الخلافات السياسية تقسم لبنان إلى توقيتين

قرار تأجيل تطبيق التوقيت الصيفي يتسبب في «إرباك تقني»... وموجة رفض له

بيروت (أ.ف.ب)
بيروت (أ.ف.ب)
TT

الخلافات السياسية تقسم لبنان إلى توقيتين

بيروت (أ.ف.ب)
بيروت (أ.ف.ب)

ينقسم لبنان اليوم إلى توقيتين، بفعل الخلاف السياسي الذي نشب بعد بيان حكومي صدر الخميس أُعلن فيه تأجيل تطبيق التوقيت الصيفي حتى 21 أبريل (نيسان) المقبل، أي بعد نهاية شهر رمضان، بدلاً من البدء بتطبيقه فجر اليوم الأحد.
وأثار هذا القرار إرباكاً تقنياً، كون لبنان يعتمد تطبيق التوقيت الصيفي بفارق ساعة عن التوقيت الشتوي، منذ سنوات طويلة، ما اضطر شركات الاتصالات للطلب من زبائنها توقيف «التوقيت الآلي» في أجهزتهم الخلوية، فيما عدلت شركة طيران «الشرق الأوسط»، الناقلة الجوية اللبنانية، جدول انطلاق الرحلات ووصولها بما يتناسب مع التوقيت الرسمي اللبناني الاستثنائي لمدة شهر. لكن هذه الإجراءات لن تمنع الإرباك المتوقع نتيجة انتقال كل الأجهزة الإلكترونية إلى التوقيت الصيفي، وصعوبة التعامل مع الأمر تقنياً.
وانتشر مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، يظهر رئيس البرلمان نبيه بري وهو يدعو رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، خلال لقائهما الخميس، لتأجيل العمل بالتوقيت الصيفي حتى نهاية شهر رمضان المبارك، فكان ردّ رئيس الحكومة أن المشكلة تكمن في مواعيد الرحلات الجوية وغيرها، معتبراً أنه بات من الصعب اتخاذ قرار مثل هذا، لتعود بعدها الأمانة العامة لمجلس الوزراء وتصدر قراراً بالتأجيل. وأثار انتشار هذا المقطع الأزمة السياسية، حيث رفض سياسيون مسيحيون «هذه الطريقة في اتخاذ القرارات الحكومية»، فيما قال آخرون إن «هناك استئثاراً بالحكم من قبل ميقاتي وبري»، في إشارة إلى أن اجتماعات مجلس الوزراء لا تُعقد إلا بغرض تصريف الأعمال، وتحظى بمقاطعة في ظل غياب رئيس للجمهورية الذي فشل البرلمان 11 مرة في انتخابه. والجديد في تداعيات هذا الأمر هو انقسام اللبنانيين بين من يلتزم بالتوقيت الرسمي، ومن يعتمد توقيتاً مختلفاً. وأعلن عدد من المؤسسات ووسائل الإعلام العمل وفق التوقيت العالمي، نظراً لتداعيات مخالفة القرار تقنياً وانعكاساته السلبية، بينها وكالة الأنباء المركزية، وجريدة «النهار» وقناة «إل بي سي» التي أفادت بأنها ستستمر على التوقيت العالمي، وسوف تقدم ساعتها ساعة عند منتصف ليل السبت - الأحد، كذلك قناة «إم تي في» التي قالت إنها لن تلتزم بقرار تأجيل تعديل التوقيت الصيفي وستلتزم بتعديله عند منتصف ليلة السبت – الأحد؛ اعتراضاً على القرار الصادر عن رئاسة مجلس الوزراء. ويشمل القرار المتصل بوسائل الإعلام، وسائل إعلام أخرى ومواقع إلكترونية وإذاعات محلية.
