هل تكون «كلاب الراكون» الحلقة المفقودة في لغز «كوفيد-19»؟

«الصحة العالمية» تُحقق وتنتظر تعاوناً صينياً

كلاب الراكون قد تحمل حل اللغز لأصل فيروس «كورونا» (غيتي)
كلاب الراكون قد تحمل حل اللغز لأصل فيروس «كورونا» (غيتي)
TT

هل تكون «كلاب الراكون» الحلقة المفقودة في لغز «كوفيد-19»؟

كلاب الراكون قد تحمل حل اللغز لأصل فيروس «كورونا» (غيتي)
كلاب الراكون قد تحمل حل اللغز لأصل فيروس «كورونا» (غيتي)

أحدث العثور على فيروس «كورونا» المستجد في عينات الحمض النووي لكلاب الراكون، والتي تم جمعها من سوق ووهان بالصين في بدايات الوباء، قبل إغلاق السوق، جدلاً كبيراً بين العلماء، إذ رأى البعض أن هذه العينات «قد تفسر أصل الفيروس»، بينما قلل آخرون من أهميتها.
ونشرت نتائج هذه العينات على «GISAID»، وهي قاعدة بيانات بحثية دولية تتعقب التغيرات في «كوفيد-19» وفيروس الإنفلونزا، من قبل المسؤولين في «المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها»، في أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي، ولكن تم حذفها مؤخراً، غير أن علماء دوليين حصلوا على هذه البيانات قبل إزالتها، قاموا بتحليل نتائجها.
وقدم هؤلاء العلماء، الثلاثاء الماضي، نتائج تحليلهم في اجتماع عقدته «منظمة الصحة العالمية» للمجموعة الاستشارية العلمية لمنظمة الصحة العالمية لأصول مسببات الأمراض الجديدة، والتي تبحث في أصول الفيروس، كما عاد مسؤولو المركز الصيني لتقديم هذه البيانات إلى المنظمة، بناء على طلبها، لمناقشتها خلال الاجتماع.
أحد العلماء الذين شاركوا في تحليل البينات الصينية قبل حذفها، وشارك أيضاً في اجتماع المنظمة، هو ستيفن غولدشتاين، عالم الفيروسات في جامعة يوتا الأميركي، وقد قال في تصريحات صحافية نقلتها وكالة «أسوشييتد برس» الجمعة، إن «نتائجهم هي أول مؤشر قوي على احتمال إصابة الحيوانات البرية في السوق بفيروس (كورونا)»»؛ لكنه أشار إلى أنه من الممكن أيضاً أن يكون البشر قد جلبوا الفيروس إلى السوق، وأصابوا كلاب الراكون، أو أن البشر المصابين قد تركوا آثاراً للفيروس بالقرب من الحيوانات.
وغالباً ما تتم تربية كلاب الراكون التي سميت بهذا الاسم لوجهها الشبيهة بحيوان الراكون، من أجل فرائها وبيع لحومها في أسواق الحيوانات في جميع أنحاء الصين. ويعني ما ذهب إليه غولدشتاين، أن فيروس «كورونا المستجد» قفز إلى البشر من الخفافيش عبر كلاب الراكون.
وتتشابه الشفرة الوراثية لفيروس «كورونا» بشكل لافت مع تلك الموجودة في فيروسات الخفافيش، واشتبه كثير من العلماء في أن الفيروس قفز إلى البشر، إما مباشرة من الخفافيش أو عبر حيوان وسيط.
وطرحت من قبل احتمالات أن يكون هذا الحيوان الوسيط هو القوارض أو البنغول، ولكن البيانات الجديدة التي تم تحليلها تشير إلى أنه ربما يكون «كلاب الراكون»، ما لم يتم إثبات أن البشر هم من نقلوا الفيروس إلى تلك الكلاب وليس العكس.
