«العدل الدولية» ترفض طلباً إيرانياً للإفراج عن أصولها المجمدة

واشنطن تحدثت عن «انتصار كبير»... وطهران عدّته تأكيداً لـ«مشروعية» مطالبها

أعضاء الوفدين الأميركي (يمين) والإيراني يقفون أمام قضاة محكمة العدل الدولية في لاهاي أمس (أ.ب)
أعضاء الوفدين الأميركي (يمين) والإيراني يقفون أمام قضاة محكمة العدل الدولية في لاهاي أمس (أ.ب)
TT

«العدل الدولية» ترفض طلباً إيرانياً للإفراج عن أصولها المجمدة

أعضاء الوفدين الأميركي (يمين) والإيراني يقفون أمام قضاة محكمة العدل الدولية في لاهاي أمس (أ.ب)
أعضاء الوفدين الأميركي (يمين) والإيراني يقفون أمام قضاة محكمة العدل الدولية في لاهاي أمس (أ.ب)

رفضت محكمة العدل الدولية، الخميس، طلباً تقدمت به إيران للإفراج عن أصول يملكها مصرفها المركزي بقيمة نحو ملياري دولار مجمدة لدى الولايات المتحدة، لكن المحكمة قضت في حكمها المعقد بأن أميركا أخطأت بتجميد أصول إيرانية.
وأفادت وكالة «أسوشييتد برس» بأن الجزء الأكبر من القضية ركز على «البنك المركزي» وأصوله المجمدة البالغة 1.75 مليار دولار من السندات، بالإضافة إلى الفوائد المتراكمة، المودعة في حساب «سيتي بنك» في نيويورك.
ورأت المحكمة؛ وهي أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة ومقرها لاهاي، أنها لا تملك صلاحية النظر في قضية تجميد أصول للبنك المركزي الإيراني تتجاوز قيمتها 1.75 مليار دولار، لكن عدّت أن واشنطن «انتهكت» حقوق مواطنين إيرانيين وشركات من هذا البلد، جمدت أصولهم، وفق ما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
بدورها؛ ذكرت وكالة «رويترز» أن إيران حققت انتصاراً جزئياً عندما أمر قضاة المحكمة الولايات المتحدة بدفع تعويضات سيجري تحديد قيمتها لاحقاً وذلك بدعوى انتهاك معاهدة الصداقة المبرمة عام 1955 بين الولايات المتحدة وإيران. وذلك بعد أسبوع من قرار أصدرته قاضية اتحادية في نيويورك يأمر «البنك المركزي الإيراني» ووسيطاً أوروبياً بدفع 1.68 مليار دولار لأسر جنود أميركيين قضوا بتفجير ثكنة في بيروت عام 1983 وهجمات أخرى مرتبطة بطهران.
واعتبرت الولايات المتحدة أن قرار محكمة العدل الدولية بردّ طلب إيران «انتصار كبير» لها. وأعلن ريتش فيسيك، المستشار القانوني بالوكالة لوزارة الخارجية الأميركية، الذي كان موجوداً في جلسة صدور قرار المحكمة في لاهاي: «إنه انتصار كبير للولايات المتحدة ولضحايا الإرهاب الذي ترعاه الدولة الإيرانية».
وقالت وزارة الخارجية الإيرانية في بيان إن «حكم محكمة العدل الدولية الصادر في 30 مارس (آذار) يظهر مجدداً مشروعية مطالب الجمهورية الإسلامية في إيران والسلوك غير القانوني للولايات المتحدة».
ويأتي الحكم المعقد في 67 صفحة، وسط توترات متصاعدة بين الولايات المتحدة وإيران بعد ضربات متبادلة بين مسلحين مدعومين من إيران وقوات أميركية في سوريا الأسبوع الماضي.
وتوترت العلاقات بعد توقف جهود إعادة إحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران والقوى العالمية الكبرى، وعلى خلفية استخدام روسيا طائرات مسيرة إيرانية ضد أوكرانيا.
ورفعت طهران القضية أمام محكمة العدل الدولية في البداية ضد واشنطن عام 2016 بدعوى انتهاك معاهدة صداقة مبرمة في عام 1955، بالسماح للمحاكم الأميركية بتجميد أصول شركات إيرانية، بما في ذلك 1.75 مليار دولار من «البنك المركزي الإيراني».
