حملات من المتشددين للتصدي لـ«الغزو الثقافي» الغربي في إيران

أكثر من 300 مؤسسة ثقافية تقف في وجه «التهديد».. ودعوات من البرلمان لصد تربية «الحيوانات الأليفة»

الرئيس الإيراني حسن روحاني لدى استقباله وزير الخارجية الإيطالي باولو جانتيلوني في طهران أمس (رويترز)
الرئيس الإيراني حسن روحاني لدى استقباله وزير الخارجية الإيطالي باولو جانتيلوني في طهران أمس (رويترز)
TT

حملات من المتشددين للتصدي لـ«الغزو الثقافي» الغربي في إيران

الرئيس الإيراني حسن روحاني لدى استقباله وزير الخارجية الإيطالي باولو جانتيلوني في طهران أمس (رويترز)
الرئيس الإيراني حسن روحاني لدى استقباله وزير الخارجية الإيطالي باولو جانتيلوني في طهران أمس (رويترز)

طالب المرجع الإيراني آية الله مكارم شيرازي في لقاء عدد من المسؤولين الإيرانيين، بضرورة التصدي للغزو الثقافي الذي تتعرض له إيران على يد «أعداء الجمهورية الإسلامية الإيرانية» وفقا لوكالة إيلنا للأنباء.
وأكد مكارم شيرازي أن أكثر من 300 مؤسسة ثقافية في قم تعمل على التصدي للغزو الثقافي الذي يهدد إيران وقال إنه «بإمكان الحكومة توظيف هذه الطاقة العظيمة من أجل تقوية الأسس الثقافية في البلد».
وكان المرجع مكارم شيرازي قد حذر في أبريل (نيسان) الماضي من زيادة الفساد الاجتماعي والإدمان وتفشي البطالة وتوظيف المراكز الدينية لأغراض تجارية وربحية بحتة في مدينة قم التي تعتبر العاصمة الدينية في إيران وقال: «يجب العمل على حل القضايا الأخلاقية بصورة كاملة في المدينة في حال زيادة الفساد الأخلاقي سيفتضح الشيعة والإسلام، يجب على كل الأجهزة الحكومية العمل بالأخلاق».
وطالب شيرازي بتقديم الجانب الثقافي على الجوانب الاقتصادية والصناعية ورفع مشكلة البطالة في العاصمة الدينية الإيرانية لتشجيع إقبال الشباب على الزواج، معتبرًا البطالة والفقر منشأ الفساد في قم.
ومن جانبه، شدد المرجع الشیعی الإيراني شبیری زنجانی على ضرورة اهتمام المسؤولين الإيرانيين وبذل المساعي للحفاظ على مكانة قم والارتقاء بها باعتبارها أم القرى الشيعية.
وعن المشكلات التي يعاني منها المجتمع الإيراني بعد تطبيق العقوبات، قال المحلل السياسي وأستاذ علم الاجتماع بجامعات طهران الدكتور حسن هاشميان لـ«الشرق الأوسط»: «في ظل العقوبات التي فرضت على إيران هناك تزايد في نسبة البطالة في إيران كذلك نشهد ارتفاعا في نسبة الجريمة، مع الأسف نسبة الطلاق مرتفعة جدا وتبلغ 170 ألف حالة سنويا وهذا سيكون كارثة على المجتمع الإيراني، حسن روحاني وعد الشعب الإيراني بتغيير هذه المعايير ولكن أنا أعتقد بعد عامين من رئاسته لا يستطيع فعل أي شيء والوضع سيكون أسوأ وفي المستقبل سيبقى على حاله لأن الاقتصاد لا تتغير مؤشراته في يوم أو يومين، لتغيير مؤشرات الاقتصاد هناك حاجة في الانفتاح على الاستثمار في الخارج وأيضا الاستثمار في الداخل وفتح بعض الطاقات الموجودة في الداخل في هذه الآونة لا توجد مؤشرات حول هذه القضايا».
