{مقار}... من بينالي فينيسيا إلى حي جميل في جدة

منظور معماري مستوحى من جائحة {كورونا}

جانب من معرض «مقار» في عرضه الأول ببينالي فينيسيا للعمارة عام 2021 (جناح السعودية)
جانب من معرض «مقار» في عرضه الأول ببينالي فينيسيا للعمارة عام 2021 (جناح السعودية)
TT

{مقار}... من بينالي فينيسيا إلى حي جميل في جدة

جانب من معرض «مقار» في عرضه الأول ببينالي فينيسيا للعمارة عام 2021 (جناح السعودية)
جانب من معرض «مقار» في عرضه الأول ببينالي فينيسيا للعمارة عام 2021 (جناح السعودية)

عندما قدم جناح المملكة العربية السعودية معرض «مقار» في بينالي فينيسيا للعمارة عام 2020 كانت الجائحة مستحكمة، وجاء العرض متوافقاً مع الحالة العالمية ومع الموضوع العام للبينالي «كيف سنعيش سوياً». بعد انتهاء البينالي انتقل العرض لحي جميل بجدة ليعرض حتى السابع من أغسطس (آب) المقبل، وبالأمس احتضن «فن جميل» بالشراكة مع هيئة فنون العمارة والتصميم، برنامجاً عاماً ليوم واحد حول تاريخ الملاجئ والبنية التحتية والمظاهر المكانية في أوقات الظروف الاجتماعية المتغيرة، وأقيمت جلسات حوار حول المعرض تضمن لقاءات مع المنسقين أزما ز. ريزفي ومرتضى فالي ومعماري «ستوديو باوند» وهم حسام الدقاق وحصة البدر وبسمة كعكي.
يعرض «مقار» صوراً نادرة ومواد وبحوثاً أرشيفية دقيقة، ومخططات عمرانية، ونماذج معمارية، ورسومات عابرة تعود إلى تاريخ الملاجئ، وتدرس كيفية تكيُّف البيئة المبنية والنسيج الحضري لاستيعاب الظروف الاجتماعية المتغيرة. وتبرز أهميته في المملكة تحديداً، كونها بلداً استضاف ويواصل استضافة العديد من الحجاج أثناء مواسم الحج، فإن الحاجة إلى الحجر الصحي، سواء كان مخططاً له للوقاية أثناء مواسم الحج، أو قسرياً في لحظات الأزمات، تضمن تحويل الأماكن والبنيان الخاصة والعامة، فتتغير لتصبح بكل حدودها ملاجئ معزولة للتعافي تعمل على خدمة الصحة العامة.

جانب من معرض «مقار» (جناح السعودية في بينالي فينيسيا)

- جولة على «مقار»
أتيحت لي الفرصة للتجول في المعرض والحديث مع المهندس المعماري حسام الدقاق من «ستديو باوند»، وهو أحد القيمين على المعرض.
بداية العرض يثير في النفس شجوناً ومشاعر متضاربة، حيث إنه يدور حول فترة من العزلة والخوف شملت العالم بأكمله، لكنه هنا يأخذنا بعدسة مقربة ويستكشف كيف تحولت المباني في السعودية وتكيفت مع فترة الحجر الصحي. عبر التنقل ما بين «ماكيتات» المباني المعمارية قديماً وحديثاً وعبر عرض الصور، يتبدى لنا أن ما مر بنا في تلك الفترة الحرجة كان له امتداد تاريخي في العمارة في المملكة، وأيضاً له تأثير مستقبلي من حيث تغير استخدامات المنازل وطرق العيش بين داخل الأبنية وخارجها.

جانب من معرض «مقار» في عرضه الأول  (جناح السعودية في بينالي فينيسيا)

- محطات العزل
يبدأ الدقاق الجولة بالإشارة لعنوان العرض، وهو «مقار»، قائلاً إنه مستوحى من فترة جائحة «كورونا» ومن الحاجة للانعزال: «بدأنا العمل بدراسة فكرة العزل الصحي تاريخياً انطلاقاً من ابن سينا مروراً بتاريخ البندقية في القرن الـ14، نجد أن الفكرة لها عمق تاريخي، وأيضاً لها مرادفات معاصرة».
توفر النظرة التاريخية الإطار العام والخلفية التي ينطلق منها العرض، وإن كان يعنى أكثر بفكرة الحجر فيما يتعلق بالمناطق المحيطة بالبحر الأحمر. يشير إلى مخطط يبرز بعض محطات الحجر الصحي على سواحل البحر الأحمر في اليمن والسودان ومصر وجدة: «هذه هي المحطات التي كان يمر بها الحجاج في رحلتهم نحو مكة المكرمة». يسرد العرض تطور فكرة الحجر الصحي منذ نهاية القرن الثامن عشر حتى بدايات القرن التاسع عشر.
نمر على المحطات المختلفة على الخريطة المجسمة أمامنا لنصل لمدينة جدة، حيث تقع «الكرانتينا» أو «المحجر»، وهي محطة العزل الصحي التي أقيمت في جنوب المدينة عام 1950، يقول: «اسمها مقتبس من الكلمة اللاتينية، التي تعني العزلة 40 يوماً، بنيت في الخمسينات، ووقتها أثبت بناؤها أن السعودية قادرة على استعادة السيطرة على حدودها الطبية».
يمر الدقاق في حديثه على مدينة الحجاج القديمة في جدة، نراها من خلال صور أرشيفية، قائلاً: «عملياً مدن الحجاج التي بنيت في السبعينات والثمانينات للحجاج، لم تقم فقط لضرورة طبية، بل أيضاً لعزل الحجاج عن بقية السكان».

مدينة الحجاج القديمة بجدة (جناح السعودية في بينالي فينيسيا)

- الفنادق ووظيفة جديدة
فيما يتعلق بالفصل بين الناس، وهو أساس فكرة الحجر الصحي أو «الكوارنتين»، يمكننا رؤية وظيفة مدن الحجاج في هذا الإطار. ولكن فترة الجائحة أبرزت مباني أخرى استخدمت للغرض ذاته: وهي الفنادق، حيث كان القادمون للمملكة يقضون فيها فترة من الحجر الصحي للتأكد من خلوهم من الفيروس.
يصحبني الدقاق لمنصة عرض أخرى عن الفنادق في السعودية: «هنا ندرس فكرة الفنادق واستخدامها محطات للعزل الصحي. الفندق له دور كبير، من حيث الوظيفة فهو يماثل المستشفى، وليس مصادفة أن يستخدم محطة عزل». العرض يقدم صوراً لأقدم وأهم الفنادق في المملكة مثل فندق اليمامة في الرياض: «(أوتيل اليمامة) كان يقع على طريق يضم كل الوزارات، لذلك كان الفندق يستضيف الاجتماعات المهمة مثل اجتماع هنري كيسنجر والملك فيصل. هناك أيضاً (فندق إنتركونتننتال) في الرياض، الذي اكتسب أهمية خاصة تكمن في أن الفندق أصبح يحتل مساحة عمرانية ليست محصورة فقط على مبنى واحد». يمر على فندق آخر يثبت نظريته «(ماريوت خريص الرياض) تحول إلى مستشفى في الثمانينات، وكان ذلك التحول سهلاً من الناحية الهندسية حيث يوجد تشابه كبير ما بين الفندق والمستشفى».
من العرض التاريخي نصل للمعاصر في عرض مصور لكل الفنادق التي استخدمت للعزل الصحي في الرياض خلال فترة جائحة «كورونا»، ونرى أيضاً في العرض عدداً من الأبواب الخشبية التي تمثل أبواب غرف من فنادق مختلفة.

صورة أرشيفية لفندق اليمامة بالرياض من معرض «مقار» (جناح السعودية)

- المنزل... داخله وخارجه
نصل في الجولة لقسم المنزل أو البيت، يقول الدقاق، «تاريخياً، تكيف البيت السعودي مع احتياجات الإنسان واستخداماته، وخلال الجائحة تغيرت الطريقة التي نعيش فيها في بيوتنا، ومناطقنا الداخلية تغيرت أيضاً». في السعودية قديماً كانت العائلة تتقاسم السكن في مبانٍ تجتمع حول فناء، تغير المفهوم مع ظهور مفهوم العائلة الواحدة التي تعيش منفصلة «هنا ظهرت البوابات بشكل قوي لتحجز المنازل عن الخارج وعن بعضها».
على حائط مجاور، نرى عرضاً مصوراً لمنازل توضح فكرة أن الجائحة دفعت بالسكان لاستخدام المساحات الخارجية بشكل أكبر: «أصبح لقاء الآخرين خارج البيوت المغلقة أمراً مفضلاً، وهو عكس ما اعتاده الناس». يشير إلى الصور: «هنا حجبنا المساحات الداخلية باللون الأبيض لإبراز المساحات الخارجية والبوابات ولتوضيح كيف انتقلت فكرة الخصوصية من داخل المنازل لخارجها».
يضيف محدثي قائلاً: «المعرض يطرح فكرة وسؤالاً عن التعايش بين الناس، ليس فقط خلال فترة الجائحة، وإنما أيضاً على المدى الطويل، لأن كثيراً من أساليب الحياة التي تسببت فيها الجائحة ستظل معنا في المستقبل». في العرض أيضاً حائط يحمل ملصقات دعائية لمعقمات ومنظفات، يطلق عليه الدقاق اسم «حائط التعقيم»، ويضيف: «أصبحنا مهوسين بالتعقيم والتنظيف لكل شيء يدخل المنزل، هنا نرى تسليع التعقيم والنظافة عبر المنتجات التجارية».

التعقيم والنظافة من قصاصات لإعلانات الصحف السعودية (جناح السعودية في بينالي فينيسيا)

 


مقالات ذات صلة

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

يوميات الشرق رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً. فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه.

يوميات الشرق ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.

محمود الرفاعي (القاهرة)
يوميات الشرق معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

معرض «أحلام الطبيعة» في ألمانيا

زائرون يشاهدون عرضاً في معرض «أحلام الطبيعة - المناظر الطبيعية التوليدية»، بمتحف «كونستبلاست للفنون»، في دوسلدورف، بألمانيا. وكان الفنان التركي رفيق أنادول قد استخدم إطار التعلم الآلي للسماح للذكاء الصناعي باستخدام 1.3 مليون صورة للحدائق والعجائب الطبيعية لإنشاء مناظر طبيعية جديدة. (أ ب)

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق «نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

«نلتقي في أغسطس»... آخر رواية لغارسيا ماركيز ترى النور العام المقبل

ستُطرح رواية غير منشورة للكاتب غابرييل غارسيا ماركيز في الأسواق عام 2024 لمناسبة الذكرى العاشرة لوفاة الروائي الكولومبي الحائز جائزة نوبل للآداب عام 1982، على ما أعلنت دار النشر «راندوم هاوس» أمس (الجمعة). وأشارت الدار في بيان، إلى أنّ الكتاب الجديد لمؤلف «مائة عام من العزلة» و«الحب في زمن الكوليرا» سيكون مُتاحاً «عام 2024 في أسواق مختلف البلدان الناطقة بالإسبانية باستثناء المكسيك» و«سيشكل نشره بالتأكيد الحدث الأدبي الأهم لسنة 2024».