ويقول ماثيو وودروف، مدرس علم المناعة البشرية بجامعة إيموري الأميركية، لـ«الشرق الأوسط»: إن «النتائج مهمة، وتعد إلى حد بعيد مفيدة في تقصي أصول الفيروس، على الرغم من أنها ليست نهائية».
ويضيف: «في حين أن المعلومات الجديدة لا تحل اللغز، فإنها توفر أملاً كبيراً في إمكانية حل اللغز بالفعل، وسوف يتطلب الأمر مزيداً من البحث، ولكن الشيء الجيد والرائع أنه يوجد الآن طريق لمعرفة ذلك».
ووصف محمد سمير، أستاذ الفيروسات بجامعة الزقازيق (شمال شرقي القاهرة) البيانات بأنها «جزء أساسي من اللغز»، مضيفاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنها «ستسمح لمتعقبي الفيروسات بالقدرة على إنشاء جدول زمني للتطور؛ لكن بشرط مزيد من التعاون الصيني».
ومع ذلك، لا يتفق الجميع على فائدة المعلومات، على الأقل حتى الآن؛ حيث قلل الدكتور أميش أدالجا، اختصاصي الأمراض المعدية والباحث البارز في مركز «جونز هوبكنز» للأمن الصحي، من قيمتها، وقال الجمعة لموقع مجلة «فروتشن»، إن «المجتمع العلمي عموماً لا يزال غير قادر على الوصول إلى البيانات التي تم سحبها مؤخراً من قاعدة بيانات الأبحاث الدولية من قبل المسؤولين الصينيين، وبالتالي لا توجد معلومات كافية لتكون قادراً على قول أي شيء مفيد حقاً».
وربط جاي فارما، مستشار معهد «كرول» في نيويورك رأيه بمدى دقة البيانات التي رفعها المسؤولون الصينيون على قاعدة البيانات قبل حذفها، وقال لمجلة «فروتشن»: «إذا كانت البيانات صحيحة علمياً بالفعل، فإنها ستدعم وجهة النظر الجماعية القائلة بأن (كوفيد-19) من المحتمل أن ينتقل من حيوان إلى إنسان دون أن يكون هناك أي حوادث معملية أو إطلاق متعمد».
ومن جانبها، حرصت «منظمة الصحة العالمية» على عدم التعويل كثيراً على هذه البيانات. وقال تيدروس أدهانوم، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية في إفادة صحافية الجمعة، إن «المعلومات الجديدة لا تقدم إجابات محددة فيما يتعلق بأصول الوباء؛ لكن كل جزء من البيانات مهم في تقريبنا من هذه الإجابة».
وطلب أدهانوم من الصين مزيداً من التعاون، مضيفاً أن «جميع البيانات المتعلقة بدراسة أصول الفيروس الجديد تجب مشاركتها مع المجتمع الدولي، وكان من الممكن؛ بل كان ينبغي، مشاركة البيانات قبل 3 سنوات».
وتم جمع العينات التي أنتجت تلك البيانات من سوق ووهان في أوائل عام 2020، بينما تم العثور على أول حالات إصابة بشرية بالفيروس أواخر عام 2019.
وقالت ماريا فان فيركوهوف، القائدة الفنية لجائحة «كوفيد-19» في منظمة الصحة العالمية، إن البيانات تظهر فقط أن كلاب الراكون كانت موجودة في السوق، بالإضافة إلى حيوانات أخرى، والفيروس.
وتقول: «هذا ليس دليلاً على أن تلك الحيوانات نقلت الفيروس للبشر، فربما أصيبوا بالعدوى من قبل البشر في السوق، أو في أي مكان آخر».
وتضيف: «هذه البيانات تخبرنا فقط بوجود مزيد من المعلومات، وأنه تجب مشاركة تلك المعلومات بالكامل مع المجتمع الدولي».
وفي وقت سابق، وصف أدهانوم، مدير منظمة الصحة العالمية، الوصول لأصل فيروس «كورونا المستجد»، بأنه «واجب أخلاقي».


مقالات ذات صلة

دراسة: «كورونا» تسبب في ضعف إدراكي مستمر للمرضى

صحتك فيروس كورونا أدى إلى انخفاض مستمر في الذاكرة والإدراك (أ.ف.ب)

دراسة: «كورونا» تسبب في ضعف إدراكي مستمر للمرضى

وجدت دراسة فريدة من نوعها أن فيروس كورونا أدى إلى انخفاض بسيط، لكنه مستمر في الذاكرة والإدراك لعدد من الأشخاص.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق اعترف غالبية المشاركين بالدراسة بالحنين إلى الماضي (جامعة كوبنهاغن)

العاملون من المنزل يعانون «نوبات الحنين» لما قبل «كورونا»

أفادت دراسة أميركية بأنّ العاملين من المنزل يشعرون بالضيق ويتوقون إلى ماضٍ متخيَّل لِما قبل انتشار وباء «كوفيد–19»، حيث كانوا يشعرون بالاستقرار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك العلماء يعتقدون أن الإنفلونزا أكبر تهديد وبائي في العالم (رويترز)

أول لقاح للإنفلونزا يمكن تعاطيه ذاتياً في المنزل دون إبر

وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) أمس (الجمعة) على أول لقاح للإنفلونزا يمكن تعاطيه ذاتياً في المنزل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك أجهزة الاستشعار الورقية الجديدة سريعة وسهلة الاستخدام (جامعة كرانفيلد)

تقنية جديدة تكشف أمراضاً معدية بالصرف الصحي

توصّل باحثون في بريطانيا إلى طريقة لتحديد العلامات البيولوجية للأمراض المعدية في مياه الصرف الصحي باستخدام أجهزة استشعار ورقية بتقنية الأوريغامي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
آسيا رجل أمن بلباس واقٍ أمام مستشفى يستقبل الإصابات بـ«كورونا» في مدينة ووهان الصينية (أرشيفية - رويترز)

دراسة جديدة تدعم فرضية تفشي «كوفيد 19» من سوق ووهان

كشفت دراسة حول مصدر فيروس كورونا، نشرت الخميس، عناصر جديدة تعزز فرضية انتقال العدوى إلى البشر عن طريق حيوانات مصابة كانت في سوق في ووهان (الصين) نهاية عام 2019.

«الشرق الأوسط» (باريس)

«ودارت الأيام»... مسرحية مصرية تُحذّر من «تضحيات الزوجة المفرِطة»

الديكور جزء أساسي من مفردات العمل (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)
الديكور جزء أساسي من مفردات العمل (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)
TT

«ودارت الأيام»... مسرحية مصرية تُحذّر من «تضحيات الزوجة المفرِطة»

الديكور جزء أساسي من مفردات العمل (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)
الديكور جزء أساسي من مفردات العمل (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)

حين أطلق صُنّاع أغنية «ودارت الأيام» تحفتَهم الغنائية الخالدة عام 1970 لتصبح واحدة من روائع «كوكب الشرق» أمّ كُلثوم، ربما لم يخطر على بالهم أنها سوف تصبح اسماً لواحد من العروض المسرحية بعد مرور أكثر من نصف قرن.

وبينما تحفل الأغنية الشهيرة التي كتبها مأمون الشناوي، ولحّنها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، بالتفاؤل والنهاية السعيدة لجفوة قديمة بين حبيبَين التقيا بعد سنوات من الفراق، فإن المسرحية التي تحمل الاسم نفسه، وتُعرَض حالياً ضمن فعاليات مهرجان «أيام القاهرة للمونودراما الدّولي»، تحمل أجواءً حزينة مِلؤها الحسرة والأسى لزوجة تكتشف بعد فوات الأوان أنها خسرت كل شيء، وأن تضحياتها الزوجية عبر أحلى سنوات العمر ذهبت أدراج الرياح.

حالات متناقضة من المشاعر والانفعالات (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)

تروي المسرحية قصة زوجة تستيقظ فجأةً على نبأ وفاة زوجها، بيد أن المصيبة هذه لم تأتِ بمفردها، بل جرّت معها مصائب متلاحقة، ليُصبح الأمر كابوساً متكامل الأركان، فالزوج لم يَمُت في بيت الزوجية، بل في بيت آخر مع زوجة أخرى اقترن بها سراً قبل نحو 15 عاماً، لتكتشف البطلة أنها عاشت مخدوعة لسنوات طوال.

محاولة لاستعادة الماضي بلا جدوى (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)

تلك الصّدمة العاطفية الكُبرى شكّلت نقطة الانطلاق الحقيقية للعرض المسرحي الذي أخرجه فادي فوكيه، حين تأخذ البطلة التي جسّدت شخصيتها الفنانة وفاء الحكيم، في استرجاع ذكريات رحلتها الزوجية التي اتّسمت بتنازلها عن كثيرٍ من حقوقها بصفتها زوجة وأنثى، كما تروي مواقف عدّة، تقبّلت فيها معاملة زوجها المهينة ونظرته الدُّونية لها، وأنانيته وتغطرسه؛ إذ لم يكن يفكر إلا في نفسه، وكان يتعامل مع زوجته كأنها خادمة مسخّرة لتلبية رغباته، وليست شريكة حياة لها حقوق كما أن عليها واجبات.

عدّ الناقد المسرحي د. عبد الكريم الحجراوي، مسرح المونودراما الذي ينتمي إليه العمل «من أصعب أنواع القوالب الفنية؛ لأنه يعتمد على ممثّل واحد في مواجهة الجمهور، مطلوب منه أن يكون شديدَ البراعة ومتعددَ المواهب من حيث التّشخيص، والمرونة الجسدية، والاستعراض، والتحكم في طبقات صوته»، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذا الممثل مُطالَب بالسيطرة على المتفرج، والإبقاء عليه في حالة انتباه وتفاعل طوال الوقت، ومن هنا تكمن الصعوبة، حيث لا وجود لشخصيات أخرى أو حوار.

ويضيف الحجراوي: «وجد ممثل المونودراما نفسه مطالَباً بالتعبير عن الصراع الدرامي بينه وبين الآخرين الغائبين، أو بينه وبين نفسه، فضلاً عن أهمية امتلاكه مرونة التعبير عن حالات مختلفة من المشاعر، والانفعالات، والعواطف المتضاربة التي تتدرّج من الأسى والحزن والشّجَن إلى المرح والكوميديا والسُّخرية، وهو ما نجحت فيه وفاء الحكيم في هذا العمل».

أداء تمثيلي اتّسم بالإجادة (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)

ويُبرِز العمل الذي يُعدّ التجربة الأولى للمؤلفة أمل فوزي، كثيراً من محطات الخذلان والإحباط التي عاشتها الزوجة؛ فقد رفضت والدتها ذات الشخصية القوية، فكرة انفصالها عن زوجها في السنوات الأولى لحياتهما معاً، ومن ثَمّ رفضت الزوجة نفسها فكرة الانفصال بعد إنجاب أكثر من طفل، وتلوم البطلة نفسها بسبب قبولها لموضوع الزواج في سنٍّ صغيرة وهي لا تزال في بداية دراستها الجامعية، وعجزها عن التمرد بوجه زوجها حين رفض بإصرارٍ أن تُكمل دراستها، مخالِفاً بذلك وعدَه لها ولأسرتها أثناء فترة الخطوبة.

واللافت أن الزوجة لا تغار من الزوجة الثانية التي أنجبت هي الأخرى طفلاً من زوجهما المشترك، بل تلومُ نفسها على ضعف شخصيتها حيناً، وثقتها غير المبرّرة في زوجها أحياناً.