تقدم 8 شخصيات مغربية، منهم وزيران سابقان، بمذكرة عبارة عن كتاب من 155 صفحة إلى الحكومة، تتضمن مقترحات مفصلة لإدخال إصلاحات تكرّس الحريات، وشملت مطالبهم تعديل الدستور، ومدونة الأسرة (قانون الأحوال الشخصية)، وكذا القانون الجنائي.
وحملت المذكرة عنوان «الحريات الأساسية... مقترحات إصلاحية في المغرب»، وجاءت في سياق النقاش الدائر حول تعديل مدونة الأسرة، خصوصاً بعد خطاب العاهل المغربي الملك محمد السادس بمناسبة عيد العرش في يوليو (تموز) 2022، الذي دعا فيه إلى تعديل المدونة بعد مرور 18 سنة على إقرارها.
وبخصوص بالدستور، طالبت الشخصيات الموقعة في الكتاب بتعديل الفصل الثالث من الدستور من أجل تكريس «حرية المعتقد». وجاء في هذا الفصل أن «الإسلام دين الدولة والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية»، لكن أصحاب المذكرة يقترحون صيغة مفادها أن «الإسلام دين غالبية المغاربة وضامنه أمير المؤمنين، الذي يضمن للجميع حرية ممارسة الأديان والعبادات وحرية المعتقد». واعتبرت هذه الشخصيات أن حرية العبادة والدين جزء من الحريات الأساسية الفردية العالمية، لكن حرية المعتقد لم تدرج في الدستور المغربي الصادر سنة 2011. واعتبروا أن منع المواطن من اختيار دينه بحرية، أو تركه، أو عدم التدين هو إجراء لا يتوافق وحقوق الإنسان العالمية، ويتعارض مع التزامات المغرب بأسس حقوق الإنسان، وأيضاً مع روح الرسالة الروحية للإسلام.
والشخصيات الموقعة في الكتاب هي ياسمينة بادو، وزيرة سابقة وعضوة سابقة في اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال (أعرق الأحزاب المغربية)، وإدريس بنهيمة، الوزير السابق في عهد الملك الراحل الحسن الثاني ومدير عام سابق لشركة الخطوط الملكية المغربية، وأسماء المرابط، وهي طبيبة وباحثة في الشؤون الدينية، وجليل بنعباس التعارجي المستثمر في قطاع السياحة ورئيس الجمعية الوطنية للمستثمرين في قطاع السياحة، وشفيق الشرايبي (طبيب وناشط جمعوي)، ومونيك الغريشي مديرة وكالة موزاييك للتواصل، ومحمد يزي (مهندس).
وجاء في المذكرة أن النساء المغربيات ناشطات وقد أصبحت غالبيتهن اليوم يعملن خارج المنزل، بل ويتولين أحياناً مسؤوليات في أعلى درجات المجتمع، وبالتالي، بات إصلاح القوانين الحالية ضرورياً «لتحقيق المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة». لكن أصحاب المذكرة يرون أن هذا الهدف يتطلب في الوقت الحالي نقاشاً كبيراً، ووقتاً طويلاً للتوصل إلى إجماع شامل.
وفي هذا السياق، اقترحت المذكرة تعديلات لها علاقة بالإرث، مثل التعصيب، ومطلب تعديل نظام الوصية في الإرث، حيث جاء في المذكرة أنه «على الرغم من أن الامتثال للوصية مذكور بوضوح في القرآن، فإنه نادراً ما يتم استخدامها عملياً، ويرجع ذلك إلى كونها تقتصر على ثلث التركة، وإلى كون المشرع قد فرض شروطاً كثيرة تجعلها غير فعالة، منها أنه لا وصية لوارث إلا إذا أجازها بقية الورثة. ودعا أصحاب المقترح إلى تبني الاستخدام المسبق للوصية في الميراث قبل أي تقسيم، مع الامتثال لروح الفقه المغربي الحالي، وإلغاء شرطي الاعتراف والموافقة المسبقين، بعد الوفاة من قبل الورثة الآخرين. وهكذا يترك الموصي لورثته بناته أو أبنائه أو غيرهم، وصية قد تصل إلى ثلث ميراثه، وذلك وفق إرادته ومن دون انتظار موافقة أحد.
ومن المقترحات التي وردت أيضاً في المذكرة، دعوتها إلى تعديل نظام ميراث الأجانب في المغرب، وذلك بالسماح للكتابيين من الديانة اليهودية أو المسيحية أن يرثوا آباءهم أو أزواجهم المسلمين الذين توفوا، بحيث لا يتوجب على غير المسلم اعتناق الإسلام ليرث، حسب مدونة الأسرة.
أما بخصوص تعديل القانون الجنائي، فقد ورد ضمن المقترحات الدعوة إلى التخلي عن تجريم العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، وهو ما يجرمه القانون الجنائي المغربي. ويعتبر أصحاب المذكرة أن العلاقات الجنسية الحميمية بين البالغين «تقع بالتراضي في مجتمعنا دون أن تلحق ضرراً بأي شخص وغالباً ما تقود إلى الزواج»، وأنه «لا يمكن حظر هذه العلاقات وفقاً لمبادئ الحريات الفردية العالمية، التي تعطي الحق لكل مواطن بالتصرف بحرية في جسده».
واعتبر أصحاب المذكرة أن الحكومة الحالية، التي تحظى بأغلبية مريحة ومتجانسة، «لديها فرصة نادرة لدخول التاريخ الاجتماعي والسياسي لبلدنا، من خلال إصلاح القانون الجنائي والمدونة، وهو ما سيمثل نقطة تحول في تعزيز الحريات الأساسية، وحماية الأسرة».
وذكر الكتاب بما جاء في الخطاب الملكي، ومن ذلك قول الملك محمد السادس: «بصفتي أمير المؤمنين، وكما قلت في خطاب تقديم المدونة أمام البرلمان، فإنني لن أحل ما حرم الله ولن أحرم ما أحل الله، لا سيما المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية». وأشار أصحاب الكتاب إلى أنه من هذا المنطلق «نحرص على أن يتم ذلك، في إطار مقاصد الشريعة الإسلامية، وخصوصيات المجتمع المغربي، مع اعتماد الاعتدال والاجتهاد المنفتح والتشاور والحوار وإشراك جميع المؤسسات والفعاليات المعنية»، مشيرين إلى أنهم استشاروا الكثير من العلماء المغاربة الرائدين، وأخذوا آراءهم كخبراء في الدين حول جميع القضايا التي تم تناولها في هذه المذكرة.
شخصيات مغربية تقترح تعديل الدستور لـ«تعزيز الحريات»
طالبت بإجراء تغييرات تشمل مدوّنة الأسرة والقانون الجنائي
شخصيات مغربية تقترح تعديل الدستور لـ«تعزيز الحريات»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة