رحيل حلمي شعراوي أحد رواد التحرر الأفريقي

غيب الموت (الاثنين) المفكر المصري حلمي شعراوي (87 عاماً) الذي ينظر إليه كأحد الرواد المصريين لحركة التحرر الأفريقي. ووصف مثقفون وباحثون الراحل بـ«عاشق أفريقيا» و«المفتون بالقارة السمراء»، و«شيخ الدراسات المتخصصة في الشأن الأفريقي في مصر والعالم العربي».
وعلى المستوى الرسمي، نعت د. نيفين الكيلاني، وزيرة الثقافة المصرية، شعراوي، ووصفته بـ«المفكر الكبير، ورائد الدراسات الأفريقية»، وقالت إن «مصر خسرته»، متوجهة بالعزاء لـ«أهله ومحبيه وتلاميذه في كل مكان على امتداد القارة السمراء».
وفي منشور على صفحته بموقع «فيسبوك»، نعى حمدين صباحي المرشح الرئاسي الأسبق، الراحل، قائلاً: «إلى رحمة الله وضمير الوطن، المُعلِّم والخبير في أوجاع وأحلام وطنه مصر وأمته العربية وقارته الأفريقية، المناضل بالكلمة والموقف، الكبير الحاني الرؤوم المتواضع».
وشعراوي من مواليد عام 1935، وتخرج من كلية الآداب، وكان عنصراً فاعلاً في الدعم المصري لحركات التحرر الأفريقي في خمسينات وستينات القرن الماضي، وعمل بالرئاسة المصرية في ظل حكم الرئيس الراحل، جمال عبد الناصر، الذي أولى اهتماماً بامتداد مصر الأفريقي، وكان شعراوي أحد أبرز المشاركين في تنفيذ تلك الاستراتيجية.
وشارك شعراوي في عضوية وفود رسمية تمثل مصر أفريقيا، وكان ضمن وفود الاحتفالات باستقلال تنجانيقا عام 1961، وزنجبار عام 1963، وأنجولا وموزمبيق 1975.
وعلى المستوى البحثي، قدم شعراوي العديد من الإصدارات بالعربية والإنجليزية، التي صارت، حسب مختصين، مرجعاً أساسياً في الشؤون الأفريقية، منها: «الثورة الأفريقية في أنغولا»، و«رياح العنصرية تعصف ببلدان الجنوب»، و«السودان في مفترق الطرق»، و«الثقافة والمثقفون في أفريقيا»، و«في ثقافة التحرر الوطني»، و«قراءة جديدة لوقائع العلاقات بين حركتَي التحرر العربية والأفريقية».
وصدر الجزء الأول من المذكرات الشخصية لشعراوي عام 2019 بعنوان «سيرة مصرية أفريقية»، وفيها اتهم عهد الرئيس الأسبق محمد أنور السادات بأنه «شهد بداية إهمال القاهرة لأفريقيا، بينما كان عهد الرئيس محمد حسني مبارك تراجعاً للدور المصري في أفريقيا سياسياً وثقافياً مع غياب الرؤية الاستراتيجية، وغياب مفاهيم الوحدة ولقاء المصالح بين دول القارة»، وفق مذكراته.
ووصف أستاذ التاريخ الحديث د. عاصم الدسوقي، الراحل، بأنه «إحدى القامات السياسية الكبرى في مصر التي اشتغلت على الدائرة الأفريقية بحب وتفان وإخلاص غير مسبوق، وقدمت لبلادها وقارتها في هذا السياق خدمات جليلة».
وأضاف الدسوقي لـ«الشرق الأوسط»، أنه «يُحسب لحلمي شعراوي قيامه بتوثيق دور حركة اليسار الوطني في تاريخ النهضة والاستقلال في مصر بالقرن العشرين، حيث سجل شهادات لرموز تلك الحركة، وحصل منها على وثائق شديدة الأهمية توثق لصفحات مهملة من تاريخ مصر الحديث». وأضاف: «كلفني الراحل بتحرير تلك الشهادات وتجهيزها للنشر تباعاً في حلقات، ثم نشرها في مؤلفات كبرى مجمعة».