واتخذ الانقسام شكل الانقسام الطائفي بين المسلمين والمسيحيين، فقد ارتفعت أصوات المسؤولين في القوى السياسية المسيحية رفضاً لذلك، كما تداول اللبنانيون مقاطع صوتية وبيانات لكنائس في المناطق تؤكد التزامها بالتوقيت العالمي ورفضاً لقرار الحكومة.
وطلبت الأمانة العامة لحزب «الكتائب اللبنانية» من جميع العاملين في البيت المركزي «الالتزام بالحضور إلى العمل بحسب التوقيت العالمي المعتمد وعدم التقيد بتأجيل اعتماد التوقيت الصيفي الصادر عن رئاسة الحكومة اللبنانية». وقال في بيان إن «جميع الاجتماعات الحزبية سوف تعقد بالمواعيد المحددة بحسب التوقيت الصيفي الجديد».
سياسياً، علّق عضو كتلة الكتائب النائب سليم الصايغ على موضوع تأجيل تطبيق الدوام الصيفي، لافتاً إلى أنه «لا يمكن لرئيس مجلس النواب نبيه بري مصادرة صلاحيات رئاسة الجمهورية أو الحكومة مجتمعة وأخذ هكذا قرار» .
وقال في تصريح إذاعي: «هذا نموذج صارخ عن الارتجال في عمل السلطات، ولا يزال أمام رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الوقت اليوم للرجوع عن القرار». وأضاف: «ما حصل إهانة لكل صائم ومسلم، ويجب أن نكون تحت قانون واحد وليس تحت قانون يميز بين مسلم ومسيحي».
من جهته، قال عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب غياث يزبك، إن «قطار الزمان يسير إلى الأمام، إذا أردتم السير بعكسه فافعلوا وحدكم، لن نسمح لأي كان بأن يخرج لبنان من التوقيت العالمي بعدما قاده خارج النظام الكوني». وأضاف: «بالأمس قلنا: لنا لبناننا ولكم لبنانكم والآن نقول، لنا توقيتنا ولكم توقيتكم».
من جهته، أعلن رئيس «حزب الوطنيين الأحرار» النائب كميل ‫شمعون قراره البقاء على التوقيت الدولي «بعيداً من التوقيت ‏الطائفي المعيب لواجهة ‫لبنان الدولية».
ورأى النائب وضاح صادق أن «تغيير التوقيت هو نموذج صارخ عن كيف يدار البلد منذ سنوات. قرارات تتخذ وفق أهواء وخيارات شخصية في مجلس النواب ومجلس الوزراء، كلها خفة وانتقائية وعشوائية ومن دون أي دراسة علمية، يعتقدون أنّهم يستطيعون فعل كلّ شيء دون أي رادع أو اعتبار للعواقب العملانية والإرباك الذي يتسببون به».
وكان رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل استهل الحملة يوم الخميس، حيث استنكر هذا القرار، وعلق في تغريدة نشرها على «تويتر» قائلاً: «قصة الساعة لا تُقبل، ومعبّرة جداً بمعانيها… لا يجوز السكوت عنها إلى حدّ التفكير بالطعن بها أو بعصيانها».
ودعا رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، يوم الجمعة، الحكومة للعودة عن قرارها، مستغرباً «عدم اتباع التقليد المتبع في لبنان منذ عشرات السنين بتقديم الساعة ساعة واحدة في مارس (آذار) من كل عام، والذي ما زال حتى الساعة، معتمداً في معظم دول العالم». وقال إن «الحكومة مدعوة إلى العودة عن قرارها قبل فوات الأوان، وقبل أن تضع الكثير من قطاع الأعمال في لبنان، أمام مصاعب إضافية جمة».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

