شعرية الومضة في الأدب السعودي المعاصر

«الشذرات» في القصيدة النثرية مثالاً

جبر المليحان - إبراهيم الحسين
جبر المليحان - إبراهيم الحسين
TT

شعرية الومضة في الأدب السعودي المعاصر

جبر المليحان - إبراهيم الحسين
جبر المليحان - إبراهيم الحسين

لكي يمكننا إضاءة الراهن الأدبي في المشهد الأدبي السعودي، علينا تتبع الحراك الإبداعي الذي ينتسب أو يتقاطع مع مفهوم «الومضة» وشاعريتها بين متنازعين؛ «القصيدة النثرية» وما أنتجته من «شذرات» شعرية، وكذلك «القصة» بوليدها الذي اصطُلح على تسميته بالقصة القصيرة جداً أو «الأقصوصة».
ولطبيعة الموضوع، سوف نتخفف قليلاً من الحديث عن بداية حضور «الومضة» كجنس أدبي، وكذلك صلتها بمرجعيات تاريخية - أدبية؛ عربية كانت أم أجنبية، أو أن انبثاقهما جاء نتيجة لعوامل مادية؛ مثل إيقاع الحياة السريع، ومساهمة وسائل التواصل الاجتماعية كوسيط أدبي ناقل سارع في انتشارها، كل ذلك يمكن الوقوف عنده ومناقشته أو الرضا به، لكن العامل الأهم الذي نرى وجوب التركيز عليه هو العامل الثقافي الذي سنتناوله، وخصوصاً في الشذرات النثرية.
فعندما لا نذهب إلى التفسير التاريخي، فنحن أمام خيارين؛ سؤال الشعر أو سؤال الثقافة. فبالشعر تبدو قصيدة الومضة وقد تطورت كحاجة أسلوبية وحركة من داخل الشعر نفسه؛ ونقصد بالأسلوب ذلك الذي يشتمل على «الامتلاء والفراغ، على اللا والنعم، على وجه الساعة والظل، وعمل الشاعر حينها أن يشهد لهيب الشعلة الفانية واحتراقها»، كما يقول الشاعر باول تسيلان. وبإضافة صفات مثل؛ وضوح المفارقة، وقوة التباين، والنهاية المتوهجة، والنزعة الإضمارية... إلى التعريف الجامع لقصيدة النثر الذي قاله «إي جالو»: «قطعة نثر موجزة بما فيه الكفاية، موحّدة، مضغوطة، كقطعة من بلّور... خلق حرّ، ليس له من ضرورة غير رغبة المؤلف في البناء خارجاً عن كلّ تحديد، وشيء مضطرب، إيحاءاته لا نهائية». فبهذا التعريف، والصفات السابقة، تتضح الفاعلية الشعرية للشذرات كحراك ونتيجة برزت من داخل الشعر.
أما سؤال الثقافة فيأخذنا إلى عمق التحولات لما بعد الحداثة ومقولاتها؛ كالتقويض والتشكيك والعدمية والتفكيك واللا انسجام، الغرابة والغموض... إلى بقية لافتاتها. وهذا ما دعا ليندا هاتشيون إلى القول: «إن ما بعد الحداثة مغامرة تنطوي على تعارض؛ حيث إن أشكالها الفنية توظف المتعارف عليه وتنتهكه في الوقت ذاته، تنصبه وتكرسه، ومن ثم تخلخله»! فمما سبق، ألا يمكن التوقف عند هذا المحرض الثقافي والإشارة من قرب إلى أثره على معمارية قصيدة الومضة النثرية وفاعليتها؟ أي إجابة عن هذا السؤال تبدو متعجلة وناقصة إذا لم نلحظ الأثر الثقافي أيضاً على الجنس المنافس للشعر؛ أي السرد، خصوصاً القصة القصيرة. ففي منتصف القرن الماضي، أدخل أرنست هيمنغواي مجمل الجنس السردي في مواجهة حقيقية مع الشعر من خلال توظيفه لتقنيات بقيت لأزمان متعاقبة خصائص شعرية بامتياز؛ مثل المجاز والإيجاز والتكثيف، ذلك بديلاً عن أداة «التعبير» السردية المعتادة. حينها كتب قصته القصيرة ذات الكلمات الست: «للبيع... حذاء طفل لم يلبس قط»، ولحظتها، وفي عالمنا العربي، ومحيطنا المحلي السعودي أيضاً، كانت عوامل ثقافية ومادية كثيرة كنشوء المدن الحديثة والانفتاح على ثقافات العالم، جميعها كانت تهيئ لاستيعاب وظهور هذا اللون السرد - شعري من جهة، يقابله توجه شعري ملحوظ لكتابة قصيدة النثر وانهمامها جزئياً «بسرد» اللحظة العابرة والقبض الخاطف عليها من خلال القول الشعري في اتجاه معاكس للقصة.
ولادتان لجنسين أدبيين تقاربا زمنياً بالظهور وتماثلا في بعض السمات، إلى الحد الذي ينذر بتلاشي الحدود والعلامات، إلا من خلال فرزهما بمعيار مفهومي القصيدة أو الحكاية. أما من ناحية الشكل وعدد الأسطر والكلمات، فهما متشاركان فيهما.
ففي مقابل أقصوصة القاص جبير المليحان: «غفا الحارس؛ ففرت أشجار الحديقة»، يكتب الشاعر أحمد الملا على نفس منوال عدد الكلمات الخمس شذرته: «رفقاً - أيُّها - السقفُ - فالأضلاعُ - هواءٌ». كلاهما مارس التجريب والكتابة بمفهوم الومضة، إلا أن النصين واضحان كجنسين أدبيين مختلفين لا يجمعهما سوى تقنية الإيجاز والمجاز والنهاية البارقة، ويفرقهما منسوب الشعرية؛ حيث الأول متخفف منها، والنص الثاني غارق فيها. أو كما يفرق بينهما جون كوين باعتبار أن السرد نثر أدبي؛ لذلك «يصبح شعراً معتدلاً، بينما الشعر يمثل الشكل المتطرف في الأدب أو النوبة الحادة في الأسلوب»، وعند التخفيف من هذه الحدية في الأسلوب يَدخل النص الشعري في المساحة الملتبسة؛ كنص الشاعر زياد السالم: «جئتُ بالأوتاد فاعتذر الظلُ بلباقة وهرب».
بهذين الشاهدين الشعريين الحديثين، يمكننا المضي في استطلاع بعض ملامح وسمات قصيدة الومضة النثرية المعاصرة، وما استقرت عليه بعد أكثر من 3 عقود من التجريب المستمر في الكتابة عليها من قبل شعراء النثر السعوديين، وتأجيل التفصيل في سمات الأقصوصة السردية المعاصرة والكتابة عنها في مقالة منفصلة لدراسة مدى تطورها. وعليه يمكننا تكوين الانطباع التالي عن الشذرات...
أولاً؛ الاختزال الشديد والاقتصاد في الجمل الشعرية وعدد الكلمات باعتبارها قطع فسيفساء تتكامل جميعاً لتشكل الوحدة الموضوعية للفكرة المراد إبرازها، وذلك بتطور مفهوم الشذرة الواحدة من التعبير عن الموضوع الواحد إلى التنويع عليه بسلسلة من الشذرات، وبهذا تنازلت الشذرة طواعية عن عنوانها المستقل؛ الذي كان يعتبر جزءاً من مكونها. ويمكن مشاهدة هذا التطور في أغلب مجموعات شعراء النثر الأخيرة. وما يمكن استحضاره كمثال هو قصيدة للشاعر إبراهيم الحسين، المنشورة مؤخراً بعنوان «توقيعاتٌ للبرق».