«الشرق الأوسط» (بوغوتا)

جدل «الست»... هل يثير شهية صناع الدراما لمعالجة السيّر الذاتية؟

لقطة من فيلم «الست» (حساب الكاتب أحمد مراد على موقع «فيسبوك»)
لقطة من فيلم «الست» (حساب الكاتب أحمد مراد على موقع «فيسبوك»)
TT

جدل «الست»... هل يثير شهية صناع الدراما لمعالجة السيّر الذاتية؟

لقطة من فيلم «الست» (حساب الكاتب أحمد مراد على موقع «فيسبوك»)
لقطة من فيلم «الست» (حساب الكاتب أحمد مراد على موقع «فيسبوك»)

أثار فيلم «الست» جدلاً وزخماً نقدياً مكثفاً خلال الأيام الماضية، منذ الإعلان عن صناعة الفيلم قبل أشهر عدة، وزادت حدته بالتزامن مع طرح «البرومو الترويجي»، وعقب طرحه للمشاهدة بدور العرض السينمائي في مصر، وعدد من الدول العربية قبل أيام.

ورغم تحقيق «الست» إيرادات مليونية، وتصدره قائمة الأفلام المعروضة حالياً، فإن النقد بين مؤيد ومعارض ما زال قائماً، حيث أكد عدد من النقاد والمتابعين على مواقع «سوشيالية» أن «الجدل» ساهم في شهرة الفيلم، والرغبة في متابعته.

وربما صاحب الجدل حول فيلم «الست»، الذي قدمت بطولته منى زكي، رغبة من بعض الصناع لتقديم أعمال «سير ذاتية» جديدة لمشاهير عدة، مثل طه حسين، وسعاد حسني، وفاتن حمامة، حسبما أعلنوا خلال الأيام الماضية، «فهل تسبب هذا الجدل في فتح شهيتهم لتقديم مزيد من معالجات السير الذاتية»؟

الكاتب والناقد الفني المصري عماد يسري، يرى أن أعمال «السير الذاتية» موجودة بالفعل وقدمت من قبل، لكن جدل «الست» مؤخراً ربما فتح الباب مجدداً، لافتاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الجدل بشكل عام مفيد، ولكن في بعض الأحيان لا يكون كذلك، بل ربما يتسبب في ردّ فعل عكسي عند البعض، لكن فيلم (الست) حالة خاصة نظراً لطبيعة شخصية أم كلثوم»، وفق قوله.

وأوضح يسري أن «السير الذاتية» السليمة هي التي يكتبها الشخص بنفسه، أو يحكيها لشخص آخر، لتكون موثوقة، لكن ما يقدم عن بعض الشخصيات هي «سير ذاتية» من وجهة نظر كاتبها.

ودعا الناقد الفني من لديهم حماس لتقديم مزيد من «السير الذاتية»، بأن يحرصوا على أن تكون لديهم كتابة شاملة لجوانب عدة، وتابع: «في حال مخالفة ذلك سيكون العمل ناقصاً، لأن هذه الأعمال تتطلب صناعاً على قدر من الخبرة والكفاءة اللازمة لتحقيق النجاح المطلوب، خصوصاً مع التغيير الكبير في فكر وثقافة وذائقة المتلقي».

كواليس تصوير فيلم «الست» (حساب الكاتب أحمد مراد على «فيسبوك»)

في السياق، أعلن عدد من صناع الدراما والسينما في مصر عن رغبتهم في تقديم أعمال «سير ذاتية» لمشاهير، من بينهم الكاتب أحمد مراد مؤلف فيلم «الست»، الذي أشار في لقاء تلفزيوني إلى رغبته في كتابه عمل عن «عميد الأدب العربي» طه حسين، وكذلك المخرج مجدي أحمد علي، الذي أعلن في تصريحات متلفزة عن البدء في كتابة عمل عن الفنانة سعاد حسني، كما أعلنت الفنانة إلهام صفي الدين، ابنة شقيقة الفنانة إلهام شاهين، رغبتها في تقديم سيرة الفنانة فاتن حمامة «نظراً للشبة الكبير الذي يجمعهما»، وفق تصريحات لها.

