الشرق الأوسط نقطة مضيئة في الاكتتابات العالمية

تمثالا الثور والدب الشهيران في نسختيهما القائمتين أمام مقر البوصة الألمانية في مدينة فرانكفورت (رويترز)
تمثالا الثور والدب الشهيران في نسختيهما القائمتين أمام مقر البوصة الألمانية في مدينة فرانكفورت (رويترز)
TT

الشرق الأوسط نقطة مضيئة في الاكتتابات العالمية

تمثالا الثور والدب الشهيران في نسختيهما القائمتين أمام مقر البوصة الألمانية في مدينة فرانكفورت (رويترز)
تمثالا الثور والدب الشهيران في نسختيهما القائمتين أمام مقر البوصة الألمانية في مدينة فرانكفورت (رويترز)

أدت أزمة مصرفية ومخاوف من حدوث ركود إلى إضعاف التوقعات الخاصة بالاكتتابات العامة الأولية لهذا العام؛ الأمر الذي دفع الشركات لإبطاء خططها لطرح أسهمها، في حين من المرجح أن يؤدي إلى تراجع الرسوم التي تحصلها البنوك الاستثمارية.
ورغم تعافي القدرة على جمع التمويل وتزايد عمليات التداول على أعداد ضخمة من الأسهم، فإن أحجام الاكتتابات العامة منذ بداية العام وحتى تاريخه جاءت عند أدنى مستوى منذ 2019. ووفقاً لمنصة ديلوجيك، فإن الطروحات في أسواق الأسهم حول العالم شهدت جمع ما يقرب من 26 مليار دولار حتى الآن.
وحمل الأداء الضعيف لبعض الاكتتابات الأولية التي جرت بالفعل بما في ذلك «إيونوس» الألمانية المزودة لخدمات استضافة الويب، إلى جانب عمليات البيع المكثفة التي أثارها انهيار بنك سيليكون فالي في سوق الأسهم، العديد من الشركات على إرجاء خططها لطرح أسهمها للاكتتاب.
إلا أن مستشاري أسواق رأس المال متفائلون بحدوث تعافٍ في نشاط الإدراج في الجزء الأخير من العام. ووفقاً لخبراء أنشطة الاكتتاب، فإن الشركات العاملة في مجال تحول الطاقة تمثل نقطة مضيئة؛ إذ إنها من المتوقع أن تظل قادرة على اجتذاب المستثمرين.
ومثلت منطقة الشرق الأوسط نقطة مضيئة أخرى بعدما شهدت إدراج العديد من الأسماء المعروفة، بما في ذلك «أبراج» لخدمات الطاقة العمانية وأدنوك» للغاز الإماراتية.
وقال كريس لاينغ، المشرف على أنشطة أسواق رأس المال في وسط أوروبا وشرقها وفي أفريقيا والشرق الأوسط لدى «إتش إس بي سي»: «لا تزال منطقة الخليج تتمتع حتى الآن بحصانة ضد التوترات التي أصابت الأسواق الأوروبية؛ ولذلك فإننا نتوقع أن نستمر في رؤية الاكتتابات العامة الأولية من دول مثل السعودية والإمارات».
وقفزت أحجام الاكتتابات العامة الأولية في الولايات المتحدة بأكثر من 50 في المائة عن الربع الأخير من 2022، لكنها ظلت 11 في المائة دون مستوياتها عن الفترة نفسها من العام السابق.
وفي أوروبا، رجح خبراء الاستثمار أن تؤثر تقلبات السوق التي حفزتها الأزمة المصرفية على جاذبية برامج الطروحات.
وقال أندرياس بيرنستورف، رئيس أسواق رأس المال لأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في «بي إن بي باريبا»: «ما حدث مع البنوك فاقم التقلبات في أسواق الأسهم. لقد فتر الحماس مرة أخرى، ولكن ستظل هناك اكتتابات قبل الصيف. ويعتمد الأمر كثيراً على الشركات المملوكة لأفراد».
وبينما شهدت مبيعات الأسهم في منطقة آسيا والمحيط الهادي انخفاضاً بواقع 19 في المائة في الأحجام، لا تزال المنطقة تشكل نحو نصف نشاط أسواق رأس المال العالمية، بما في ذلك بيع حصة بقيمة تسعة مليارات دولار تقريباً في جابان بوست بنك.


