خلاف متجدد بين ميقاتي وباسيل على استعادة مسيحيين جنسيتهم اللبنانية

الفريقان يتبادلان الاتهامات بـ«الطائفية»

TT

خلاف متجدد بين ميقاتي وباسيل على استعادة مسيحيين جنسيتهم اللبنانية

لا يهدأ الصراع المفتوح بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، حتى يعود فيستعر. الخلاف بينهما يعود لرفض باسيل تعيين ميقاتي رئيساً للحكومة، وهو رغم ذلك شارك في حكومته وفشل مؤخراً بمنع انعقادها بعد شغور سدة رئاسة الجمهورية نتيجة قرار حليفه «حزب الله» مشاركة وزيريه في الجلسات التي يعتبرها باسيل «غير دستورية»، ما فاقم الأحوال بينه وبين الحزب كما بينه وبين ميقاتي.
وقبيل زيارة رئيس حكومة تصريف الأعمال إلى الفاتيكان للقاء البابا فرنسيس، خرج رئيس «الوطني الحر» لمطالبة ميقاتي «قبل الذهاب إلى الفاتيكان ليطل بمظهر المنفتح» بتوقيع 565 مرسوم استعادة جنسية، متهماً إياه برفض التوقيع لأن أكثرية الطلبات هي من مسيحيين.
وأقر المجلس النيابي اللبناني عام 2015 اقتراح قانون يرمي إلى تحديد شروط استعادة الجنسية اللبنانية، ويمكّن المغتربين والمتحدّرين من أصل لبناني من استعادة الجنسية.
وبحسب رئيس مؤسسة «جوستيسيا» الحقوقية المحامي الدكتور بول مرقص، «يبدأ مسار استعادة الجنسية بتقديم طلب مرفق بالمستندات الثبوتية إلى وزارة الداخلية والبلديات التي تحيله إلى المديرية العامة للأمن العام لإجراء الاستقصاءات ووضع تحقيق بنتيجتها، يحال الطلب بعدها إلى المديرية العامة للأحوال الشخصية التي تضع تقريراً مفصلاً ترفعه إلى وزير الداخلية الذي يحيله إلى لجنة مختصّة لدراسة الملفات تتخذ قراراتها بأكثرية أعضائها، وتصدر بنتيجة ذلك قراراً معللاً لجهة وجوب قبول الطلب أو رفضه»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «بعد ذلك يصدر فوراً مرسومٌ بناءً على اقتراح وزير الداخلية باعتبار صاحب العلاقة لبنانياً، وهو مرسوم يفترض أن يوقعه رئيس الحكومة وإلا كان غير قابل للتنفيذ».
وتتهم مصادر «التيار الوطني الحر» ميقاتي برفض توقيع نحو 565 مرسوماً لأشخاص أكدت اللجنة بعد المسار الطويل الذي سلكته طلباتهم أنهم مستحقون للجنسية؛ لكون القسم الأكبر منهم من المسيحيين، معتبرة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «ولدى سؤال رئيس حكومة تصريف الأعمال بشكل مباشر عن ذلك فإنه يحرف الموضوع في اتجاهات أخرى؛ لأنه غير قادر على الإقرار بأن تخلفه عن التوقيع ذو أبعاد طائفية».
بالمقابل، تصف مصادر حكومية ما يقوم به باسيل في هذا المجال بـ«المزايدات الطائفية ومحاولات الاستغلال البغيضة وتصفية الحسابات»، مؤكدة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنها «محاولات لم تعد تنطلي على أحد، وكلما استعرت حملاتهم ثبت أن ما يقوم به الرئيس ميقاتي عين الصواب». وتضيف المصادر: «أليس باسيل رأس حربة اليوم في رفض اجتماعات الحكومة والدعوة لحصر تصريف الأعمال بما هو طارئ، لذلك ها هو الرئيس ميقاتي يمرر الأولويات الأساسية. لكن وكما اعتدنا حين يكون هناك منفعة معينة لباسيل من موضوع معين تصبح معاييره مزدوجة... كما أنه طالما هذه المراسيم لا تغير بالمعادلة الديموغرافية لماذا عطلوا إذاً مراسيم الناجحين في مجلس الخدمة المدنية خصوصاً مأموري الإحراج؟!».
بدوره، يعتبر الباحث في «الشركة الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين أنه «سواء تم توقيع مراسيم استعادة أكثر من 500 لبناني جنسيتهم أم لا، فذلك لن يكون عاملاً مؤثراً على المشهد الديموغرافي في لبنان باعتبار أن كل من تقدموا لاستعادة الجنسية منذ إقرار القانون عام 2015 لم يتجاوز عددهم الـ1000 أو 1100 شخص، 90 في المائة منهم من المسيحيين». ويرد شمس الدين ذلك، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، لـ«تعقيدات القانون وآلياته وللمسار الإداري والقضائي، وحالة الإقفال والشلل التي يعيشها لبنان، أقله منذ عام 2020، أضف العامل الأبرز ألا وهو عدم حماسة من يحملون جنسيات أخرى وبالتحديد أميركية وأوروبية لاستعادة الجنسية اللبنانية».
وبحسب شمس الدين، شهد لبنان في العقود الماضية خللاً ديموغرافياً كبيراً تمثل بتراجع عدد المسيحيين وتقدم عدد المسلمين، لافتاً إلى أنه «عند أول وآخر إحصاء رسمي عام 1932 كانت نسبة المسيحيين 58 في المائة والمسلمين 42 في المائة، لكن في السنوات الماضية بات عدد المسيحيين 33 في المائة، وعدد المسلمين 67 في المائة؛ لذلك سعت الأحزاب والقوى المسيحية لإقرار قانون الحق باستعادة الجنسية على أساس أن أكثرية من فقدوا جنسيتهم هم من المسيحيين، وكانوا يتوقعون أن يتقدم بين 200 و300 ألف لبناني أكثريتهم من المسيحيين بطلبات استعادة الجنسية، ما يحد قليلاً من تراجع أعداد المسيحيين، لكن ذلك لم يحصل».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
TT

