مينسك تدافع عن نشر أسلحة نووية روسية على أراضيها

الدبابات الثقيلة الغربية تنهال على أوكرانيا

زيلينسكي داخل خندق في منطقة سومي الأوكرانية قرب الحدود مع روسيا أمس (رويترز)
زيلينسكي داخل خندق في منطقة سومي الأوكرانية قرب الحدود مع روسيا أمس (رويترز)
TT

مينسك تدافع عن نشر أسلحة نووية روسية على أراضيها

زيلينسكي داخل خندق في منطقة سومي الأوكرانية قرب الحدود مع روسيا أمس (رويترز)
زيلينسكي داخل خندق في منطقة سومي الأوكرانية قرب الحدود مع روسيا أمس (رويترز)

رفض الكرملين الانتقادات الغربية لنشر الأسلحة النووية الروسية على أراضي حليفتها بيلاروسيا، فيما دافعت مينسك عن القرار قائلة إن ذلك جاء نتيجة الضغوطات الغربية التي تواجهها، قائلة إنها بذلك لا تنتهك المعاهدات الدولية بهذا الخصوص، كون مفاتيح أسلحة الدمار الشامل تتحكم فيها موسكو. وأكد الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف أن روسيا لن تغير مشروعها لنشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا، مضيفاً أمام صحافيين: «بطبيعة الحال، إن ردود فعل كهذه لا يمكن أن يكون لها تأثير على خطط روسيا». وبدورها، دافعت مينسك عن الخطط، وعدّتها مساهمة روسية لتعزيز أمن البلاد بسبب التهديدات الغربية التي تواجهها. وقالت وزارة الخارجية البيلاروسية، في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني، إن مينسك تشعر بالقلق إزاء الضغوط غير المسبوقة من حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ودول الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، وبريطانيا عليها. وأضاف البيان أن «بيلاروسيا تتخذ تدابير مضادة إجبارية لتعزيز أمنها وقدراتها الدفاعية». وأكد أن مينسك لا تنتهك معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية بذلك؛ لأن روسيا تحتفظ بالسيطرة الكاملة على هذه الأسلحة، وأن بيلاروسيا لن تتمكن من الوصول إلى تقنيات إنتاج مثل هذه الأسلحة.
وأعادت الولايات المتحدة التأكيد على أنه ما من سبب يدفعها إلى الظن أن روسيا تستعد لاستخدام السلاح النووي، منددة في الوقت نفسه بالإعلان الروسي. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل: «إنّه أحدث مثال للخطاب التهديدي النووي غير المسؤول» من جانب روسيا. وتابع: «لم يشر أي بلد آخر إلى احتمال استخدام السلاح النووي في هذا النزاع»، مذكّراً بأنّ «ما من بلد هدّد روسيا» أو «الرئيس بوتين».
وقد أكّدت وزارة الدفاع الروسية، الثلاثاء، أنها أسقطت صاروخاً أميركياً بعيد المدى من طراز «جي إل إس دي بي»، في أول تأكيد على تسليم هذه الأسلحة إلى أوكرانيا. ويتزامن الإعلان الروسي مع بدء تسلم كييف أولى الدبابات الثقيلة من بريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة، التي وُعدت بها كييف منذ مطلع السنة في الوقت المناسب، تزامناً مع هجوم الربيع الذي تخطط القوات الأوكرانية لشنه.
وقالت موسكو إن قواتها للدفاع الجوي اعترضت صاروخاً موجهاً بقنبلة من نوع «جي إل إس دي بي» أطلقته القوات الأوكرانية في الساعات الأربع والعشرين الماضية، وأفادت وكالات أنباء روسية بأن هذه هي المرة الأولى التي تعلن فيها وزارة الدفاع اعتراض قنبلة «جي إل إس دي بي»، أي القنبلة ذات القطر الصغير التي تطلق من الأرض، والتي يطلق عليها اسم «القنبلة الذكية»، منذ أن أرسلتها الولايات المتحدة إلى أوكرانيا في وقت سابق من هذا العام.
وأعلن وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف أن دبابات بريطانية وأميركية وألمانية، انضمت إلى الوحدات الأوكرانية». ونشر كذلك صورة لهذه الآليات من دون أن يحدد التاريخ الذي تسلمت فيه كييف هذه الدبابات. وأكدت ناطقة باسم الوزارة الأوكرانية إيرينا زولوتار، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن دبابات «تشالنجر» البريطانية «أصبحت في أوكرانيا» من دون أن تحدد عددها.
وقال وزير الدفاع البريطاني بن والاس: «إنه أمر ملهم حقاً، أن نشهد تصميم الجنود الأوكرانيين على إتمام تدريباتهم على دبابات (تشالنجر 2) البريطانية على الأراضي البريطانية». وأضاف: «إنهم يعودون إلى وطنهم مجهزين بشكل أفضل لمواجهة الأخطار الكبيرة. سنواصل الوقوف إلى جانبهم، وبذل كل ما بوسعنا لدعم أوكرانيا، مهما استغرق الأمر». وقال الكولونيل جون ستون، الذي أشرف على مهمة التدريب إن المدربين البريطانيين «أعجبوا بشدة بمستوى الكفاءة الذي أظهرته» الأطقم الأوكرانية.
وأكدت وزارة الدفاع الألمانية وصول 18 دبابة قتالية ألمانية من طراز «ليوبارد 2» إلى أوكرانيا. وكانت برلين قد تعهدت بتزويد كييف بهذا النوع من الدبابات، لدعمها في حربها ضد روسيا. ووافقت ألمانيا في يناير (كانون الثاني) على توريد الدبابات، التي تعد من بين الأفضل في ترسانة الغرب، متغلبة على المخاوف بشأن إرسال أسلحة ثقيلة تقول كييف إنها حاسمة لهزيمة روسيا، لكن موسكو تعدها استفزازاً خطيراً. وكتب وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس على «تويتر»: «أنا متأكد من أنها تستطيع تقديم مساهمة حاسمة على الجبهة». وقال مصدر أمني إنه إلى جانب 18 دبابة قتالية، وصلت إلى أوكرانيا 40 مركبة مشاة مقاتلة ألمانية من طراز «ماردر» ومدرعتان.
وقام الجيش الألماني بتدريب أطقم الدبابات الأوكرانية، وكذلك القوات المخصصة لتشغيل مركبات «ماردر» لعدة أسابيع، في ساحات التدريب في شمال ألمانيا. وإلى جانب المركبات الألمانية، وصلت أيضاً ثلاث دبابات «ليوبارد» تبرعت بها البرتغال إلى أوكرانيا، وفقاً للمصدر الأمني.
وقد أفاد مصدر في مجلس النواب الألماني، الثلاثاء، لوكالة الصحافة الفرنسية أنّ لجنة الموازنة في «البوندستاغ» ستقرّ الأربعاء زيادة كبيرة في المساعدات العسكرية الألمانية لأوكرانيا. وستصوّت اللجنة على تخصيص مبلغ إجمالي قدره 12 مليار يورو، ستتوزّع في آن معاً على تزويد كييف بإمدادات عسكرية، وعلى إعادة ملء مخازن الجيش الألماني بالأسلحة والذخيرة، بعدما أُفرغ قسم كبير من هذا المخزون خلال العام الماضي، لمدّ كييف بالأسلحة والذخيرة.
وترى الدول الغربية أن أوكرانيا تملك حق الدفاع عن نفسها، لكن بعضها يتردد في تسليمها أسلحة قد تتسبب بتصعيد النزاع، من خلال منح أوكرانيا القدرة على ضرب الأراضي الروسية. وسلمت سلوفاكيا قبل فترة قصيرة أربع طائرات «ميغ - 29» لأوكرانيا، فيما وعدت بولندا بالقيام بذلك.