من جانب آخر، اتهم مرتضى حسيني رئیس اللجنة الثقافية في البرلمان الإيراني الدول الغربية بترويج تربية الحيوانات الأليفة مثل الكلاب والقطط وتشجيع الأسر الإيرانية على الطلاق، مطالبا البرلمان والقضاء الإيراني بالتفكير ودراسة سبل التصدي للهجوم الثقافي الغربي.
واعتبر عضو اللجنة المركزية في الائتلاف الأصولي في البرلمان الإيراني في تصريح لوكالة «باسيج نيوز» المقربة من الحرس الثوري تفاهم الزوجين على الطلاق من دعايات الغرب وحول زيادة حالات الطلاق بين الإيرانيين: «واحدة من برامج الغرب اعتبار الطلاق أمرًا عاديًا ونرى حتى الاحتفال بالطلاق أصبح موضة».
وفي اتهامات مشابهة الأسبوع الماضي اتهم ممثل خامنئي في مدينة مشهد وزير الخارجية الفرنسي بالوقوف وراء تفجيرات تطال محركة سيارة بيجو المنتجة في إيران، معتبرًا فابيوس وفرنسا بالاحتيال على إيران في صناعة السيارات من خلال بيع محركات عاطلة تنفجر على المواطنين الإيرانيين.
ووفقا لتقارير صحافية إيرانية تعاني سيارات بيجو المنتجة في شركة «إيران خودرو الوطنية لصناعة السيارات» من نقائص فنية كثيرة أدى عدد كبير منها إلى الانفجاز عند التزود بالوقود.
ومن جانب آخر، اعتبر ممثل خامنئي في شؤون الطلاب الإيرانيين في أوروبا نقل النزاعات السياسية الداخلية بواسطة الطلاب والأساتذة إلى الخارج بالفعل الحرام وقال: «مثلما قال القائد نحن في منعطف تاريخي وخارطة جديدة تتكون في العالم، نقل المشكلات الداخلية إلى خارج البلد حرام، الله يلعن من ينقل التلاسن والنزاعات اللفظية المتعلقة بالانتخابات إلى خارج حدود البلد».
من جانبه، كشف مساعد وزیر الخارجیة الإيرانية في الشؤون العربية والأفريقية حسين أمير عبد اللهيان عن جولة ثانية من زيارات يقوم بها وزير الخارجية الإيراني إلى دول المنطقة في المستقبل القريب.
وأكد عبد اللهيان في اتصال هاتفي مع القناة الإيرانية الثانية مساء أول من أمس، استمرار إيران في دعم حلفائها في المنطقة بصورة قاطعة بعد الاتفاق النووي وقال: «إن الوصول إلى الاتفاق النووي في فترة بعض الدول الإقليمية والدولية تتوسل إلى القوة أظهر فاعلية المفاوضات الدبلوماسية على صعيد العلاقات الدولية».
وعن تقارير صحافية حول مشروع إيران الجديد لحل الأزمة السورية أضاف أن «إيران منذ البداية تعتقد أن الحل الوحيد في الدول المتأزمة مثل اليمن والبحرين وسوريا ومصر هو حل سياسي». وأضاف: «تحدثنا مع المسؤولين في سوريا حول تفاصيل المشروع لكن النقطة الأساسية تركيز الجهاز الدبلوماسي على المخرج السياسي وحماية حلفائنا في المنطقة بموازاة تعاوننا الشامل مع الجيران ودول المنطقة».
من جهة أخرى، في تصريح لوكالة أنباء فارس، مساعد رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية الإيراني حقيقت بور استبعد لقاء روحاني وأوباما على هامش اجتماعات الدورة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك وقال: «من المستبعد أن يلتقي روحاني في هذه الأوضاع مع أوباما، لأن كل يوم نسمع عن صفحة جديدة من احتيالات وخداع أميركا».



