ارتفاع درجات الحرارة في الأردن يخلف خسائر مادية

نفوق أكثر من 250 ألف طير من الدواجن

شرطي أردني يوزع المياه على المارة (رويترز)
شرطي أردني يوزع المياه على المارة (رويترز)
TT

ارتفاع درجات الحرارة في الأردن يخلف خسائر مادية

شرطي أردني يوزع المياه على المارة (رويترز)
شرطي أردني يوزع المياه على المارة (رويترز)

خلف ارتفاع درجات الحرارة في الأردن خلال الأيام الثلاثة الماضية خسائر مادية في المحاصيل الزراعية في محافظة المفرق، إضافة إلى نفوق أكثر من 250 ألف طير من الدواجن اللاحم والبياض، فيما تعرض أكثر من 19 حالة للإصابة بضربة شمس وإصابة تسعة مواطنين بلدغات العقارب.
وقال مدير مستشفى المفرق الحكومي الدكتور سمير مشاقبة إن قسم الإسعاف والطوارئ في المستشفى تعامل مع تسعة حالات لمواطنين مصابين بلدغات العقارب التي انتشرت بسبب ارتفاع درجات الحرارة فوق معدلها الطبيعي خلال الأيام الثلاثة الماضية.
وقال المشاقبة إن تعرض بعض المواطنين بلدغات عقارب زادت من معاناتهم في المحافظة إلى جانب عدم القدرة على تحمل ارتفاع درجات الحرارة العالية مما يتطلب اتخاذ إجراءات احترازية من المواطنين حيال انتشار الأفاعي والعقارب في المنطقة خصوصا أنها صحراوية. وفي المحافظة نفسها أصيب أكثر من 300 دونم من محصول البندورة نتيجة ارتفاع درجات الحرارة.
ومن جانبه أعلن رئيس اتحاد مزارعي الدواجن عبد الشكور جمجوم أن أكثر من 250 ألف طير دجاج خلال اليومين الماضيين نفقت نتيجة موجة الحر التي ضربت المملكة. وبين جمجوم أن الخسائر توزعت في المزارع الموجودة في معظم مدن الأردن، منوهًا بأن المملكة تربي شهريا أكثر من 20 مليون طير دجاج منها 15 مليون لاحم نصفها دون تكييف و5 ملايين بياض 3 ملايين و800 ألف منها دون تكييف. وتابع أن المزارع الذي اتخذ الإجراءات الاحتياطية كانت خسائره أقل، عكس المزارع الذي لا يوجد عنده مبردات ومحولات كهربائية تستخدم عند انقطاع الكهرباء.
وأشار جمجوم إلى هبوط في كمية إنتاج البيض بمعدل 200 ألف بيضة يوميًا حيث ينتج الأردن 3 ملايين بيضة يوميًا منها مليون تحت التكييف، لافتًا إلى أن السبب الرئيسي في هبوط الإنتاج هو عدم أكل الدجاج للأعلاف بالإضافة إلى نفوق دجاج بياض. وأشار إلى أن إنتاج الأردن من البيض شهريًا هو 90 مليون بيضة منها 60 مليونًا لا يوجد عندها مبردات.
وأكد جمجوم إن هذه الخسائر ستنعكس على ارتفاع أسعار الدجاج والبيض في الأسواق.
ونتيجة لتعرض المملكة الأردنية لموجة حر لم تشهدها منذ سنوات طويلة وصلت درجات الحرارة في بعض المناطق إلى 49 درجة مئوية تحت الشمس، الأمر الذي أدى إلى تلف بالمزروعات ونفوق دواجن وحرائق أعشاب وحريق بمحولات للكهرباء.
على صعيد آخر تعاملت كوادر الدفاع المدني مع 19 إصابة بضربات شمس خلال يومي الأحد والاثنين، توزعت على محافظات المملكة وخصوصًا بمناطق الأغوار.
ودعت إدارة الإعلام والتثقيف الوقائي في المديرية للدفاع المدني إلى ضرورة تجنب التعرض المباشر لأشعة الشمس خلال ساعات الذروة تفاديًا لخطر الإصابة بضربات الشمس والإجهاد الحراري وقدمت النصائح والإرشادات لتفادي خطر الإصابة بضربات الشمس منها.
وبالنسبة لمخيم الزعتري للاجئين السوريين، فقد فرضت العاصفة وارتفاع درجات الحرارة على السكان ما يشبه حظر التجوال جراء تخوفهم من الإصابة بضربات الشمس حال الخروج نهارا من الكرفانات، لافتا إلى أن الطبيعة المعدنية للكرفانات التي تمتص حرارة أشعة الشمس طول النهار زادت من معاناة اللاجئين من حيث ارتفاع درجات الحرارة داخلها. كما أن برنامج التقنين في التيار الكهربائي الذي أقرته المفوضية زاد من معاناة اللاجئين في توفير المياه البارد للشرب وحفظ الأطعمة. وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين اضطرت إلى اتخاذ آلية جديدة لبرمجة إيصال التيار الكهربائي في مخيم الزعتري الذي يقطنه قرابة 83 ألف لاجئ سوري موزعين على أكثر من 23 ألف كرفان معدني بهدف تخفيض قيمة الفاتورة الشهرية التي تتحملها المفوضية ومنذ الساعة السابعة مساء وحتى الساعة الخامسة صباحا.
وعدلت عدد من بلديات الأغوار برنامج دوام موظفي الميدان والعاملين على آليات جمع النفايات، بسبب موجة الحر التي اجتاحت مختلف محافظات المملكة بما فيها مناطق الأغوار إلى الليل.
يشار إلى أن مناطق البحر الميت والعقبة سجلتا أعلى درجة حرارة في المملكة، ووفق موقع «طقس العرب»، فإن موجة الحر الحالية هي الأقوى منذ نحو 89 عاما.
وحسب عدد من العاملين في منتجعات البحر الميت فإن درجة الحرارة التي سجلت ظهيرة يومي الأحد والاثنين في الشمس تجاوزت 47 مئوية في الظل و57 مئوية في الشمس.
وبالنسبة لدرجات الحرارة فقد قالت دائرة الأرصاد الجوية إن الطقس سيستمر اليوم الأربعاء حارا في جميع مناطق المملكة، مع ظهور الغيوم المتوسطة والعالية، وهناك احتمال ضعيف لسقوط زخات محلية خفيفة من المطر، خاصة في المناطق الجنوبية والشرقية من المملكة، وتكون الرياح شمالية غربية معتدلة السرعة تنشط بعد الظهر مثيرة للغبار خاصة في جنوب وشرق المملكة.
وحذرت دائرة الأرصاد الجوية من التعرض المباشر لأشعة الشمس، خصوصا في أوقات الظهيرة، ومن خطر الانزلاق على الطرقات ومن تدني مستوى الرؤية الأفقية جراء الغبار خاصة في المناطق الصحراوية. وتتراوح درجات الحرارة الصغرى والعظمى في عمان ما بين 29 - 41 درجة مئوية والمناطق الشمالية 29 - 39، والمناطق الوسطى 26 - 38، والمناطق الجنوبية من 27 - 40 وفي خليج العقبة 32 - 45 درجة مئوية.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».