تقرير: بمواجهة «التطويق» الأميركي... شي جينبينغ يقود الهجوم المضاد

الرئيس الصيني شي جينبينغ يصافح نظيره الروسي فلاديمير بوتين اليوم الثلاثاء في الكرملين (سبوتنيك - أ.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ يصافح نظيره الروسي فلاديمير بوتين اليوم الثلاثاء في الكرملين (سبوتنيك - أ.ب)
TT

تقرير: بمواجهة «التطويق» الأميركي... شي جينبينغ يقود الهجوم المضاد

الرئيس الصيني شي جينبينغ يصافح نظيره الروسي فلاديمير بوتين اليوم الثلاثاء في الكرملين (سبوتنيك - أ.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ يصافح نظيره الروسي فلاديمير بوتين اليوم الثلاثاء في الكرملين (سبوتنيك - أ.ب)

في موسكو، يقود الرئيس الصيني شي جينبينغ الآن هجوماً دبلوماسياً مضاداً متصاعداً مع واشنطن، بعد تفاقم التوتر بين الجانبين بسبب قضية منطاد «التجسس» الصيني، الذي أسقطته القوات الجوية الأميركية في فبراير (شباط).
جاء شي بجرأة إلى موسكو لدعم «صديقه القديم» فلاديمير بوتين، المحظور من المحكمة الجنائية الدولية، في مواجهة خصمهما المشترك، الولايات المتحدة، زعيمة الديمقراطيات الغربية، التي يُعتقد (الديمقراطيات) أنها في «حالة تراجع»، وفق تقرير نشرته أمس صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

اعتبر التقرير أن شي يلعب على الموازنة، ويسعى إلى دعم الكرملين، بينما يلاطف الاتحاد الأوروبي، الشريك التجاري والمستثمر الأساسي لدعم نمو الصين الذي انخفض، وفي محاولة لعزل اللاعب الأميركي. كما أن الوقوف مع موسكو، خصوصاً في ما يتعلق بشحن الأسلحة، من شأنه أن يطلق مجموعة من العقوبات الغربية المحفوفة بالأخطار بالنسبة لـ«مصنع العالم» (الصين) الذي لا يزال يعتمد على التكنولوجيا الغربية (وهو بالتالي ما ستتجنبه الصين).

* واشنطن... «العدو اللدود»
بعد إعادة انتخابه لولاية ثالثة، ندد الرئيس الصيني بـ«تطويق واحتواء» بلاده، من قبل الولايات المتحدة. ويظهر هذا الخطاب قلق الاستراتيجيين الحمر، في مواجهة «القمع» الأميركي، الذي يتميز بالعقوبات التكنولوجية، وبشبكة كبيرة من التحالفات العسكرية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وفق التقرير.

بعد أن تغلبت عليه التحديات الاجتماعية والاقتصادية المتزايدة في الداخل، يتخذ شي زمام المبادرة دولياً لصد شبح العزلة الذي يطارد «زونغنانهي»، المقر الغامض للزعيم (شي)، «بطل الشيوعية الاستبدادية المعادية للغرب»، حسب التقرير.

ويشير شي إلى العدو اللدود - واشنطن - بينما كان يغازل الأوروبيين، في محاولة لتقسيم المعسكر المعارض، وتخفيف الضغط على «سور الصين العظيم». يقول تشين داويين، عالم السياسة المستقل: «هذه هي الاستراتيجية الحزبية المعتادة التي يقودها ماوتسي تونغ (مؤسس دولة الصين الشعبية): تجنب الخصم الأكثر خطورة، وهاجم نقاط ضعفه. يعتقد شي أن الغرب ليس صفيحة فولاذية خالية من العيوب، وسيركز على أوروبا (لإحداث خرق)».

* الصراع الأوكراني يقلق بكين
إن التصعيد في أوكرانيا يثير قلق بكين بالفعل، لكن لأسباب مختلفة عن تلك الموجودة في باريس أو بروكسل أو برلين. فالصراع يغذي عدم الاستقرار العالمي، ويثقل على «مصنع العالم»، وفوق كل شيء يهدد أسس جارتها الأوراسية (روسيا)، دعامة الصين الأساسية في المواجهة مع واشنطن.