«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«هدنة غزة»: مساعٍ للوسطاء لإنجاز اتفاق في ظل «ضغوط وعراقيل»

فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقّدون مدرسة تؤوي النازحين بعد أن تعرضت لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

مساعٍ تتوالى للوسطاء بشأن إبرام هدنة في قطاع غزة، كان أحدثها في القاهرة، وهو ما يفتح تكهنات عديدة بشأن مستقبل الاتفاق المنتظر منذ نحو عام عبر جولات سابقة عادة «ما تعثرت في محطاتها الأخيرة».

«حماس» بالمقابل تتحدث عن سعيها لـ«اتفاق حقيقي»، عقب تأكيد أميركي رسمي عن «مؤشرات مشجعة»، وسط ما يتردد «عن ضغوط وعراقيل»، وهي أحاديث ينقسم إزاءها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بشأن مستقبل الاتفاق بغزة، بين من يرى أن «الصفقة باتت وشيكة لأسباب عديدة، بينها الموقف الأميركي، حيث دعا الرئيس المنتخب دونالد ترمب للإفراج عن الرهائن في 20 يناير (كانون أول) المقبل»، وآخرين يتحدثون بحذر عن إمكانية التوصل للهدنة في «ظل شروط إسرائيلية بشأن الأسرى الفلسطينيين، وعدم الانسحاب من القطاع، قد تعرقل الاتفاق لفترة».

وفي ثالث محطة بعد إسرائيل، الخميس، وقطر، الجمعة، بحث مستشار الأمن القومي الأميركي، جيك سوليفان، السبت، في القاهرة، مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، «جهود الجانبين للتوصل إلى اتفاق لوقف لإطلاق النار وتبادل المحتجزين في غزة»، وسط تأكيد مصري على «أهمية التحرك العاجل لإنفاذ المساعدات الإنسانية إلى القطاع، و(حل الدولتين) باعتباره الضمان الأساسي لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

سوليفان، بحث الجمعة، في قطر، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مستجدات الأوضاع في غزة، حسب بيان صحافي لـ«الخارجية القطرية»، عقب زيارته إسرائيل، وتأكيده في تصريحات، الخميس، أنه «يزور مصر وقطر؛ لضمان سد ثغرات نهائية قبل التوصل إلى صفقة تبادل»، لافتاً إلى أن «وقف إطلاق النار واتفاق الرهائن من شأنهما أن يؤديا إلى تحرير المحتجزين وزيادة المساعدات المقدمة إلى غزة كثيراً».

عبد الفتاح السيسي خلال استقبال جيك سوليفان في القاهرة (الرئاسة المصرية)

وبالتزامن أجرى وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الجمعة، محادثات في أنقرة مع الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، ونظيره هاكان فيدان، وأكد وجود «مؤشرات مشجعة»، وطالب بـ«ضرورة أن توافق (حماس) على اتفاق ممكن لوقف إطلاق النار»، مطالباً أنقرة باستخدام «نفوذها» عليها للموافقة.

الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن «المساعي لا بد أن تكون موجودةً عادة باعتبار أنها تحول بين حدوث انفجار أو تحتويه، وليس بالضرورة يعني هذا الحراك الدبلوماسي التوصل لشيء؛ إلا في ضوء شروط معينة تلزم الطرفين بتقديم تنازلات».

ووفق عكاشة، فإن هناك طرفاً إسرائيلياً يشعر حالياً وسط المفاوضات بأنه يتحدث من مركز قوة بعد تدمير نحو 90 في المائة من قدرات «حماس»، ويتمسك بشروط «مستحيل أن تقبلها الحركة»، منها عدم خروج أسماء كبيرة في المفرج عنهم في الأسرى الفلسطينيين، ويضع مطالب بشأن الانسحاب من القطاع.

