الفلسطينيون يتابعون احتمال سقوط «أسوأ حكومة» إسرائيلية منذ 30 عاماً

تل أبيب قلقة من «اتحاد أعدائها» وسط الفوضى

القوات الإسرائيلية تشدد إجراءاتها على حاجز حوارة جنوب نابلس خوفاً من استغلال الوضع (وفا)
القوات الإسرائيلية تشدد إجراءاتها على حاجز حوارة جنوب نابلس خوفاً من استغلال الوضع (وفا)
TT

الفلسطينيون يتابعون احتمال سقوط «أسوأ حكومة» إسرائيلية منذ 30 عاماً

القوات الإسرائيلية تشدد إجراءاتها على حاجز حوارة جنوب نابلس خوفاً من استغلال الوضع (وفا)
القوات الإسرائيلية تشدد إجراءاتها على حاجز حوارة جنوب نابلس خوفاً من استغلال الوضع (وفا)

لا يعقب الفلسطينيون بشكل رسمي على التطورات الدراماتيكية في إسرائيل، التي أدخلت أسوأ حكومة متطرفة قابلتهم منذ توقيعهم اتفاقيات سلام مشتركة قبل 30 عاماً، في أزمة كبيرة كادت أو تكاد تطيح بها، لكنهم يترقبون كل حركة وهمسة وموقف «كأنه حدث داخلي».
وعلى الرغم من أن أي مسؤول في السلطة الفلسطينية لم يعقب على أساس أن ما يجري في إسرائيل «شأن داخلي»، وهو شعار دبلوماسي ليس غير، لكن مسؤولين آخرين في الفصائل الفلسطينية عزفوا أيضاً عن إبداء الرأي حول ما يجري في إسرائيل، وهو توجه غير مألوف، وأغلب الظن أن الفلسطينيين سلكوه في سبيل أن تمضي الفوضى في إسرائيل في طريقها حتى النهاية، من دون لمسات أو تعليقات أو تمنيات فلسطينية واضحة.
وقال مصدر فلسطيني مسؤول لـ«الشرق الأوسط»: «إن سقوط حكومة مثل حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة التي تضم عتاة المتطرفين؛ مثل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، سيكون نصراً غير مباشر للفلسطينيين». لكن عملياً لا يمكن التدخل، أو إبداء الرأي في شأن داخلي، وهذه سياسة دأبت عليها السلطة، حتى في ظل الانتخابات الإسرائيلية. وتتجنب السلطة بذلك اتهامات إسرائيلية لها بالتدخل، وهي اتهامات كثيراً ما أثرت في رأي ناخبين إسرائيليين، أو تسببت في أذى لمرشحين هناك.
النصر الذي يتطلع له الفلسطينيون هو مزيد من الفوضى هناك على الطرف الآخر، إلى الحد الذي لا يستطيع معه نتنياهو إنقاذ نفسه. ويمكن مشاهدة ذلك في عاصفة التفاعل والتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، التي لا تخلو من النكتة، وهي تعليقات تدعو إلى التعلم من مجتمع قوي وحي «حتى لو كان منظومة احتلال».
طرف ثالث راح باتجاه أنه يجب أن يغير الفلسطينيون في نهجهم السياسي. وقال المسؤول الفلسطيني تيسير خالد: «إن الوضع الراهن في إسرائيل يفترض أن يقدم فرصة ثمينة للجانب الفلسطيني باتجاه نهج سياسي جديد، يقوم على تعميق عزلة إسرائيل في المجالين الإقليمي والدولي، وتقديمها على حقيقتها، في استحالة الجمع بين الاحتلال والتمييز، والفصل العنصري، والتطهير العرقي من جهة، وبين الديمقراطية، وقيمها الحقيقية من جهة أخرى. لكن، بغض النظر عن كيف ينظر الفلسطينيون للأزمة في إسرائيل، لا يغفل الإسرائيليون «الجبهات الأخرى»، ويتابعون مواقف وتصرفات ونوايا الجميع المعلنة وغير المعلنة. وليس سراً أن رئيس «الشاباك» الإسرائيلي رونين بار، تحرك فوراً إلى منزل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المحاصر من المتظاهرين، فيما كان هو وحكومته على شفا هاوية، واجتمع معه ساعات عدة، لإظهار إلى أي حد وصلت خطورة الموقف، وتأثيره الأمني الكبير والخطير.
