«العدل» اللبنانية تطلب «توقيف» رياض سلامة وحجز أملاكه

حاكم «المركزي» تغيّب عن جلسة استجوابه واُستدعي اليوم مجدداً

من الإجراءات الأمنية أمام قصر العدل في بيروت أمس (رويترز)
من الإجراءات الأمنية أمام قصر العدل في بيروت أمس (رويترز)
TT

«العدل» اللبنانية تطلب «توقيف» رياض سلامة وحجز أملاكه

من الإجراءات الأمنية أمام قصر العدل في بيروت أمس (رويترز)
من الإجراءات الأمنية أمام قصر العدل في بيروت أمس (رويترز)

لم يمثل أمس حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أمام الوفود القضائية الأوروبية لاستجوابه في مضمون الاستنابات المرتبطة بتحويلات مالية من حسابات إلى الخارج، والتحقق من شبهات ارتكابه جرم «تبييض الأموال»، ما استدعى تأجيل الجلسة إلى اليوم الخميس وتبليغه موعدها رسمياً بواسطة وكيله القانوني.
تغيّب سلامة فاجأ القضاة الأوروبيين، باعتبار أنهم كانوا متيقنين من مثوله أمامهم، إذ وصلوا عند الساعة التاسعة والنصف من صباح أمس إلى قصر العدل في بيروت، أي قبل ساعة من موعد الاستجواب، وعقدوا لقاءً مع قاضي التحقيق اللبناني شربل أبو سمرا ورئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة إسكندر، في القاعة المخصصة للجلسة داخل جناح مجلس شورى الدولة في الطابق الخامس في قصر العدل.
وعزا حاكم البنك المركزي هذا الغياب، إلى «انتظاره ردّ القضاء اللبناني على المذكرة التوضيحية التي بعث بها إلى قاضي التحقيق شربل أبو سمرا، واعتبر فيها أن مجيء قضاة أجانب إلى لبنان واستجوابه بملفات مالية يخالف القانون والسيادة الوطنية للقضاء»، وأكد مصدر قضائي بارز لـ«الشرق الأوسط»، أن «المذكرة رفضت على الفور وأن النيابة العامة التمييزية شددت على أنه سبق لها خلال شهر يناير (كانون الثاني) أن سمحت لقضاة من فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ، باستجواب مسؤولين حاليين وسابقين في مصرف لبنان وأصحاب مصارف تجارية». وقال إن «هذه المهمة تنسجم مع اتفاقية مكافحة الفساد التي وقّع عليها لبنان في عام 2008، التي تلزم الدول المنضوية فيها أن تلبي مطالب بعضها في الملاحقات القضائية والأمنية المختصّة بملفات الفساد»، مشدداً على أن «تنفيذ الاستنابات الدولية لا يتعارض مع القانون اللبناني ولا ينتقص من السيادة اللبنانية، بل يأتي متوافقاً مع الاتفاقيات القضائية التي تخدم مصالح الطرفين، خصوصاً أن لبنان لديه ملف مستقل وسيستفيد من المعلومات المتوافرة للجانب الأوروبي، سيما أن الملف اللبناني تأسس على أثر انطلاق التحقيقات في دول أوروبية، وجاء نتيجة مراسلات واستنابات منذ ربيع عام 2021».
وينتظر أن تنطوي أقوال حاكم المركزي على الكثير من المفاجآت، كونه المسؤول الأول عن الإدارة المالية في لبنان منذ ثلاثة عقود، ورأت مصادر مواكبة لهذا الملف أن «ما أثار استياء حاكم المركزي إصرار القاضية الفرنسية أود بوريزي على استجوابه كمشتبه به، وأنها في الوقت نفسه ستمثّل فريق اللوكسمبورغ في هذه الجلسة». وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن «طبيعة التحقيق لا تقدّم ولا تؤخر خصوصاً أن القاضية الفرنسية وغيرها من الأوروبيين لا يمكنهم اتخاذ أي إجراء بحق سلامة، أي لا يمكن الادعاء عليه وطلب توقيفه». وقالت: «يعود للسلطات صاحبة الاستنابة أن تتخذ التدبير الذي تراه مناسباً في بلادها وليس على الأراضي اللبنانية».
وبموازاة التحقيق الأوروبي، تقدّمت الدولة اللبنانية أمس ممثلة برئيسة هيئة القضايا في وزارة العدل القاضية هيلانة إسكندر، بادعاء شخصي ضد رياض سلامة وشقيقه رجا ومساعدته ماريان الحويك وكل مَن يظهره التحقيق، وذلك تبعاً لادعاء النيابة العامة الاستئنافية في بيروت، المقدّم إلى قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا بجرائم «الرشوة والتزوير واستعمال المزوّر وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتهرّب الضريبي».
وطلبت رئيسة الهيئة من قاضي التحقيق «توقيف الأخوين سلامة وماريان الحويك وحجز أملاكهم العقارية وتجميد حساباتهم المصرفية وحسابات أزواجهم وأولادهم القاصرين لمنعهم من التصرّف بها حفاظاً على حقوق الدولة اللبنانية». وحثت على «إصدار القرار الظني في حقهم تمهيداً لمحاكمتهم أمام محكمة الجنايات في بيروت لإنزال أشد العقوبات في حقهم لخطورة الجرائم المدّعى بها في حقهم، محتفظة بحق تحديد التعويضات الشخصية أمام محكمة الأساس». وطلبت الهيئة بـ«إحالة نسخة عن الدعوى إلى هيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان بواسطة النيابة العامة التمييزية، لتجميد حسابات المدعى عليهم وحسابات أزواجهم وأولادهم القاصرين لدى المصارف اللبنانية والأجنبية». ودعت إلى «إصدار القرار بوضع إشارة هذه الدعوى على عقارات المدّعى عليهم لمنعهم من التصرّف بها».
ورغم تزامن هذا الادعاء مع سريان مهمّة الوفود الأجنبية، أوضحت المصادر أن هذا التدبير «منفصل نهائياً عن مسار الاستنابات الأوروبية». وأكدت أن «الادعاء الجديد سيجري ضمّه إلى الملف اللبناني، الذي أجل القاضي أبو سمرا السير فيه إلى حين إنجاز عمل القضاة الأوروبيين ومغادرتهم لبنان».


مقالات ذات صلة

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

المشرق العربي رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

رحيل الموسيقار اللبناني إيلي شويري

تُوفّي الموسيقار اللبناني إيلي شويري، عن 84 عاماً، الأربعاء، بعد تعرُّضه لأزمة صحية، نُقل على أثرها إلى المستشفى، حيث فارق الحياة. وأكدت ابنته كارول، لـ«الشرق الأوسط»، أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعلم به العائلة، وأنها كانت معه لحظة فارق الحياة.

المشرق العربي القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

القضاء اللبناني يطرد «قاضية العهد»

وجّه المجلس التأديبي للقضاة في لبنان ضربة قوية للمدعية العامة في جبل لبنان القاضية غادة عون، عبر القرار الذي أصدره وقضى بطردها من القضاء، بناء على «مخالفات ارتكبتها في إطار ممارستها لمهمتها القضائية والتمرّد على قرارات رؤسائها والمرجعيات القضائية، وعدم الامتثال للتنبيهات التي وجّهت إليها». القرار التأديبي صدر بإجماع أعضاء المجلس الذي يرأسه رئيس محكمة التمييز الجزائية القاضي جمال الحجار، وجاء نتيجة جلسات محاكمة خضعت إليها القاضية عون، بناء على توصية صدرت عن التفتيش القضائي، واستناداً إلى دعاوى قدمها متضررون من إجراءات اتخذتها بمعرض تحقيقها في ملفات عالقة أمامها، ومخالفتها لتعليمات صادرة عن مرجع

يوسف دياب (بيروت)
المشرق العربي جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

