استقبل الرئيس الألماني فرانك - فالتر شتاينماير رسميا، أمس، ملك بريطانيا تشارلز الثالث وزوجته كاميلا بسلام الشرف العسكري، في مستهل زيارة دولة تستمر ثلاثة أيام و«تفتح صفحة جديدة» في علاقة البلدين. وتعد ألمانيا وجهة الملك تشارلز الخارجية الأولى منذ اعتلائه عرش بريطانيا، بعد إلغاء زيارته التي كانت مقررة إلى فرنسا بسبب الاحتجاجات الحاشدة. وهبطت الطائرة البيضاء التي تحمل علم المملكة المتحدة في مطار برلين الدولي، وتوقفت في مرآب المنطقة العسكرية بالمطار حيث بُسطت سجادة حمراء أسفل السلم، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية. وتوجه الملك وزوجته، بعدما استقبلهما رئيس البروتوكول الألماني والسفير البريطاني في ألمانيا، إلى بوابة براندنبورغ في وسط برلين حيث استقبلهما الرئيس الألماني فرانك - فالتر شتاينماير وزوجته. وزُيّنت جادّة «أونتر دين ليندن» الشهيرة بالعلم البريطاني بمناسبة زيارة الملك، وهو أول ضيف في زيارة دولة يُستقبل مع تشريفات عسكرية عند أقدام هذا النصب الشهير الذي كان رمزا لانقسام المدينة خلال ثلاثة عقود. ووصف الرئيس الألماني الذي يرافق تشارلز الثالث في كل المحطات، زيارته بأنها «بادرة أوروبية مهمة». وأضاف شتاينماير أنه بالتزامن مع مرور ست سنوات على إطلاق بريطانيا إجراءات خروجها من الاتحاد الأوروبي، «نفتح صفحة جديدة في علاقاتنا».
وكانت الزيارة محلّ ترقب الكثير من الألمان الذين انتظروا ساعات على أمل دخول الموقع الذي تجري فيه مراسم الاستقبال. وقالت أنجا فيتينغ (50 عاما)، وهي موظفة جاءت مع ابنتها البالغة من العمر 18 عاماً من أولدنسبرغ في غرب ألمانيا: «إنها الزيارة الأولى للملك. نريد الاحتفال بذلك، مهما طال الانتظار». من جهته، قال الطالب مايك ماتيس (21 عاماً) الذي جاء من ميونيخ لبرلين لقضاء عطلة عيد الفصح «جئت إلى هنا بالصدفة»، لكنها «مناسبة جيدة (... ) ومشاهدة الأحداث مباشرة أفضل من مشاهدتها عبر التلفزيون».
وانتشر 1100 شرطي مع تعزيزات من مناطق أخرى، فضلا عن عشرين كلبا مدربا على كشف المتفجرات. وأغلقت بعض الطرقات الرئيسية أمام حركة السير في وسط العاصمة. وقال قائد الشرطة توماس دريشلر لوسائل إعلام ألمانية: «تمنى الزوجان الملكيان أن يتمكّنا من التواصل مباشرة مع سكان برلين».
وعقب الاستقبال، توجّه الملك إلى القصر الرئاسي حيث يقام حفل استقبال في إطار هذه الزيارة التي تشكل مناسبة رسمية للاحتفاء بعلاقات الصداقة بين البلدين. وقال الرئيس الألماني، الذي وجه الدعوة إلى تشارلز الثالث خلال مراسم جنازة إليزابيث الثانية في سبتمبر (أيلول): «أريد أن أقول له، وبالتأكيد لكل البريطانيين: نحن في ألمانيا وفي أوروبا نريد علاقات وثيقة وودية مع المملكة المتحدة حتى بعد بريكست».
ويُجري الملك، اليوم، محادثات مع المستشار الألماني أولاف شولتس خصوصا، وسيتنزه مع رئيس بلدية العاصمة في إحدى الأسواق، ويلقي خطابا في مجلس النواب، ويلتقي لاجئين أوكرانيين. وتنتهي زيارة الزوجَين إلى ألمانيا الجمعة في هامبورغ، وهي ثاني أكبر مدينة في ألمانيا.
وكان يفترض أن يتوجه الملك وزوجته إلى فرنسا قبل ألمانيا، إلا أن الزيارة ألغيت بسبب الاحتجاجات المرتبطة بإصلاح النظام التقاعدي في هذا البلد. وكانت الملكة إليزابيث قامت بزيارة أخيرة لألمانيا في العام 2015 في عهد المستشارة أنجيلا ميركل، وقد أثارت الزيارة حماسة كبيرة في البلاد. أما زيارتها الأهم، فكانت في العام 1965 عندما كان الجدار يفصل بين شطري برلين. واعتبرت الزيارة على أنها المحطة التي كرست المصالحة بين البلدين بعد الحرب العالمية الثانية.