أزمة جديدة في سجل الخلافات بين تركيا وفرنسا

أنقرة ترفض تكريم مجلس الشيوخ عناصر من وحدات «حماية الشعب» الكردية

TT

أزمة جديدة في سجل الخلافات بين تركيا وفرنسا

جددت استضافة مجلس الشيوخ الفرنسي أعضاء في وحدات «حماية الشعب» الكردية التي تشكل غالبية قوام «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) والتي تعتبرها تركيا امتداداً لحزب «العمال الكردستاني» في سوريا، وتكريمهم بميداليات شرف، الأزمات التي تتسم بها العلاقات التركية- الفرنسية التي تنطوي على كثير من الملفات الخلافية.
واحتجت تركيا رسمياً لدى فرنسا عبر الطرق الدبلوماسية، وأبلغت الخارجية التركية السفير الفرنسي في أنقرة هيرفي ماغرو الذي استدعته إلى مقرها، احتجاج أنقرة على استضافة مجلس الشيوخ أعضاء من «الوحدات الكردية» التي تعدها تركيا تنظيماً إرهابياً يشكل امتداداً في سوريا لحزب «العمال الكردستاني»، المصنف منظمةً إرهابيةً في كل من تركيا وأوروبا والولايات المتحدة.
وعبّرت الخارجية التركية عن إدانة تركيا الشديدة لاستضافة أعضاء «الوحدات الكردية»، ومنحهم «ميداليات شرف»، وتطلعها إلى اتخاذ السلطات الفرنسية خطوات في إطار مكافحة الإرهاب، وعدم السماح لـ«مساعي شرعنة تنظيم في سوريا يعد امتداداً للعمال الكردستاني الإرهابي».
وطلبت الخارجية التركية من السفير الفرنسي أن يؤكد لحكومته ضرورة التعاون في «دعم حماية الحدود التركية وأمن المواطنين الأتراك، وحماية وحدة الأراضي السورية، والتصرف بما يتلاءم مع روح التحالف في حلف شمال الأطلسي (الناتو)».
وذكرت وكالة «الأناضول» التركية، نقلاً عن مصادر في الخارجية، أن السفير التركي في باريس سيبلغ السلطات الفرنسية المعنية رفض تركيا الشديد لما جرى في مجلس الشيوخ.
وبعد ساعات من استدعاء السفير الفرنسي من جانب الخارجية التركية، عبّرت وزارة الدفاع التركية، في بيان، الثلاثاء، عن استيائها من استضافة مجلس الشيوخ الفرنسي أعضاءً من «تنظيم الوحدات الكردية الإرهابي»، معتبرة أن هذا التصرف من جانب مجلس الشيوخ ألقى بظلاله على هيبة البرلمان الفرنسي، كما أن هذه الخطوة تتعارض مع روح التحالف، وتفرغ حرب حلف «الناتو» ضد الإرهاب من مضمونها.
وشدد البيان على أن القوات المسلحة التركية ستواصل قتالها ضد جميع التنظيمات الإرهابية دون انقطاع.
بدوره، أعرب رئيس البرلمان التركي، مصطفى شنطوب، عن استيائه من استضافة مجلس الشيوخ الفرنسي أعضاء «الوحدات الكردية» وتكريمهم. وقال عبر «تويتر» إن «استضافة تنظيم إرهابي انفصالي يهدد الأمن القومي لتركيا في مجلس الشيوخ الفرنسي، أمر خطير للغاية؛ لكنه ليس مفاجئاً، فقد سبق لفرنسا أن أقامت علاقات مع تنظيمات إرهابية، وبخاصة (داعش)، سواء بشكل علني أو خفي».
وأضاف: «بصفتي رئيساً للبرلمان التركي، أقول إن استضافة برلمان أي بلد لأعضاء تنظيم إرهابي يضعف سمعة تلك المؤسسة».
وشهدت العلاقات التركية- الفرنسية توتراً شديداً على خلفية عملية «نبع السلام» العسكرية التي شنتها تركيا في شمال شرقي سوريا في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، ضد مواقع «قسد» التي تُعدّ وحدات «حماية الشعب» الكردية أكبر مكوناتها، وتعتبرها فرنسا والولايات المتحدة حليفاً وثيقاً في الحرب على «داعش» في سوريا.
وبسبب تلك العملية، وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حلف «الناتو» بأنه يعاني «موتاً دماغياً»، وطالبه بإخراج تركيا من عضويته. ورد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان مطالباً ماكرون بعرض نفسه على الطبيب، ليتأكد من أنه ليس هو المصاب بموت دماغي.
وتنطوي العلاقات التركية- الفرنسية على ملفات خلافية عميقة ومزمنة، أهمها تأييد فرنسا مزاعم الإبادة الجماعية للأرمن على يد الدولة العثمانية في 1915، ورفضها انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، ومطالبتها بالاكتفاء بمنحها شراكة مميزة، ومعارضتها عمليات تركيا في سوريا وليبيا، ودعمها لليونان في الخلاف مع تركيا على موارد الطاقة في شرق البحر المتوسط، ودعمها لأرمينيا في الحرب مع أذربيجان حول ناغورني قره باغ في عام 2020، فضلاً عن العلاقة التنافسية بين البلدين في أفريقيا.