جعجع: فرص انتخاب فرنجية للرئاسة باتت معدومة

رأى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن فرص انتخاب مرشح قوى 8 آذار، رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، «باتت معدومة»، مشيراً إلى أن الرهان على الوقت «لن ينفع، وسيفاقم الأزمة ويؤخر الإصلاح». ويأتي موقف جعجع في ظل فراغ رئاسي يمتد منذ 31 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، حيث فشل البرلمان بانتخاب رئيس، وحالت الخلافات السياسية دون الاتفاق على شخصية واحدة يتم تأمين النصاب القانوني في مجلس النواب لانتخابها، أي بحضور 86 نائباً في دورة الانتخاب الثانية، في حال فشل ثلثا أعضاء المجلس (86 نائباً من أصل 128) في انتخابه بالدورة الأولى. وتدعم قوى 8 آذار، وصول فرنجية إلى الرئاسة، فيما تعارض القوى المسيحية الأكثر

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

بخاري يواصل جولته على المسؤولين: الاستحقاق الرئاسي شأن داخلي لبناني

جدد سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان، وليد بخاري، تأكيد موقف المملكة من الاستحقاق الرئاسي اللبناني بوصفه «شأناً سياسياً داخلياً لبنانياً»، حسبما أعلن المتحدث باسم البطريركية المارونية في لبنان بعد لقاء بخاري بالبطريرك الماروني بشارة الراعي، بدأ فيه السفير السعودي اليوم الثاني من جولته على قيادات دينية وسياسية لبنانية. وفي حين غادر السفير بخاري بكركي من دون الإدلاء بأي تصريح، أكد المسؤول الإعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض، أن بخاري نقل إلى الراعي تحيات المملكة وأثنى على دوره، مثمناً المبادرات التي قام ويقوم بها في موضوع الاستحقاق الرئاسي في سبيل التوصل إلى توافق ويضع حداً للفراغ الرئا

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

شيا تتحرك لتفادي الفراغ في حاكمية مصرف لبنان

تأتي جولة سفيرة الولايات المتحدة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا على المرجعيات الروحية والسياسية اللبنانية في سياق سؤالها عن الخطوات المطلوبة لتفادي الشغور في حاكمية مصرف لبنان بانتهاء ولاية رياض سلامة في مطلع يوليو (تموز) المقبل في حال تعذّر على المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا التاريخ. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر نيابية ووزارية أن تحرك السفيرة الأميركية، وإن كان يبقى تحت سقف حث النواب على انتخاب رئيس للجمهورية لما للشغور الرئاسي من ارتدادات سلبية تدفع باتجاه تدحرج لبنان من سيئ إلى أسوأ، فإن الوجه الآخر لتحركها يكمن في استباق تمدد هذا الشغور نحو حاكمية مصرف لبنان في حال استحال عل

محمد شقير (بيروت)

إسرائيل تستكمل ملاحقة قيادات «حزب الله» في الضاحية

إسرائيل تستكمل ملاحقة قيادات «حزب الله» في الضاحية
TT

إسرائيل تستكمل ملاحقة قيادات «حزب الله» في الضاحية

إسرائيل تستكمل ملاحقة قيادات «حزب الله» في الضاحية

تمضي إسرائيل في ملاحقة قيادات «حزب الله» في الضاحية الجنوبية لبيروت، بالتزامن مع أوسع مروحة من الغارات الجوية العنيفة التي أسفرت عن مجازر في الجنوب والبقاع، كانت أبرزها مجزرة في منطقة عين الدلب، شرق مدينة صيدا، في حين أعلنت السلطات اللبنانية أن 14 مسعفاً قُتلوا جراء الغارات الإسرائيلية خلال يومين فقط.

وبعد ساعات على اغتيال عضو المجلس المركزي في «حزب الله» الشيخ نعيم قاووق، ويومين على اغتيال أمين عام الحزب حسن نصر الله و20 آخرين من القيادات والعناصر معه، استهدفت غارة إسرائيلية جديدة (الأحد) على الضاحية الجنوبية لبيروت قيادياً في «حزب الله»، في حين أعلن الجيش الإسرائيلي أنه نفّذ «ضربة دقيقة» في المنطقة.

وتردد أن المستهدف هو أبو علي رضا، وهو أبرز القياديين الميدانيين للحزب، إلا أن الحزب نفى ذلك في بيان، قائلاً: «لا صحة للادعاءات الصهيونية حول اغتيال الأخ المجاهد الحاج أبو علي رضا، وهو بخير وعافية».