من جانبها، أوضحت الكاتبة والناقدة الفنية المصرية، صفاء الليثي، أن الجدل حول أعمال «السير الذاتية» لا ينتهي، وفي حالة «الست»، كان له دور إيجابي في البحث عن تفاصيله ومشاهدته، وأرجعت توجه البعض وحماسهم للعمل على صناعة دراما من السيرة الذاتية إلى رغبة البعض في استعادة حقائق ووقائع حياة المشاهير، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «هذا مكسب للمُشاهد بكل فئاته، لرغبته في معرفة مزيد من الحكايات الخفية عن شخصياته المفضلة».

وتشير الليثي إلى أن «هناك بعض الأعمال التي أصابت الجمهور بصدمة، باعتبار أن الشخصية الشهيرة بارعة في مجالها فقط، وليس بالضرورة أن تكون لها جوانب سلبية»، لافتة إلى «أن البعض وصل به الحال لتقديس شخصيات بعينها ورفض التطرق لعيوبها».

وذكرت الليثي أن كتابة «السير الذاتية» تتطلب البحث والتحري، والحصول على شهادات من بعض المعاصرين، بهدف كتابة معالجة مناسبة للزمن الحالي، وعدم الاعتماد على الحكايات والقصص الشائعة.


مصر: تصريحات نقيب الفلاحين عن فوائد «دود المش» تخطف الاهتمام

زراعة الطماطم تتم في عدة مواسم (وزارة الزراعة المصرية)
زراعة الطماطم تتم في عدة مواسم (وزارة الزراعة المصرية)
TT

مصر: تصريحات نقيب الفلاحين عن فوائد «دود المش» تخطف الاهتمام

زراعة الطماطم تتم في عدة مواسم (وزارة الزراعة المصرية)
زراعة الطماطم تتم في عدة مواسم (وزارة الزراعة المصرية)

خطفت تصريحات صحافية لنقيب الفلاحين بمصر، الاهتمامَ، بعد حديثه عن الفوائد الموجودة بـ«دود المش»، ووصفه له بأنه بروتين لا ضرر منه، في سياق حديثه عن الدود الذي يُصاب به محصول الطماطم، مشبهاً هذا بذاك.

وتصدر اسم «نقيب الفلاحين» حسين أبو صدام «الترند » على موقع «إكس» في مصر، الجمعة، وأبرزت الكثير من المواقع، إضافة لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي تصريحات له قال فيها إن الدود الذي قد يظهر في بعض الأحيان بثمار الطماطم لا يشكل أي خطر على صحة المواطنين، تعليقاً على ما انتشر من أخبار حول تعرض كميات من محصول الطماطم للتسوس.

وتصل أسعار الطماطم في مصر إلى 10 جنيهات للكيلو (الدولار يساوي 47.6 جنيه مصري)، وتتراوح في بعض الأسواق من 6 إلى 12 جنيهاً، وفق ما نُشر بموقع لسوق العبور (شرق القاهرة).

ووصف حسين أبو صدام الآفة التي يتعرض لها محصول الطماطم بأنها «يرقات حشرات غير مضرة بصحة الإنسان»، وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «هذه اليرقات لا تضر الإنسان وإنما تضر المحصول وتقلل إنتاجية الطماطم وطبعاً تشوه الثمار، وهو أمر يؤدي إلى تراجع أسعار المحصول، بالتالي يجب مكافحتها بالمبيدات ولكن إذا تناول الإنسان هذه اليرقات المسماة (التوتا أبسلوتا) المعروفة بحفار الطماطم فهي لا تضر صحته»، وأضاف أن «بعض هذه اليرقات يعد بمثابة بروتين بالنسبة للإنسان وفي دول أخرى يتم تناولها بشكل طبيعي، كم نتناول نحن المش بالدود ولا نصاب بسوء بل بالعكس هذا الدود يرتقي لمنزلة البروتينات».

