جنوب سوريا: ليس بالعقوبات وحدها يقضى على «الكبتاغون»

قادة محليون شددوا على عمل عسكري ضد المروجين

صورة نشرها «اللواء الثامن» لمخدرات عثر عليها في مقرات إحدى المجموعات التابعة لعماد أبو زريق شرق درعا
صورة نشرها «اللواء الثامن» لمخدرات عثر عليها في مقرات إحدى المجموعات التابعة لعماد أبو زريق شرق درعا
TT

جنوب سوريا: ليس بالعقوبات وحدها يقضى على «الكبتاغون»

صورة نشرها «اللواء الثامن» لمخدرات عثر عليها في مقرات إحدى المجموعات التابعة لعماد أبو زريق شرق درعا
صورة نشرها «اللواء الثامن» لمخدرات عثر عليها في مقرات إحدى المجموعات التابعة لعماد أبو زريق شرق درعا

قلل قادة محليون في جنوب سوريا من تأثير العقوبات التي فرضتها أميركا وبريطانيا على شخصيات سورية، بعضها من الجنوب، متورطة بالعمل مع النظام السوري في تجارة الكبتاغون، مؤكدين أن مكافحة هذه الظاهرة تتطلب التوجه إلى المنطقة مباشرة بقوة عسكرية وإطلاق مشاريع خدمية وتنموية تولد فرص عمل للناس.
وكانت وزارة الخزانة الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، أنها فرضت عقوبات على 6 أشخاص، سوريين ولبنانيين وشركتين، حلفاء للنظام السوري وميليشيات «حزب الله». وذكرت في بيانها اسم القيادي المحلي في محافظة درعا عماد أبو زريق المتحدر من بلدة نصيب شرق درعا على الحدود السورية الأردنية، من ضمن الأسماء التي أدرجتها بالعقوبات.
وبدورها، أعلنت الحكومة البريطانية، الثلاثاء، فرض عقوبات على 11 كياناً مرتبطاً بالنظام السوري بينهم ثلاثة من قادة مجموعات محلية؛ اثنان من درعا هما: عماد أبو زريق ومصطفى المسالمة الملقب بـ«الكسم»، وآخر من محافظة السويداء وهو راجي فلحوط. وذكر البيان أن هذه الأسماء متورطة في عمليات تهريب وصناعة الكبتاغون في جنوب سوريا.
«الشرق الأوسط» سألت، أمس (الأربعاء)، أحد القادة المحليين في درعا عن تأثير العقوبات البريطانية والأميركية الأخيرة على تجارة وتهريب المخدرات من جنوب سوريا، فرأى أن «العقوبات الجديدة التي شملت شخصيات محلية جنوب سوريا تبدو غير مؤثرة على المعضلة التي تعاني منها المنطقة بتفشي المخدرات، وتحويل الجنوب إلى منطقة عبور لدول الجوار، نتيجة لعدة أسباب منها أن العقوبات جاءت على شخصيات هامشية في الجنوب، فالأسماء المطروحة لا تعدو كونها أدوات بيد جهات أمنية نافذة». وأضاف المتحدث، وهو من المشاركين في العمليات العسكرية الأخيرة ضد خلايا «داعش» وتجار المخدرات في المنطقة: «كما أن الأمر بعيد التنفيذ في الوقت الحالي؛ إذ لا تملك الإدارة الأميركية أو البريطانية أي وسيلة ضغط لتسليم المعاقبين الذين ذكروا أو إيقافهم، ولا يملك هؤلاء القادة أي مصالح أو علاقات أو ممتلكات تربطهم مع دول الجوار يمكن أن تكون أدوات للضغط عليهم»، مضيفاً أن «المنطقة الجنوبية فيها العشرات من الضالعين في تجارة وترويج وتهريب الكبتاغون، ومنهم من هو أهم من الأسماء المستهلكة والمشهورة أساساً التي ذكرت بالعقوبات الأخيرة، حيث هناك العديد من المجموعات والقادة العاملين في هذه التجارة أبرزهم في منطقة اللجاة شمال درعا، وبلدة خراب الشحم غربي درعا على الحدود السورية الغربية مع الأردن، وبلدة الشعاب جنوب شرقي السويداء على الحدود السورية الشرقية مع الأردن، وتتغطى هذه المجموعات بالعلاقة مع الأجهزة الأمنية وخاصة أن كثرة الفاسدين في هذه الأجهزة الأمنية ينظرون للحال السورية الحالية، وكأنها مرحلة الجني تحت أي ظرف وطريقة، والقادة المحليون الذين يتم تجنيدهم مثل أبو زريق والكسم وغيرهم العشرات، يجدون من هذه المشاريع وسيلة يحققون بها منفعة سلطوية بوسط عشوائي غير أمن وغير مستقر، ومنفعة مادية وسط ظروف اقتصادية ومعيشية متردية».
