الرئيس التونسي يقيل منسق حملته الانتخابية بسبب «تجاوزات»

منظمة حقوقية تؤكد تراجع الحراك بسبب «تنامي الاعتقالات»

الرئيس التونسي يقيل منسق حملته الانتخابية بسبب «تجاوزات»
TT

الرئيس التونسي يقيل منسق حملته الانتخابية بسبب «تجاوزات»

الرئيس التونسي يقيل منسق حملته الانتخابية بسبب «تجاوزات»

أقال الرئيس التونسي قيس سعيد والي قابس، مصباح كردمين (جنوبي شرق)، من منصبه، مساء أمس، وهو منسق حملته الانتخابية في قابس في أثناء الانتخابات الرئاسية للعام 2019، وذلك بعد مرور نحو عشرة أشهر فقط من تعيينه على رأس هذه الولاية، المعروفة بارتفاع نسب التلوث نتيجة بقايا مادة الفوسفات. وجاء في بلاغ صدر عن رئاسة الجمهورية أنه «بتعليمات من رئيس الجمهورية قيس سعيّد، أذنت النيابة العامة بطلب من وزيرة العدل بفتح تحقيق ضد والي قابس السابق، تتعلق بعدد من الأفعال التي يجرمها القانون»، دون أن يكشف طبيعة هذه الأفعال.
لكن بعض المتابعين للمسار السياسي للرئيس سعيد يرجحون أن تكون التهم الموجهة للوالي المقال لها علاقة بملفات سوء التصرف في موارد الدولة، خصوصاً أن البلاغ تضمن تذكيراً رئاسياً بأن «الشعب يريد تطهير البلاد»، وأن الذي يتحمل المسؤولية «يجب أن يكون في مستواها، فلا مجال لتجاوز القانون، سواء لمن كان في السلطة أو خارجها». كما سبق أن ردد الرئيس التونسي في معظم خطاباته بأن «الفساد ينخر في البلاد كالسرطان»، مؤكداً أن «مشكلات الشعب الحقيقية تتمثل في البؤس والفقر والتهميش».
وقال جمال العرفاوي، المحلل السياسي التونسي لـ«الشرق الأوسط»، إن هذا القرار، الذي طال أحد منسقي حملة الرئيس الانتخابية، وأحد المقربين منه، «قد يعكس إرادة حقيقية وقوية للرئيس لإنهاء الفساد بين عموم التونسيين، الذين يدعونه في زياراته الميدانية إلى ملاحقة المتهمين بالفساد، كما أن هذه الإقالة قد تؤكد أن السلطات القضائية والحكومية مستعدة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق العدالة والإصلاح في البلاد». واستدرك أن بعض الإقالات «تبقى غامضة لأن السلطات التونسية لا تقدم أسباباً معقولة لها، وهو ما يخلف كثرة الإشاعات، وآخرها إقالة وزير الداخلية توفيق شرف الدين، وبقاء السؤال مطروحاً بين الإقالة والاستقالة».
يذكر أن الرئيس سعيد سبق أن أقال المنجي ثامر، والي قابس الذي سبق الوالي المقال حالياً، بعد الاشتباه في قربه من حركة «النهضة»، التي أُقصيت قياداتها من المشهد السياسي. ومنذ تاريخ إعلانه التدابير الاستثنائية في تونس، وحل الحكومة والبرلمان، واحتكار السلطتين التشريعية والتنفيذية، وسيطرته على السلطة القضائية، أقال الرئيس سعيد والييْن للسبب نفسه، وهما والي مدنين الحبيب شواط، ووالي زغوان صالح المطيراوي.
وعلى صعيد آخر، كشف «المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية» (منظمة حقوقية مستقلة)، عن تراجع الحراك الاجتماعي والاحتجاجات في تونس خلال شهر فبراير (شباط) الماضي بنسبة 18.6 في المائة، مقارنة بشهر يناير (كانون الثاني) الماضي. وأكد أن هذا التراجع لا يمكن تفسيره إلا بالتطورات السياسية والأمنية، التي عاشتها البلاد طيلة شهر فبراير الماضي، والتي تميزت بإطلاق سلسلة واسعة من الاعتقالات في حق رجال أعمال وسياسيين، ووزراء ونواب سابقين، ونقابيين وإعلاميين أيضاً بتهمة «التآمر على أمن الدولة»، دون أن توضح المؤسسات الرسمية طبيعة هذه التهم.
ولاحظ المنتدى أن المناخ بات غير ملائم بالنسبة للتونسيين للتعبير عن مطالبهم بسبب «تنامي خطاب الترهيب والتهديد والتخوين، وَعَدِّ الاحتجاج ضرباً من ضروب التآمر»، خصوصاً أن حملة الاعتقالات كانت مرفقة باتهام السلطة للموقوفين بمحاولة تأجيج الأوضاع الاجتماعية، وثانياً لغياب الطرف المسؤول، الذي يمكنه التقاط مطالب المحتج والتفاعل معها إيجابياً، على حد تعبيره.
وأضاف المنتدى أن تراجع الاحتجاج تحت طائلة التخويف والتهديد «يعني المضي نحو حلول بديلة، وهي اللجوء للعنف، مثل الانتحار، أو الهجرة، أو اللجوء للإدمان والتهريب والعمل الموازي بكل أشكاله، أو الموجه للآخر عبر السلب واستخدام القوة، والانضمام إلى شبكات الإجرام وشبكات المصالح والنفوذ على حد قوله.
يذكر أن منظمة العفو الدولية طالبت الخميس السلطات التونسية بإسقاط التحقيق الجنائي، الذي يستهدف ما لا يقلّ عن 17 موقوفاً من المعارضين للرئيس سعيد، والإفراج عنهم. ورأت أنّ التحقيق مع الموقوفين «من بين أكثر الهجمات العدوانية التي تشنّها السلطات على المعارضة، منذ أن قرّر سعيّد احتكار السلطات في البلاد في يوليو (تموز) 2021».