ففي هذه المجموعة الشذرية، لا يُحضر الشاعر البرق بهيئته المادية فقط ليحاوره أو يستنطقه، إنما يرفعه بالمجاز إلى رتبة القصيدة النثرية القصيرة حتى يسقط عليه مفهومه عنها: «يقولُ البرقُ قصيدتَه - ويخلصُ لِفكرتِها - يُضيئُها يُنشدها ويغنّيها - آخر ما يفكّر فيهِ الإيقاعْ».
وعند نظرته للبرق؛ كمتجدد ومتخلق في كل ومضة، فالشاعر يفصح عن هاجسه في تعامله مع اللغة أثناء لحظة انفعاله شعرياً؛ بأن عليه «تخليص الكلمة من القيود التي يكبلها بها الاستعمال، وتطهيرها مما يتراكم عليها من ضبابية الممارسة... حيث الإبداع إحياء للكلمة بعد نضوبها»، كما يقول «فاغنار». إبراهيم يُضمن هذا الطموح في شذرته: «يُجَدّدُ البرقُ دائماً لُغتهُ ينطقُها بضوءٍ مختلفٍ ويخطُّها كذلك - يحذفُ ويُضيفُ».
وكما تجب عليه أن تكون قصيدة الومضة، الشاعر في شذرته التالية يؤكد على أحد أهم أركانها، وهو التكثيف الشديد ويناظره بالبرق في سرعة وميضه: «إذا كتبَ البرقُ كثّفَ لُغتَهُ».
أما تمثله المادي للبرق، فالشاعر قد استفرغ فيه كل ما أعانته عليه مخيلته بتعداد زوايا الالتقاط والتناول حتى تجاوز بها الستين شذرة، وليختم باعتذاره: «أنت البرق - حَصَدَ الضّوءُ كلَّ كلماتِكَ وتَرَكَكَ بِلا فَمٍ».
ثانياً؛ لم تصبح الشذرة تعبيراً عن المكنون الداخلي للشاعر فحسب، أو حصرها بالقضايا الوجودية، بل تجاوزتها إلى الموضوعات الممكن الكتابة عنها؛ ما أضفى طابع التأمل والهدوء على جملها الشعرية، بعد أن كانت صاخبة ومتفجرة.
ثالثاً؛ تماست الشذرات بشكل جزئي غير مقصود أحياناً مع قصيدة الهايكو اليابانية من حيث طول المقاطع الصوتية، وإن احتفظت بقليل من المجاز والتشبيه، وهذا ما لاحظه أيضاً الناقد والشاعر عبد الله السفر أثناء قراءته لبعض نصوص غسان الخنيزي، وأحياناً أخرى تأتي الشذرات على غرار الهايكو. فنص الشاعر محمد الحرز التالي يكشف عن قرب الصلة، ويمكن ملاحظة تقاطعه مع الهايكو «المديني» بقرينة أنسنة النار: «وهي في التنور - النارُ تكفرُ - عن ذنوبها السابقة».
هذا النص، هو بخلاف نص للشاعرة هيفاء الجبري «ذقن مقلوب» الذي يمكن قراءته بسهولة كهايكو كلاسيكي «طبيعي» واضح: «أغصانُ الشجرة المتشابكة - لحية كثة - تُخَللها الرياح».
أخيراً، قد تكون هناك سمات أخرى أغفلناها أو تجاوزنا عنها في هذه العجالة، لكن الأهم هو أن شعراء قصيدة النثر ماضون في التجريب، وعليه هل يمكننا الإضافة إلى ما قاله قديماً أبو عمرو بن العلاء: «كانت العرب تطيل ليسمع منها، وتوجز ليحفظ عنها»؛ فنقول نحن في عصرنا الحالي هذا وبعدما فرضت قصيدة الومضة شكلها الشعري: «... وتُكثف العرب وتصطنِع المفارقة وتُبرق بالمعنى حتى يُقرأ لها»!
* كاتب وروائي سعودي


