إقبال فاتر على انتخابات لجنة الدستور الليبية

إقبال متوسط رغم دعوة رئيس الحكومة المواطنين للمشاركة

ليبيات يبحثن عن لجنتهن الانتخابية في بنغازي أمس للإدلاء بأصواتهن في الاقتراع على لجنة كتابة الدستور (رويترز)
ليبيات يبحثن عن لجنتهن الانتخابية في بنغازي أمس للإدلاء بأصواتهن في الاقتراع على لجنة كتابة الدستور (رويترز)
TT

إقبال فاتر على انتخابات لجنة الدستور الليبية

ليبيات يبحثن عن لجنتهن الانتخابية في بنغازي أمس للإدلاء بأصواتهن في الاقتراع على لجنة كتابة الدستور (رويترز)
ليبيات يبحثن عن لجنتهن الانتخابية في بنغازي أمس للإدلاء بأصواتهن في الاقتراع على لجنة كتابة الدستور (رويترز)

وسط أزمة سياسية حادة تواجه المؤتمر الوطني العام (البرلمان) في ليبيا، اقترع الليبيون أمس على انتخاب لجنة الستين التي سيعهد إليها كتابة الدستور الجديد للبلاد، في خطوة نحو الانتقال السياسي في البلاد بعد الإطاحة بنظام حكم العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011.
وتعرضت خمسة مكاتب اقتراع في درنة (شرق البلاد) لحوادث تفجيرات قبل ساعات من انطلاق عملية الاقتراع، التي شهدت إقبالا يتراوح ما بين الضعيف والمتوسط في مختلف المدن الليبية. وذلك رغم أن علي زيدان، رئيس الحكومة الانتقالية، حث في بيان متلفز مساء أول من أمس مواطنيه على أخذ الانتخابات على محمل الجد، وألا يكون هناك عزوف عن الإقدام على صندوق الاقتراع.
ويتنافس في هذه الانتخابات 649 مرشحا في الدوائر الانتخابية، من بينهم 64 سيدة. وكان من المقرر انتخاب 60 عضوا منهم مقسمين بالتساوي على ثلاث مناطق «الغربية والشرقية والجنوبية»، وتشمل خمسة مقاعد للمرأة بكل منطقة، وستة مقاعد لقبائل التبو والأمازيغ والطوارق. إلا أن مقاطعة الأمازيغ للانتخابات جعلت الاقتراع على 58 مقعدا فقط.
وخلافا لأول انتخابات حرة في البلاد جرت عام 2012، لم يبد الليبيون حماسة كما يدل على ذلك عدد المسجلين للمشاركة في اقتراع أمس، وهم 1.1 مليون، مقابل 2.7 مليون في 2012، من أصل 3.4 ملايين ناخب يحق لهم التصويت. وأوضحت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات أن أكثر من 15 ألف مركز انتخاب فتحت أبوابها، بينما أعلن فريق غرفة العمليات الرئيسة بالمفوضية عن ارتفاع نسبة افتتاح المراكز الانتخابية إلى 97 في المائة من إجمالي العدد الكلي للمراكز.
وقال نوري العبار رئيس اللجنة المشرفة على الانتخابات، إن المراكز التي هوجمت بعبوات متفجرة لم تفتح أمس، لافتا إلى أن اللجنة تدرس إمكانية توجيه الناخبين إلى مكاتب اقتراع أخرى في المدينة. وفي مؤشر على الصعوبات التي تواجه الانتخابات، قال العبار إن اللجنة لم تتمكن من إرسال مستلزمات الاقتراع إلى 29 مكتب اقتراع في مدينة مرزاق بجنوب البلاد، بسبب حركة احتجاج أقلية التبو.
وتشهد مدينة درنة، معقل بعض المجموعات المتشددة، اضطرابات ونفذت فيها هجمات استهدفت قضاة وعناصر أمنية، علما بأن مجموعة «أنصار الشريعة» أعلنت في بيان رسمي مساء أول من أمس رفضها العملية الديمقراطية، داعية إلى تطبيق الشريعة. واتهمت الجماعة عناصر النظام السابق بالعبث في البلاد والوقوف وراء الفتن التي تنشأ بين الحين والآخر، وعدت ما تشهده ليبيا من صراعات على الحكم والسلطة سببه سعي بعض الأطراف وراء مصالحها السياسية ومآربها الخفية وليس الحرص على مصلحة الوطن. وجددت الجماعة رفضها لما وصفته بـ«الديمقراطية المزعومة والعلمانية والتبعية للأنظمة الغربية»، ودعت إلى تحكيم الشريعة الإسلامية.