قال تشاو تونغ، الباحث في مركز «كارنيغي تسينغهوا» في بكين: «إن أكبر مخاوف الصين في أوكرانيا هو هزيمة بوتين». إذا كان هذا السيناريو يبدو غير مرجح في هذه المرحلة، فإن غرق «القيصر» في المستنقع الأوكراني يدفع النظام الشيوعي إلى ترنيم أغنية الحوار (الدفع نحو الحوار). وهي طريقة لتهدئة حماسة الكرملين، مع تقديم تعهدات لـ«أوروبا القديمة»، بتكلفة زهيدة.

بالنسبة لبكين، يوفر الصراع الأوكراني بالتأكيد تحويلاً مرحباً به (للمجهود العسكري الغربي الذي كان منصباً نحو الصين)، من خلال توجيه الجهد العسكري الغربي، بعيداً عن مضيق تايوان، ويزيد (الصراع) التبعية الروسية للصين، لكن بشرط منع انهيار روسي افتراضي. باقتراحها «خطة سلام» معقدة لأوكرانيا، في الذكرى الأولى للصراع، قدمت الصين عرضاً لم يتخلَّ عن موسكو أو يدين الغزو. ويستبعد التقرير أن تحظى المناورة الصينية باهتمام حقيقي من المستشاريات الغربية، لكنها تساعد في تموضع بالنسبة للمفاوضات المستقبلية.

* خطاب مضاد
أشار التقرير إلى أن هذا الهجوم (الصيني المضاد) يهدف أيضاً إلى إغواء الدول الناشئة في الجنوب، وهي أولوية بكين، من خلال منح تلك الدول بديلاً عن النموذج الغربي، بالعزف على الوتر المناهض للولايات المتحدة.

رداً على خطاب الرئيس الأميركي جو بايدن عن «الديمقراطيات والديكتاتوريات» (الذي قال فيه في الذكرى السنوية لحرب أوكرانيا إن الديمقراطيات أصبحت أقوى، والديكتاتوريات باتت أضعف)، كشف الرئيس الصيني «المبادرة العالمية للحضارة» في 15 مارس (آذار)، شجب فيها «أولئك الذين يحاولون فرض قيمهم أو نموذجهم»، في انتقاد لأميركا بالكاد مستتر. خطاب حسب التقرير، تأمل فيه بكين «تطويق» الخصم (الأميركي)، مثلما فعل ماو (الزعيم المؤسس للصين الشعبية) في مواجهة خصمه تشانغ كاي تشيك (في الحرب الأهلية).


مقالات ذات صلة

زيلينسكي يطلب مساعدة الرئيس الصيني لإعادة أطفال أوكرانيين من روسيا

العالم زيلينسكي يطلب مساعدة الرئيس الصيني لإعادة أطفال أوكرانيين من روسيا

زيلينسكي يطلب مساعدة الرئيس الصيني لإعادة أطفال أوكرانيين من روسيا

أدلى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بمزيد من التصريحات بشأن مكالمة هاتفية جرت أخيراً مع الرئيس الصيني شي جينبينغ، في أول محادثة مباشرة بين الزعيمين منذ الغزو الروسي لأوكرانيا. وقال زيلينسكي في كييف، الجمعة، بعد يومين من الاتصال الهاتفي، إنه خلال المكالمة، تحدث هو وشي عن سلامة الأراضي الأوكرانية ووحدتها «بما في ذلك شبه جزيرة القرم (التي ضمتها روسيا على البحر الأسود)» وميثاق الأمم المتحدة.

«الشرق الأوسط» (كييف)
العالم الصين ترفض اتهامها بتهديد هوية «التيبتيين»

الصين ترفض اتهامها بتهديد هوية «التيبتيين»

تبرأت الصين، اليوم (الجمعة)، من اتهامات وجهها خبراء من الأمم المتحدة بإجبارها مئات الآلاف من التيبتيين على الالتحاق ببرامج «للتدريب المهني» تهدد هويتهم، ويمكن أن تؤدي إلى العمل القسري. وقال خبراء في بيان (الخميس)، إن «مئات الآلاف من التيبتيين تم تحويلهم من حياتهم الريفية التقليدية إلى وظائف تتطلب مهارات منخفضة وذات أجر منخفض منذ عام 2015، في إطار برنامج وُصف بأنه طوعي، لكن مشاركتهم قسرية». واكدت بكين أن «التيبت تتمتع بالاستقرار الاجتماعي والتنمية الاقتصادية والوحدة العرقية وموحّدة دينياً ويعيش الناس (هناك) ويعملون في سلام». وأضافت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، أن «المخاوف المز

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

البرلمان الياباني يوافق على اتفاقيتي التعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا

وافق البرلمان الياباني (دايت)، اليوم (الجمعة)، على اتفاقيتين للتعاون الدفاعي مع أستراليا وبريطانيا، ما يمهّد الطريق أمام سريان مفعولهما بمجرد أن تستكمل كانبيرا ولندن إجراءات الموافقة عليهما، وفق وكالة الأنباء الألمانية. وفي مسعى مستتر للتصدي للصعود العسكري للصين وموقفها العدائي في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، سوف تجعل الاتفاقيتان لندن وكانبيرا أول وثاني شريكين لطوكيو في اتفاق الوصول المتبادل، بحسب وكالة كيودو اليابانية للأنباء. ووافق مجلس المستشارين الياباني (مجلس الشيوخ) على الاتفاقيتين التي تحدد قواعد نقل الأفراد والأسلحة والإمدادات بعدما أعطى مجلس النواب الضوء الأخضر لها في وقت سابق العام

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
يوميات الشرق الصين تُدخل «الحرب على كورونا» في كتب التاريخ بالمدارس

الصين تُدخل «الحرب على كورونا» في كتب التاريخ بالمدارس

أثار كتاب التاريخ لتلاميذ المدارس الصينيين الذي يذكر استجابة البلاد لوباء «كورونا» لأول مرة نقاشاً على الإنترنت، وفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي). يتساءل البعض عما إذا كان الوصف ضمن الكتاب الذي يتناول محاربة البلاد للفيروس صحيحاً وموضوعياً. أعلن قادة الحزب الشيوعي الصيني «انتصاراً حاسماً» على الفيروس في وقت سابق من هذا العام. كما اتُهمت الدولة بعدم الشفافية في مشاركة بيانات فيروس «كورونا». بدأ مقطع فيديو قصير يُظهر فقرة من كتاب التاريخ المدرسي لطلاب الصف الثامن على «دويين»، النسخة المحلية الصينية من «تيك توك»، ينتشر منذ يوم الأربعاء. تم تحميله بواسطة مستخدم يبدو أنه مدرس تاريخ، ويوضح

«الشرق الأوسط» (بكين)
العالم تقرير: القوات البحرية الأوروبية تحجم عن عبور مضيق تايوان

تقرير: القوات البحرية الأوروبية تحجم عن عبور مضيق تايوان

شجّع مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، (الأحد) أساطيل الاتحاد الأوروبي على «القيام بدوريات» في المضيق الذي يفصل تايوان عن الصين. في أوروبا، تغامر فقط البحرية الفرنسية والبحرية الملكية بعبور المضيق بانتظام، بينما تحجم الدول الأوروبية الأخرى عن ذلك، وفق تقرير نشرته أمس (الخميس) صحيفة «لوفيغارو» الفرنسية. ففي مقال له نُشر في صحيفة «لوجورنال دو ديمانش» الفرنسية، حث رئيس دبلوماسية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أوروبا على أن تكون أكثر «حضوراً في هذا الملف الذي يهمنا على الأصعدة الاقتصادية والتجارية والتكنولوجية».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

ترمب يتخلص من مشكلاته القانونية قبل تنصيبه

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
TT

ترمب يتخلص من مشكلاته القانونية قبل تنصيبه

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

بعد فوزه في انتخابات 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، يبدو أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب سيتخلّص من مشكلاته القانونية بعد طلب الادعاء إسقاط الدعوى المتعلقة بمحاولة قلب نتائج انتخابات 2020 استناداً إلى سياسة وزارة العدل التي تمنع محاكمة رئيس يشغل المنصب.

ووافقت القاضية تانيا تشوتكان على طلب المدّعي الخاص جاك سميث ردّ هذه الدعوى لأنّ سياسة وزارة العدل تنصّ على عدم ملاحقة رئيس يمارس مهام منصبه، وهو ما سيكون عليه ترمب بعد أن يؤدي اليمين الدستورية في 20 يناير (كانون الثاني).

ووافقت القاضية على ذلك مع حفظ إمكان إعادة إحياء هذه الدعوى بمجرد أن يغادر ترمب منصبه بعد 4 سنوات.

وأوضح سميث أنه بعد مشاورات، خلصت وزارة العدل إلى أن سياستها منذ «فضيحة ووترغيت» عام 1973 المتمثلة في عدم محاكمة رئيس في منصبه «تنطبق على هذا الوضع غير المسبوق»، مضيفاً أن هذا الاستنتاج «لا يعتمد على مدى خطورة الجرائم المحدّدة أو قوة قضية الادعاء أو أسس الملاحقة».

وقالت القاضية إنّ «الحصانة الممنوحة لرئيس يمارس مهام منصبه هي حصانة مؤقّتة، وتنتهي عند مغادرته منصبه».

من جهتها، كتبت المدعية السابقة باربرا مكويد على «إكس»: «بالطبع، ربما لا تكون هناك شهية للملاحقة القضائية في عام 2029، لكنّ ذلك يبقي هذا الاحتمال مفتوحاً».

والقضية الأخرى في فلوريدا ستواجه المصير نفسه؛ فقد أعلن سميث أنه، للسبب عينه، لن يلاحق ترمب بتهمة الاحتفاظ بوثائق سرية بعد مغادرته البيت الأبيض عام 2021.

وكان سميث قد استأنف قرار القاضية الفيدرالية إيلين كانون في فلوريدا بإلغاء الإجراءات في يوليو (تموز) على أساس أن تعيين المدعي الخاص في القضية غير دستوري.

حصانة

هكذا، تخلص ترمب من متاعبه القانونية، خصوصاً بعد الحكم التاريخي للمحكمة العليا الذي أُقِرَّ في الأول من يوليو بأن «طبيعة السلطة الرئاسية تمنح الرئيس السابق حصانة مطلقة من الملاحقة الجنائية عن الأفعال الرسمية التي يتخذها بوصفه رئيساً».

لذلك، اضطُرَّ سميث لتقديم لائحة اتهام منقحة في نهاية أغسطس (آب) لإثبات الطبيعة الخاصة للوقائع التي يتّهم ترمب بارتكابها، والتي، وفق قوله، لا تغطيها الحصانة الجنائية.

وضمنت المحكمة العليا بحكم الأمر الواقع عدم محاكمة ترمب في هذه القضية قبل انتخابات 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، وهو ما كان يريده.

وبمجرد دخوله البيت الأبيض، يستطيع دونالد ترمب التخلص من الدعويين أو حتى تجنّب إعادتهما إلى القضاء من خلال إصدار عفو عن نفسه.

لكن رغم ذلك، ربما تكون في انتظاره عقبة أخيرة في نيويورك قبل تنصيبه رسمياً في 20 نوفمبر عند النطق بالحكم عليه في المحاكمة الوحيدة من محاكماته الجنائية الأربع التي لم يتمكن محاموه من تأجيلها إلى ما بعد عام 2024.

وأدين ترمب بارتكاب 34 تهمة جنائية في مايو (أيار) بعدما خلصت هيئة محلفين إلى أنه قام بالتلاعب بشكل احتيالي بسجلات تجارية للتغطية على دفع مبالغ لنجمة الأفلام الإباحية ستورمي دانيلز مقابل صمتها عن علاقة جنسية مفترضة حتى لا تضر بحملته في انتخابات عام 2016.

لكن القاضي خوان ميرتشن الذي أرجأ النطق بالحكم مرات عدة، سمح لمحامي ترمب بتقديم استئناف لإلغاء الإجراءات بحلول الثاني من ديسمبر (كانون الأول).

كذلك يواجه ترمب في جورجيا تهمة الابتزاز على خلفية جهوده لقلب نتائج انتخابات 2020 في الولاية الجنوبية، لكن من المرجح تجميد هذه القضية خلال ولايته.