خرج «معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي» بما أسماه «تحذيراً استراتيجياً» ينبه قادة إسرائيل من خطورة الصراع المنفجر حول خطة الحكومة للانقلاب على منظومة الحكم وإضعاف الجهاز القضائي. وقد وجه التحذير، الرئيس الجديد للمعهد، البروفسور عمنوئيل تراختنبيرغ، الذي حل محل الجنرال عاموس يدلين في المنصب.
تراختنبيرغ كان مقرباً من نتنياهو. وفي عام 2011، عندما خرجت هبّة شعبية تطالب، على طريقة «الربيع» العربي، بإسقاط النظام، وخرج إلى الشوارع 400 ألف متظاهر يطالبون بحلول لمشاكلهم السكنية والاقتصادية، اختاره نتنياهو ليرأس لجنة خبراء تضع حلولاً. ولكن نتنياهو تنكر لتوصياته لاحقاً، فانضم تراختنبيرغ (دكتوراه اقتصاد من جامعة هارفارد) إلى حزب العمل برئاسة يتسحاق هيرتسوغ وكان مرشح الحزب لمنصب وزير المالية. ثم ترك السياسة وعاد للحياة الأكاديمية. ثم اختير لرئاسة المعهد. وهذه أول مرة يخرج بتحذير استراتيجي درامي على هذا النحو. لكن مضمون التحذير يوضح بعض تفاصيل هذا الصراع.
قال تراختنبيرغ: «هذه أول مرة منذ 75 سنة، نجد فيها إسرائيل تعاني من شروخ تهدد أمنها وحصانتها القومية. ليس فقط بسبب الخطر على الديمقراطية، بل بسبب إخفاقنا في الفكرة الصهيونية الأساس، بأن نلتم حول هدف وطني واحد أو حتى حلم مشترك، مثل أن تكون لنا دولة سليمة ومعافاة. وفي حالة كهذه سيهرب أبناؤنا من البلاد، سينفض عنا أصدقاؤنا». وأضاف: «أنا لا أتحدث عن جوهر الخلاف، بل عن الطريقة. السرعة غير المعقولة في سن القوانين لتطبيق الخطة. عن عدم اكتراث الحكومة للشروخ. عن عدم الاحترام الذي قوبلت به مقترحات الرئيس يتسحاق هيرتسوغ لتسوية الخلاف. لقد كنا التقينا الرئيس قبل شهر وقدّمنا له تقريرنا السنوي عن تقديرات المعهد الاستراتيجية لسنة 2023. أشرنا له بأن السنة الأخيرة شهدت تورّطاً عالمياً في الصراعات والحروب، كلها ذات تأثير على إسرائيل: الصراع بين الولايات المتحدة والصين، والحرب في أوكرانيا، وتقدّم إيران في مشروعها النووي وهيمنتها على المنطقة هي وأذرعها، والتدهور في الساحة الفلسطينية. وقلنا إن إيران تقترب كثيراً من التحوّل إلى دولة على شفا إنتاج قنبلة نووية، ما يجعل إسرائيل تواجه خطراً وجودياً لأول مرة منذ «حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، وهذا فضلاً عن الخطر بانهيار السلطة الفلسطينية واشتعال الأرض تحتنا، وما يبعد الآمال بالسلام والهدوء، ويهدد وضعنا الاقتصادي. لذلك علينا أن نشتغل، أن نعمل. لكن حكومتنا علّقتنا في صراع داخلي يحرف الأنظار عن العدو الخارجي، ويشغلنا بالعدو الداخلي. فكيف يمكننا أن نحارب إيران ونحن عالقون بحرب أهلية هنا؟».
وتابع تراختنبيرغ: «في الشهور الأخيرة ارتفعت وتيرة عمليات الإرهاب الفلسطينية الصعبة. نحن مع شعبنا كله نحني إجلالاً للضحايا. لكن من بين ظهرانينا خرج مئات المستوطنين ونفذوا مذبحة في قرية حوارة، فأحرقوا البيوت على سكانها وحطّموا وأحرقوا الحوانيت والسيارات، وبدا أن الجيش يفقد السيطرة، وبتنا في حالة انفلات تام. وفي الحكومة كان هناك من صبّوا الزيت على النار المشتعلة. وبالإضافة إلى بشاعة هذا الهجوم، الذي ينبغي أن نتنكّر له جميعنا، كل من يفهم بالأمن يدرك بأنها ستعود علينا بأضرار أمنية استراتيجية». واختتم كلمته قائلاً: «هذه صرخة مدوية من خيرة أحباء إسرائيل بضرورة العمل على إنقاذها من سياسة حكومتها، وتثبيت قيمها كدولة ديمقراطية سليمة تبحث عن النجاحات والتميز. الخطر يدهمنا ويهدد دولتنا».
التحذير الاستراتيجي لباحثي معهد الأمن القومي الإسرائيلي
التحذير الاستراتيجي لباحثي معهد الأمن القومي الإسرائيلي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة