يعود «مهرجان كناوة وموسيقى العالم» بالصويرة، في دورة جديدة، وفق صيغته وشكله الطبيعيين المعتادين، بعد تأجيل دام ثلاث سنوات متتالية بفعل الأزمة الصحية العالمية.
وأكد المنظمون انعقاد الدورة 24 للمهرجان ما بين 22 و24 يونيو (حزيران) المقبل، مع وعد بـ«لحظات متعة حقيقية موزعة بين حفلات المزج الموسيقي، والليالي الكناوية الحميمية واللقاءات الموسيقية المرتجلة، إضافة إلى المناقشات الفكرية الرصينة»؛ فيما تستعيد التظاهرة موكبها الافتتاحي التقليدي، وحفلاتها الموسيقية الموزعة بين منصتي ساحة مولاي الحسن وشاطئ المدينة، وأمسياتها الحميمية الخاصة بمقرات الزوايا الصوفية وببرج باب مراكش، فضلاً عن منتدى حقوق الإنسان.
وعن دورة هذه السنة، سياق تنظيمها وجديدها، تقول نائلة التازي، منتجة المهرجان والمشرفة عليه، «إذا كانت الأزمة الصحية العالمية قد أرغمتنا على تأجيل المهرجان لثلاث سنوات متتالية، فإنها بالمقابل لم تنجح في كبح عزيمتنا ومثابرتنا. فمهرجان كناوة وموسيقى العالم بالصويرة يتغذى من شغفنا الكبير وإصرارنا المتواصل. اليوم، وأكثر من أي زمن مضى، فإن الاستعدادات للدورة 24 تثبت أن روح الصمود والتحدي لم يفارقانا أبداً».
وكان المنظمون وجمعية «يرمى كناوة» قد أصروا، بعد سنتين من التوَاري الاضطراري الذي فرضته ظروف الجائحة الصحية، على الاحتفاء بـ«مْعلمي» كناوة وبحدث إدراج فنهم ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للإنسانية من طرف منظمة اليونيسكو، عبر تنظيم حفل موسيقي تاريخي، نهاية 2021، جمع أكثر من 115 فناناً؛ فيما تم تنظيم جولة فنية كبرى في 2022 تحت إيقاع المزج الموسيقي شملت أربع مدن مغربية.
ويعتزم المهرجان الاحتفاء من جديد، في دورة هذه السنة، بغنى وتنوع موسيقى كناوة، وبأنماط موسيقية عالمية أخرى؛ حيث ستمتزج نغمات «الكنبري» و«القراقب» المميزين بنبرات موسيقى الجاز بكل تلاوينه وتفرعاته، وبـ«الفلامينكو» و«الريكي» و«السالسا»، وتنصهر مع إيقاعات «الطوارق» و«التاميل»، حيث سيكون جمهور المهرجان على موعد مع حفلات تُسْتَهَل بحفل افتتاح سيجمع فرقة «طبول بوراندي أماكابا» وعازف الساكسفون الأميركي جليل الشاو والفنانة المغربية سناء مرحاتي، والمْعلمين محمد وسعيد كويو.
ورسخ مهرجان كناوة اسمه منذ تأسيسه سنة 1998 كأحد أهم المواعيد الثقافية على الصعيدين الوطني والقاري، حيث يجذب كل سنة، من خلال برمجة فنية متجانسة ومتاحة للجميع، آلاف الزوار من مختلف بقاع المعمور، إضافة إلى حضور عدد هائل من الفنانين والمثقفين.
ويشكل المهرجان، بفضل «فلسفته الأصيلة وروح التقاسم والاكتشاف التي تميزه»، تجربة فنية وروحية متفردة.
كما يمثل فرصة للتداول والحوار الجدي والعميق المنظم في إطار المنتدى الفكري الذي يعقد بالموازاة مع الحدث، والذي ستتمحور تيِمَتُهُ الأساسية، في دورة هذه السنة، حول «الهويات المتعددة وسؤال الانتماء». وهو موضوع، يقول عنه المنظمون، إنه «آني ملتهب في عالم تتقاذفه توترات هوياتية عميقة، ويطغى عليه شعور متفاقم برفض الآخر»، ولذلك، فمن خلال هذه النقاشات التي سيخوض فيها فنانون ومفكرون ومتدخلون سياسيون وجمعويون ثقافيون من مختلف الآفاق والبلدان، سيحاول كل من جهته العمل على «محاولة بناء وإعادة تشكيل عالم أكثر اتحاداً وتلاحماً».
كما ينظم المهرجان، في دورة هذه السنة، ورشات موسيقية لفائدة الشباب والكبار بهدف مصاحبتهم للاطلاع على التراث الكناوي، واكتشاف وتعلم موسيقاه والعوالم المرتبطة به من تاريخ وأدوات وإيقاعات، بشكل يوفر «فرصة فريدة سانحة أمام الزوار للانغماس في الثقافة المغربية المتعددة الروافد، ومعرفة المزيد عن الإرث الموسيقي الغني للبلاد».
ويقول المنظمون إن المهرجان يسعى، من خلال دورته الجديدة، إلى الترحيب بعشاق الموسيقى الأوفياء، وبالزوار المغاربة والأجانب، فيما يتطلع إلى إهدائهم طبقاً فنياً متميزاً وتجربة ثقافية متفردة.