مقالات ذات صلة

مسؤولو «المركزي الأوروبي» يحذرون… أوروبا يجب أن تستعد لحرب تجارية جديدة مع أميركا

الاقتصاد لافتة خارج مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

مسؤولو «المركزي الأوروبي» يحذرون… أوروبا يجب أن تستعد لحرب تجارية جديدة مع أميركا

حذر مسؤولون في البنك المركزي الأوروبي يوم الثلاثاء من أن السياسات الحمائية التي تعتزم الإدارة الأميركية الجديدة تنفيذها ستعرقل النمو العالمي.

«الشرق الأوسط» (فيينا، فرانكفورت )
الاقتصاد سبائك ذهبية معروضة في بورصة الذهب الكورية بسيول (رويترز)

الذهب يواصل تراجعه... والمستثمرون يترقبون بيانات أميركية وتعليقات من «الفيدرالي»

هبطت أسعار الذهب للجلسة الثانية على التوالي الاثنين، في حين يستعد المستثمرون لبيانات اقتصادية أميركية وتعليقات من مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي».

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد رافعات ضخ النفط في مستودع فاكا مويرتا للنفط والغاز الصخري في الأرجنتين (رويترز)

النفط يتراجع مع انحسار تهديد عاصفة في أميركا وحوافز صينية مخيّبة للتوقعات

واصلت أسعار النفط انخفاضها يوم الاثنين مع انحسار خطر تعطل الإمدادات بسبب عاصفة أميركية، وبعد أن خيّبت خطة التحفيز الصينية آمال المستثمرين.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
خاص أفراد الأمن يسيرون خارج مكان انعقاد مؤتمر «كوب - 29» (أ.ب)

خاص رئيس «كوب - 29»: نستهدف طموحات مناخية عادلة... ونقدّر الجهود السعودية

عشية انطلاق «كوب - 29» الخاص بمكافحة تغير المناخ في باكو، حاورت «الشرق الأوسط» رئيس المؤتمر مختار باباييف، الذي تحدث عن الأهداف المتوخاة من المؤتمر.

مساعد الزياني (الرياض)
الاقتصاد صورة جوية تظهر سيارات مخصصة للتصدير بميناء في مدينة يانتاي بمقاطعة شاندونغ (رويترز)

بنك إيطاليا يحذر من تأثير الحمائية على الاقتصاد العالمي بعد انتخاب ترمب

دعا محافظ البنك المركزي الإيطالي، فابيو بانيتا، الجمعة، المجتمع الدولي إلى تجنب تفاقم المشاعر الحمائية السائدة.

«الشرق الأوسط» (روما)

هل انهيار الحكومة الألمانية فرصة لإنعاش اقتصاد منطقة اليورو؟

المستشار الألماني أولاف شولتس يشارك في إحاطة إعلامية بمقر المستشارية بعد إقالته وزير المالية كريستيان ليندنر (رويترز)
المستشار الألماني أولاف شولتس يشارك في إحاطة إعلامية بمقر المستشارية بعد إقالته وزير المالية كريستيان ليندنر (رويترز)
TT

هل انهيار الحكومة الألمانية فرصة لإنعاش اقتصاد منطقة اليورو؟

المستشار الألماني أولاف شولتس يشارك في إحاطة إعلامية بمقر المستشارية بعد إقالته وزير المالية كريستيان ليندنر (رويترز)
المستشار الألماني أولاف شولتس يشارك في إحاطة إعلامية بمقر المستشارية بعد إقالته وزير المالية كريستيان ليندنر (رويترز)

قد يكون لانهيار الحكومة الألمانية جانب إيجابي للاقتصاد المتعثر في منطقة اليورو، حيث من المحتمل أن تؤدي زيادة الإنفاق الحكومي إلى دعم عملتها وأسواق الأسهم، حتى وإن كان الطريق نحو ذلك غير واضح.

