احتجاز «رأس امرأة شابة» لبيكاسو في كورسيكا

صاحب اللوحة حاول تهريبها إلى سويسرا على متن يخت

تقدر قيمة لوحة الفنان الإسباني المولد بابلو بيكاسو بأكثر من 25 مليون يورو (أ.ف.ب)
تقدر قيمة لوحة الفنان الإسباني المولد بابلو بيكاسو بأكثر من 25 مليون يورو (أ.ف.ب)
TT

احتجاز «رأس امرأة شابة» لبيكاسو في كورسيكا

تقدر قيمة لوحة الفنان الإسباني المولد بابلو بيكاسو بأكثر من 25 مليون يورو (أ.ف.ب)
تقدر قيمة لوحة الفنان الإسباني المولد بابلو بيكاسو بأكثر من 25 مليون يورو (أ.ف.ب)

وضعت سلطات الجمارك في جزيرة كورسي نهاركا الفرنسية مما يعتبر ثروة يجري تهريبها من باستيا، عاصمة الجزيرة، إلى سويسرا، على متن يخت خاص. وتتمثل الثروة في لوحة للفنان الإسباني المولد بابلو بيكاسو تقدر قيمتها بأكثر من 25 مليون يورو. وتحمل اللوحة عنوان «رأس امرأة شابة» وهي غير قابلة للتصدير خارج إسبانيا، حسب قرار لسلطات البلد.
وفي تفاصيل جرى الإعلان عنها، أمس، أن اللوحة هي من ممتلكات المصرفي الإسباني الثري خايمي بوتي، وريث العائلة التي أسست المصرف التاريخي «ساتاندر»، أواسط القرن التاسع عشر، وهو اليوم أكبر مجموعة مصرفية في إسبانيا. وقد حاول العبور بها إلى سويسرا على متن يخته ثم عبر طائرة تنطلق من مدينة كالفي في كورسيكا. لكن معلومات وصلت إلى السلطات الفرنسية سمحت باعتراض اليخت أثناء رسوه في كالفي، الجمعة الماضية وصعد رجالها إليه وعثروا على اللوحة مغلفة بشكل جيد. وقد قدم قبطان اليخت وثائق عن عائدية اللوحة وقيمتها وما يثبت أنها غير مسروقة، لكن يتعين عليه مواجهة السلطات الإسبانية التي أصدرت قرارًا باعتبار «رأس امرأة شابة» ثروة قومية يحظر إخراجها من البلاد.
وكان بيكاسو قد رسم أكثر من لوحة تحمل الاسم نفسه أو أسماء قريبة منه. والنسخة المهربة تقبع اليوم في حماية الشرطة الفرنسية وتحت مسؤوليتها في انتظار إعادتها إلى مدريد. أما نيات مالك اللوحة وأسباب محاولته نقلها إلى سويسرا فما زالت غير معروفة. ونقلت صحيفة «كورس ماتان»، أمس، أن استجوابه متعذر لوجوده على الأراضي الإسبانية. وكشفت أنها ليست الحادثة الأولى لتهريب اللوحة فقد سبقتها محاولة في عام 2012 لنقلها إلى العاصمة البريطانية لندن، لكن وزير الثقافة الإسباني اعترض على ذلك.
وتعتبر أعمال بيكاسو، الفنان الأشهر في القرن العشرين، هدفًا للصوص، حيثما كانت، ولعصابات المتاجرة بالقطع الفنية. وجرت سرقة لوحة له في باريس، أواخر عام 2001، يقدر ثمنها بملايين من الدولارات، قبل أن تظهر في الولايات المتحدة الأميركية. وكانت اللوحة التي تحمل عنوان «طاولة الزينة» والتي تبلغ أبعادها 33 في 46 سنتمترًا قد أرسلت بالبريد من بلجيكا إلى نيويورك كهدية لعيد الميلاد وكتب المرسل في بياناتها أن سعرها 30 يورو. وهي من ممتلكات الدولة الفرنسية وكانت محفوظة في مخزن مركز بومبيدو الثقافي ولم يكتشف القائمون عليه فقدانها إلا عندما تلقوا طلبًا لإعارتها.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».