مقالات ذات صلة

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

شؤون إقليمية أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

أنقرة تستبق «رباعي موسكو» بمطالبة دمشق بموقف واضح تجاه قضايا التطبيع

استبقت تركيا انعقاد الاجتماع الرباعي لوزراء خارجيتها وروسيا وإيران وسوريا في موسكو في 10 مايو (أيار) الحالي في إطار تطبيع مسار العلاقات مع دمشق، بمطالبتها نظام الرئيس بشار الأسد بإعلان موقف واضح من حزب «العمال الكردستاني» والتنظيمات التابعة له والعودة الطوعية للاجئين والمضي في العملية السياسية. وقال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين إن بلاده تتوقع موقفاً واضحاً من دمشق حيال «تنظيم حزب العمال الكردستاني الإرهابي» والتنظيمات التابعة له، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي تنظر إليها أنقرة على أنها امتداد لـ«العمال الكردستاني» في سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية خصوم إردوغان يتهمونه بـ«مفاوضة» أوجلان في سجنه طلباً لأصوات كردية

خصوم إردوغان يتهمونه بـ«مفاوضة» أوجلان في سجنه طلباً لأصوات كردية

واجه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان ادعاءً جديداً من خصومه في المعارضة، بشأن إرساله مبعوثين للتفاوض مع زعيم «حزب العمال الكردستاني» السجين مدى الحياة، عبد الله أوجلان، من أجل توجيه رسالة للأكراد للتصويت لصالحه في الانتخابات الرئاسية المقررة في 14 مايو (أيار) الحالي. وقالت رئيسة حزب «الجيد» المعارض، ميرال أكشنار، إن إردوغان أرسل «شخصية قضائية» إلى أوجلان في محبسه، وإنها تعرف من الذي ذهب وكيف ذهب، مشيرة إلى أنها لن تكشف عن اسمه لأنه ليس شخصية سياسية. والأسبوع الماضي، نفى المتحدث باسم الرئاسة التركية، إعلان الرئيس السابق لحزب «الشعوب الديمقراطية» السجين، صلاح الدين دميرطاش، أن يكون إردوغان أرسل وف

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية دخول تركيا «النادي النووي» مهم... وزوال مخاوف «تشيرنوبل» مسألة وقت

دخول تركيا «النادي النووي» مهم... وزوال مخاوف «تشيرنوبل» مسألة وقت

<div>دفع إقدام تركيا على دخول مجال الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء عبر محطة «أككويو» التي تنشئها شركة «روساتوم» الروسية في ولاية مرسين جنوب البلاد، والتي اكتسبت صفة «المنشأة النووية» بعد أن جرى تسليم الوقود النووي للمفاعل الأول من مفاعلاتها الأربعة الخميس الماضي، إلى تجديد المخاوف والتساؤلات بشأن مخاطر الطاقة النووية خصوصاً في ظل بقاء كارثة تشيرنوبل ماثلة في أذهان الأتراك على الرغم من مرور ما يقرب من 40 عاما على وقوعها. فنظراً للتقارب الجغرافي بين تركيا وأوكرانيا، التي شهدت تلك الكارثة المروعة عام 1986، ووقوعهما على البحر الأسود، قوبلت مشروعات إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية باعتراضات شديدة في البد</div>

شؤون إقليمية أنقرة: وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يجتمعون في 10 مايو

أنقرة: وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يجتمعون في 10 مايو

قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، اليوم الأربعاء، إن اجتماع وزراء خارجية تركيا وسوريا وروسيا قد يُعقَد بموسكو، في العاشر من مايو (أيار)، إذ تعمل أنقرة ودمشق على إصلاح العلاقات المشحونة. كان جاويش أوغلو يتحدث، في مقابلة، مع محطة «إن.تي.في.»

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية «أككويو» تنقل تركيا إلى النادي النووي

«أككويو» تنقل تركيا إلى النادي النووي

أصبحت تركيا رسمياً عضواً في نادي الدول النووية بالعالم بعدما خطت أولى خطواتها لتوليد الكهرباء عبر محطة «أككويو» النووية التي تنفذها شركة «روسآتوم» الروسية في ولاية مرسين جنوب البلاد. ووصف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خطوة تزويد أول مفاعل من بين 4 مفاعلات بالمحطة، بـ«التاريخية»، معلناً أنها دشنت انضمام بلاده إلى القوى النووية في العالم، مشيراً إلى أن «أككويو» هي البداية، وأن بلاده ستبني محطات أخرى مماثلة. على ساحل البحر المتوسط، وفي حضن الجبال، تقع محطة «أككويو» النووية لتوليد الكهرباء، التي تعد أكبر مشروع في تاريخ العلاقات التركية - الروسية.


إيطاليا تعين سفيراً لدى سوريا

وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

إيطاليا تعين سفيراً لدى سوريا

وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)
وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني (أرشيفية - إ.ب.أ)

أعلن وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني، الجمعة، أن بلاده قررت تعيين سفير لدى سوريا «لتسليط الضوء» عليها، ما يجعل إيطاليا أول دولة من مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى التي تستأنف عمل بعثتها الدبلوماسية في دمشق منذ أن عصفت حرب أهلية بالبلاد.

استدعت إيطاليا جميع الموظفين من سفارتها بدمشق عام 2012، وعلقت النشاط الدبلوماسي في سوريا احتجاجاً على «العنف غير المقبول» من حكومة الرئيس بشار الأسد ضد المواطنين.

واستعاد الأسد السيطرة على معظم سوريا بعد أن ساعدته إيران وروسيا على هزيمة جماعات من المعارضة المسلحة، تحركت ضده قبل 13 عاماً، مما أدى إلى حرب راح ضحيتها مئات الآلاف ودفعت ملايين من اللاجئين صوب أوروبا.

وتم الإعلان عن تعيين المبعوث الخاص حالياً لوزارة الخارجية إلى سوريا، ستيفانو رافاجنان، سفيراً. وقال تاياني لوكالة «رويترز» إنه من المقرر أن يتولى منصبه قريباً.

أرسلت إيطاليا و7 دول أخرى في الاتحاد الأوروبي، الأسبوع الماضي، رسالة إلى مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد، جوزيب بوريل، تطلب أن يلعب التكتل دوراً أكثر فاعلية في سوريا.

وجاء في الرسالة التي اطلعت عليها «رويترز»: «لا يزال السوريون يغادرون بأعداد كبيرة، مما يزيد من الضغوط على الدول المجاورة، في فترة يتصاعد فيها التوتر في المنطقة، ما ينذر بخطر موجات جديدة من اللاجئين».

وإلى جانب إيطاليا، وقّعت النمسا وقبرص وجمهورية التشيك واليونان وكرواتيا وسلوفينيا وسلوفاكيا على الرسالة. وعبّرت عن أسفها إزاء «الوضع الإنساني» في البلاد الذي «زاد تدهوراً» في ظل بلوغ اقتصادها «حالة يرثى لها».

وقال تاياني، الجمعة: «كلف بوريل دائرة العمل الخارجي الأوروبي بدراسة ما يمكن القيام به»، مضيفاً أن تعيين سفير جديد «يتماشى مع الرسالة التي أرسلناها إلى بوريل... لتسليط الضوء على سوريا».

هناك 6 سفارات لدول في الاتحاد الأوروبي مفتوحة في الوقت الحالي بدمشق، وهي سفارات رومانيا وبلغاريا واليونان وقبرص وجمهورية التشيك والمجر. ولم تُقْدم باقي دول مجموعة السبع بعد، وهي الولايات المتحدة واليابان وبريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا، على خطوة إعادة تعيين سفراء لها لدى سوريا.