تماثيل القاهرة تخضع لجراحة أثرية عاجلة

أبرزها «طلعت حرب» و«إبراهيم باشا» وأسود قصر النيل

TT

تماثيل القاهرة تخضع لجراحة أثرية عاجلة

حكايات وأسرار ومواقف ورؤى تتناثر في ظلال تماثيل الميادين، التي تقبع في أماكن حيوية بالعاصمة المصرية، وتجسد بشخوصها ورموزها ملامح من هويتها الثقافية والسياسية والاقتصادية والنضالية. لكن هذه التماثيل تخضع حاليا لجراحة أثرية عاجلة، فقد بات يغلفها المشمع والبلاستيك وتحيط ببعضها السقالات، لترميم ما تعرضت له من خدوش وكسور، وإزالة ما طالها من شعارات وكتابات وتشوهات، خلال الاعتصامات والمظاهرات التي قام بها أنصار الرئيس المصري المعزول، الذين يرون في التماثيل بدعة وكفرا، وأنها تحمل تجسيدا للهوية المصرية التي لا يعترفون بها.
الكاتب الصحافي صلاح عيسي يعلق على استهداف هذه التماثيل قائلا: «على الرغم من المكانة التاريخية لهذه التماثيل، لا أعتقد أن هناك أحدا يستطيع طمس الهوية المصرية؛ فالهوية المصرية مفهوم أوسع من بعض التماثيل، وإن كانت تمثل ميراثا ثقافيا وتاريخيا وحضاريا لنا امتد عبر الأجيال».
ويرى عيسى أن «هذه الأفكار الرجعية تنتمي إلى الجناح المتطرف المتشدد في الإخوان المسلمين، انطلاقا من رؤية فقهية خاطئة من الأساس، ترى أن كل التماثيل محرمة شرعا، على الرغم من أن الشريعة التي يدعون أنهم يعرفونها جيدا تبيح التماثيل ما لم تُعبد». ويطالب المؤسسات الدينية المختلفة، مثل الأزهر الشريف، وبعض المفكرين الإسلاميين بالقيام بدور تنويري لمحاربة الخطاب الديني المتشدد الذي يدعو إلى العنف.
وتنتشر على جدران المنشآت العامة والخاصة الكتابات المناهضة لـ«ثورة 30 يونيو»، بعضها كتب بـ«السبراي» وبعضها بمواد تصعب إزالتها، لكن اللافت انتشارها على التماثيل في الميادين المختلفة. ففي حي «جاردن سيتي» الراقي، بالقرب من نيل القاهرة ومبنى السفارة الأميركية، يقف تمثال الجنرال سيمون بوليفار شامخا كعادته، لكن دون سيفه الذي سُرق مؤخرا.. محمد أبو مسلم (59 سنة)، يعمل حارسا لإحدى البنايات المجاورة يصف ما حدث للتمثال، قائلا: «تعرض التمثال للسلب والتشويه في أثناء المظاهرات بمحيط السفارة الأميركية، ضد الفيلم المسيء للرسول الكريم، وكذلك عقب عزل الرئيس السابق، حيث كتبت عناصر من الجماعة عبارات مناهضة لما سموه «انقلابا» على التمثال، كما سرقوا السيف الخاص بالتمثال المصنوع من النحاس الخالص، الذي يُعتبر جزءا تاريخيا منه، وسرقوا اللوحات الخاصة بتاريخ إنشاء الميدان، التي كانت تحتوي على بعض المعلومات التاريخية عن التمثال، مضيفا، وهو ينفث دخان نرجيلته: «لقد جاءت رئاسة الحي وقامت ببعض عمليات التجميل للتمثال، وإزالة بعض الكتابات، وتنظيفه بالكامل، ولكن تتبقى بعض عمليات الترميم الخاصة باللوحات والسيف المسروق الذي سيكون من الصعب إعادته».
يرجع إنشاء تمثال سيمون بوليفار إلى عام 1979، عندما أهدت السيدة الأولى في فنزويلا (دونا بلانكا رودريغيز) تمثالا من البرونز الخالص يبلغ طوله ست أقدام للجنرال سيمون بوليفار إلى مصر، لاعترافها باستقلال البلاد من الاحتلال البريطاني آنذاك، وهو ما يؤرخ لحقبة مهمة من تاريخ البلاد.
ولم تسلم تماثيل الأسود الأربعة القريبة من ميدان سيمون بوليفار، التي تزين واجهة كوبري قصر النيل، من التعديات؛ فقد نالت نصيبها من التشويه. فكما يروي الشاب أحمد عبد الرحيم (33 سنة) قائلا: «في أثناء مظاهرات (الإخوان)، قامت أعداد منهم بكتابة عبارات مناهضة للثورة على تماثيل الأسود، كما حاولت بعض الجماعات (البلطجية) إحداث خدوش في التماثيل بآلات حادة تركت آثارا تصعب إزالتها».