وتشير الأسواق بالفعل إلى توقعات بمزيد من الاقتراض الحكومي الذي قد يساعد على تحفيز الاقتصاد، مما دفع مقياساً مهماً لسوق السندات، الذي يقيس إصدار الديون، إلى تسجيل رقم قياسي، وفق «رويترز».

وكان سبب انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا هو الخلاف حول ما إذا كان يجب تعليق «فرامل الديون» في ألمانيا، التي تحد من الاقتراض. وتشير القراءة الأولية للأسواق إلى أن الانتخابات المبكرة في فبراير (شباط) قد تجلب مزيداً من اليقين لاقتصاد بالكاد تجنَّب الركود.

وتفوَّق أداء الأسهم الألمانية على نظيراتها الأوروبية عقب أنباء انهيار الحكومة، يوم الأربعاء الماضي، وهو ما يُعدّ مؤشراً على تحول المزاج العام نحو التفاؤل، وذلك بعد ساعات من فوز دونالد ترمب في الانتخابات الأميركية، الذي رفع تهديد فرض التعريفات الجمركية في ضربة جديدة لأكبر اقتصاد في أوروبا.

وقال كبير الاستراتيجيين في مجموعة «زوريخ» للتأمين، جاي ميلر: «كانت ديناميكية النمو في ألمانيا ضعيفة إلى حد كبير، وكان جزء كبير من ذلك نتيجة لأخطاء داخلية، حيث تمسَّكت ألمانيا بفرامل الديون في وقت كان الاقتصاد يحتاج فيه إلى دعم».

وأضاف: «إن انهيار الائتلاف أمر إيجابي، ونحن نأمل في أن يتم منح مزيد من المجال المالي في موازنة 2025».

مأزق فرامل الديون

لطالما انتقد الاقتصاديون «فرامل الديون» التي تم تبنيها في عام 2009 لعرقلة نمو الاقتصاد الألماني، الذي يُتوقع أن يتقلص هذا العام.

ويُقدِّر رئيس قسم الاقتصاد الكلي العالمي في بنك «آي إن جي»، كارستن بريزسكي، أنَّ زيادة الإنفاق الحكومي بنسبة 1 في المائة إلى 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي لمدة 10 سنوات يمكن أن تعزز النمو المحتمل إلى 1 في المائة على الأقل مقارنة بنحو 0.5 في المائة حالياً.

وأضاف بريزسكي: «ألمانيا ليست في مشكلة مالية عامة، حيث إن ديونها تمثل فقط 63 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مما يعني أن لديها مجالاً أكبر للإنفاق مقارنةً بدول مثل فرنسا وإيطاليا».

وأوضح قائلاً: «إذا أمكن الجمع بين الإصلاحات وتخفيف السياسة المالية، فليكن».

وكان صندوق النقد الدولي قد أشار أيضاً إلى ضرورة أن تنظر ألمانيا في تخفيف «فرامل الديون»، وأي إشارات على زيادة الإنفاق قد تعزز الأسهم الأوروبية.

وارتفع مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 6 في المائة فقط هذا العام، وهو أقل من رُبع الزيادة التي حققها مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» الأميركي بنسبة 26 في المائة.

ويتوقع بنك «باركليز» أن التحول نحو سياسات داعمة للنمو سيكون ضرورياً لتعديل تقييمات الأسهم الألمانية.

وتتوقع «سيتي غروب» أن تخفض المعارضة المحافظة، التي تتصدر استطلاعات الرأي، الضرائب، مما سيدعم الأسهم.