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

تواصُل الاشتباكات بين الجيش السوداني و«الدعم السريع» على تخوم الجزيرة

حافلة تُقلُّ عناصر من الجيش السوداني في أحد شوارع مدينة قضارف (أ.ف.ب)
حافلة تُقلُّ عناصر من الجيش السوداني في أحد شوارع مدينة قضارف (أ.ف.ب)
TT

تواصُل الاشتباكات بين الجيش السوداني و«الدعم السريع» على تخوم الجزيرة

حافلة تُقلُّ عناصر من الجيش السوداني في أحد شوارع مدينة قضارف (أ.ف.ب)
حافلة تُقلُّ عناصر من الجيش السوداني في أحد شوارع مدينة قضارف (أ.ف.ب)

بينما تتواصل الاشتباكات العنيفة بين الجيش السوداني والفصائل الموالية له ضد «قوات الدعم السريع» في ثلاثة محاور على تخوم ولاية الجزيرة وسط البلاد، تتداول منصات إعلامية معلومات عن إحراز الجيش تقدماً في الجبهة الشرقية خلال معارك، الأربعاء، في ظل عدم توفر أي معلومات رسمية صادرة عن طرفي القتال.

ووفق مصادر محلية ونشطاء، تدور معارك شرسة على كل الجبهات، حيث بدأ الجيش في شن هجوم واسع ضد دفاعات «الدعم السريع» للسيطرة على القرى، التي تشكل مداخل رئيسية إلى مدينة ود مدني، عاصمة الولاية.

ونشرت عناصر من قوات «درع البطانة»، وهي أحد الفصائل المسلحة التي تقاتل في صفوف الجيش، مقطع فيديو تقول فيه إنها سيطرت على جسر «بلدة والمهيدي»، الواقع على بعد نحو 30 كيلومتراً عن ود مدني، وذلك بعد يومين من استعادة السيطرة على مدينة أم القرى، التي تعد منطقة استراتيجية في أرض المعارك.

وتعد هذه المعارك الأعنف التي تدور في تلك المحاور، بعد التقدم الكبير للجيش خلال الأسابيع الماضية، وقدرته على استعادة غالبية مدن ولاية سنار في الجزء الجنوبي الشرقي.

وقال شهود عيان إن «قوات الدعم السريع» تنتشر بأعداد كبيرة على طول الجبهات القتالية على حدود ولاية الجزيرة، وتحدثوا عن «معارك واشتباكات عنيفة من عدة محاور»، مؤكدين أنها «لم تتخطَّ بعد بلدات رئيسية إلى حدود المدينة».

في المقابل، قالت «قوات الدعم السريع»، في بيان، إن الطيران الحربي للجيش السوداني نفَّذ سلسلة غارات جوية استهدفت مناطق الكومة والزرق ومليط، شمال دارفور، خلَّفت مئات القتلى والجرحى.

وأضاف البيان، الذي نُشر على منصة «تلغرام»، أن الطيران نفَّذ «هجوماً غادراً» على منطقة الكومة، راح ضحيته أكثر من 47 مواطناً، بين قتيل وجريح، أغلبهم من النساء والأطفال. مشيراً إلى أن الطيران كثف هجومه على الكومة، ونفّذ 72 طلعة جوية خلال الأشهر الماضية، خلَّفت مئات القتلى والمصابين، وأحدثت دماراً واسعاً في البنى التحتية والمنازل.

كما ذكر البيان أن «العدوان الجوي للجيش» استهدف خلال الساعات الماضية بلدة الزرق ومدينة مليط، مرتكباً «مجازر مماثلة».

ودعت «قوات الدعم السريع» الأمم المتحدة والمنظمات المعنية بحقوق الإنسان، إلى الإسراع والتقصي بشأن «الانتهاكات وجرائم الإبادة التي تُرتكب بواسطة الطيران الحربي التابع للجيش السوداني»، والتي أودت، حسبه، بحياة أكثر من 3 آلاف من المدنيين خلال الشهرين الماضيين. وأكدت استعدادها للتعاون في إطار تقصي الحقائق، ومنح الجهات المختصة الأدلة المادية على «جرائم الطيران الحربي للجيش السوداني بحق المواطنين العزل».

ولا تزال «قوات الدعم السريع» داخل جُلّ أنحاء العاصمة الخرطوم وولاية الجزيرة وسط البلاد، ومناطق شاسعة في إقليم دارفور، إضافةً إلى جزء كبير من كردفان إلى الجنوب.