الحوثيون يخصصون 30 مليون دولار من الزكاة لتطبيب وتغذية أتباعهم

ملايين السكان تتهددهم المجاعة ويعانون أوضاعاً بائسة

عناصر حوثية تعلن توزيع كميات من العسل على جرحى الجماعة في صعدة (إعلام حوثي)
عناصر حوثية تعلن توزيع كميات من العسل على جرحى الجماعة في صعدة (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يخصصون 30 مليون دولار من الزكاة لتطبيب وتغذية أتباعهم

عناصر حوثية تعلن توزيع كميات من العسل على جرحى الجماعة في صعدة (إعلام حوثي)
عناصر حوثية تعلن توزيع كميات من العسل على جرحى الجماعة في صعدة (إعلام حوثي)

في وقت تؤكد فيه الأمم المتحدة أن الجوع لا يزال يرتفع بشكل مقلق في اليمن، حيث يحتاج أكثر من نصف السكان (17 مليون شخص) إلى مساعدات غذائية عاجلة في 2023، خصصت الميليشيات الحوثية مليارات الريالات لتنفيذ سلسلة مشروعات جديدة متنوعة يستفيد منها أتباع الجماعة.
خصصت الميليشيات الحوثية مليارات الريالات لتنفيذ سلسلة مشروعات جديدة متنوعة يستفيد منها أتباع الجماعة، في وقت تؤكد فيه الأمم المتحدة أن الجوع لا يزال يرتفع بشكل مقلق في اليمن، حيث يحتاج أكثر من نصف السكان (17 مليون شخص) إلى مساعدات غذائية عاجلة في 2023.
وكشفت مصادر مطلعة في صنعاء عن تدشين ما تسمى هيئة الزكاة الحوثية برنامجاً خاصاً تضمن إنفاق نحو 16 ملياراً و724 مليون ريال (الدولار يساوي 550 ريالاً) لصالح إقامة عديد من المشروعات التغذوية والطبية تستهدف أتباع الميليشيات وأسر قتلاها وجرحاها والمعاقين العائدين من الجبهات.
الخطوة الحوثية سبقها تشكيل لجان ميدانية تحت اسم «مجتمعية»، تولت مهام إجراء مسوحات جديدة بعموم حارات وأحياء مديريات العاصمة صنعاء، ظاهرها حصر الفقراء والمساكين والمستحقين للزكاة، وباطنها جمع معلومات تفصيلية جديدة عن السكان.
وبعيداً عن معاناة ملايين السكان، أعلنت الميليشيات عبر وسائل إعلامها أن المبالغ المخصصة سيستفيد منها نحو مليون ونصف المليون شخص وأسرة من ذوي قتلاها وجرحاها والموالين لها ومقاتليها في الجبهات.
وذكرت قيادات في الجماعة تتولى مهام إدارة شؤون الهيئة غير الشرعية، أن المستفيدين من أتباعهم سيتحصلون قريباً دون غيرهم من اليمنيين الجوعى والمعتازين على سلال غذائية متنوعة ومساعدات مالية وعلاجية وغيرها.
يأتي ذلك التوجه الانقلابي متزامناً مع مواصلة «هيئة الزكاة» الحوثية افتتاح مكاتب جديدة وغير قانونية لجباية الزكاة في عدد من العزل والقرى بمناطق سيطرتها، حيث أوكلت مهام إدارتها لعناصر تكن الولاء والطاعة للجماعة وزعيمها، وأجبرت أهالي تلك القرى على المشاركة قسراً في أمسيات تعبوية تحضهم على الالتزام بدفع الزكاة إلى مكاتبها.
وفي سياق متصل، كشف عاملون إغاثيون لـ«الشرق الأوسط»، عن بدء الجماعة الحوثية تشكيل فرق عدة لتنفيذ نزولات ميدانية مرتقبة إلى شركات القطاع الخاص وكبار التجار وملاك العقارات والأراضي الزراعية وغيرهم من أجل جباية أموال الزكاة، وكذا إشعار ملاكها بأن عليهم الامتناع عن صرف أي أموال خاصة بالزكاة لمصلحة الفقراء أو الأسر المحتاجة، وبأن عليهم تسليم كل الأموال المستحقة إلى أتباعها المكلفين بجمعها.
وأوضحت المصادر أن الميليشيات كانت شكلت قبل ثلاثة أسابيع لجاناً ميدانية أخرى تحت اسم «مجتمعية»، تولت ولا تزال مهام إجراء مسوحات ميدانية جديدة بعموم حارات وأحياء مديريات العاصمة.
ويقول «عبد الله. ع»، وهو أحد النازحين اليمنيين من تعز إلى صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، إنه ظل يتنقل منذ أربعة أعوام سابقة مع عائلته المكونة من 6 أشخاص للسكن في 3 منازل بالإيجار بأحياء متفرقة من صنعاء، وأنه كل مرة يتم تقييد اسمه وبياناته من قبل اللجان الحوثية، لكنه لم يتسلم منها حتى اليوم أي مساعدات مالية أو نقدية.
وأبدى عبد الله استغرابه من دواعي تكرار الميليشيات في كل عام إجراء مسح ميداني جديد للفقراء والمعتازين والنازحين بعموم حارات وأحياء صنعاء وبقية مدن سيطرتها، وهي لا تعطيهم شيئاً من المساعدات والمعونات المخصصة لهم.
وفي حين تواصل الجماعة الحوثية الإغداق على أتباعها بتوزيع الأموال ومختلف المساعدات الغذائية والطبية، ذكر عبد الله، الذي يعاني مع أسرته أوضاعاً معيشية صعبة، أن الهدف من جمع تلك المعلومات التي وصفها بـ«الاستخباراتية»، هو من أجل عملية التعبئة والتحشيد ورفد الجبهات بالمزيد من المقاتلين.
وسبق أن اعترف الانقلابيون غير مرة بأنهم يسخرون معظم ما يجمعونه من التجار والمواطنين والمزارعين لصالح أسر صرعاهم وجرحاهم في عدة جبهات قتالية.
وأقدمت هيئة الزكاة الحوثية قبل أيام في محافظة صعدة (معقل الميليشيات) على توزيع كميات كبيرة من العسل الفاخر لصالح جرحاها ومعاقيها والمرضى من أسر صرعاها في المستشفيات ومراكز الرعاية التابعة لها.
كانت مصادر مطلعة في صنعاء كشفت في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط»، عن تنامي حجم الفساد والعبث الذي تمارسه الميليشيات داخل أروقة ما تُسمى «هيئة الزكاة».
واتهمت المصادر قيادات في الجماعة تتولى مهام إدارة شؤون الهيئة غير الشرعية بالتورط بشكل مباشر وغير مباشر في ارتكاب سلسلة من المخالفات المالية وجرائم فساد كبرى.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.