وتزرع مصر نحو 500 ألف فدان من الطماطم سنوياً، بمعدل يزيد على 6 ملايين طن سنوياً، ويتراوح سعرها بين فترة وأخرى بين الارتفاع والانخفاض، فتصل أحياناً إلى 5 جنيهات (الدولار يساوي 47.6 جنيهات) وهو السعر الأدنى وفي بعض المواسم تصل إلى 20 جنيهاً، وفق تصريحات متلفزة لنقيب الفلاحين.

ووصف مستخدمون لوسائل التواصل الاجتماعي تصريحات نقيب الفلاحين بأنها «غريبة»، وعدّ البعض هذا الوصف غير مقبول، خصوصاً أن «التوتا أبسلوتا»، كما قال، تقلل الإنتاج وتؤثر سلباً على جودة الثمار، وإن كان النقيب يستهدف طمأنة الجمهور فربما لم يفعل ذلك بالطريقة المناسبة.

ندوات إرشادية بخصوص مقاومة الآفات وزيادة إنتاجية المحاصيل (وزارة الزراعة المصرية)

ويرى الدكتور خالد عياد، الخبير بمركز البحوث الزراعية، أن «الدود أو اليرقات الموجودة في الطماطم تختلف عن اليرقات الموجودة في المش، فيرقات الطماطم قد تكون (توتا أبسلوتا) تسبب ثقوباً للثمرات»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «حتى لو الإنسان تناول هذه اليرقات فلا يتعرض لمشكلة صحية، وهذه تختلف تماماً عن يرقات المش، فدود المش هو يرقات لبيض الذباب، تتطور حتى تصبح عذارى»، وأشار إلى أن «الذباب المنزلي خطر لأنه يحمل العديد من الملوثات، ووصفه بالبروتين قد يكون صحيحاً لكنَّ اليرقة تكون محملة بالباثوزين والمسببات المرضية والبيكتريا، فهذه الأسباب مع التراكم تؤذي الصحة، وإن كان الفلاحون يتركون بلاص المش بالعام والعامين فيتكون به فطريات وبيكتريا، تفرز سموماً تسمى (الميكرودوكس) قد تصيب الإنسان بأمراض».

وكشفت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي عن نجاح لجنة مبيدات الآفات الزراعية، في تدريب وتأهيل 345 كادراً في مختلف التخصصات المتعلقة بمكافحة الآفات وتداول المبيدات، خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وذلك في إطار خطة الدولة للارتقاء بمنظومة الاستخدام الآمن للمبيدات، وفق بيان لها.


إنتاج وقود مبتكر للطائرات من مخلّفات الطماطم

المشروع يركز على استغلال مخلفات الطماطم لإنتاج وقود طيران مستدام (جامعة غراتس للتكنولوجيا)
المشروع يركز على استغلال مخلفات الطماطم لإنتاج وقود طيران مستدام (جامعة غراتس للتكنولوجيا)
TT

إنتاج وقود مبتكر للطائرات من مخلّفات الطماطم

المشروع يركز على استغلال مخلفات الطماطم لإنتاج وقود طيران مستدام (جامعة غراتس للتكنولوجيا)
المشروع يركز على استغلال مخلفات الطماطم لإنتاج وقود طيران مستدام (جامعة غراتس للتكنولوجيا)

أعلن تحالف بحثي أوروبي، تقوده جامعة غراتس للتكنولوجيا في النمسا، عن مسار مبتكر لإنتاج وقود طيران مستدام من مخلفات إنتاج ومعالجة الطماطم.

وأوضح الباحثون أن هذه الخطوة تُعد واعدة لتقليل انبعاثات الكربون في أحد أكثر القطاعات صعوبة في التحول إلى الطاقة النظيفة، وفق النتائج المنشورة، الخميس، على موقع جامعة غراتس للتكنولوجيا.

