منزل طفولة فيروز... صمد أمام الحروب وقد يهدمه الإهمال

منزل عائلة الفنانة فيروز في منطقة زقاق البلاط ببيروت (إ.ب.أ)
منزل عائلة الفنانة فيروز في منطقة زقاق البلاط ببيروت (إ.ب.أ)
TT

منزل طفولة فيروز... صمد أمام الحروب وقد يهدمه الإهمال

منزل عائلة الفنانة فيروز في منطقة زقاق البلاط ببيروت (إ.ب.أ)
منزل عائلة الفنانة فيروز في منطقة زقاق البلاط ببيروت (إ.ب.أ)

رغم إعلان وزارة الثقافة اللبنانية في مايو (أيار) من العام الماضي عن مبادرة لتحويل منزل بيروتي عتيق قضت فيه الفنانة اللبنانية فيروز سنوات طفولتها إلى متحف؛ لا يزال الإهمال يأكل جدران المنزل ومعالمه، حسب وكالة أنباء العالم العربي.
وفي هذا المنزل الذي يقع في منطقة (زقاق البلاط) على مقربة من وسط المدينة، عاشت أيقونة الفن العربي واللبناني فيروز سنوات طفولتها إلى أن غادرته في عمر العشرين عاماً إلى منزل الزوجية عام 1955 بعد زواجها من الموسيقار الراحل عاصي الرحباني.
ويرجع تاريخ بناء البيت إلى أوائل القرن التاسع عشر خلال فترة الحكم العثماني، ورغم صغر مساحته التي لا تتجاوز 100 متر مربع، يؤكد مهتمون بالتراث في لبنان أن له قيمة معنوية وثقافية لا تقدر بثمن.
وصمد هذا المنزل رغم قِدمه على مدار سنوات طوال شهدت أحداثاً كبرى في لبنان، كالحرب الأهلية التي اندلعت عام 1975. وانفجار مرفأ بيروت المدمر عام 2020 الذي ألحق دماراً واسعاً طال آلاف المباني.
لكن المهتمين بالتراث يخشون أن ينهار منزل بهذه القيمة بسبب تجاهل صرخات إنقاذه، وأن ينجح إهمال طالت سنواته فيما أخفقت فيه خطوب جسام.



خلافات أهل السلطة تحرم اللبنانيين لسنوات بهجة عيد الاستقلال

رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يضع إكليلاً من الزهور على نصب شهداء الجيش بحضور وزير الدفاع الوطني موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزف عون (قيادة الجيش)
رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يضع إكليلاً من الزهور على نصب شهداء الجيش بحضور وزير الدفاع الوطني موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزف عون (قيادة الجيش)
TT

خلافات أهل السلطة تحرم اللبنانيين لسنوات بهجة عيد الاستقلال

رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يضع إكليلاً من الزهور على نصب شهداء الجيش بحضور وزير الدفاع الوطني موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزف عون (قيادة الجيش)
رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يضع إكليلاً من الزهور على نصب شهداء الجيش بحضور وزير الدفاع الوطني موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزف عون (قيادة الجيش)

تحلّ الذكرى الـ81 لاستقلال لبنان، على وقع حربٍ إسرائيلية تدميرية أفقدت المناسبة الوطنية الجامعة رمزيتها، وغيّبت معها الاحتفال المركزي الذي يقيمه أركان الدولة سنوياً، لكنّ الحرب رغم قساوتها لم تكن السبب المباشر في تغييب الاحتفال الوطني، بل الأزمة الداخلية الناشئة عن الفراغ الرئاسي الذي دخل عامه الثالث على وقع خلافات القوى السياسية حول مواصفات الرئيس وتمسّك كلّ فريق بانتخاب الشخصيّة التي تناسبه.

قد يكون لبنان البلد الوحيد في العالم أو من البلدان النادرة التي تلغى فيه احتفالات الاستقلال بفعل الأزمات الداخلية، ولا يكفي أن توقفت الدولة عن إحياء هذه المناسبة طيلة سنوات الحرب الأهلية التي دامت 15 عاماً (1975 - 1989)، وعادت إليها فور إقرار اتفاق الطائف الذي أنهى هذه الحرب وأسس لمرحلة سلام بين اللبنانيين، لكن بعدما تعطلت الاحتفالات الرسمية المركزي 13 عاماً، ثماني مرّات بسبب الظروف القاهرة، وخمس مرّات نتيجة الفراغ الرئاسي، وكلّها تتقاطع عند معادلة واحدة، هي ضعف الدولة وغيابها أو تغييبها.

المرّة الأولى التي أقيم فيها احتفال شبه مركزي في عيد الاستقلال، شهده مقرّ الرئاسة المؤقت في منطقة الصنائع في بيروت ــ مقرّ وزارة الداخلية حالياً في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 (كان القصر الجمهوري في بعبدا تحت سيطرة رئيس الحكومة العسكرية آنذاك العماد ميشال عون الذي تمرّد على اتفاق الطائف) برعاية رئيس الجمهورية المنتخب حديثاً رينه معوّض، إلّا أنه بعد دقائق على انتهاء الاحتفال ومغادرة معوّض مقرّه جرى اغتياله بواسطة سيارة مفخخة على بعد 300 متر أودت بحياته مع عدد من مرافقيه.