ورجح المصدر أن «تكون هذه العقوبات الجديدة بداية لتطبيق قانون مكافحة الكبتاغون الذي أصدرته أميركا مؤخراً، وقد تشهد المنطقة عمليات محدودة عبر أشخاص يتم تجنيدهم تحارب هذه الشخصيات، لكن من الممكن عودة أسماء وتجار جديدة باعتبار أن المنطقة ووضعها الأمني والاقتصادي والمعيشي، تعتبر بيئة خصبة لإنتاج مثل هذه الشخصيات والمجموعات والمشاريع». وأوضح أن «الحل بالتوجه للمنطقة بشكل مباشر، وتركيز القوة العسكرية لفصيل تقع عليه ثقة كل الأطراف يكون صاحب قوة ونفوذ وسلطة بالمنطقة، بمعنى يجب تطوير العمل الأمني وتفكيك الشبكات المختصة في تهريب المخدرات باستخدام القوة، كما يجب تقديم الدعم الاجتماعي وإطلاق مشاريع خدمية وإنعاشية بالمنطقة تحقق فرص عمل ودخلاً مناسباً، ومساعدات تقدم للمنطقة تعيل العاطلين عن العمل والعائلات، وتوفير البرامج العلاجية والتأهيلية. ويتطلب ذلك جهوداً مشتركة من المجتمع والحكومة والمنظمات الدولية، وتنسيق الجهود وتكثيفها للوصول إلى نتائج فعالة.
ويرى محمد الزعبي، الناشط في جنوب سوريا، أن الأسماء المستهدفة في محافظة درعا بالعقوبات الأخيرة، وهم: عماد أبو زريق ومحمد مسالمة (الكسم) وراجي فلحوط، كانوا قبل تسويات عام 2018 من القادة الذين اعتمدت عليهم غرفة الموك وممن كانوا على صلات جيدة بالطرف الأميركي والأردني، ومع إغلاق غرفة الموك فقدت دول المنطقة أي تواصل لها مع هذه القيادات السابقة، وبالتالي فقدت أدواتها في إمكانية السيطرة أو فرض الإملاءات عليهم، الأمر الذي أعطى مادة جاهزة للنظام وحلفائه لاستثمارهم بعد التسويات فوضعت هذه القيادات نفسها هي وفصائلها تحت تصرف الجهات الأمنية أو ميليشيات «حزب الله»، وإدراجها ضمن العقوبات يؤدي إلى زيادة ارتباطها العضوي بالنظام باعتباره الملجأ الوحيد لها، ولن تكون العقوبات عليهم بالرادع والمؤثر؛ لغياب وسائل الضغط والتدخل بهم، إلا من خلال النظام نفسه.
- أبو زريق
ويعتبر عماد أبو زريق من ذوي الاحتياجات الخاصة، وهو قيادي سابق في المعارضة ضمن ما كان يسمى «جيش اليرموك» ثاني أكبر فصيل معارض في جنوب سوريا قبل عام 2018، وبعد أن فرضت التسويات على المنطقة عاد عماد أبو زريق من الأردن عبر وساطة مع جهاز الأمن العسكري بدرعا، وتسلم قيادة مجموعته السابقة وإدارة أمن القرى والبلدات الشرقية من ريف درعا الجنوبي المحاذي للأردن؛ انطلاقاً من معقلها في بلدة نصيب المتاخمة لمعبر نصيب - جابر على الحدود، وفي بلدات أم المياذن، وأم ولد، وصيدا، والنعيمة.
- «الكسم»
مصطفى المسالمة الملقب بـ«الكسم» كان غير معروف أو صاحب سلطة مثل عماد أبو زريق قبل عام 2018 في فصائل المعارضة، وكان يقود مجموعة صغيرة في مدينة درعا البلد تسمى «كتيبة أحفاد خالد بن الوليد»، ومع سيطرة النظام برعاية روسية على المنطقة عام 2018 تحولت إلى قوات تابعة لجهاز الأمن العسكري وصارت تعرف محلياً باسم «مجموعة الكسم»، وشاركت في معظم عمليات النظام الأمنية والعسكرية على مدينة درعا بعد التسويات، واتُّهمت مجموعته بعمليات اعتقال واغتيال وخطف، وامتلاكها مصنعاً لإنتاج حبوب الكبتاغون في أحد مقراتها بضاحية مدينة درعا.
- فلحوط
أما راجي فلحوط فهو قيادي لمجموعة محلية في مدينة السويداء كانت تعرف باسم «قوات الفجر» التابعة لشعبة المخابرات العسكرية في سوريا في بلدة عتيل بريف السويداء، بعد عدة انتهاكات نفذتها مجموعته من عمليات قتل وخطف وسلب وتجارة بالمخدرات والسلاح، تعرضت مقراته لهجوم عنيف شارك فيه معظم فصائل محافظة السويداء المحلية، وتمكنت حينها من القضاء على قادة مجموعة «قوات الفجر» ودخول مقراتهم، وعثر على معمل لإنتاج المخدرات في مقره ببلدة عتيل وتم تدميره وتفكيكه من قبل حركة رجال الكرامة في 28 يوليو (تموز) 2022 الماضي، فيما لا يزال مصير راجي مجهولاً حتى الآن.


مقالات ذات صلة

أميركا تلقي القبض على اثنين من أباطرة تجارة المخدرات في تكساس

الولايات المتحدة​ أفراد من وسائل الإعلام في مطار مقاطعة دونا آنا الخاص يقفون حيث يُعتقد بوجود الطائرة التي كانت تقل تاجري المخدرات... الصورة في سانتا تيريزا - نيو مكسيكو بالولايات المتحدة 25 يوليو 2024 (رويترز)

أميركا تلقي القبض على اثنين من أباطرة تجارة المخدرات في تكساس

قالت وزارة العدل الأميركية إنه جرى إلقاء القبض على تاجر المخدرات المكسيكي إسماعيل (إل مايو) زامبادا وابن شريكه السابق خواكين (إل تشابو) غوسمان في تكساس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا سعيد في زيارة غير معلنة لكبرى السدود الممتلئة حيث اتهم «شبكات إجرامية» بتعطيل مؤسسات توزيع المياه وتصنيع الكهرباء (موقعا رئاستَي الجمهورية والحكومة في تونس)

تونس: الرئيس سعيد يتهم «المتآمرين على الأمن الوطني» بقطع الماء والكهرباء

أعلنت الإدارة العامة للحرس الوطني إيقاف شخص متهم بـ«الانتماء إلى تنظيم إرهابي» مفتش عنه جنوب العاصمة تونس.

كمال بن يونس (تونس)
المشرق العربي كريستينا ألبرتين الممثلة الإقليمية لمكتب الأمم المتحدة المعنيّ بالمخدرات والجريمة خلال مؤتمر لمكافحة المخدرات في بغداد اليوم (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: العراق يتحوّل إلى «محور» إقليمي لتهريب المخدرات

صادرت السلطات العراقية، العام الماضي، كميات قياسية من حبوب الكبتاغون، قد تصل قيمتها إلى 144 مليون دولار، وفق تقرير نشرته، الاثنين.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي السوداني يفتتح «مؤتمر بغداد الدولي الثاني لمكافحة المخدرات» (رئاسة الوزراء العراقية)

رئيس الوزراء العراقي يحذّر من استخدام المخدرات في «تجنيد إرهابيين»

حذّر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، في افتتاح «مؤتمر بغداد الدولي الثاني لمكافحة المخدرات»، من «استخدام المخدرات في تجنيد الإرهابيين».

فاضل النشمي ( بغداد)
الولايات المتحدة​ الأميركي مايكل ترافيس ليك داخل قفص المتهمين في أثناء جلسة النطق بالحكم في محكمة مقاطعة خاموفنيتشيسكي الروسية (أ.ف.ب)

السجن 13 عاماً لأميركي في روسيا بتهمة الاتجار بالمخدرات

أصدرت محكمة روسية في موسكو، الخميس، حكماً بالسجن 13 عاماً على الأميركي مايكل ترافيس ليك، بعد اتهامه بالاتجار بالمخدرات.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
TT

منصة يمنية تحذر من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي

للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)
للشهر التاسع على التوالي يهاجم الحوثيون السفن في البحر الأحمر وخليج عدن (أ.ف.ب)

حذّرت منصّة يمنية متخصصة في تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) من مخاطر التوسع الحوثي في القرن الأفريقي، وكشفت عن بيانات تنشر لأوّل مرة عن مشروع توسع الجماعة، الذي يديره بشكل مباشر «الحرس الثوري» الإيراني، بتنسيق مع ميليشيا «حزب الله» اللبناني.

وتضمن تقرير المنصة، الذي اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، معلومات عن خريطة التوسّع الخارجي للجماعة الحوثية بتكليف من إيران، وخريطة تهريب وتسليح الجماعة، ومفاتيح مشروع التوسّع الحوثي في القرن الأفريقي والمشرفين عليه والمنفّذين.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية خلال تجمع في صنعاء (أ.ف.ب)

ويتناول التقرير نشاط جماعة الحوثيين خارجياً في القرن الأفريقي، ابتداءً من تهريب الأسلحة وتجنيد الأفارقة ومعسكرات تدريبهم، واستخدامهم في الأنشطة الاستخبارية والإرهابية التوسّعية.

ووفق التقرير، أكدت محاضر سرية لاجتماعات ما يسمى «جهاز الأمن والمخابرات» التابع للحوثيين أنه جرى إسناد مسؤولية مشروع التوسّع الخارجي في القرن الأفريقي إلى القيادي عبد الواحد أبو راس، ورئيس الجهاز عبد الحكيم الخيواني، ووكيل الجهاز لقطاع العمليات الخارجية حسن الكحلاني (أبو شهيد)، والقيادي الحسن المرّاني، والقيادي أبو حيدر القحوم، بهدف تحقيق مساعي إيران في التوسّع في القارة الأفريقية والسيطرة على ممرّات الملاحة الدولية.

وأشار التقرير إلى الدور الذي يلعبه نائب وزير الخارجية في حكومة الحوثيين الانقلابية، حسين العزّي، من خلال المصادر الدبلوماسية والشخصيات التي تعمل معه في كل من إثيوبيا، وإريتريا، وجيبوتي، والسودان، وكينيا، إذ تُجرى إقامة علاقات استخباراتية وأمنية وسياسية ولوجستية مع الشخصيات والعناصر الموجودة والمقرّبة من جماعة الحوثيين في تلك الدول، والعمل على استقطاب أكبر قدر ممكن من الدبلوماسيين في السفارات اليمنية في تلك الدول.

تجهيز وتدريب

وكشفت المنصة اليمنية في تقريرها عن سعي الحوثيين لإنشاء محطات استخباراتية حسّاسة ودقيقة في كل دول القرن الأفريقي والدول المحيطة باليمن، والعمل على تجهيز وتدريب وتأهيل كوادرها في أسرع وقت ممكن؛ بهدف تفعيلها بشكل مناسب، وفي وقت مناسب، لما يحقّق أهداف ما تُسمّى «المسيرة القرآنية والمصالح المشتركة مع دول المقاومة، خصوصاً إيران، وغزة، ولبنان».

عشرات الآلاف من الأفارقة المهاجرين يصلون سنوياً إلى اليمن (الأمم المتحدة)

وأظهرت الوثائق التي أشار إليها التقرير إلى هدف الحوثيين المتمثّل في التحضير والتجهيز مع العناصر والشخصيات التي جرى إنشاء علاقة معها في أفريقيا لـ«إنجاز أعمال وتحرّكات ونشاط في البحر الأحمر ودول القرن الأفريقي لمساندة الحوثيين في حال ما تعرّضوا لأي ضغوط سياسية أو دبلوماسية دولية خارجية».

واحتوى التقرير على أسماء القيادات المسؤولة عن هذا الملف، ابتداءً من المشرف في «الحرس الثوري» الإيراني المدعو أبو مهدي، وانتهاءً بمالك أصغر قارب تهريب للأسلحة في البحر الأحمر، إضافة إلى علاقة تنظيم «الشباب المجاهدين» الصومالي بجماعة الحوثيين والأفارقة ومافيا تجنيد الأفارقة وتهريبهم من وإلى اليمن، في واحدة من أخطر جرائم الاتجار بالبشر والجريمة المنظّمة.

ويؤكد تقرير منصّة تعقّب الجريمة المنظّمة وغسل الأموال (P.T.O.C) أن جماعة الحوثيين قامت باستقطاب وتجنيد كثير من العناصر الأفريقية من جنسيات مختلفة، خصوصاً عقب اجتياح صنعاء ومحافظات عدّة في سبتمبر (أيلول) 2014، إذ جرى إخضاعهم لدورات ثقافية وعسكرية، وتوزيعهم على جبهات القتال (تعز - الساحل الغربي - مأرب - الحدود)، وأرجع البعض إلى دولهم لغرض التوسّع في أفريقيا.

تعنت الحوثيين أدى إلى تعطيل مسار السلام في اليمن (أ.ب)

كما استقطبت الجماعة - وفق المنصة - كثيراً من الشخصيات والرموز الأفارقة المؤثّرين (قبيلة العفر - الأورومو - أوجادين) بين أوساط الجاليات الأفريقية في صنعاء (الصومالية - الإثيوبية - الإريترية) والاعتماد عليهم في الحشد والاستقطاب من اللاجئين الأفارقة الموجودين في صنعاء، وكذلك من يجري استقطابهم من مناطقهم بالقرن الأفريقي، والتنسيق لهم للوصول إلى صنعاء.

أبو راس والكحلاني

وذكرت المنصة اليمنية في تقريرها أن مسؤول ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي في الجماعة الحوثية هو عبد الواحد ناجي محمد أبو راس، واسمه الحركي «أبو حسين»، وهو من مواليد محافظة الجوف اليمنية، إذ تولّى هذا الملف بتوصية مباشرة من قبل قيادات إيرانية سياسية عليا وقيادات في «الحرس الثوري» الإيراني.

ومن أبرز الملفات التي يعمل عليها أبو راس، وفق التقرير، التنسيق مع عناصر «الحرس الثوري» الإيراني، وقيادة الحركة الحوثية للعمل الميداني، كما أنه المسؤول المباشر عن تأمين وإدخال وتهريب عناصر «الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله» من وإلى اليمن.

وتوارى أبو راس - وفق التقرير - عن الأنظار منذ عدة أعوام، ولكنه كان المكلّف السري بأخطر الملفات السياسية والاستخباراتية لدى جماعة الحوثي، إذ كُلّف بمهام وكيل الشؤون الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، حتى تعيين المدعو حسن الكحلاني بالمنصب نفسه، وترقية أبو راس لتولي ملف التوسّع الخارجي والقرن الأفريقي، بتوصية واتفاق مباشر بين عبد الملك الحوثي وقيادة «الحرس الثوري» الإيراني.

الحوثيون يطمحون إلى التحول إلى لاعب دولي ضمن المحور الذي تقوده إيران في المنطقة (أ.ب)

وإلى جانب أبو راس يأتي القيادي حسن أحمد الكحلاني، المُعين في منصب وكيل قطاع العمليات الخارجية في جهاز الأمن والمخابرات التابع للحوثيين، والمعروف بكنيته «أبو شهيد»، وهو من مواليد 1984 في محافظة حجة، ويُعد من القيادات الحوثية الأمنية البارزة؛ إذ نشأ في بيئة حوثية بين صعدة وصنعاء، والتحق بالجماعة في سن مبكّرة.

ويشير التقرير إلى أن الكحلاني كان من خلية صنعاء الإرهابية التي نفّذت عدّة تفجيرات واغتيالات عقب مقتل مؤسّس الجماعة حسين الحوثي في 2004، كما كان من القيادات التي تولت دخول صنعاء في سبتمبر (أيلول) 2014، وتولّى قيادة المجموعة التي أصدرت توجيهاً بمنع طائرة أمريكية من الإقلاع من مطار صنعاء، بحجة تفتيشها قبل المغادرة. وعقب هذا الحادث، جرى اغتيال والده في أكتوبر (تشرين الأول) 2014 على أيدي مسلّحين مجهولين يستقلون دراجة نارية في صنعاء.

ويعمل حسن الكحلاني حالياً - وفق المنصة - تحت إشراف عبد الواحد أبو راس، ويعرف ارتباطه الوثيق بـ«الحرس الثوري» الإيراني، ويحاول عبر هذه العلاقة فرض نفسه باعتباره الرجل الأول في جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، الأمر الذي يعكس حالة من الصراع بينه وبين عبد الحكيم الخيواني رئيس الجهاز.

قيادات في ملف التوسع

يشير تقرير المنصة اليمنية إلى القيادي الحوثي أدهم حميد عبد الله العفاري (أبو خليل) ويذكر أنه المختص في ملف الجاليات الأفريقية الموجودة في اليمن، خصوصاً في صنعاء، إذ كُلّف بمهام التواصل المستمر والتنسيق برؤساء الجاليات (إثيوبية- صومالية - إريترية - سودانية - جيبوتية).

عناصر حوثيون في صنعاء خلال تجمع حاشد دعا له زعيمهم (أ.ف.ب)

كما يعمل العفاري على حشد العناصر الأفريقية وإلحاقهم بالدورات العسكرية والثقافية، وبعدها يجري توزيعهم على جبهات (الساحل الغربي - مأرب - الحدود - تعز)، وفي مهام استخباراتية داخل بلدانهم.

وإلى ذلك يعد العفاري، المسؤول عن التنسيق مع النقاط الأمنية التابعة للحوثيين لإدخال العناصر الأفريقية إلى مناطق الحوثيين، ويتولى أيضاً مهام أخرى، أبرزها صرف المخصّصات المالية للعناصر الأفريقية.

أما الشخص الرابع المسؤول عن ملف التوسّع الخارجي الحوثي إلى القرن الأفريقي فهو أسامة حسن أحمد المأخذي، واسمه الحركي (أبو شهيد)، وهو - وفق التقرير - أحد العناصر الحوثية العاملة في جهاز الأمن والمخابرات، وملف المسار الأفريقي، وتتلخّص مهمته في التنسيق مع الشخصيات الأفريقية المؤثّرة في كل من (الصومال - إثيوبيا - إريتريا - جيبوتي - السودان) من أجل حشدهم لتدريبهم وتأهيلهم، وإلحاقهم بصفوف ميليشيا الحوثي، بصفتهم مقاتلين وعاملين في الدول القادمين منها، وبصفتهم عناصر استخباراتية، تقوم بمهام مختلفة، منها نشر الفكر الحوثي، والقيام بالعمليات الاستخباراتية، وتهريب الأسلحة، والاتجار بالبشر، ونقل المخدرات عبر البحر من وإلى القرن الأفريقي واليمن.

الجماعة الحوثية متهمة بتجنيد اللاجئين الأفارقة بالترغيب والترهيب (الأمم المتحدة)

إلى ذلك أورد التقرير أسماء 16 شخصية أفريقية، هم أبرز المتعاونين مع الجماعة الحوثية للتوسع في القرن الأفريقي، يتصدرهم، تاجو شريف، وهو مسؤول عن الجالية الإثيوبية في صنعاء، والتحق بدورات ثقافية حوثية، ويعمل على استقطاب وتجنيد عناصر أفريقية لصالح العمل العسكري والاستخباراتي الحوثي.

ويرى التقرير في توصياته أن التوسع الحوثي في القرن الأفريقي يمثل تهديداً كبيراً يستدعي تحركاً دولياً وإقليمياً عاجلاً، من خلال خطة رادعة متكاملة توقف التوسع والنشاط الخارجي بشكل كامل، وبما يعزز الاستقرار والأمن في المنطقة.