أفسح البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) المجال، يوم الثلاثاء، لعودة مستوطنين يهود إلى 4 مستوطنات في الضفة الغربية المحتلة من خلال تعديل قانون تم إقراره عام 2005 والذي أمر بإجلائهم من هذه المستوطنات. وسيؤدي إلغاء بعض البنود الواردة في قانون فك الارتباط السابق، إلى السماح للسكان اليهود بالعودة إلى 4 مستوطنات في الضفة الغربية بعد إجلائهم منها عام 2005 بشرط موافقة الجيش الإسرائيلي. ورحب يولي إدلشتاين، رئيس لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست، بالقرار، ووصفه بأنه «خطوة أولى ومهمة لإصلاح حقيقي وإقامة إسرائيل على أراضي الوطن الخاص بها».
وكان الكنيست قد أقر هذا القانون، وسط انشغال الرأي العام في خطة الانقلاب الحكومية على منظومة الحكم وإضعاف الجهاز القضائي. ولم يحضر الجلسة سوى 49 من مجموع 120 نائباً، صوتوا بأغلبية 31 عضواً في الكنيست مقابل 18 معارضاً. وسجلوا سابقة في التاريخ الإسرائيلي، وهي إلغاء قانون منصوص عليه في قرار سياسي مسنود بمواثيق دولية.
وعلى الرغم من أن قرار الانفصال عن غزة كان قراراً إسرائيلياً أحادي الجانب، فإنه تحول إلى واقع سياسي يحظى باعتراف دولي. المعروف أن خطة الانفصال التي أدت في سنة 2005، إلى الانسحاب الإسرائيلي الكامل من قطاع غزة، وإزالة 21 مستوطنة، وإخلاء 8000 مستوطن من قطاع غزة، وإخلاء 4 مستوطنات شمالي الضفة الغربية، ما بين جنين وطوباس، هي: «غانيم» و«كاديم» و«حوميش» و«سانور». وفي حينه امتنع رئيس الوزراء أرئيل شارون، عن هدم المستوطنات الأربع في الضفة الغربية، مما أبقى الأمل لدى المستوطنين بالعودة إليها.
وفي حينه كان شارون، بهذه الخطة، يتهرب من تنفيذ «خطة الطريق» الأميركية التي سعت إلى تسوية إسرائيلية فلسطينية على أساس حل الدولتين، بدعوى أن الظروف لم تحن لإقامة دولة فلسطينية. ومع ذلك فقد رأى اليمين في خطة الفصل خيانة من شارون.
وانشق شارون عن حزب الليكود، وأسس حزباً جديداً «كديما» مع شمعون بيرس (الذي انشق بدوره عن حزب العمل)، ومع إيهود أولمرت، الذي حل محله في رئاسة الحكومة وسعى إلى دفع حل الدولتين. وكما هو معروف، قاد الليكود حملة ضد أولمرت مع النيابة والشرطة، وحوكم وأدين بتهمة فساد، أبسط بكثير من الاتهامات الموجهة اليوم إلى بنيامين نتنياهو.
وتمكن نتنياهو من إعادة الليكود إلى الحكم عام 2009. وحسب مصادر سياسية، فإن خطة شارون كانت سبباً في وضع خطة يمينية استراتيجية لإحداث انقلاب سياسي في إسرائيل يضمن حكم اليمين لعقود طويلة. وقد وضعت هذه الخطة في معهد «كاهيت»، الممول من أوساط اليمين الراديكالي في الحزب الجمهوري الأميركي، وجرى تطويرها وتحديثها سنة بعد أخرى، إلى أن فاز نتنياهو بالحكم من جديد في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي. ومنذ البدايات، تم تكليف ياريف ليفين بتنفيذها، وتم انتخابه وزيراً للقضاء لهذه لغاية. وهو يسعى لتكبيل أيدي المحكمة العليا حتى لا تشوش على الحكومة سياستها بتصفية القضية الفلسطينية والقضاء على فكرة حل الدولتين. القانون الجديد لا يتحدث عن إعادة المستوطنات إلى قطاع غزة، لكنه لا يخفي الرغبة في الوصول إلى مرحلة كهذه.
وأما فيما يتعلق بالضفة الغربية فهو يرمي إلى إعادة المستوطنين إلى المستوطنات الأربع شمالي الضفة، وإلغاء العقاب الجنائي المفروض على المستوطنين الذين يدخلون أو يقيمون في هذه المستوطنات الواقعة بغالبيتها على أراض فلسطينية خاصة. كما يتيح القانون منح الشرعية القانونية للبؤر الاستيطانية العشوائية القائمة شمالي الضفة الغربية.
وقد أشاد وزير المالية سموتريتش بالقانون، واعتبره انتصاراً كبيراً للمشروع الاستيطاني. وكتب على حسابه في «تويتر»: «الكنيست الإسرائيلي وائتلافنا باشرا في محو وصمة الطرد من عدد من القوانين والتقدم في قرار بشأن مدرسة حوميش الدينية». وقال رئيس مجلس السامرة الإقليمي، يوسي دغان، المقيم السابق في مستوطنة سانور التي تم إخلاؤها، والذي حضر جلسة الكنيست: «لقد ناضلنا جميعاً من أجل شعب إسرائيل لتصحيح جريمة الإيذاء هذه في أرض إسرائيل».
وكان المبادرون إلى مشروع القانون، الوزيرة أوريت ستروك، وعضو الكنيست ليمور سون هار ميلخ، ورئيس لجنة الشعب اليهودي عضو الكنيست يولي إدلشتين، قد عملوا بمثابرة على الدفع بمشروع القانون في الكنيست. وطرحوه في لجنة الخارجية والأمن البرلمانية.
وقد طلب قادة الجيش والمخابرات إمهالهم حتى يعدوا وجهة نظر أمنية حول تبعات القانون، باعتبار أنه من شأنه أن يثير موجة عنف لدى الفلسطينيين ويلحق الأذى بالعلاقات الإسرائيلية الدولية. ووافقت اللجنة على وجهة النظر هذه، لكنها لم تنتظر وصولها، وطرحت القانون من دون أي اكتراث برأي الأجهزة الأمنية.
من جهته، ندد رئيس المعارضة البرلمانية يائير لبيد بهذا القانون، ونشر في تغريدة على «تويتر» تعقيباً من 3 أجزاء جاء فيه: «3 أشهر على تشكيل الحكومة وإليكم إنجازاتها: في الاقتصاد: غلاء المعيشة يسجل قفزة، التضخم الأعلى منذ عقدين، تقييم خسارة الإيرادات 30 ملياراً على الأقل. في الأمن: العمليات الأكبر منذ عقد، الصواريخ من غزة عادت، المخربون يدخلون من لبنان لأول مرة منذ سنوات، العنف في الشوارع يزداد، الفوضى القيمية تعم الجيش الإسرائيلي والشرطة، وكبار المسؤولين في جهاز الأمن يحذرون من ضرب الجاهزية العملياتية للجيش الإسرائيلي خلال شهر. وفي السياسة الخارجية، الولايات المتحدة تبتعد عنا، توقّف التطبيع مع دول الخليج، الأردن يبتعد، ورئيس الوزراء يتلقى توبيخاً أينما ولّى أنظاره. وفي المجتمع الإسرائيلي، أمة إسرائيل ممزقة. لكن المهم هو أن قانون الهدايا والرشوة قد تم تمريره».