مقالات ذات صلة

أوكرانيا تتهم روسيا بـ«ممارسات تنم عن إبادة» في استخدامها الألغام

أوروبا المسؤول بوزارة الدفاع الأوكرانية أولكسندر ريابتسيف (يمين) خلال مؤتمر قمة سيام ريب - أنغكور حول عالم خالٍ من الألغام في مقاطعة سيام ريب بكمبوديا 26 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

أوكرانيا تتهم روسيا بـ«ممارسات تنم عن إبادة» في استخدامها الألغام

قال ممثل لوزارة الدفاع الأوكرانية، إن روسيا تقوم ﺑ«ممارسات تنم عن إبادة» من خلال استخدام الألغام المضادة للأفراد في أوكرانيا، وذلك خلال قمة دولية في كمبوديا.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس بعد لقائهما في أثينا الثلاثاء 26 نوفمبر 2024 (أ.ب)

أمين عام «الناتو»: الحلف «يحتاج إلى الذهاب أبعد» في دعمه أوكرانيا

قال الأمين العام الجديد لحلف شمال الأطلسي مارك روته، الثلاثاء، إن الحلف «يحتاج إلى الذهاب أبعد» لدعم أوكرانيا في حربها ضد الغزو الروسي.

«الشرق الأوسط» (أثينا)
أوروبا أضرار في موقع هجوم صاروخي روسي ضرب مبنى إدارياً لبنك متوقف عن العمل جنوب غربي أوكرانيا 25 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

روسيا تستهدف البنية التحتية الأوكرانية بأكبر هجوم مسيّرات منذ بدء الحرب

قال مسؤولون أوكرانيون، الثلاثاء، إن القوات الروسية شنّت أكبر هجوم لها على الإطلاق بطائرات مسيّرة على أوكرانيا الليلة الماضية.

«الشرق الأوسط» (كييف)
أوروبا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره الصيني شي جينبينغ (رويترز)

تقرير: الاتحاد الأوروبي يدرس فرض عقوبات على شركات صينية تدعم روسيا

كشف تقرير صحافي أن الاتحاد الأوروبي يدرس فرض عقوبات على عدة شركات صينية يُزعم أنها ساعدت شركات روسية في تطوير طائرات مسيرة هجومية تم استخدامها ضد أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (بروكسل )
أوروبا مدير جهاز المخابرات الخارجية الروسية سيرغي ناريشكين (أرشيفية - رويترز)

مدير المخابرات الروسية: نرغب في «سلام راسخ وطويل الأمد» في أوكرانيا

قال مدير جهاز المخابرات الخارجية الروسية إن بلاده تعارض تجميد الصراع في أوكرانيا؛ لأن موسكو بحاجة إلى «سلام راسخ وطويل الأمد».

«الشرق الأوسط» (موسكو)

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.