بلينكن يحذر من «فخ السلام الصيني»... وزيلينسكي يدعو شي إلى أوكرانيا

وقف النار يتيح لروسيا الاحتفاظ بالأراضي... وخسارة باخموت تسمح بفرض شروطها

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يحذر من دعوات وقف إطلاق النار في أوكرانيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يحذر من دعوات وقف إطلاق النار في أوكرانيا (أ.ف.ب)
TT

بلينكن يحذر من «فخ السلام الصيني»... وزيلينسكي يدعو شي إلى أوكرانيا

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يحذر من دعوات وقف إطلاق النار في أوكرانيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يحذر من دعوات وقف إطلاق النار في أوكرانيا (أ.ف.ب)

غداة تحذير وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، من أن الدعوات إلى وقف النار في أوكرانيا يمكن أن تكون «فخاً مثيراً للسخرية»، بهدف تجميد النزاع، والسماح لروسيا بالاحتفاظ بالأراضي التي استولت عليها، رأى الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، أول من أمس (الثلاثاء)، أن عدم الانتصار في معركة باخموت سيسمح لموسكو باستقطاب دعم دولي لاتفاق يتضمن تنازلات ترفضها كييف، داعياً الرئيس الصيني شي جينبينغ إلى زيارة أوكرانيا.
وكان بلينكن يتحدث في مؤتمر افتراضي استضافته وزارة الخارجية الأميركية، تحت عنوان «السلام الدائم والعادل في أوكرانيا»، الذي شارك فيه زيلينسكي والعديد من وزراء الخارجية من دول أخرى؛ إذ عبَّر عن اعتقاده بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وداعميه ليسوا جادين بشأن محادثات السلام المحتملة. ورغم أنه لم يذكر اسم أي دولة، فإن بلينكن كان يوجه انتقاداته بشكل رئيسي إلى الصين، التي حاولت تقديم نفسها وسيطاً محايداً في الحرب، عبر الدعوة إلى وقف النار وإجراء محادثات سلام، علماً بأن الصين هي الشريك الاستراتيجي الأهم لروسيا. وقال: «أعتقد أننا جميعاً يجب أن نكون مدركين تماماً، ونحذر مما قد يبدو أنه جهود حسنة النية، على سبيل المثال، للدعوة إلى وقف النار، الذي من المحتمل أن يكون له تأثير بتجميد النزاع، مما يسمح لروسيا بتعزيز المكاسب التي حققتها، وببساطة استخدام الوقت للراحة وإعادة التحضير للهجوم». وأضاف أنه «ما الذي يبدو أنه جذاب على السطح؟ ومَن مِنا لا يريد أن تصمت البنادق؟ يمكن أن يكون أيضاً فخاً مثيراً للسخرية، يجب أن نكون حذرين للغاية منه».
وفي أواخر فبراير (شباط) الماضي، أصدرت الصين بيان مبادئ من 12 نقطة في شأن الحرب وصفه بعض المسؤولين الصينيين بأنه خطة سلام. لكن المسؤولين الأميركيين والأوروبيين استنكروا ذلك، باعتباره ستاراً يهدف إلى جعل روسيا تبدو مستعدة للعمل مع الصين، للسعي إلى السلام، بينما يضغط بوتين في جهوده الحربية.
وخلال المؤتمر ذاته، أشار وزير الخارجية الأوكراني، دميترو كوليبا، إلى «صيغة السلام» التي اقترحتها حكومة زيلينسكي، والتي تتألف من 10 نقاط، منها المطالبة بانسحاب القوات الروسية من «كل متر مربع من الأراضي الأوكرانية»، قبل بدء أي محادثات سلام. وقال بلينكن لكوليبا: «أعتقد أنه من الآمن القول، دميترو، إنه لا أحد يريد السلام أكثر من الشعب الأوكراني، لأنهم هم الذين يعانون بشكل مباشر من غيابه ومن هذا العدوان، ولكن يجب أن تكون (خطة السلام) عادلة، ويجب أن تكون متينة، وإلا فإنها ستذهب هباء في النهاية».
وردد وزراء خارجية آخرون الرسالة ذاتها في تصريحاتهم. وقال الوزير الياباني، يوشيماسا هاياشي، في خطاب مسجل مسبقاً: «يأمل المجتمع الدولي في أن يحل السلام بأوكرانيا في أقرب وقت ممكن، لكن يجب ألا يكون مجرد وقف لإطلاق النار». وأضاف أن أي إنهاء للحرب يجب أن يكون «سلاماً عادلاً على أساس مبادئ ميثاق الأمم المتحدة».
وفي مقابلة أجرتها معه وكالة «أسوشيتد برس» على متن قطار يتنقل فيه عبر مدن قريبة من بعض أشد المعارك ضراوة، قال زيلينسكي إنه إذا سقطت مدينة باخموت الرئيسية في شرق البلاد في أيدي القوات الروسية، فإن بوتين «سيبيع هذا النصر للغرب ومجتمعه والصين وإيران». وأضاف: «إذا شعر ببعض الدم (شمَّ رائحة ضعفنا) فسيدفع... ويدفع... ويدفع». وأوضح أنه يدرك جيداً أن نجاح بلاده يعود في جزء كبير منه إلى الدعم العسكري الدولي، لا سيما من الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية، ولم يذكر اسم الرئيس السابق دونالد ترمب أو أي سياسي جمهوري آخر، من الشخصيات التي يتعين عليه التعامل معها إذا فاز الجمهوريون في انتخابات 2024، لكنه عبَّر عن خشيته من أن تتأثر الحرب بتغيير القوى السياسية في واشنطن. وقال إن «الولايات المتحدة تدرك حقاً أنها إذا توقفت عن مساعدتنا، فلن ننتصر».
وإذ أشار إلى زيارته الأخيرة لباخموت، حذر زيلينسكي من أن أي خسارة في أي مكان في هذه المرحلة من الحرب يمكن أن تعرّض الزخم الذي حققته أوكرانيا بشق الأنفس للخطر. وقال: «لا يمكننا أن نفقد الخطوات، لأن الحرب فطيرة؛ قطع من الانتصارات. انتصارات صغيرة وخطوات صغيرة»، معترفاً بأن خسارة معركة باخموت المتواصلة منذ 7 أشهر ستكون بمثابة هزيمة سياسية مكلفة أكثر من كونها تكتيكية. وقال: «سيشعر مجتمعنا بالتعب»، إذا لم ينتصر الأوكرانيون هناك، مضيفاً: «سيدفعني مجتمعنا للتوصل إلى حل وسط» مع روسيا. ولم يشأ زيلينسكي أن يتنبأ بكيفية انتهاء الحرب. لكنه عبر عن ثقته في أن بلاده ستنتصر، عبر سلسلة من «الانتصارات الصغيرة» و«الخطوات الصغيرة» ضد «دولة كبيرة للغاية، عدو كبير، جيش كبير»، ولكن «بقلوب صغيرة». وخلال المقابلة، وجه زيلينسكي دعوة إلى الرئيس الصيني لزيارة أوكرانيا، قائلاً: «نحن مستعدون لرؤيته هنا. أريد أن أتحدث معه. اتصلت به قبل الحرب (…) لكن طوال هذا العام، أكثر من عام، لم أتحدث معه». ورداً على سؤال عما إذا كان شي سيقبل دعوة زيلينسكي، أفادت الناطقة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ بأنه لا معلومات يمكن أن تقدمها. وقالت إن الصين تحافظ على «اتصالات مع كل الأطراف المعنية، بما في ذلك أوكرانيا». وأشار زيلينسكي إلى أن تحرك بوتين كان يهدف إلى تشتيت الانتباه عن الافتقار إلى الضمانات التي حصل عليها من الصين.


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي يحول لأوكرانيا 1.5 مليار يورو من عائدات الأصول الروسية

أوروبا أوراق نقدية من فئة 20 و50 يورو (د.ب.أ)

الاتحاد الأوروبي يحول لأوكرانيا 1.5 مليار يورو من عائدات الأصول الروسية

أعلن الاتحاد الأوروبي تأمين 1.5 مليار يورو (1.6 مليار دولار) لدعم أوكرانيا، وهي أول دفعة من الأموال المكتسبة من الأرباح على الأصول الروسية المجمدة.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (أ.ب)

بوتين يدعو إلى «معاقبة» الساعين لـ«تقسيم» روسيا

شجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المحققين الروس على التصدي لأي خطر يتسبب بانقسام المجتمع في روسيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
العالم وزير الخارجية الصيني وانغ يي (إلى اليمين) يصافح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال اجتماع وزاري على هامش الاجتماع الـ57 لوزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) والاجتماعات ذات الصلة في فينتيان 25 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

بدء محادثات بين روسيا والصين على هامش اجتماع «آسيان»

التقى وزيرا خارجية روسيا والصين، الخميس، في فينتيان عاصمة لاوس، على هامش اجتماع إقليمي وغداة لقاء الوزير الصيني نظيره الأوكراني في الصين.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
رياضة عالمية الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ب)

زيلينسكي: مشاركة أوكرانيا في الأولمبياد إنجاز في زمن الحرب

قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، اليوم (الأربعاء)، إن مجرد مشاركة بلاده في دورة الألعاب الأولمبية تمثل إنجازاً في زمن الحرب.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا صورة تُظهر جانباً من وسط موسكو في روسيا 23 نوفمبر 2020 (رويترز)