الدمار الناتج عن الغارات الإسرائيلية في الضاحية الجنوبية (رويترز)

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية بأن «الطيران الحربي الإسرائيلي نفّذ غارة عنيفة على منطقة بين الشياح والغبيري في الضاحية الجنوبية». وتابعت أن «سحب الدخان ارتفعت في سماء المنطقة»، مضيفة أن «سيارات الإسعاف هرعت إلى المكان المستهدف».

وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن المستهدف بالهجوم الأخير الذي شنّه الجيش على ضاحية بيروت الجنوبية، هو «مسؤول في الوحدة الكيميائية لـ(حزب الله)، المسؤولة عن مختبرات المتفجرات وإنتاج الصواريخ».

وفي البقاع في شرق لبنان، أودت غارة إسرائيلية على سهل البقاع (الأحد) بحياة القيادي البارز في الجماعة الإسلامية محمد دحروج.

قصف عنيف

وتترافق الحملة الأمنية مع حملة عسكرية متواصلة، حيث تتعرّض مناطق في جنوب وشرق لبنان وصولاً إلى ضاحية بيروت الجنوبية لقصف إسرائيلي كثيف، أدّى إلى مقتل المئات، من بينهم 14 مسعفاً قُتلوا خلال يومين جراء القصف الإسرائيلي المتواصل على جنوب وشرق لبنان. وقالت وزارة الصحة اللبنانية (الأحد) في بيان: «تراكم قوات الاحتلال الإسرائيلي في الأيام الأخيرة اعتداءاتها على المسعفين والمراكز الصحية»؛ ما أدى إلى «استشهاد 14 مسعفاً في يومين»، مستنكرة «بأشد العبارات تكرار العدو الإسرائيلي اعتداءاته على المراكز الصحية».

الدخان يتصاعد نتيجة غارات إسرائيلية استهدفت قرى واقعة شرق مدينة صور (أ.ف.ب)

ووسّعت إسرائيل الغارات الجوية باتجاه مواقع جديدة، بينها بلدات تسكنها أغلبية مسيحية في المعمارية والقرية، قرب صيدا في جنوب لبنان، في حين أسفرت غارة جوية عنيفة عن مقتل العشرات في عين الدلب في شرق صيدا.

مجزرة عين الدلب

وأعلن «مركز عمليات طوارئ الصحة العامة»، التابع لوزارة الصحة العامة في بيان أولي، أن «اعتداء العدو الإسرائيلي على عين الدلب أدى في حصيلة أولية إلى استشهاد 24 شخصاً وإصابة 29 شخصاً بجروح».

وفي شرق صور، أعلن الجيش الإسرائيلي، استهدافه 45 موقعاً لـ«حزب الله» في قرية كفرا بجنوب لبنان. وأضاف في بيان أن «من بين الأهداف، مخازن أسلحة وبنى تحتية عسكرية لـ(حزب الله)». وأوضح أنه «مستمر في قصف مواقع لـ(حزب الله) في لبنان»

وفي البقاع بشرق لبنان، شنّ الطيران الإسرائيلي أكثر من 40 غارة على مناطق مختلفة من بعلبك والبقاع في لبنان خلال دقائق. وأفادت الوكالة الرسمية اللبنانية بأن «الغارة التي شنّها جيش الاحتلال الإسرائيلي على منطقة زبود في البقاع الشمالي، أسفرت عن استشهاد عائلة مؤلفة من 17 شخصاً على الأقل، وما زال البحث جارياً عن ناجين تحت الأنقاض».

رجال إطفاء إسرائيليون يحاولون إخماد الحريق الناتج عن صواريخ «حزب الله» في شمال إسرائيل (أ.ب)

في المقابل، أعلن «حزب الله» قصف مدينة صفد ومنطقة أخرى في شمال إسرائيل «بصلية صاروخية». وقال الحزب، في بيان، إنه «قصف مدينة صفد المحتلة بصلية صاروخية، وكذلك منطقة روش بينا؛ رداً على الاستباحة الهمجية الإسرائيلية للمدن والقرى والمدنيين».