حلّت أمس ذكرى مرور 20 عاماً على خطاب وجدة (شرق المغرب)، الذي ألقاه العاهل المغربي الملك محمد السادس في 18 مارس (آذار) 2003، وهو الخطاب الذي شكّل خريطة طريق لتنمية هذه المنطقة الحساسة، التي تقع على تماس مع الجزائر، وتعيش وضعية شاذة منذ قرار الجزائر إغلاق الحدود البرية مع المغرب عام 1994، عقب الهجوم المسلح الذي تعرض له فندق أطلس أسني في أغسطس (آب) 1994، الذي تقول الرباط إن المخابرات الجزائرية هي التي كانت تقف وراءه.
وعدّ معاذ الجامعي، والي جهة الشرق، مبادرة ملك المغرب لتنمية جهة الشرق «انطلاقة تاريخية وشهادة ميلاد جديدة للجهة»، مشيراً إلى أنها جعلت منها قطباً تنموياً واعداً ومجالاً مشجعاً لاستقطاب الاستثمارات من أجل خلق فرص الشغل وتحسين ظروف عيش سكان الجهة.
وأوضح الجامعي، في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية لفعاليات تظاهرة «شرقيات»، المحتفية بـ«خطاب وجدة» 2003، أن الخطاب الملكي رسم التوجهات الرئيسية لخريطة الطريق من أجل إقلاع تنموي للجهة، تمثلت أساساً في الاستثمار والبنيات التحتية والمشروعات الاقتصادية الكبرى وتكوين العنصر البشري، مبرزاً أن المشروعات المهيكلة والأوراش الكبرى، التي أتت بها المبادرة الملكية لتنمية جهة الشرق، وانخرطت فيها الجهة، أسهمت في تغيير المشهد العمراني والاقتصادي والاجتماعي للجهة بشكل كبير، وخلق آفـاق تنموية جديدة.
وحددت المبادرة الملكية لعام 2003 أولويات؛ من بينها إنجاز البنيات الأساسية التحتية الضرورية للجهة، كالطريق السيار الرابط بين فاس ووجدة عبر تازة، وخط السكة الحديدية الرابط بين تاوريرت والناظور، مع الإسراع بإنجاز الطريق الساحلي الشمالي، وتوسيع وإصلاح الطريق الرابط بين الناظور ووجدة وفكيك، إضافة إلى إنجاز المشروع الكبير لتزويد مدينتي وجدة وتاوريرت بالماء الشروب، وتعميمه على جميع حواضر وبوادي هذه الناحية، وكذلك إحداث منطقة حرة بالناظور، تضم إلى جانب الميناء مناطق اقتصادية وتجارية وصناعية وسياحية، تروم فتح بوابة متوسطية أمام تنمية الجهة الشرقية، والإسهام في النهوض بالاقتصاد المغربي، إلى جانب تهيئة المنطقة الساحلية للسعيدية، بهدف جلب الاستثمار الوطني والأجنبي، وهي كلها مشروعات جرى إنجازها على أرض الواقع خلال العشرين سنة الماضية.
من جهته، قال رئيس مجلس جهة الشرق عبد النبي بعيوي إن الحصيلة التنموية لمرور عقدين من الزمن على خطاب وجدة 2003، تميزت بتحقيق الكثير من المنجزات، التي شملت جميع المستويات، وأسهمت في خلق دينامية شاملة، مشدداً على أن هذا الأمر مكن من إعطاء دفعة قوية لمسار التنمية بجهة الشرق، خصوصاً بعد إطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية سنة 2005.
وأبرز بعيوي أن الإصلاحات الكبرى، التي قادها الملك محمد السادس، أفضت إلى إحداث تحولات عميقة وهيكلية شملت مختلف المجالات، وأسست لإطلاق ورش الجهوية المتقدمة كخيار استراتيجي يهدف إلى ترسيخ مبادئ الحكامة الترابية، مشيراً إلى أنه تم في هذا الإطار فسح المجال للمنتخبين ومدبري الشأن الجهوي «لإعداد برنامج التنمية الجهوية والتصميم الجهوي لإعداد التراب».
من جانبه، قال المدير العام لوكالة تنمية جهة الشرق، محمد مباركي، إن المبادرة الملكية لتنمية جهة الشرق جاءت بمشروعات كبرى مهمة، مبنية على مؤهلات الجهة وإمكاناتها الذاتية، وكان لها وقع مباشر على كل مناطق جهة الشرق، مبرزاً أن هذه المشروعات مكنت الجهة من «الدخول في منافسة مع الجهات الأخرى على الصعيد الوطني، وكذا غزو أسواق جديدة للبحث عن إمكانات وإعطاء جاذبية أكبر للجهة». بدورها، أكدت رئيسة قسم البرمجة والتخطيط والبيئة في جهة الشرق، إلهام محرزي، أن برامج الاستثمار بالجهة تسير على الطريق الصحيح، بموازنة قدرها 1.9 مليار درهم (190 مليون دولار)، حيث تم خلق ما لا يقل عن 28 ألفاً و600 منصب شغل، ودعم المقاولات والتشغيل الذاتي، مضيفة أن مساهمة الجهة بلغت 280 مليون درهم (28 مليون دولار).
كما أوضحت إلهام محرزي أن الجهة تعرف حالياً تعزيزاً للبنيات التحتية الاقتصادية، بموازنة قدرها 316 مليون درهم (31.6 مليون دولار)، ومشروعات مخصصة لتأهيل المنطقة الصناعية بسلوان، والمنطقة الصناعية بالعروي، والمناطق الصناعية بجرادة وكنفودة وعين بني مطهر وتويسيت، بمساهمة من الجهة قدرها 79 مليون درهم (7.9 مليون دولار). وفي سياق الإسراع لتحقيق برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية بالقرى في جهة الشرق (2017 - 2023)، وإنجاز المرحلة الثالثة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية (2019 - 2023)، قال رشيد الزناتي، الكاتب العام للشؤون الجهوية، إن هذين البرنامجين يستندان بشكل أساسي إلى إطار الحكامة المتعلق بالتوجهات الاستراتيجية الكبرى لتنمية المناطق القروية. وتميزت فعاليات «شرقيات»، المنظمة تحت شعار «20 سنة من الاستثمارات من أجل تنمية مستدامة»، بحضور وفود من دول أفريقية هي بوركينا فاسو والكاميرون والكونغو وجزر القمر وكوت ديفوار ومالي والنيجر وموريتانيا والسنغال وغامبيا. واختتمت، أمس، بتدشين وحدة صناعية جديدة في «تكنو بول» وجدة.
وتنظم الفعاليات بشراكة بين ولاية جهة الشرق، ومجلس الجهة، والمركز الجهوي للاستثمار لجهة الشرق، ووكالة تنمية جهة الشرق. وتهدف إلى الارتقاء بهذه الجهة، التي أضحت رافعة للاقتصاد المغربي، وكذا إلى توفير فضاء مخصص للتبادل والمناقشة، فضلاً عن جذب المستثمرين، وإبرام شراكات جديدة واستشراف فرص وموارد جهوية جديدة.
{الشرق} المغربية تتخطى معوقات الجغرافيا والتنمية بعد 20 سنة على «خطاب وجدة»
بعد أن كانت تعيش حالة نشاز جراء إغلاق الجزائر لحدودها البرية
{الشرق} المغربية تتخطى معوقات الجغرافيا والتنمية بعد 20 سنة على «خطاب وجدة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة