مطالبات بإنقاذ مبانٍ تاريخية في بنغازي الليبية

مؤسسات فنية وثقافية بعضها يعود إلى عهد الملكية

مطالبات بإنقاذ مبانٍ تاريخية في بنغازي الليبية
TT

مطالبات بإنقاذ مبانٍ تاريخية في بنغازي الليبية

مطالبات بإنقاذ مبانٍ تاريخية في بنغازي الليبية

وسط ركام الحرب التي شهدتها ليبيا، طيلة العقد الماضي، تقف مبانٍ تاريخية في بنغازي (ألف كيلومتر شرق طرابلس)، شاهدة على ما خلفته أعمال العنف من تخريب. لكن هذه الشواهد تواجه، اليوم، عمليات إزالة تبدد آمال الترميم التي ينادي بها خبراء وأكاديميون ومنظمات مدنية.
ووسط تداول صور لمبانٍ متداعية تحت أسنة الجرافات، استيقظ الليبيون، الأربعاء، على بيان من أحزاب ومنظمات مدنية عدة، منها: الحزب المدني الديمقراطي، ومنتدى بنغازي الثقافي، يطالب بالإيقاف الفوري للأعمال التي تستهدف المباني التاريخية، وتوضيح برنامج إعادة الإعمار وأهدافه، وحفظ وحماية المباني التاريخية، والاستعانة بالخبرات الوطنية في مجال الآثار والتراث.
كما يدعو البيان إلى التنسيق، من خلال لجنة مشتركة محايدة، لحماية هذا الموروث المعماري، وعدم الإخلال بالتشريعات الوطنية، والقرارات الصادرة عن منظومة اليونيسكو الخاصة بالمباني التاريخية والقديمة.
وبالمثل، أصدر مركز «إيكروم» الإقليمي في الشارقة، المعني بحماية التراث الثقافي في المنطقة العربية، بياناً، حول أعمال الإزالات الجارية في ثاني أكبر مدينة ليبية. وفي حين أشاد المركز بالهوية الفريدة لمدينة بنغازي القديمة التي يعود تاريخ تأسيسها إلى العام 515 قبل الميلاد، ناشد الجهات المسؤولة عن إعادة الإعمار، بحماية ما تبقى من المركز التاريخي للمدينة، ووقف عمليات الهدم. وطالب البيان، بالاعتماد في إعادة الإعمار على مشروعات متجذرة في المكان الذي يحمل الذاكرة والهوية المشتركة للمجتمع، مشددا على أهمية حفظ وصون الحقبات التاريخية والنسيج العمراني الموروث.

خطوة مفاجئة
وينتقد معارضو تلك الإزالات تنفيذها بشكل مفاجئ في بداية شهر رمضان الحالي «دون عرض خطة واضحة، أو أي مشاركة فاعلة من قبل سكان المدينة والخبراء»، كما يقول أحمد جعودة، أستاذ تخطيط المدن بقسم الجغرافيا في كلية الآداب بجامعة بنغازي.
ويضيف الأكاديمي الليبي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «طالبنا بالإيقاف الفوري لتلك الأعمال، وخصوصاً أن تاريخ المباني التي تمت إزالتها يرجع للعهدين العثماني والإيطالي، والعمارة العربية الإسلامية». ويشير إلى أن المحتجين سوف يقدمون وثيقة بمطالبهم إلى الجهات المعنية كافة، بما فيها النائب العام، ورئاسة مجلس النواب الليبي.
وحول طبيعة المباني التي طالتها أعمال الهدم، يوضح «جعودة» أنها شملت منشآت تحمل صفة تاريخية، مثل سينما برنيتشي، التي يعود تاريخها إلى العام 1928، بالإضافة إلى مبنى يُعرف بـ«سوق الحوت»، الذي يتميز بعمارة فريدة، ونقوش فنية تحمل ملامح العهد الإغريقي، حيث يوجد في أعمدة مدخله نقش لـ«شجرة تفاح»، وهو أول شعار لبلدية بنغازي، حسب المصدر نفسه.
كما تشمل المباني التي طالها الهدم ما يُعرف بـ«بيت الكيخيا»، الذي تعود ملكيته إلى عائلة عريقة تبرعت به ليصبح بيتاً للثقافة، بعدما كان مملوكاً لرئيس مجلس النواب الليبي في عهد المملكة الليبية (عمر باشا الكيخيا).

خطأ المجلس البلدي
من جانبها، تشير ابتسام اغفير، رئيسة تحرير صحيفة «الليبي اليوم»، إلى أنه لدى مرورها بالشوارع التي تشهد أعمال الهدم، وجدت «عمارات يصعب تخيل إمكانية ترميمها، أو صيانتها بعدما عبثت بها يد الحرب». وتضيف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «لكن هناك مباني كان لا بد من التريث قبل هدمها، مثل سينما برنيتشي»، معتبرة أن المجلس البلدي بالمدينة «وقع في خطأ حين لم ينظم مؤتمراً صحافياً يجيب فيه عن تساؤلات المواطنين المطروحة اليوم حول عمليات الهدم».
وفي المقابل، لم يصدر عن الجهات الرسمية المحلية، أي رد في مواجهة الانتقادات التي طالت أعمال الإزالات في أحياء وشوارع بنغازي.



أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
TT

أوضاع متردية يعيشها الطلبة في معاقل الحوثيين

طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)
طلبة يمنيون في مناطق سيطرة الحوثيين يتعرضون للشمس والبرد والمطر (الأمم المتحدة)

قدَّم تقرير أممي حديث عن أوضاع التعليم في مديرية رازح اليمنية التابعة لمحافظة صعدة؛ حيثُ المعقل الرئيسي للحوثيين شمالي اليمن، صورة بائسة حول الوضع الذي يعيش فيه مئات من الطلاب وهم يقاومون من أجل الاستمرار في التعليم، من دون مبانٍ ولا تجهيزات مدرسية، بينما يستخدم الحوثيون كل عائدات الدولة لخدمة قادتهم ومقاتليهم.

ففي أعماق الجبال المرتفعة في المديرية، لا يزال الأطفال في المجتمعات الصغيرة يواجهون التأثير طويل الأمد للصراعات المتكررة في المحافظة، والتي بدأت منتصف عام 2004 بإعلان الحوثيين التمرد على السلطة المركزية؛ إذ استمر حتى عام 2010، ومن بعده فجَّروا الحرب الأخيرة التي لا تزال قائمة حتى الآن.

الطلاب اليمنيون يساعدون أسرهم في المزارع وجلب المياه من بعيد (الأمم المتحدة)

وفي المنطقة التي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال رحلة برية تستغرق ما يقرب من 7 ساعات من مدينة صعدة (مركز المحافظة)، تظل عمليات تسليم المساعدات والوصول إلى الخدمات الأساسية محدودة، وفقاً لتقرير حديث وزعته منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)؛ إذ بينت المنظمة فيه كيف يتحمل الأطفال بشكل خاص وطأة الفرص التعليمية المحدودة، والمرافق المدرسية المدمرة.

مدرسة من دون سقف

وأورد التقرير الأممي مدرسة «الهادي» في رازح باعتبارها «مثالاً صارخاً» لتلك الأوضاع، والتي لا تزال تخدم مئات الطلاب على الرغم من الدمار الذي تعرضت له أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين، أثناء التمرد على السلطة المركزية؛ حيث تُركت هياكل خرسانية من دون سقف أو جدران.

ويؤكد مدير المدرسة -وفق تقرير «اليونيسيف»- أنها منذ أن أصيبت ظلت على هذه الحال، من ذلك الوقت وحتى الآن. ويقول إنهم كانوا يأملون أن يتم بناء هذه المدرسة من أجل مستقبل أفضل للطلاب، ولكن دون جدوى؛ مشيراً إلى أن بعض الطلاب تركوا الدراسة أو توقفوا عن التعليم تماماً.

مدرسة دُمّرت قبل 15 سنة أثناء تمرد الحوثيين على السلطة المركزية (الأمم المتحدة)

ويجلس الطلاب على أرضيات خرسانية من دون طاولات أو كراسي أو حتى سبورة، ويؤدون الامتحانات على الأرض التي غالباً ما تكون مبللة بالمطر. كما تتدلى الأعمدة المكسورة والأسلاك المكشوفة على الهيكل الهش، مما يثير مخاوف من الانهيار.

وينقل التقرير عن أحد الطلاب في الصف الثامن قوله إنهم معرضون للشمس والبرد والمطر، والأوساخ والحجارة في كل مكان.

ويشرح الطالب كيف أنه عندما تسقط الأمطار الغزيرة يتوقفون عن الدراسة. ويذكر أن والديه يشعران بالقلق عليه حتى يعود إلى المنزل، خشية سقوط أحد الأعمدة في المدرسة.

ويقع هذا التجمع السكاني في منطقة جبلية في حي مركز مديرية رازح أقصى غربي محافظة صعدة، ولديه مصادر محدودة لكسب الرزق؛ حيث تعمل أغلب الأسر القريبة من المدرسة في الزراعة أو الرعي. والأطفال -بمن فيهم الطلاب- يشاركون عائلاتهم العمل، أو يقضون ساعات في جلب المياه من بعيد، بسبب نقص مصادر المياه الآمنة والمستدامة القريبة، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على الطلاب.

تأثير عميق

حسب التقرير الأممي، فإنه على الرغم من التحديات والمخاوف المتعلقة بالسلامة، يأتي نحو 500 طالب إلى المدرسة كل يوم، ويحافظون على رغبتهم القوية في الدراسة، في حين حاول الآباء وأفراد المجتمع تحسين ظروف المدرسة، بإضافة كتل خرسانية في أحد الفصول الدراسية، ومع ذلك، فإن الدمار هائل لدرجة أن هناك حاجة إلى دعم أكثر شمولاً، لتجديد بيئة التعلم وإنشاء مساحة مواتية وآمنة.

واحد من كل 4 أطفال يمنيين في سن التعليم خارج المدرسة (الأمم المتحدة)

ويشير تقرير «يونيسيف»، إلى أن للصراع وانهيار أنظمة التعليم تأثيراً عميقاً على بيئة التعلم للأطفال في اليمن؛ حيث تضررت 2426 مدرسة جزئياً أو كلياً، أو لم تعد تعمل، مع وجود واحد من كل أربعة طلاب في سن التعليم لا يذهبون إلى المدرسة، كما يضطر الذين يستطيعون الذهاب للمدرسة إلى التعامل مع المرافق غير المجهزة والمعلمين المثقلين بالأعباء، والذين غالباً لا يتلقون رواتبهم بشكل منتظم.

وتدعم المنظمة الأممية إعادة تأهيل وبناء 891 مدرسة في مختلف أنحاء اليمن، كما تقدم حوافز لأكثر من 39 ألف معلم لمواصلة تقديم التعليم الجيد، ونبهت إلى أنه من أجل ترميم أو بناء بيئة مدرسية أكثر أماناً للأطفال، هناك حاجة إلى مزيد من الموارد.