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم
TT

رحيل عبد الله النعيم... المعلم والمهندس قبل أن يحمل الابتدائية

الراحل عبد الله العلي النعيم
الراحل عبد الله العلي النعيم

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم، الذي رحل، الأحد، بعد رحلة طويلة في هذه الحياة تجاوزت تسعة عقود، كان أبرزها توليه منصب أمين مدينة الرياض في بدايات سنوات الطفرة وحركة الإعمار التي شهدتها معظم المناطق السعودية، وسبقتها أعمال ومناصب أخرى لا تعتمد على الشهادات التي يحملها، بل تعتمد على قدرات ومهنية خاصة تؤهله لإدارة وإنجاز المهام الموكلة إليه.

ولد الراحل النعيم في مدينة عنيزة بمنطقة القصيم وسط السعودية عام 1930، والتحق بالكتاتيب وحلقات التعلم في المساجد قبل إقرار المدارس النظامية، وأظهر نبوغاً مبكراً في صغره، حيث تتداول قصة عن تفوقه، عندما أجرى معلمه العالم عبد الرحمن السعدي في مدرسته بأحد مساجد عنيزة مسابقة لحفظ نص لغوي أو فقهي، وخصص المعلم جائزة بمبلغ 100 ريال لمن يستطيع ذلك، وتمكن النعيم من بين الطلاب من فعل ذلك وحصل على المبلغ، وهو رقم كبير في وقته يعادل أجر عامل لمدة أشهر.

محطات كثيرة ولافتة وعجيبة شكلت حياة عبد الله العلي النعيم

توجه الشاب النعيم إلى مكة بوصفها محطة أولى بعد خروجه من عنيزة طلباً للرزق وتحسين الحال، لكنه لم يجد عملاً، فآثر الذهاب إلى المنطقة الشرقية من بلاده حيث تتواجد شركة «أرامكو» ومشاريعها الكبرى، وتوفّر فرص العمل برواتب مجزية، لكنه لم يذهب للشركة العملاقة مباشرة، والتمس عملاً في إحدى محطات الوقود، إلى أن وجد عملاً في مشروع خط التابلاين التابع لشركة «أرامكو» بمرتب مجز، وظل يعمل لمدة ثلاث سنوات ليعود إلى مسقط رأسه عنيزة ويعمل معلماً في إحدى مدارسها، ثم مراقباً في المعهد العلمي بها، وينتقل إلى جدة ليعمل وكيلاً للثانوية النموذجية فيها، وبعدها صدر قرار بتعيينه مديراً لمعهد المعلمين بالرياض، ثم مديراً للتعليم بنجد، وحدث كل ذلك وهو لا يحمل أي شهادة حتى الابتدائية، لكن ذلك اعتمد على قدراته ومهاراته الإدارية وثقافته العامة وقراءاته وكتاباته الصحافية.

الراحل عبد الله العلي النعيم عمل مديراً لمعهد المعلمين في الرياض

بعد هذه المحطات درس النعيم في المعهد العلمي السعودي، ثم في جامعة الملك سعود، وتخرج فيها، وتم تعيينه أميناً عاماً مساعداً بها، حيث أراد مواصلة دراسته في الخارج، لكن انتظرته مهام في الداخل.

وتعد محطته العملية في شركة الغاز والتصنيع الأهلية، المسؤولة عن تأمين الغاز للسكان في بلاده، إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم، بعد أن صدر قرار من مجلس الوزراء بإسناد مهمة إدارة الشركة إليه عام 1947، إبان أزمة الغاز الشهيرة؛ نظراً لضعف أداء الشركة، وتمكن الراحل من إجراء حلول عاجلة لحل هذه الأزمة، بمخاطبة وزارة الدفاع لتخصيص سيارة الجيش لشحن أسطوانات الغاز من مصدرها في المنطقة الشرقية، إلى فروع الشركة في مختلف أنحاء السعودية، وإيصالها للمستهلكين، إلى أن تم إجراء تنظيمات على بنية الشركة وأعمالها.

شركة الغاز والتصنيع الأهلية تعد إحدى محطات الراحل عبد الله العلي النعيم

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض، وأقر مشاريع في هذا الخصوص، منها إنشاء 10 بلديات في أحياء متفرقة من الرياض، لتسهيل حصول الناس على تراخيص البناء والمحلات التجارية والخدمات البلدية. ويحسب للراحل إقراره المكتب التنسيقي المتعلق بمشروعات الكهرباء والمياه والهاتف لخدمة المنازل والمنشآت وإيصالها إليها، كما طرح أفكاراً لإنشاء طرق سريعة في أطراف وداخل العاصمة، تولت تنفيذها وزارة المواصلات آنذاك (النقل حالياً)، كما شارك في طرح مراكز اجتماعية في العاصمة، كان أبرزها مركز الملك سلمان الاجتماعي.

تولى النعيم في بدايات سنوات الطفرة أمانة مدينة الرياض