بالمقابل يرى المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، أن ثمة اختلافاً تشهده المحادثات الحالية، خصوصاً في ظل مساعٍ مكثفة من الوسطاء وإصرار الإدارة الأميركية حالياً على بذل جهود كبيرة للضغط على «حماس» وإسرائيل ليسجل أن الصفقة أبرمت في عهد الرئيس جو بايدن، فضلاً عن وجود مهلة من ترمب لإتمام الهدنة.

ويعتقد أن نتنياهو قد يناور خلال الأسبوعين الحاليين من أجل تحصيل مكاسب أكبر، وقد يزيد من الضربات بالقطاع، ويمد المفاوضات إلى بداية العام المقبل لتدخل المرحلة الأولى من الهدنة قبل موعد تنصيب ترمب، كما اشترط سابقاً.

إخلاء سكان مخيمي النصيرات والبريج للاجئين خلال العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة (إ.ب.أ)

وأفادت «القناة الـ13» الإسرائيلية، الجمعة، بأن الحكومة كشفت عدم حدوث أي اختراق جدي في مسألة إبرام صفقة تبادل أسرى مع «حماس»، مؤكدة وجود كثير من الخلافات، لافتة إلى أنه تم إبلاغ وزراء المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) قبل أيام بأن الحركة معنية بالوقت الحالي بإبرام صفقة، وأن هناك تغييراً في موقفها.

أما «حماس»، فأصدرت بياناً، السبت، في ذكرى تأسيسها الـ37، يتحدث عن استمرار «حرب إبادة جماعية متكاملة الأركان، وتطهير عرقي وتهجير قسري وتجويع وتعطيش، لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً»، مؤكدة انفتاحها على «أيّ مبادرات جادة وحقيقية لوقف العدوان وجرائم الاحتلال، مع تمسّكها الرَّاسخ بحقوق شعبنا وثوابته وتطلعاته، والتمسك بعودة النازحين وانسحاب الاحتلال وإغاثة شعبنا وإعمار ما دمَّره الاحتلال وإنجاز صفقة جادة لتبادل الأسرى».

رد فعل امرأة فلسطينية على مقتل أحد أقاربها في غارة إسرائيلية بدير البلح بوسط قطاع غزة (رويترز)

وباعتقاد مطاوع، فإن «مجزرة النصيرات وغيرها من المجازر التي قد تزيد كلما اقتربنا من اتفاق تستخدم ورقة ضغط إسرائيلية على (حماس)، ليعزز نتنياهو مكاسبه بتلك العراقيل والضغوط»، فيما يرى عكاشة أن الحركة في ظل «عراقيل إسرائيل» لن تغامر بالمتبقي من شعبيتها وتقدم تنازلات دون أي مقابل حقيقي.

ولا يحمل الأفق «احتمال إبرام اتفاق قريب إذا استمرت تلك الشروط أو العراقيل الإسرائيلية، ولو ضغطت واشنطن»، وفق تقدير عكاشة، لافتاً إلى أن «بايدن تحدث أكثر من مرة سابقاً عن اقترب الاتفاق من الإنجاز ولم يحدث شيء».

وبرأي عكاشة، فإنه يجب أن يكون لدينا حذر من الحديث عن أن المساعي الحالية قد توصلنا لاتفاق قريب، ولا يجب أن يكون لدينا تفاؤل حذر أيضاً، لكن علينا أن ننتظر ونرى مدى جدية إسرائيل في إبرام الاتفاق المطروح حالياً أم لا كعادتها.

غير أن مطاوع يرى أن المؤشرات والتسريبات الإعلامية كبيرة وكثيرة عن قرب التوصل لاتفاق، وهناك عوامل كثيرة تقول إنها باتت قريبة، موضحاً: «لكن لن تحدث الأسبوع المقبل، خصوصاً مع مناورة نتنياهو، فقد نصل للعام الجديد ونرى اتفاقاً جزئياً قبل تنصيب ترمب».