وتُعد الطماطم ثاني أكثر الخضراوات استهلاكاً في العالم بعد البطاطس، في حين يحتل الاتحاد الأوروبي المرتبة الثالثة عالمياً في إنتاجها، بإجمالي حصاد يبلغ نحو 17 مليون طن سنوياً. إلا أن هذا الإنتاج يخلّف كميات ضخمة من الكتلة الحيوية المتبقية، غالباً ما يتم حرقها أو التخلص منها بتكاليف مرتفعة.

ويحمل المشروع البحثي اسم (ToFuel)، ويسعى إلى تطوير مفهوم مبتكر لمصفاة حيوية متكاملة تستغل مخلفات الطماطم، مثل الأوراق والسيقان والبذور والقشور والثمار غير الناضجة أو التالفة، لإنتاج وقود طيران مستدام، إلى جانب أسمدة وأعلاف حيوانية وزيوت غذائية. ويهدف فريق البحث لبناء عملية خالية من النفايات ومحايدة مناخياً، مع ضمان جدواها الاقتصادية.

ويعتمد المشروع على تقنيتين رئيسيتين لمعالجة الكتلة الحيوية. الأولى تركز على معالجة المخلفات بالحرارة والضغط ثم تُفكك خلاياها بشكل مفاجئ، ما يجعلها مناسبة لعمليات التخمر التي تُنتج دهوناً (ليبيدات) تُحوَّل لاحقاً إلى وقود طيران. أما التقنية الثانية فتحوّل الكتلة الحيوية تحت ضغط وحرارة مرتفعين إلى زيت حيوي وفحم حيوي.

وقبل تحويل الزيت الحيوي إلى وقود، تتم تنقيته من الشوائب؛ خصوصاً المركبات المحتوية على النيتروجين، لضمان جودة الوقود النهائي. وتشارك في تطوير هذه العمليات مؤسسات بحثية من البرتغال وكرواتيا والنمسا في تعاون وثيق. ثم تُحوَّل الدهون والزيوت الحيوية باستخدام تقنية مبتكرة ومعتمدة عالمياً لإنتاج وقود الطيران المستدام.

وأكدت مديرة المشروع، مارلين كينبرغر، أن الهدف لا يقتصر على الابتكار العلمي، بل يشمل تحقيق جدوى اقتصادية حقيقية، مشيرة إلى أن وقود الطيران المستدام «يجب أن يكون منافساً من حيث التكلفة ليتم اعتماده على نطاق واسع». كما أظهرت التحليلات البيئية أن العملية المقترحة تقترب من مفهوم «صفر نفايات»، مع إمكانية تحقيق حياد مناخي.

وينطلق المشروع رسمياً في 1 يناير (كانون الثاني) 2026، بمشاركة 11 شريكاً من 7 دول أوروبية، من بينها جامعات ومراكز بحثية مرموقة مثل جامعة زغرب، وجامعة فيينا للتكنولوجيا، وجامعة لابينرانتا الفنلندية، ومعهد فراونهوفر الألماني. كما يشارك شركاء صناعيون لتوفير مخلفات الطماطم وخبراتهم الصناعية.

ويبلغ إجمالي ميزانية المشروع 3.5 مليون يورو على مدى 4 سنوات، يحصل من بينها منسق المشروع، جامعة غراتس للتكنولوجيا، على مليون يورو. كما يشمل المشروع تدريب طلاب دكتوراه وماجستير وبكالوريوس، إلى جانب إعداد استراتيجية شاملة للتسويق والنشر العلمي.

ويعتبر الباحثون أن المشروع يمثل خطوة عملية نحو تحويل النفايات الزراعية إلى مصدر طاقة نظيف، مع خلق فرص اقتصادية جديدة لصناعة الأغذية ودعم التحول الأخضر في قطاع الطيران الأوروبي.