الحرب والسلام في معرض فرعوني بالمتحف المصري

بمناسبة افتتاح قناة السويس الجديدة الخميس المقبل

المتحف المصري
المتحف المصري
TT

الحرب والسلام في معرض فرعوني بالمتحف المصري

المتحف المصري
المتحف المصري

بمناسبة افتتاح قناة السويس الجديدة الخميس المقبل، تتجاور قطع أثرية فرعونية تمثل الحرب والسلام في معرض بالمتحف المصري المطل على ميدان التحرير بوسط القاهرة.
فالملك رمسيس الثاني الذي عقد أقدم معاهدة سلام في التاريخ يستقبل بتمثال غرانيتي نصفي زائري المعرض الذي افتتحه وزير الآثار المصري ممدوح الدماطي مساء الأحد، ويضم قطعًا أثرية اكتشف الكثير منها في منطقة قناة السويس وشبه جزيرة سيناء التي كانت مصدر تهديد دائمًا للحدود الشرقية للبلاد. ويصور التمثال رمسيس الذي حكم البلاد 67 سنة بين عامي 1304 و1237 قبل الميلاد جالسًا يرتدي قلادة ويمسك بيده اليمنى صولجانًا يدل على قوته حيث تمكن من تأمين البلاد بإرسال حملات عسكرية إلى العراق والشام وخاض معارك منها «قادش» غربي نهر العاصي وتصدى فيها جيش مصر للحيثيين وعقد معهم معاهدة سلام نحو عام 1258 قبل الميلاد.
ويضم معرض «اكتشافات أثرية على ضفاف قناة السويس» آثارًا أخرى لرمسيس الثاني ومنها لوحة من الحجر الرملي منقوشة من جوانبها الأربعة واكتشفت عام 1876 في تل المسخوطة وتصور الملك وهو يقدم القرابين للإله، حسب تقرير لـ«رويترز».
وتقع منطقة تل المسخوطة على بعد 15 كيلومترًا غرب مدينة الإسماعيلية الواقعة على بعد نحو 130 كيلومترًا شرق القاهرة، وكانت المنطقة تضم مخازن لتموين وإمداد الجيوش المصرية على «طريق حورس الحربي» المتجه إلى بلاد الشام. والى يمين الداخل يزدان المعرض بتمثال غرانيتي لحورس جالسًا وهو يقبض بيده اليسرى على مفتاح الحياة «عنخ»، ويقابله «تابوت آدمي للملك أحمس طارد الهكسوس» بعد مقتل أبيه الملك «سقنن رع تاعا» الثاني وأخيه «كامس» في ميدان المعركة؛ حيث قاد أحمس الجيش في معركة بمنطقة «ثارو» وأنهى غزو الهكسوس وبدأ عصرًا يسميه المؤرخون والأثريون «عصر الإمبراطورية المصرية» بين عامي نحو 1567 - 1200 قبل الميلاد.
واكتشفت وزارة الآثار المصرية في السنوات القليلة الماضية معالم بارزة في طريق حورس الحربي ومنها «قلعة ثارو» التي كانت مقر الجيش المصري في انطلاقه عبر سيناء إلى الشام.
ويضم المعرض قطعًا أثرية عثر عليها في «قلعة ثارو» تدل على اهتمام ملوك مصر بالبوابة الشرقية للبلاد ومنها لوحة من الحجر الجيري لرمسيس الأول - الذي حكم البلاد بين عامي 1320 و1318 قبل الميلاد - هو يقدم القرابين لأحد الآلهة.
كما يضم تمثالاً اكتشف في مدينة الأقصر الجنوبية للملك تحتمس الثالث الذي حكم تقريبًا بين عامي 1482 و1450 قبل الميلاد وكان أعظم ملوك مصر القديمة المحاربين.
وقال الدماطي في الافتتاح إن المعرض يتزامن مع «احتفالات مصر بافتتاح قناة السويس الجديدة الخميس 6 أغسطس (آب)، ويعطي الزائر فكرة على جوانب من تاريخ مصر وجيشها» من خلال الاكتشافات الأثرية المتوالية في تلك المنطقة.
وأضاف أن المعرض الذي يستمر لمدة شهر هو واحد من ثلاثة معارض تنظمها وزارة الآثار احتفالاً بافتتاح القناة وسيقام المعرضان الآخران في مدينتي السويس والإسماعيلية.
ويضم المعرض أيضًا تمثالاً من الجرانيت يمثل رأس الملك سنوسرت الثالث الذي حكم مصر بين عامي 1878 و1843 قبل الميلاد الذي أنشأ قناة «سيزوستريس»؛ أول قناة في التاريخ تربط نهر النيل بالبحر الأحمر. و«سيزوستريس» هو الاسم الإغريقي لسنوسرت.
وقال محمد عبد المقصود - المنسق العام لمشروع تطوير المواقع الأثرية بمحور قناة السويس والمشرف على أعمال البعثة المصرية العاملة بالمنطقة - لـ«رويترز» إن المعرض «يؤكد عناية المصريين منذ العصور القديمة بالمدخل الشرقي للبلاد ودور الجيش في تأمين الجبهة الشرقية» التي جاء منهم أغلب الغزاة.
ومن وثائق المعرض، لوحة من الحجر الجيري اكتشفت في تل المسخوطة أيضًا وسجل عليها «مرسوم رفح» الذي أصدره مجمع الكهنة المصريين تكريمًا لبطليموس الرابع عام 217 قبل الميلاد «لانتصاره في معركة رفح ضد أنطيوخوس الثالث خلال الحرب السورية 219 - 217 قبل الميلاد» وكتبت اللوحة باليونانية والهيروغليفية والديموطيقية. كما يعرض أيضًا لوحة من الحجر الرملي للملك أبريس «واح - آب - رع» من الأسرة 26 الذي حكم بين عامي 589 و570 قبل الميلاد وتسجل قيامه «على رأس حملة عسكرية عبر شمال سيناء في طريق حورس». وقالت وزارة الآثار في دليل للمعرض إن مشروع تطوير المواقع الأثرية بمحور قناة السويس يهدف إلى فتح منافذ جديدة للزيارة في 10 مواقع أثرية تضم قلاعًا عسكرية قديمة بالقرب من قناة السويس.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».