل المتوتر، يعكس إدراكاً متزايداً في أوروبا الوسطى لأهمية «الموقع الجيو-استراتيجي» لموريتانيا في السياق الأمني والاقتصادي.

لكن قبل أن يبرز الملف الاقتصادي خلال زيارة الرئيس التشيكي لنواكشوط، كان الملف الأمني هو الوجه الوحيد للعلاقة بين بلدين لا يملك أي واحد منهما سفارة لدى الآخر، حيث إن موريتانيا تتبع لسفير التشيك لدى المغرب، والتشيك تتبع لسفير موريتانيا لدى ألمانيا.

من حفل توقيع الاتفاقات بين موريتانيا والتشيك (الرئاسة الموريتانية)
من حفل توقيع الاتفاقات بين موريتانيا والتشيك (الرئاسة الموريتانية)

وسبق أن وافق البرلمان التشيكي في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 على إرسال 30 جندياً من القوات الخاصة إلى موريتانيا لتدريب الجيش، وهو قرار يدخل في إطار برنامج حلف شمال الأطلسي (الناتو) لتعزيز قدرات الجيوش الصديقة في مناطق النزاع، ومواجهة التحديات التي تهدد الأمن الأوروبي، انطلاقاً من الجنوب.

ويقول مسؤول بوزارة الدفاع التشيكية في هذا السياق إن موريتانيا «بوابة مهمة، وروسيا تسعى لزعزعة استقرار المنطقة لإخراج الغرب منها»، وذلك في إشارة واضحة إلى التنافس الروسي-الغربي على النفوذ في أفريقيا، لا سيما بعد تمدد موسكو في مالي وبوركينا فاسو والنيجر، وفقدان فرنسا نفوذها في هذه المنطقة التي ظلت عقوداً ساحة نفوذها التقليدي.

الصناعة العسكرية

من جانبها، تسعى موريتانيا لتعزيز مكانتها بوصفها شريكاً موثوقاً به في المنطقة، مستفيدة من استقرارها الأمني النسبي مقارنة بجيرانها، ومن قدراتها الاقتصادية في مجالات الطاقة (الغاز، الهيدروجين الأخضر)، والموقع الجغرافي الرابط بين المغرب العربي وبلدان الساحل.

كما أن موريتانيا بقيت الشريك الوحيد لحلف شمال الأطلسي في منطقة الساحل، وهي الأقرب إلى الشواطئ الأوروبية، وتسعى إلى تبنِّي سياسة شراكة أمنية وعسكرية مع دول الحلف، في إطار التصدي للمخاطر الأمنية المشتركة.

وترى نواكشوط في تعزيز التعاون مع التشيك، وفي انفتاحها على الشركات التكنولوجية والعسكرية التشيكية، فرصة لتعويض تأخرها في سباق التسلح الذي تشهده المنطقة، خصوصاً بعد حصول دول الساحل المتحالفة مع روسيا على أسلحة متطورة وتكنولوجيا جديدة على المنطقة.

ومن الواضح أن نواكشوط تهدف من خلال التقارب مع براغ إلى نقل التكنولوجيا العسكرية والمدنية، وتكوين الجيش وتطوير قدراته القتالية، وجذب استثمارات في قطاعات الأمن السيبراني والبنية التحتية العسكرية.

وعلى الرغم من أن هذا التعاون العسكري لا يزالُ صامتاً، فإن طبيعة الوفد التشيكي المرافق للرئيس خلال زيارته لنواكشوط، كشفت النيات الحقيقية، في ظل حضور ممثلين عن شركات تصنيع السلاح، وتكنولوجيا الحروب الجديدة، مثل شركة (OMNIPOL، CZ، EXCALIBUR INTERNATIONAL).

وتتنوع اختصاصات هذه الشركات، لكنها تشملُ صناعة الأسلحة والمعدات العسكرية، وأنظمة الدفاع الجوي والطائرات المسيَّرة، والأنظمة الاستخباراتية، بالإضافة إلى الأمن السيبراني، وأنظمة الاتصالات الآمنة، وتوريد وصيانة الدبابات وناقلات الجند وأنظمة المدفعية.

وكان من الواضح، بحسب مراقبين، أن هذه ليست شركات «تجارة عادية»، بل أذرع صناعية دفاعية للدولة التشيكية، وهو ما يلمّح إلى رغبة براغ في تأسيس موطئ قدم دفاعي على أطراف الساحل، يتيح لها المساهمة – وربما التأثير – في المشهد الأمني المضطرب.

الرئيس محمد ولد الغزواني مستقبِلاً الرئيس التشيكي (الرئاسة الموريتانية)
الرئيس محمد ولد الغزواني مستقبِلاً الرئيس التشيكي (الرئاسة الموريتانية)

ورغم أنه لم يكشف عن عقد هذه الشركات أي لقاء مع القادة الأمنيين أو مسؤولي الجيش الموريتاني، خلال الأيام الثلاثة التي قضتها في نواكشوط، فإن زيارتها أعادت إلى الأذهان زيارة وزير الدفاع الموريتاني للتشيك في فبراير (شباط) الماضي. وقد أعلن الجيش الموريتاني آنذاك أن الزيارة كانت بدعوة من وزيرة الدفاع التشيكية، يانا تشير نوتشوفا، دون كشف أي تفاصيل أكثر، باستثناء أنهما تباحثا حول «التحديات الأمنية في منطقة الساحل، بالإضافة إلى السبل الكفيلة بتعزيز وتطوير التعاون العسكري الثنائي».

توجه نحو موريتانيا

التشيك التي أغلقت سفارتها لدى مالي عام 2022، قررت التوجه بقوة نحو موريتانيا، فيما يمكن وصفه بأنه «إعادة تموضع استراتيجي في غرب أفريقيا»، في ظل توجُّس تشيكي من «الدور الروسي» المتعاظم في المنطقة، عبر مجموعة «فاغنر»، أو البدائل النظامية لها.

ويقول الخبراء إن موريتانيا تشكل في هذا السياق «خط الدفاع الأخير» للغرب في الساحل، لذا تحاول دول حلف شمال الأطلسي تعزيز قدرات الجيش الموريتاني، بينما تدفع التشيك جاهدة نحو توطيد شراكاتها الأمنية مع موريتانيا، في إطار استراتيجية أوسع لـ«احتواء التمدد الروسي».