ويضيف: «هؤلاء ليسوا مصريين، لا يمكن أن يكون لديهم أي انتماء لمصر، أتمني أن تستطيع إدارة الحي ترميم التماثيل في عملية التجميل والترميم التي تقوم بها منذ نحو شهر».
ويعد كوبري قصر النيل من أقدم الكباري، حيث أُنشئ في عام 1869 في عهد الخديو إسماعيل. وهو يطل من ناحية على ميدان التحرير، ومن الناحية الأخرى على ميدان سعد زغلول وتمثاله الشهير المنتصب بارتفاع شاهق في واجهة دار الأوبرا.
وفي ميدان المساحة بالجيزة، حيث يوجد واحد من أهم تماثيل مصر «الحديثة»؛ تمثال أمير الشعراء أحمد شوقي، الجالس في هدوء فوق أبيات من أشعاره، قامت هيئة النظافة بالحي بتجميل التمثال وتنظيفه من شظايا أعمال العنف التي لحقت به، في أثناء اعتصام أنصار الرئيس المعزول بميدان النهضة، على بعد خطوات من التمثال.
وأدانت وزارة الثقافة المصرية، في بيان لها، الاعتداء على تماثيل مصر، واصفة هذا العمل بأنه «يفتقر إلى كل القيم الوطنية والإسلامية والإنسانية، كما يؤكد عدم وعي مرتكب هذه الجريمة بمعنى التمثال فنيا ووطنيا وثقافيا».
ومن أبشع مظاهر الاعتداء على التماثيل خارج القاهرة تحطيم رأس تمثال طه حسين، عميد الأدب العربي، بمسقط رأسه بمحافظة المنيا بصعيد مصر، حيث سُرق رأس التمثال الصغير نسبيا، بعد أن حطموا القاعدة الهرمية التي يعلوها التمثال بالكامل؛ فلم يعد يتبقى منه شيء يُذكر.. كما طال العدوان تمثالا لأم كلثوم كوكب الشرق، بأحد الميادين بمحافظة الدقهلية، مسقط رأسها، وقام المتظاهرون بكتابة عبارات مسيئة على جسد التمثال وتغطية رأسه بقطعة من القماش الأسود.
وفي اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، قال خالد مصطفى المتحدث الإعلامي للمحافظة، إن المحافظة تقوم بترميم كل التماثيل المتضررة من الأحداث الأخيرة، التي يبلغ عددها 11 تمثالا في ميادين المحافظة المختلفة، بالتعاون مع المجلس الأعلى للآثار، وبتمويل كامل من المحافظ، باستثناء تمثال إبراهيم باشا بميدان الأوبرا، الذي تتولى هيئة الآثار تمويل عملية ترميمه وتجميله بالكامل، بمعاونة بعض الفنانين والخبراء الذين ما زالوا يعملون حتى الآن في عملية الترميم. وهي عملية سوف تستغرق وقتا - كما يقول - بسبب أعمال التشويه التي تطال التماثيل، خاصة أن هناك كتابات صعبة الإزالة وخدوشا تطال كثيرا منها، وهو ما دفع الهيئة إلى تغطية بعض التماثيل بالبلاستيك حتى استقرار الأوضاع.
ولفت مسؤول المحافظة إلى أن «تمثال طلعت حرب من أكثر التماثيل التي تضررت من خدوش صعبة الترميم وكتابات بمادة صعبة الإزالة، وهو ما تعمل عليه هيئة الآثار الآن حتى تكتمل عملية ترميمه بالكامل مع مطلع العام الجديد».
يرجع إنشاء تمثال طلعت حرب مؤسس بنك مصر ومحقق النهضة الاقتصادية في مصر الحديثة، إلى ثورة يوليو (تموز) 1952، عندما قررت رموز الثورة التخلص من جميع الرموز الملكية للعهد البائد؛ فقاموا بنقل تمثال سليمان باشا إلى المتحف الحربي بالقاهرة، ووُضع بدلا منه تمثال الاقتصادي المصري طلعت حرب، وسُمّي الشارع والميدان باسمه. ويقع ميدان طلعت حرب في وسط القاهرة، على بعد خطوات من ميدان التحرير.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.