بعد انتخاب الرئيس إلياس الهرواي الذي حصل بعد أيام من اغتيال معوّض، غابت الاحتفالات المركزية للاستقلال، إلى حين عودة الهراوي إلى القصر الجمهوري في بعبدا، بعد تنفيذ الجيش السوري عملية عسكرية أطاحت عون في 13 أكتوبر (تشرين الأول) 1992، ومنذ عام 1993 أقيمت ذكرى الاستقلال بشكل منتظم طيلة عهد الهرواي الأصلي وسنوات التمديد الثلاث، وكذلك استمرت لستّ سنوات من عهد الرئيس إميل لحود بالإضافة إلى السنة الأولى من التمديد له، أي عام 2005 وكانت السنة الأولى التي يحتفل فيها لبنان بالاستقلال بعد خروج الجيش السوري من لبنان على أثر اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري.

في عام 2006 ألغي الاحتفال المركزي؛ إذ حلّت المناسبة بعد حرب إسرائيلية طاحنة على لبنان، وخلافات حادّة عصفت بما يعرف بفريقي 8 و14 آذار (مارس) على آلية تشكيل المحكمة الدولية الخاصة بقضية اغتيال رفيق الحريري؛ ما تسبب باستقالة الوزراء الشيعة الستة من الحكومة، بالإضافة إلى الوزير يعقوب الصراف المحسوب على الرئيس إميل لحود، كما ألغي الاحتفال في عام 2007 لأن الجيش اللبناني كان منخرطاً في معركة مخيم نهر البارد في شمال لبنان، للقضاء على تنظيم «فتح الإسلام» الإرهابي، الذي استولى على المخيم ونفّذ عملية إعدام بحق 17 جندياً من الجيش اللبناني على مدخل المخيّم.

بعد انتخاب الرئيس ميشال سليمان في عام 2008 أقيمت احتفالات الاستقلال من دون انقطاع، لكن مع انتهاء عهد سليمان ودخول لبنان بفراغ رئاسي ألغي الاحتفال عامي 2014 و2015، ثم عاد مجدداً بعد أقلّ من شهر على انتخاب الرئيس ميشال عون، حيث أقيمت الاحتفالات المركزية في أعوام 2016 و2017 و2018 وتوقفت بعدها بشكل نهائي، وفي عام 2019 لم تتجرّأ السلطة السياسية على إقامة هذا الاحتفال لأنه جاء بعد شهر واحد على اندلاع انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول) التي عمّت كل لبنان وشلّت البلاد وطالبت برحيل السلطة السياسية بكلّ رموزها من رئيس الجمهورية إلى المجلس النيابي والحكومة، وأعقبت اندلاع الانتفاضة استقالة حكومة سعد الحريري.

منذ 2019 لم يشهد لبنان أي احتفال مركزي بالاستقلال، ففي عام 2020 ألغي بسبب انفجار مرفأ بيروت الذي دمّر نصف العاصمة، خصوصاً الواجهة البحرية التي كان يقام عليها هذا الاحتفال، وفي عام 2021 ألغي جراء جائحة كورونا، أما في الأعوام التي تلتها فألغيت بسبب الفراغ الرئاسي، إذ غادر الرئيس ميشال عون قصر بعبد في 31 أكتوبر 2022 ولا يزال البلد يعيش هذا الفراغ الذي تمدد على كلّ مؤسسات الدولة وبات يهدد بنية الدولة وبقاء المؤسسات وليس احتفالية ذكرى الاستقلال فحسب.

صحيح أن الدولة برموزها انكفأت عن هذه الذكرى الوطنية، إلّا أن الجيش اللبناني حافظ على إحيائها في وزارة الدفاع عبر وضع أكاليل الزهور على أضرحة جنود الجيش الشهداء وأحياناً بمشاركة الرؤساء، وعزا الوزير السابق رشيد درباس هذا الأمر إلى «الخلل السياسي في أداء أهل السلطة». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «ما شهدناه في السابق ونشهده اليوم سببه التلاعب بالدستور وجعله عرضة للعبث والتمزيق من قِبل القوى الأكثر سيطرة على الدولة». وشدد على أن «تغييب وإلغاء الاحتفالات الرسمية بعيد الاستقلال، لا يلغي احتفال اللبنانيين باستقلالهم ولو بتعليق الأعلام اللبنانية على شرفات المنازل». وتمنّى درباس أن «يتخذ السياسيون عبرة مما وصلت إليه حال البلد والحرب التي نعيشها الآن»، معتبراً أن «خطاب أمين عام (حزب الله) الشيخ نعيم قاسم الذي أعلن فيها أن الحزب سيعود بعد الحرب إلى ممارسة دوره السياسي تحت اتفاق الطائف، هو مؤشر جيّد على انخراطه في الدولة».

ودعا درباس القوى السياسية إلى «البحث عن برنامج لمرحلة ما بعد الحرب، وكيف نبني دولة تحتضن الجميع».