اكتشاف «ملفات سرية» في أرشيف البرلمان التونسي السابق

كان يقوده الغنوشي رئيس حركة النهضة

راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة (إ.ب.أ)
راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة (إ.ب.أ)
TT

اكتشاف «ملفات سرية» في أرشيف البرلمان التونسي السابق

راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة (إ.ب.أ)
راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة (إ.ب.أ)

كشفت وفاء الشاذلي، المحامية والناشطة السياسية التونسية، ليلة أمس عن اكتشاف «ملفات سرية» في أرشيف البرلمان السابق، الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، والذي حله الرئيس قيس سعيد، اعتمادا على الفصل 80 من الدستور التونسي إثر اعتباره «خطرا داهما» على البلاد.
وقالت الشاذلي إن فريقا من وزارتي الداخلية والدفاع عمل على تأمين أرشيف مجلس النواب الشعب (البرلمان) من 2014 إلى 2021، وأكدت أن هذا الفريق توجه فجر يوم الأحد الماضي قبل انعقاد أول جلسة للبرلمان، المنبثق عن الانتخابات البرلمانية التي أجريت خلال الأشهر الماضية، وأجرى حصرا لجميع الوثائق بهدف تأمينها، وبعد ذلك تولت وحدات الأمن نقلها إلى ثكنة القرجاني، المختصة بمكافحة الإرهاب قصد التدقيق فيها، وجرد المعلومات المتوفرة بداخلها.
كما كشفت الشاذلي، المقربة من السلطات التونسية، عن تقديم ليلى جفال وزيرة العدل، يوم الثلاثاء الماضي ملفا إلى النيابة العامة بالقطب القضائي المالي، يتضمن تجاوزات مالية عن الفترة الممتدة من 2019 إلى غاية حل المجلس، عندما كان الغنوشي رئيسا للبرلمان، وأوضحت أن السلطات التونسية سمحت بإصدار الأوامر القضائية اللازمة المترتبة عن هذه التهم.
يذكر أن هيئة الدفاع عن السياسي اليساري شكري بلعيد، والنائب البرلمان السابق محمد البراهمي، اللذين تعرضا للاغتيال سنة 2013، سبق أن اتهمت حركة النهضة بمحاولات السيطرة على القضاء، والتغلغل في مفاصل الدولة للتأثير على القضاء، خاصة فيما يتعلق بقضايا إرهابية. وأكدت أن قيادات الحركة كانت تستعمل «غرفة سوداء» لإيداع الملفات «المشبوهة»، حسب تعبيرها، وطمس عدد من الحجج والأدلة، علاوة على إحداث «جهاز أمن مواز»، قالت إنه ضالع في عدد من الملفات الإرهابية، وهو الاتهام الذي ظلت تنفيه الحركة، وتؤكد في المقابل أن عددا من الأحزاب السياسية تحصل بدورها على ملفات سرية، وتنشرها دون مساءلة قانونية للتأثير على سير بعض القضايا المشمولة بالبحث الأمني والقضائي.
يذكر أن عددا من قيادات حركة النهضة يواجهون عدة تهم خطيرة، من بينها التآمر على أمن الدولة الداخلي، ومحاولة تغيير هيئة الدولة، وتسفير الشباب التونسي إلى بؤر التوتر، والتحايل وغسل الأموال، وتلقي تمويلات مالية من الخارج بشكل مخالف للإجراءات القانونية. كما يقبع عدد من قيادات الحركة في السجون التونسية، من بينهم علي العريض رئيس الحكومة السابق، ونور الدين البحيري وزير العدل السابق، ومحمد بن سالم وزير الفلاحة السابق، وعدد من أعضاء مجلس الشورى، من بينهم الحبيب اللوز، وعبد الفتاح التاغوتي المسؤول عن الإعلام في الحركة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.