بعد فترة وجيزة من انسحابها في عام 2018 من الاتفاق النووي الإيراني، أعلنت واشنطن أنها ستنهي رسمياً معاهدة عام 1955. وبعدما أوقفت واشنطن العمل بها، فإنه لا يمكن لإيران بالتالي الاستناد إليها، وفق الولايات المتحدة.
وكان من المقرر تقديم الأموال تعويضاً لضحايا الهجمات الإرهابية، خصوصاً الهجوم بسيارة ملغومة على ثكنة لمشاة البحرية الأميركية في لبنان خلال أكتوبر (تشرين الأول) 1983 ما أدى إلى مقتل 241 من أفراد الجيش الأميركي.
وتقول الولايات المتحدة إنه «يجب رفض الدعوى برمتها؛ لأن أيادي إيران (ملطخة)، وإن مصادرة الأصول كانت نتيجة لرعاية طهران للإرهاب».
وأحكام محكمة العدل الدولية ملزِمة وغير قابلة للاستئناف، لكن هذه الهيئة ليست لديها وسيلة لتنفيذها. وبالتالي يمكن للدول أن تلجأ إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إذا لم تمتثل دولة أخرى لقرار ما.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أصدرت القاضية لوريتا بريسكا في «محكمة نيويورك الاتحادية» حكماً يأمر البنك المركزي الإيراني ووسيطاً أوروبياً بدفع 1.68 مليار دولار لأسر الجنود الذين قتلوا في تفجير بيروت عام 1983. وأصدرت محكمة اتحادية حكماً قضائياً لمصلحة الضحايا وعائلاتهم، يلزم إيران بدفع 2.65 مليار دولار عام 2007 بسبب الهجوم.
وبعد 6 سنوات، سعت الأسر للحصول على عائدات سندات يُزعم أنها مملوكة لـ«البنك المركزي الإيراني» وتتولى إدارتها شركة «كلير ستريم» للأعمال المصرفية، وهي وحدة مقرها لوكسمبورغ وتابعة لشركة «دويتشه بورصة إيه جي»، وذلك للوفاء جزئياً بحكم المحكمة.
وقال «البنك المركزي الإيراني» إن الدعوى القضائية غير مسموح بها بموجب قانون الحصانة السيادية الأجنبية الذي يحمي الحكومات الأجنبية عموماً من المساءلة في المحاكم الأميركية.
وقالت بريسكا إن قانون 2019 يخول المحاكم الأميركية السماح بمصادرة الأصول الموجودة خارج البلاد للوفاء بالأحكام ضد إيران في قضايا الإرهاب، «رغم» أن القوانين الأخرى، مثل قانون الحصانة السيادية الأجنبية، تمنح حصانة.
وأمرت محكمة في لوكسمبورغ شركة «كلير ستريم» عام 2021 بعدم نقل الأموال حتى تعترف محكمة في ذلك البلد بالحكم الأميركي، واستأنفت «كلير ستريم» القرار.
وجرى توقيع معاهدة الصداقة في الخمسينات قبل فترة طويلة من الثورة الإسلامية التي شهدتها إيران عام 1979 وأطاحت الشاه المدعوم من الولايات المتحدة، وما تلاها من قطع العلاقات الأميركية - الإيرانية. وانسحبت واشنطن من المعاهدة نهائياً في عام 2018.
ومحكمة العدل الدولية أعلى محكمة في الأمم المتحدة، وتكون أحكامها ملزمة، لكنها لا تملك أي سلطة لتنفيذها. والولايات المتحدة وإيران من بين عدد قليل من الدول التي سبق أن تجاهلت قراراتها.
تتضارب المعلومات حول الأصول الإيرانية المجمدة في الخارج. وتشير بعض التقديرات غير الرسمية إلى أنها تتراوح بين 100 مليار و120 مليار دولار. وقال محافظ «البنك المركزي الإيراني» السابق، ولي الله سيف، بعد إعلان الاتفاق النووي في 2015، إن الاتفاق من شأنه إطلاق 30 مليار دولار من أصول إيران المجمدة.
وتطالب إيران حالياً بإعادة أصول مجمدة من مبيعاتها النفطية في اليابان وكوريا الجنوبية، وكذلك عائدات بيع الغاز والكهرباء في العراق التي تقدر بـ6 مليارات دولار، وتقدر أصولها في كوريا الجنوبية بنحو 7 مليارات دولار، و1.6 مليار دولار في اليابان، و1.5 في لوكسمبورغ. وكانت صحف إيرانية قد ذكرت العام الماضي أن لدى إيران 20 مليار دولار في الصين.


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

إيران تحتجز ناقلة نفط ثانية

احتجز «الحرس الثوري» الإيراني، أمس، ناقلة نقط في مضيق هرمز في ثاني حادث من نوعه في غضون أسبوع، في أحدث فصول التصعيد من عمليات الاحتجاز أو الهجمات على سفن تجارية في مياه الخليج، منذ عام 2019. وقال الأسطول الخامس الأميركي إنَّ زوارق تابعة لـ«الحرس الثوري» اقتادت ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما إلى ميناء بندر عباس بعد احتجازها، في مضيق هرمز فجر أمس، حين كانت متَّجهة من دبي إلى ميناء الفجيرة الإماراتي قبالة خليج عُمان. وفي أول رد فعل إيراني، قالت وكالة «ميزان» للأنباء التابعة للسلطة القضائية إنَّ المدعي العام في طهران أعلن أنَّ «احتجاز ناقلة النفط كان بأمر قضائي عقب شكوى من مدعٍ». وجاءت الو

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

سوريا وإيران: اتفاق استراتيجي طويل الأمد

استهلَّ الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، أمس، زيارة لدمشق تدوم يومين بالإشادة بما وصفه «الانتصارات الكبيرة» التي حقَّقها حكم الرئيس بشار الأسد ضد معارضيه. وفي خطوة تكرّس التحالف التقليدي بين البلدين، وقّع رئيسي والأسد اتفاقاً «استراتيجياً» طويل الأمد. وزيارة رئيسي للعاصمة السورية هي الأولى لرئيس إيراني منذ عام 2010، عندما زارها الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، قبل شهور من بدء احتجاجات شعبية ضد النظام. وقال رئيسي، خلال محادثات موسَّعة مع الأسد، إنَّه يبارك «الانتصارات الكبيرة التي حققتموها (سوريا) حكومة وشعباً»، مضيفاً: «حقَّقتم الانتصار رغم التهديدات والعقوبات التي فرضت ضدكم».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)

إيطاليا تعين سفيراً لدى سوريا

وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

إيطاليا تعين سفيراً لدى سوريا

وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)

أعلن وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، الجمعة، أن بلاده قررت تعيين سفير لدى سوريا «لتسليط الضوء» عليها، ما يجعل إيطاليا أول دولة من مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى التي تستأنف عمل بعثتها الدبلوماسية في دمشق منذ أن عصفت حرب أهلية بالبلاد.

استدعت إيطاليا جميع الموظفين من سفارتها بدمشق عام 2012، وعلقت النشاط الدبلوماسي في سوريا احتجاجاً على «العنف غير المقبول» من حكومة الرئيس بشار الأسد ضد المواطنين.

واستعاد الأسد السيطرة على معظم سوريا بعد أن ساعدته إيران وروسيا على هزيمة جماعات من المعارضة المسلحة، تحركت ضده قبل 13 عاماً، مما أدى إلى حرب راح ضحيتها مئات الآلاف ودفعت ملايين من اللاجئين صوب أوروبا.

وتم الإعلان عن تعيين المبعوث الخاص حالياً لوزارة الخارجية إلى سوريا، ستيفانو رافاجنان، سفيراً. وقال تاياني لوكالة «رويترز» إنه من المقرر أن يتولى منصبه قريباً.

أرسلت إيطاليا و7 دول أخرى في الاتحاد الأوروبي، الأسبوع الماضي، رسالة إلى مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد، جوزيب بوريل، تطلب أن يلعب التكتل دوراً أكثر فاعلية في سوريا.

وجاء في الرسالة التي اطلعت عليها «رويترز»: «لا يزال السوريون يغادرون بأعداد كبيرة، مما يزيد من الضغوط على الدول المجاورة، في فترة يتصاعد فيها التوتر في المنطقة، ما ينذر بخطر موجات جديدة من اللاجئين».

وإلى جانب إيطاليا، وقّعت النمسا وقبرص وجمهورية التشيك واليونان وكرواتيا وسلوفينيا وسلوفاكيا على الرسالة. وعبّرت عن أسفها إزاء «الوضع الإنساني» في البلاد الذي «زاد تدهوراً» في ظل بلوغ اقتصادها «حالة يرثى لها».

وقال تاياني، الجمعة: «كلف بوريل دائرة العمل الخارجي الأوروبي بدراسة ما يمكن القيام به»، مضيفاً أن تعيين سفير جديد «يتماشى مع الرسالة التي أرسلناها إلى بوريل... لتسليط الضوء على سوريا».

هناك 6 سفارات لدول في الاتحاد الأوروبي مفتوحة في الوقت الحالي بدمشق، وهي سفارات رومانيا وبلغاريا واليونان وقبرص وجمهورية التشيك والمجر. ولم تُقْدم باقي دول مجموعة السبع بعد، وهي الولايات المتحدة واليابان وبريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا، على خطوة إعادة تعيين سفراء لها لدى سوريا.