«هاكرز» أوكرانيون يوقفون الخدمات المصرفية وشبكات الهواتف في روسيا مؤقتاً

تردَّد أن خبراء في الحواسب الآلية بالاستخبارات العسكرية الأوكرانية عرقلوا أنظمة البنوك والهواتف المحمولة والشركات المقدِّمة لخدمة الإنترنت بروسيا لفترة وجيزة.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
TT

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، فجر السبت، إلى لاوس حيث سيحضر اجتماعات رابطة دول «آسيان» ويجري محادثات مع نظيره الصيني، وذلك في مستهل جولة آسيوية تشمل دولاً عدة وتهدف إلى تعزيز علاقات واشنطن مع حلفائها الإقليميين في مواجهة بكين.

ومن المقرر أن يلتقي بلينكن وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش محادثات وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تعقد في فينتيان، عاصمة لاوس.

منافسة حادة

ويسعى بلينكن لتحقيق تطلّع بجعل منطقة المحيطين الهندي والهادئ «منطقة حرة ومفتوحة ومزدهرة»، وهو شعار يحمل في طيّاته انتقاداً للصين وطموحاتها الاقتصادية والإقليمية والاستراتيجية في المنطقة.

وقالت وزارة الخارجية في بيان صدر قبل وقت قصير من وصول بلينكن إلى فينتيان، إنّ «محادثات الوزير ستواصل البناء والتوسع غير المسبوق للعلاقات بين الولايات المتحدة وآسيان»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وهذه هي الزيارة الـ18 التي يقوم بها بلينكن إلى آسيا منذ توليه منصبه قبل أكثر من ثلاث سنوات، ما يعكس المنافسة الحادة بين واشنطن وبكين في المنطقة.

ووصل بلينكن بعد يومين على اجتماع عقده وزيرا خارجية الصين وروسيا مع وزراء خارجية تكتل «آسيان» الذي يضم عشر دول، وقد عقدا أيضاً اجتماعاً ثنائياً على الهامش.

وناقش وانغ وسيرغي لافروف «هيكلية أمنية جديدة» في أوراسيا، وفق وزارة الخارجية الروسية.

وقالت الوزارة إن وانغ ولافروف اتفقا على «التصدي المشترك لأي محاولات من جانب قوى من خارج المنطقة للتدخل في شؤون جنوب شرق آسيا».

وتقيم الصين شراكة سياسية واقتصادية قوية مع روسيا. ويعتبر أعضاء حلف شمال الأطلسي بكين مسانداً رئيسياً لموسكو في حربها على أوكرانيا.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، الجمعة، إن وانغ وبلينكن «سيتبادلان وجهات النظر حول مسائل ذات اهتمام مشترك».

ووفق وزارة الخارجية الأميركية سيناقش بلينكن «أهمية التقيّد بالقانون الدولي في بحر الصين الجنوبي» خلال محادثات «آسيان».

توترات متصاعدة

وتأتي المحادثات في خضم توترات متصاعدة بين الصين والفلبين في بحر الصين الجنوبي، حيث سجّلت مواجهات في الأشهر الأخيرة بين سفن فلبينية وصينية حول جزر مرجانية متنازع عليها.

وتتمسك بكين بالسيادة شبه الكاملة على الممر المائي الذي تعبره سنوياً بضائع بتريليونات الدولارات، على الرغم من حكم أصدرته محكمة دولية قضى بأن لا أساس قانونياً لموقفها هذا.

وفقد بحار فلبيني إبهامه في مواجهة وقعت في 17 يونيو (حزيران) حين أحبط أفراد من جهاز خفر السواحل الصيني محاولة للبحرية الفلبينية لإمداد قواتها في موقع ناء.

وانتقدت الصين في وقت سابق من العام الحالي تصريحات لبلينكن أبدى فيها استعداد واشنطن للدفاع عن الفلبين إذا تعرضت قواتها أو سفنها أو طائراتها لهجوم في بحر الصين الجنوبي.

وتصر بكين على أنه «لا يحق» للولايات المتحدة التدخل في بحر الصين الجنوبي.

والبلدان على طرفي نقيض في ملفات التجارة وحقوق الإنسان ووضع جزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي.

وتشمل جولة بلينكن ستّ دول هي لاوس وفيتنام واليابان والفلبين وسنغافورة ومنغوليا.

ومن المقرر أن يصدر وزراء خارجية الدول المنضوية في «آسيان» بياناً مشتركاً في ختام الاجتماعات التي ستُعقد على مدى ثلاثة أيام.