هذا التحذير نقله مسؤول أمني إسرائيلي كبير، وصرح في محادثة مع الصحافيين، بأنه توجد مخاوف كبيرة من حدوث تحول في النظرة إلى الجيش الإسرائيلي من قبل أعداء إسرائيل. وقال المسؤول للصحافيين طالباً عدم الكشف عن هويته: «أعداؤنا يعدّون إسرائيل ضعيفة، وردها سيكون محدوداً. وتشير جميع الجهات الفاعلة إلى حقيقة أن إسرائيل تمر بأزمة خطيرة يعتقدون أنها قد تؤدي إلى انهيار إسرائيل. وهم يدركون أن هذه فرصة لتقويض قوتنا الرادعة، والهجمات مخطط لها على أساس افتراضهم أن إسرائيل معطلة».
المسؤول تحدث عن كفاءة الجيش، وقال إنها أيضاً معرّضة للضرر في ظل ما يجري من صدع. والمخاوف ليست شخصية، لكنها جزء مهم من قرار وزير الدفاع الإسرائيلي المقال يواف غالانت، الذي رفض خطة الإصلاح القضائي، فأقاله نتنياهو لتتحول الإقالة إلى لعنة عليه وعلى حكومته، وتفجّر غضباً، ومظاهرات وقرارات نقابية غير مسبوقة.
غالانت قال، (الاثنين)، أمام أعضاء لجنة الخارجية والأمن، وخلال جلسة مغلقة اتسمت بالسرية «هناك تسريع ملحوظ في الإجراءات، التي ستؤثر في عمل الجيش وفي المؤسسة الدفاعية برمتها». وأضاف على مسمع من أعضاء اللجنة، أن التشريعات التي أدت إلى انقسام وتشرذم المجتمع قد تغلغلت بعمق في الجيش وفي مؤسسة الدفاع، وبالتالي كان لها تأثير مباشر على أنشطة مؤسسة الدفاع.
كما تحدث غالانت عن تقارير مخابراتية حول تراجع في مكانة إسرائيل الدولية، وفي تأييد الولايات المتحدة لها وتأثيراتها على جهاز الأمن. ورد رئيس اللجنة، عضو الكنيست يولي إدلشتين: «سمعنا أشياء مقلقة. هذا ليس الوقت المناسب لتغيير وزير الدفاع». قبل ذلك، قال غالانت، إنه متمسك بموقفه لأن «أمن دولة إسرائيل» هو مهمة حياته.
وجاءت التطورات في إسرائيل، في خضم تأهب أمني عالٍ بدأ قبل شهر رمضان، في ظل وجود معلومات حول تصعيد محتمل على أكثر من جبهة. وتقدر الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، أن أي حدث أمني كبير قد يقع في القدس أو الضفة الغربية، سيؤدي إلى إشعال ساحات إضافية وإحداث انفجار كبير.
وذهب مسؤول أمني إسرائيلي إلى اتهام إيران في إيجاز صحافي، بمحاولة تأجيج الأوضاع، واستغلال الظروف الحالية في إسرائيل. وأضاف، أن الخلاف الحاد في إسرائيل أدى إلى تآكل الردع الإسرائيلي، وزاد من حالة الانقسام والتجاذب في أوساط الجيش، وزاد من اتحاد «أعداء إسرائيل».
وأردف المسؤول الكبير، أن «(حماس) و(حزب الله)، وعلى رأسهما إيران، يعترفان بالفترة المثالية ضد إسرائيل». وأشار المسؤول إلى أن كلماته تعكس مواقف الأجهزة الأمنية الأخرى - «الشاباك» و«الموساد» - وليس الجيش الإسرائيلي فقط. إذن، يعتقد الإسرائيليون أن أعداءهم يتربصون بهم الآن؛ ولذلك وقف جميع مسؤولي الأمن ضد إقالة وزير الدفاع غالانت. وحتى رئيس الأركان هرتسي هاليفي، الذي لم يعقب علناً لكنه يدير مناقشات مهمة داخل الجيش.
تجدر الإشارة إلى أن اعتقاد أن إسرائيل في خطر هو اعتقاد عام وليس أمنياً فقط؛ إذ يمكن رصد كيف يفكر صحافيون في إسرائيل، بأن المرشد الإيراني علي خامنئي، والأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله، وقائد حركة «حماس» في قطاع غزة، يحيى السنوار، والقائد العام لـ«كتائب القسام»، محمد الضيف «يفركون أيديهم فرحاً الآن».


مقالات ذات صلة

غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

شؤون إقليمية غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

غانتس يؤيد صفقة مع نتنياهو تمنع حبسه وتضمن تخليه عن الحكم

في اليوم الذي استأنف فيه المتظاهرون احتجاجهم على خطة الحكومة الإسرائيلية لتغيير منظومة الحكم والقضاء، بـ«يوم تشويش الحياة الرتيبة في الدولة»، فاجأ رئيس حزب «المعسكر الرسمي» وأقوى المرشحين لرئاسة الحكومة، بيني غانتس، الإسرائيليين، بإعلانه أنه يؤيد إبرام صفقة ادعاء تنهي محاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بتهم الفساد، من دون الدخول إلى السجن بشرط أن يتخلى عن الحكم. وقال غانتس في تصريحات صحافية خلال المظاهرات، إن نتنياهو يعيش في ضائقة بسبب هذه المحاكمة، ويستخدم كل ما لديه من قوة وحلفاء وأدوات حكم لكي يحارب القضاء ويهدم منظومة الحكم. فإذا نجا من المحاكمة وتم تحييده، سوف تسقط هذه الخطة.

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

هدوء في غزة بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية

سادَ هدوء حذِر قطاع غزة، صباح اليوم الأربعاء، بعد ليلة من القصف المتبادل بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، على أثر وفاة المعتقل خضر عدنان، أمس، مُضرباً عن الطعام في السجون الإسرائيلية، وفقاً لوكالة «الأنباء الألمانية». وكانت وسائل إعلام فلسطينية قد أفادت، فجر اليوم، بأنه جرى التوصل لاتفاق على وقف إطلاق النار بين فصائل فلسطينية والجانب الإسرائيلي، وأنه دخل حيز التنفيذ. وقالت وكالة «معاً» للأنباء إن وقف إطلاق النار في قطاع غزة «مشروط بالتزام الاحتلال الإسرائيلي بعدم قصف أي مواقع أو أهداف في القطاع».

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية بعد 75 عاماً على قيامها... إسرائيل بين النجاح الاقتصادي والفروقات الاجتماعية الصارخة

بعد 75 عاماً على قيامها... إسرائيل بين النجاح الاقتصادي والفروقات الاجتماعية الصارخة

بعد مرور 75 عاماً على قيامها، أصبح اقتصاد إسرائيل واحداً من أكثر الاقتصادات ازدهاراً في العالم، وحقّقت شركاتها في مجالات مختلفة من بينها التكنولوجيا المتقدمة والزراعة وغيرها، نجاحاً هائلاً، ولكنها أيضاً توجد فيها فروقات اجتماعية صارخة. وتحتلّ إسرائيل التي توصف دائماً بأنها «دولة الشركات الناشئة» المركز الرابع عشر في تصنيف 2022 للبلدان وفقاً لنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، متقدمةً على الاقتصادات الأوروبية الأربعة الأولى (ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا)، وفقاً لأرقام صادرة عن صندوق النقد الدولي. ولكن يقول جيل دارمون، رئيس منظمة «لاتيت» الإسرائيلية غير الربحية التي تسعى لمكافحة ا

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية مكارثي يتعهد دعوة نتنياهو إلى واشنطن في حال استمر تجاهل بايدن له

مكارثي يتعهد دعوة نتنياهو إلى واشنطن في حال استمر تجاهل بايدن له

أعلن رئيس مجلس النواب الأميركي، كيفين مكارثي، في تل أبيب، امتعاضه من تجاهل الرئيس الأميركي، جو بايدن، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو وامتناعه عن دعوته للقيام بالزيارة التقليدية إلى واشنطن. وهدد قائلاً «إذا لم يدع نتنياهو إلى البيت الأبيض قريباً، فإنني سأدعوه إلى الكونغرس». وقال مكارثي، الذي يمثل الحزب الجمهوري، ويعدّ اليوم أحد أقوى الشخصيات في السياسة الأميركية «لا أعرف التوقيت الدقيق للزيارة، ولكن إذا حدث ذلك فسوف أدعوه للحضور ومقابلتي في مجلس النواب باحترام كبير. فأنا أرى في نتنياهو صديقاً عزيزاً.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية المواجهة في إسرائيل: شارع ضد شارع

المواجهة في إسرائيل: شارع ضد شارع

بدأت المواجهة المفتوحة في إسرائيل، بسبب خطة «التعديلات» القضائية لحكومة بنيامين نتنياهو، تأخذ طابع «شارع ضد شارع» بعد مظاهرة كبيرة نظمها اليمين، الخميس الماضي، دعماً لهذه الخطة، ما دفع المعارضة إلى إظهار عزمها الرد باحتجاجات واسعة النطاق مع برنامج عمل مستقبلي. وجاء في بيان لمعارضي التعديلات القضائية: «ابتداءً من يوم الأحد، مع انتهاء عطلة الكنيست، صوت واحد فقط يفصل إسرائيل عن أن تصبحَ ديكتاتورية قومية متطرفة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

وسط دعوات لإقالة بن غفير... إسرائيل إلى أزمة دستورية

إيتمار بن غفير (إ.ب.أ)
إيتمار بن غفير (إ.ب.أ)
TT

وسط دعوات لإقالة بن غفير... إسرائيل إلى أزمة دستورية

إيتمار بن غفير (إ.ب.أ)
إيتمار بن غفير (إ.ب.أ)

تسببت عريضة قدمتها مجموعة من المنظمات غير الحكومية للمحكمة العليا بإسرائيل، مطالبةً فيها بإصدار أمر إقالة لوزير الأمن الوطني المنتمي لليمين المتطرف إيتمار بن غفير، في حدوث انشقاق داخل حكومة بنيامين نتنياهو، مما قد يزج بإسرائيل في أزمة دستورية.

وفي رسالة إلى نتنياهو، الأسبوع الماضي، طلبت المدعية العامة غالي باهراف ميارا من رئيس الوزراء أن يدرس إقالة بن غفير، مستندة إلى أدلة تشير لتدخله المباشر في عمليات الشرطة، واتخاذ قرارات الترقيات بداخلها بناء على أسباب سياسية.

وجاءت هذه الرسالة قبل أن تقدم باهراف ميارا رأيها إلى المحكمة العليا في الأسابيع المقبلة بشأن ما إذا كان ينبغي لها قبول العريضة التي قدمتها المنظمات غير الحكومية في سبتمبر (أيلول) والنظر فيها، أم لا.

وفي رسالتها التي نشرها مكتبها، أيدت باهراف ميارا الاتهامات التي ساقتها المنظمات غير الحكومية عن تدخل بن غفير شخصياً في الطريقة التي تعامل بها قادة الشرطة مع الاحتجاجات المناهضة للحكومة.

واستشهدت أيضاً برسالة من المفوض السابق للشرطة يعقوب شبتاي الذي ترك منصبه في يوليو (تموز)، والتي جاء فيها أن بن غفير أصدر تعليمات لكبار قادة الشرطة بتجاهل أوامر مجلس الوزراء بحماية قوافل المساعدات الإنسانية المتجهة إلى غزة.

وقد أثارت رسالة باهراف ميارا رد فعل حاداً من بن غفير الذي دعا علناً إلى إقالتها، قائلاً إن طلبها تُحركه دوافع سياسية. ونفى الوزير ارتكاب أي مخالفات.

وحصل بن غفير على مهام واسعة عندما انضم إلى ائتلاف نتنياهو في نهاية عام 2022، منها المسؤولية عن شرطة الحدود في الضفة الغربية المحتلة، على الرغم من إدانته في عام 2007 بالتحريض العنصري ضد العرب ودعم حركة (كاخ) اليهودية المتطرفة التي تصنفها إسرائيل والولايات المتحدة منظمة إرهابية.

وقد أدى (قانون الشرطة) الذي أقره الكنيست في ديسمبر (كانون الأول) 2022، وهو أحد الشروط التي وضعها بن غفير للانضمام إلى الائتلاف، إلى توسيع سلطاته على الشرطة والسماح له بوضع السياسات العامة، وتحديد أولويات العمل والمبادئ التوجيهية.