كما يمكن أن يستفيد اليورو، الذي انخفض إلى أدنى مستوى له منذ أبريل (نيسان) الماضي عند نحو 1.06 دولار، مع إعادة ظهور الحديث عن انخفاضه إلى مستوى التعادل؛ بسبب مخاوف بشأن الرسوم الجمركية.

وأشار كبير استراتيجيي الفوركس في «سوسيتيه جنرال»، كيت جاكيس، إلى أن ألمانيا تجاوزت اليابان هذا العام بوصفها الدولة التي تملك أكبر كمية من الأصول الأجنبية، مما يعني أن لديها رأس مال كبيراً يمكن استخدامه للاستثمار في اقتصادها.

وقال جاكيس: «يمكن استخدام هذا المال لشراء سندات الحكومة الألمانية عالية العائد لتحفيز الاقتصاد». وأضاف أن هذا قد يكون له «تأثير كبير» على اليورو إذا أشارت الحكومة إلى تغيير ملموس في سياستها.

آمال في سياسة مالية أوروبية مشتركة

تأمل الأسواق في أن يؤدي التحول في السياسة الألمانية إلى فتح الباب أمام مزيد من الإنفاق المشترك على مستوى أوروبا. وقد يتطلب فوز ترمب في الانتخابات - في ظل دعوات ضخمة للاستثمار من أجل تعزيز القدرة التنافسية - من الاتحاد الأوروبي زيادةَ الإنفاق على الدفاع.

وقال رئيس استراتيجيات الأسهم الأوروبية في «أكسا لإدارة الاستثمارات»، غيليس غيبوي: «إن تغيير النغمة في ألمانيا أمر بالغ الأهمية للانتقال نحو مزيد من التكامل الأوروبي».

ووصف إقالة وزير المالية كريستيان ليندنر، وهو من المؤيدين للسياسات المالية الصارمة، بأنها «أخبار رائعة» لأوروبا، لكنه أضاف أن ما إذا كان ذلك سيكون كافياً يبقى موضع تساؤل.

التحديات السياسية على المدى القصير

بالطبع، يعني عدم الاستقرار السياسي مزيداً من الألم على المدى القصير للصناعة وقد يؤثر في المعنويات العامة.

وقد يحد المحافظون، الذين يُتوقع أن يقودوا الحكومة المقبلة، من زيادة الإنفاق. فزعيمهم فريدريش ميرز يريد التمسك بفرامل الديون.

وقال ميرز إن الإصلاحات تحتاج إلى الظروف المناسبة للاستثمار في البرامج الداعمة للنمو، لكنه أيضاً يريد السيطرة على الإنفاق الاجتماعي. كما عارض مزيداً من الديون المشتركة في الاتحاد الأوروبي.

ويتوقع «غولدمان ساكس» أن يدعم المحافظون تعديل فرامل الديون بزيادة متواضعة في الإنفاق، بنحو 0.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ما سيبقي السياسة المالية «عبئاً» على النمو.

وفي الوقت نفسه، يوصي الاستراتيجي في «ماكواري»، تييري وزمان، بالرهان ضد اليورو في ظل عدم وجود ضمانات بحكومة إصلاحية.

المستقبل: هل سيكون التغيير في الأفق؟

يتوقع دافيد أونيغليا من شركة الاستشارات «تي إس لومبارد» أن الانتخابات المبكرة ستعيد إلى الواجهة النقاش حول نموذج النمو في ألمانيا، والمخاطر الأمنية للاتحاد الأوروبي «بكل إلحاح».

وقال: «أكبر خطر على رؤيتنا هو أنهم قد يفشلون في إدراك الحاجة إلى تغيير جذري، ويعودون إلى وصفات اقتصادية قديمة أصبحت الآن غير قابلة للتطبيق». وأضاف: «إذا حدث ذلك، فسيواجه الاقتصاد الألماني، والاقتصاد الأوروبي، بشكل عام أزمة أكثر شدة».