ترمب يلتقي نتنياهو وينتقد تصريحات هاريس عن إسرائيل

ترمب مستقبلاً نتنياهو في «بالم بيتش» أمس (آموس بن - غيرشوم / جي بي أو / د.ب.أ)
ترمب مستقبلاً نتنياهو في «بالم بيتش» أمس (آموس بن - غيرشوم / جي بي أو / د.ب.أ)
TT

ترمب يلتقي نتنياهو وينتقد تصريحات هاريس عن إسرائيل

ترمب مستقبلاً نتنياهو في «بالم بيتش» أمس (آموس بن - غيرشوم / جي بي أو / د.ب.أ)
ترمب مستقبلاً نتنياهو في «بالم بيتش» أمس (آموس بن - غيرشوم / جي بي أو / د.ب.أ)

نفى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب وجود أي توتر في العلاقات بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، معرباً عن تأييده ومساندته لإسرائيل. وهاجم المرشح الجمهوري لسباق الرئاسة الأميركي منافسته المحتملة كامالا هارس، مشيراً إلى أن تصريحاتها عقب لقائها بنتنياهو، مساء الخميس، في البيت الأبيض، تنم عن عدم احترام، وطالب حركة «حماس» بإطلاق سراح الرهائن «فوراً».

وقال ترمب، في بداية الاجتماع الموسع مع نتنياهو في مقر إقامته بمنتجع مارلارغو بولاية فلوريدا، إنه لا يعرف كيف يمكن لأي أميركي يهودي أن يصوّت لكامالا هاريس، لأن تصريحاتها تنم عن عدم الاحترام لإسرائيل.

وأشار إلى علاقته الوثيقة بإسرائيل، مؤكداً أنه تمتع كرئيس للولايات المتحدة بعلاقات مع إسرائيل أفضل من أي رئيس أميركي على الإطلاق. وقال: «لقد أيّدت حق إسرائيل في مرتفعات الجولان والقدس، ونقلنا السفارة، وأوقفنا الاتفاق النووي الإيراني، وهو ربما أفضل شيء قمنا به، ولم نمنحهم أموالاً في ظل إدارة ترمب، ولم يكن أحد يشتري نفطهم، والآن أصبحوا دولة غنية، وهذا أمر مؤسف».

ووعد ترمب، إذا فاز في الانتخابات، بإنهاء كل الحروب في منطقة الشرق الأوسط، محذراً من أنه إن لم يفز، فإن الأمر سينتهي إلى حروب كبرى، وربما حرب عالمية ثالثة.

من جانبه، أشار رئيس الوزراء نتنياهو إلى صعوبة مفاوضات إطلاق سراح الرهائن، وفي إجابته عن أسئلة حول مفاوضات وقف إطلاق النار وإرسال فريق إسرائيلي إلى المفاوضات في العاصمة الإيطالية روما، أوضح أنه يتوقع بعض التحركات التي تأتي بسبب الضغوط العسكرية التي قام بها الجيش الإسرائيلي ضد «حماس».

وقال: «الموقف صعب للغاية للرهائن، وهم ليسوا في حالة جيدة، ومن الواضح أنهم لا يعاملون بشكل صحيح، ونأمل أن يكونوا بخير، لكن هناك كثيراً من الرهائن، وأنا غير متأكد من صحتهم، وهذا الوضع غير مقبول».

من جهة أخرى، استمع أعضاء مجلس الأمن في نيويورك الجمعة إلى ما سمّاه دبلوماسيون «رجع صدى تقشر له الأبدان» لنساء فلسطينيات يستغثن في غزة لإنقاذ أطفالهن الذين يتضورون جوعاً وتفتك بهم الأمراض إذا نجوا من المستويات الرهيبة من الحملة العسكرية الإسرائيلية في كل أنحاء القطاع.

وكان أعضاء مجلس الأمن يستمعون إلى مساعد الأمين العام لـ«الأمم المتحدة» مهند هادي، الذي يتولى أيضاً مهمة نائب المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، مكرراً المناشدة من أجل وقف إطلاق النار، وتمكين المنظمات الدولية من تقديم المساعدات للفلسطينيين، بما يتماشى مع المبادئ الإنسانية، والإطلاق الفوري وغير المشروط للرهائن، في مطالبات ردّدتها أيضاً نائبة المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم في الشرق الأدنى «الأونروا» لشؤون الدعم العملياتي، أنطونيا دي ميو.