لا أمل لدى سكان غزة في تراجع الهجمات بعد أمري اعتقال نتنياهو وغالانت

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة على أنقاض مسجد مدمر في خان يونس بجنوب قطاع غزة (إ.ب.أ)

لم يشهد سكان غزة، اليوم الجمعة، ما يدعوهم للأمل في أن يؤدي أمرا الاعتقال اللذان أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت إلى إبطاء الهجوم على القطاع الفلسطيني، فيما قال مسعفون إن 21 شخصاً على الأقل قُتلوا في غارات إسرائيلية جديدة، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال مسعفون إن ثمانية أشخاص قُتلوا في غارة استهدفت منزلاً في حي الشجاعية بمدينة غزة في شمال القطاع. كما قُتل ثلاثة آخرون في غارة بالقرب من مخبز، وقُتل صياد في أثناء توجهه إلى البحر. وقُتل تسعة أشخاص في ثلاث غارات جوية شنتها إسرائيل في وسط وجنوب القطاع.

منطقة عازلة

في الوقت نفسه، توغلت القوات الإسرائيلية أكثر في الشمال، وكثفت القصف في هجوم رئيسي تشنه منذ أوائل الشهر الماضي.

ويقول الجيش الإسرائيلي إنه يهدف إلى منع مقاتلي حركة «حماس» الفلسطينية من شن هجمات وإعادة تنظيم صفوفهم. ويعبّر سكان عن مخاوفهم من أن يكون الهدف هو إخلاء جزء من القطاع بشكل دائم ليكون منطقة عازلة، وهو ما تنفيه إسرائيل.

قال سكان في البلدات الثلاث المحاصرة في الشمال، وهي جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، إن القوات الإسرائيلية فجرت عشرات المنازل.

وذكرت وزارة الصحة بغزة في بيان أن غارة إسرائيلية استهدفت مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا، وهو إحدى المنشآت الطبية الثلاث التي تعمل بالكاد في المنطقة، مما أسفر عن إصابة ستة من العاملين في المجال الطبي، بعضهم في حالة خطيرة.

وأضافت: «أدى الاستهداف أيضاً إلى تدمير المولد الكهربائي الرئيسي بالمستشفى، وثقب خزانات المياه لتصبح المستشفى من غير أكسجين ولا مياه، الأمر الذي ينذر بالخطر الشديد على حياة المرضى والطواقم العاملة داخل المستشفى، حيث يوجد فيه 80 مريضاً و8 حالات بالعناية المركزة».

أميركا والفيتو

وعدّ سكان في غزة قرار المحكمة الجنائية الدولية بالسعي إلى اعتقال اثنين من الزعماء الإسرائيليين بتهمة ارتكاب جرائم حرب بمثابة اعتراف دولي بمحنة القطاع. لكن الواقفين في طابور للحصول على خبز من أحد المخابز في مدينة خان يونس بجنوب القطاع يشكون في أن يكون لهذا القرار أي تأثير.

وقال صابر أبو غالي وهو ينتظر دوره بين الناس: «القرار لا ولن يُنفذ؛ لأن إسرائيل تحميها أميركا، ولها حق الفيتو في كل حاجة، أما إسرائيل فلا ولن تُحاسب».

وقال سعيد أبو يوسف (75 عاماً) إنه حتى لو تحققت العدالة فسيكون ذلك بعد تأخير عقود، «المحكمة الجنائية الدولية اتأخرت كتير، إلنا فوق الستة وسبعين عام بنسمع قرارات اللجنة هذه ولا تنفذ ولا تطبق ولا تعمل إلنا أي شيء».

وشنت إسرائيل حملة عسكرية على غزة رداً على هجوم «حماس» عليها في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 والذي تشير إحصاءات إسرائيلية إلى أنه أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز أكثر من 250 رهينة.

وقال مسؤولو الصحة الفلسطينيون إن 44 ألف فلسطيني تقريباً قُتلوا في غزة منذ ذلك الحين، وتحول جزء كبير من القطاع إلى ركام.

تعثر جهود الوساطة

وقال ممثلو الادعاء في المحكمة إن هناك أسباباً كافية للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت مسؤولان جنائياً عن ممارسات تشمل القتل والاضطهاد واستخدام التجويع سلاحاً في الحرب، في إطار «هجوم واسع وممنهج ضد السكان المدنيين في غزة».

كما أصدرت المحكمة أمر اعتقال لمحمد الضيف، القائد العسكري في «حماس»، الذي تقول إسرائيل إنها قتلته في غارة جوية في يوليو (تموز)، إلا أن «حماس» لم تؤكد أو تنف مقتله.

وتقول إسرائيل إن «حماس» هي المسؤولة عن كل ما يلحق بالمدنيين من أذى في غزة؛ لأن مقاتليها مندسّون بينهم، وهو ما تنفيه الحركة.

وندد سياسيون إسرائيليون من مختلف الأطياف السياسية بأمري الاعتقال، ورأوا أنهما صدرا بناء على تحيز، واستناداً إلى أدلة كاذبة. وتقول إسرائيل إن المحكمة ليست مختصة بنظر قضايا الحرب. وأشادت «حماس» بأمري الاعتقال بوصفهما خطوة مبدئية صوب تحقيق العدالة.

وتعثّرت جهود الوسيطين، مصر وقطر، بدعم من الولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار. وتريد «حماس» التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب، في حين تعهد نتنياهو بأن الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على «حماس».