من جانب آخر، لم يتدفق الناخبون الليبيون بكثافة على مراكز الاقتراع في العاصمة الليبية طرابلس بعد ساعات من فتح مراكز الاقتراع. ومن المقاعد الستين في «المجلس التأسيسي» المقبل، خصصت ستة لأقليات التبو والأمازيغ والطوارق، وستة للنساء. لكن الأمازيغ الذين خصص لهم مقعدان في المجلس التأسيسي، يقاطعون الاقتراع احتجاجا على غياب آلية تضمن لهم حقوقهم الثقافية في الدستور المقبل، ومن ثم سيضم المجلس 58 عضوا فقط بدلا من 60. ولم يعلن التبو رسميا مقاطعتهم الانتخابات، لكن بعض مكونات هذه الأقلية دعت المرشحين إلى الانسحاب من الاقتراع.
ويتعين على أعضاء لجنة صياغة الدستور أن يأخذوا في الاعتبار الخصومات السياسية والقبلية ودعوات الحكم الذاتي في شرق البلاد عند اتخاذ قرار بشأن نظام الحكم في ليبيا. وستطرح مسودة الدستور للاستفتاء.
وفي الشرق، سيطر محتجون مسلحون على موانئ نفطية رئيسة منذ الصيف للمطالبة بحصة أكبر من الثروة والاستقلال السياسي، مما أدى إلى تراجع صادرات النفط الحيوية. ورفضت المجموعة التي تسيطر على موانئ النفط في الشرق الانتخابات، وقالت إنها «زائفة»، في موقف مماثل لما تنبته الأقلية الأمازيغية التي تعيش في الغرب بالقرب من المنشآت النفطية. ورفض زعيمهم إبراهيم مخلوف الانتخابات، لأن الأمازيغ يريدون دورا أكبر في اللجنة وضمانات بأن تصبح لغتهم من اللغات الرسمية في البلاد. كما أعلن المجلس المحلي لمدينة جادو مقاطعة أهالي المدينة الانتخابات، حيث أكد رئيس المجلس فتحي حسلوك، أن الأمازيغ سيقاطعون هذه الانتخابات بعد إصرار «المؤتمر الوطني» على موقفه من رفض تعديل المادة 30 من الإعلان الدستوري، بحيث يتضمن نص المادة حماية حقوق المكونات الثقافية بالدستور الليبي.
ويجب أن يطرح الدستور الذي سيصدق عليه «المجلس التأسيسي» للاستفتاء الشعبي، وأن يبت في قضايا مهمة مثل نظام الحكم ووضع الأقليات ومكان الشريعة. وتأمل القوى الغربية أن يساعد إجراء انتخابات سلمية على دفع ليبيا قليلا نحو الديمقراطية، لكنها تأتي في وقت تتصاعد فيه التوترات السياسية.
وتلاقي حكومة رئيس الوزراء زيدان صعوبات خلال سعيها لفرض سلطتها وكبح جماح الميليشيات التي ساعدت في الإطاحة بالقذافي؛ لكنها احتفظت بأسلحتها لتلعب دورا سياسيا. وهددت اثنتان من الميليشيات القوية بحل «المؤتمر الوطني»، الذي يتهمانه - مثل كثير من الليبيين - بإصابة البلاد بالشلل بسبب صراع لا ينتهي. وسحبت الميليشيات قواتها بعد أن نشرتها في وسط طرابلس أخيرا في استعراض للقوة، وذلك بعد أن دعت الأمم المتحدة إلى ضبط النفس؛ لكن الحادث يذكر بهشاشة الوضع السياسي في البلاد.
ويقول خبراء إنه «سيتعين على لجنة صياغة الدستور، التي تضم 60 عضوا، الانتهاء من وضع مسودته خلال 120 يوما، وسيقسم أعضاء اللجنة بالتساوي على مناطق ليبيا الثلاث؛ وهي «طرابلس في الغرب، وبرقة في الشرق، وفزان في الجنوب». وتأخرت محاولات كتابة دستور جديد مرارا بسبب الصراع السياسي داخل المؤتمر الوطني العام، الذي انتخب لفترة 18 شهرا في يوليو (تموز) الماضي، في أول انتخابات حرة بليبيا منذ نحو 50 عاما.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.