وقال بن غفير إن القانون سيعزز قوة الشرطة وقدرتها على مكافحة الجرائم، وزعم أن الشرطة في كل البلدان الديمقراطية تتبع وزيراً منتخباً. وقال منتقدون إن التعديلات منحت بن غفير سلطات شاملة على العمليات، وحوّلته إلى «رئيس للشرطة (بسلطات) مطلقة».

وقال أربعة من قادة الشرطة السابقين وخبيران قانونيان لـ«رويترز» إن التغييرات التي أجراها بن غفير على الكيان الشرطي وثقافته قادت إلى تسييسه.

وقال أمونون الكالاي، وهو سيرجنت سابق في الشرطة استقال في 2021: «يحاول الوزير بن غفير من خلال سلطته الموافقة على التعيينات أو التدخل في الترقيات لخدمة مصالحه السياسية الخاصة».

ولم ترد شرطة إسرائيل ولا مكتب بن غفير على طلبات للتعليق على دور الوزير في تعيينات الشرطة أو التأثير في عملها.

وقاوم نتنياهو، الذي يواجه اتهامات بالفساد، دعوات سابقة لإقالة بن غفير. وإذا انسحب حزب عوتسماه يهوديت (القوة اليهودية) الذي يرأسه بن غفير من الائتلاف الحاكم، فلن يكون لدى نتنياهو إلا أغلبية ضئيلة. وإلى جانب المشكلات القانونية التي تواجه رئيس الوزراء، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة لاعتقاله، الخميس، بتهمة ارتكاب جرائم حرب في صراع غزة. ويصر نتنياهو على براءته من جميع التهم.

ويقول بعض الخبراء القانونيين إن إسرائيل قد تنزلق إلى أزمة دستورية إذا أمرت المحكمة العليا رئيس الوزراء بإقالة بن غفير ورفض ذلك، حيث ستظهر الحكومة وكأنها تضرب بقرارات القضاء عرض الحائط.

وقال عمير فوكس، وهو أحد كبار الباحثين في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية، وهو مركز أبحاث مقره القدس: «لا نعرف ماذا سيحدث في مثل هذا الوضع». وأضاف أن هذا قد يضع إسرائيل «في موقف خطير للغاية».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير (إ.ب.أ)

موقف متشدد من الاحتجاجات

في العام الماضي، استقال قائد شرطة تل أبيب عامي إيشد، وأشار لأسباب سياسية وراء قراره، وذلك بعد أن صرح علناً أنه لن يستخدم القوة ضد المتظاهرين المناهضين للحكومة، على الرغم من طلبات بن غفير بذلك. وفي بيان بثه التلفزيون، قال إيشد إن «المستوى الوزاري» كان يتدخل بشكل صارخ في عملية اتخاذ القرار المهني.

ولم يرد مكتب بن غفير علناً على تعليقات إيشد. وكانت المحكمة العليا قد أمرت بن غفير بالتوقف عن إعطاء تعليمات للشرطة حول كيفية استخدام القوة للسيطرة على الاحتجاجات في العام الماضي، قبل أن تعاود الأمر في يناير (كانون الثاني).

وقال قادة الشرطة الأربعة السابقون الذين تحدثوا إلى «رويترز»، إن ثمة تغييراً طرأ على عمل الشرطة تحت قيادة بن غفير. وأوضحوا أن الدليل على ذلك هو عدم تنفيذ الشرطة أي اعتقالات عندما اقتحم متظاهرون من اليمين مجمعين عسكريين في يوليو، بعد وصول محققين لاستجواب جنود في اتهامات بإساءة معاملة سجين فلسطيني.

وعلى النقيض من ذلك، اتخذت الشرطة إجراءات صارمة في مواجهة المظاهرات المناهضة للحكومة. وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية في يونيو (حزيران) أن 110 أشخاص قُبض عليهم في إحدى ليالي الاحتجاجات، وهو رقم قياسي، ولم توجّه اتهامات إلا إلى شخص واحد منهم.

وقالت الشرطة، رداً على الانتقادات الموجهة إليها باعتقال أعداد كبيرة، إن سلوك بعض المتظاهرين اتسم بالعنف خلال الاحتجاجات، ومنهم من هاجموا قوات إنفاذ القانون وأشعلوا الحرائق.

الحرم القدسي

أدت تعيينات في مناصب عليا في الأشهر القليلة الماضية إلى تحول في قيادة الشرطة، فبعد أن وافقت الحكومة في أغسطس (آب) على مرشحه لمنصب مفوض الشرطة، دانييل ليفي، قال بن غفير إن المفوض الجديد سوف يتبع «أجندة صهيونية ويهودية»، ويقود الشرطة «وفقاً للسياسة التي وضعتها له».

ويشكل العرب ما يزيد قليلاً على 20 في المائة من سكان إسرائيل، ويتعرضون لمعدلات أعلى بكثير من جرائم العنف. ولم يحضر بن غفير ولا ليفي اجتماعاً دعا إليه نتنياهو في سبتمبر لمواجهة ارتفاع معدلات الجريمة في المجتمع العربي بإسرائيل.

وخفف أمير أرزاني، الذي تم تعيينه قائداً لشرطة القدس في فترة تولي بن غفير منصبه، قيود الوصول إلى المسجد الأقصى، في مكان يطلق عليه اليهود اسم جبل المعبد، وهو أحد أكثر الأماكن حساسية في الشرق الأوسط.

وقال أحد كبار المسؤولين سابقاً عن إنفاذ القانون في القدس لـ«رويترز»، إنه في السابق عندما كان يحاول الوزراء الوصول إلى الحرم القدسي لممارسة الطقوس اليهودية كان كبار الضباط يطلبون تصريحاً من وزارة العدل لاعتقالهم على أساس أن ذلك يشكل تهديداً للأمن الوطني.

وصعد بن غفير إلى الحرم القدسي عدة مرات منذ توليه منصبه دون أن يوقفه رجال الشرطة.

وقالت شرطة إسرائيل، في بيان، رداً على أسئلة من «رويترز» بشأن الإرشادات، إن أعضاء الكنيست يمكنهم طلب الوصول إلى الحرم القدسي عبر (حرس الكنيست)، وإن الموافقة تعتمد على تقييم أمني يجري في وقت قريب من موعد الزيارة المطلوبة.

وقال أحد المسؤولين السابقين، الذي خدم في فترة بن غفير وطلب عدم الكشف عن هويته بسبب الطبيعة الحساسة لمنصبه السابق، إن بن غفير لم يُمنع من الوصول إلى الحرم القدسي، حيث عُدّ أنه لا يشكل تهديداً.

أضرار طويلة الأمد

قال يوجين كونتوروفيتش، رئيس قسم القانون الدولي في منتدى كوهيليت للسياسات، وهو مركز أبحاث ذو توجه محافظ مقره القدس، إن الأمر الذي أصدرته المحكمة العليا لرئيس الوزراء بإقالة الوزير قد ينطوي على تجاوز لحدود السلطة القضائية.

وأضاف: «إذا لم يكن لرئيس الوزراء الاختيار بشأن الوزراء الذين يعينهم أو يقيلهم فهو ليس رئيساً للوزراء، بل مجرد دمية في يد المحاكم». وأضاف أن المدعية العامة لم تحدد قوانين بعينها انتهكها بن غفير.

وطعنت (الحركة من أجل جودة الحكم في إسرائيل)، وهي حملة تهدف إلى تعزيز معايير الديمقراطية، على قانون الشرطة لعام 2022 أمام المحكمة العليا.

وقال أوري هيس، المحامي في الحركة، إن القانون أعطى بن غفير سلطة خطيرة للتدخل في السياسة الإسرائيلية؛ لأنه يستطيع استخدام الشرطة لقمع المشاعر المناهضة للحكومة.

وذكر يوآف سيغالوفيتش، وهو عضو في الكنيست عن حزب معارض وضابط إنفاذ قانون سابق ترأس قسم التحقيقات والاستخبارات في الشرطة، إن التغييرات التي أجراها بن غفير يحتمل أن تسبب أضراراً لا رجعة فيها، وقد يستغرق تصحيحها سنوات.

وقال سيغالوفيتش: «ينبغي ألا يتمتع أي سياسي بسلطة على كيفية استخدام الشرطة؛ لأن الشرطة ليست مثل الجيش، فالشرطة تتعامل مع المواطنين؛ الشرطة تتعامل مع القضايا الأكثر حساسية».