تعرف على أفضل النظم الغذائية للعقل خلال مختلف المراحل العمرية

يساهم الطعام الذي نتناوله يومياً في تغذية الدماغ وتشكيله وتطوره (رويترز)
يساهم الطعام الذي نتناوله يومياً في تغذية الدماغ وتشكيله وتطوره (رويترز)
TT

تعرف على أفضل النظم الغذائية للعقل خلال مختلف المراحل العمرية

يساهم الطعام الذي نتناوله يومياً في تغذية الدماغ وتشكيله وتطوره (رويترز)
يساهم الطعام الذي نتناوله يومياً في تغذية الدماغ وتشكيله وتطوره (رويترز)

بينما يتم وضع أسس بنية ووظائف الدماغ أثناء وجود الجنين في بطن أمه وفي سنوات العمر الأولى، فإن العقل والإدراك يستمران في التطور خلال جميع مراحل الحياة. ويساهم الطعام الذي نتناوله يومياً في تغذية الدماغ وتشكيله وتطوره.
وفي هذا السياق، نقلت صحيفة «الغارديان» البريطانية عن كيمبرلي ويلسون، أخصائية التغذية ومؤلفة كتاب: «كيف يغذي الطعام الذي نتناوله أزمة الصحة العقلية»، حديثها عن أفضل النظم الغذائية للعقل خلال مختلف المراحل العمرية.
*الأجنة:
من المعروف أن تناول الحوامل لحمض الفوليك هو أمر ضروري لدعم صحة الأجنة، ولكنْ هناك عنصر غذائي آخر أقل شهرة، ولكنه بالغ الأهمية لنمو الدماغ، وهو اليود.
واليود هو معدن نادر ضروري لإنتاج هرمونات الغدة الدرقية، التي تلعب دوراً في عملية التمثيل الغذائي، ولكنه أساسي أيضاً لنمو وتطور دماغ الجنين أثناء الحمل.
وبالتالي، تصف منظمة الصحة العالمية نقص اليود بأنه «أهم سبب يمكن الوقاية منه لتلف الدماغ في جميع أنحاء العالم».
ولضمان تناول كمية كافية من اليود خلال الحمل، ينبغي على النساء اتباع نظام غذائي متوازن يتضمن مجموعة متنوعة من منتجات الألبان والأسماك والمأكولات البحرية، وأهمها السردين والسلمون وبلح البحر، وكذلك الأعشاب البحرية.
* مرحلة الطفولة:
يستمر الدماغ في نموه وتطوره السريع خلال فترة الرضاعة والطفولة. وتشكل أحماض أوميغا 3 الدهنية، ولا سيما حمض الدوكوساهيكسانويك (DHA)، نسبة كبيرة من غشاء خلايا الدماغ.
ولا يمكن الاستغناء عن حمض الدوكوساهيكسانويك لنمو الدماغ، وتظهر الأدلة أنه قد يكون من المهم بشكل خاص ضمان حصول الأطفال على كميات كافية منه من خلال تناول الأسماك الزيتية بانتظام (السلمون والماكريل والسردين والأنشوجة)، وكذلك الفاكهة الطازجة والشوفان.
* مرحلة البلوغ:
ينبغي تجنب استهلاك الأطعمة فائقة المعالجة في هذه المرحلة العمرية حفاظاً على صحة العقل والدماغ.
والأطعمة فائقة المعالجة هي تلك التي تُباع جاهزة للأكل أو جاهزة للتسخين وتحتوي على نسبة عالية من السكر المضاف والدهون والملح.
وأظهرت عدة دراسات وجود علاقة بين هذه الأطعمة وحجم الحُصين (مركز الذاكرة في الدماغ)؛ فكلما زادت نسبة تناول الأطعمة فائقة المعالجة في النظام الغذائي، كانت هذه المنطقة من الدماغ أصغر، وهذا الأمر يعتبر مصدر قلق؛ لأن انخفاض حجم الدماغ مرتبط بضعف وظائفه.
وتنصح ويلسون الأشخاص بالاستبدال بهذه الأطعمة، البقوليات والحبوب الكاملة والفواكه والخضراوات، خاصة الخضراوات الورقية مثل السبانخ والجرجير.
كما لفتت إلى أن شرب القهوة باعتدال (كوبان إلى 4 أكواب في اليوم) يحسن صحة الدماغ ويقلل خطر التدهور المعرفي.
* الشيخوخة:
تقول ويلسون إن ما تشترك فيه الدول ذات معدل الخرف المنخفض، مثل اليابان وإيطاليا، هو الاستهلاك المعتدل للأسماك والمأكولات البحرية، والإكثار من الخضراوات، والفاصوليا، والفراولة، والتوت، والعنب البري، بالإضافة إلى الشاي والقهوة.


مقالات ذات صلة

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي ليس مجرد صداع عادي يعاني منه الجميع في وقتٍ ما، بل هو اضطراب عصبي معقد يمكن أن يُشعر المريض وكأن العالم قد توقف.

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)
صحتك استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

ما تأثير تناول المغنيسيوم الغذائي بالعموم، أو أقراص مكملات المغنيسيوم، على النوم؟

د. حسن محمد صندقجي
صحتك تعريض الجسم للبرودة الشديدة قد يساعد الشخص على النوم بشكل أفضل (رويترز)

تعريض جسمك للبرودة الشديدة قد يساعدك على النوم بشكل أفضل

كشفت دراسة جديدة عن أن تعريض الجسم للبرودة الشديدة قد يساعد الشخص على النوم بشكل أفضل.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)

«مساعدة الصمّ»... مبادرة تُثلج قلب مجتمع منسيّ في لبنان

مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)
مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)
TT

«مساعدة الصمّ»... مبادرة تُثلج قلب مجتمع منسيّ في لبنان

مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)
مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)

قد ينشغل اللبنانيون في زمن الحرب بأخبارها وأحوال النازحين وكيفية تأمين حاجاتهم. لكنّ قلةً منهم فكّرت بجزء من المجتمع اللبناني؛ هم الأشخاص الصمّ. فهؤلاء يفتقدون القدرة على السمع وسط حرب شرسة. لا أصوات القذائف والصواريخ، ولا الانفجارات والمسيّرات. ولا يدركون إعلانات التحذير المسبقة لمنطقة ستتعرّض للقصف. وقد تكمُن خطورة أوضاعهم في إهمال الدولة الكبير لهم. فهي، كما مراكز رسمية ومستشفيات ووسائل إعلام، لا تعيرهم الاهتمام الكافي. فتغيب لغة الإشارة التي يفهمونها، ليصبح تواصلهم مع العالم الخارجي صعباً.

من هذا المنطلق، ولدت مبادرة «مساعدة الصمّ»، فتولاها فريق من اللبنانيين على رأسهم نائلة الحارس المولودة من أب وأم يعانيان المشكلة عينها. درست لغة الإشارة وتعاملت من خلالها معهما منذ الصغر؛ الأمر الذي دفع بأصدقائها الصمّ، ملاك أرناؤوط، وهشام سلمان، وعبد الله الحكيم، للجوء إليها. معاً، نظّموا مبادرة هدفها الاعتناء بهؤلاء الأشخاص، وتقديم المساعدات المطلوبة لتجاوز المرحلة.

بلغة الإشارة يحدُث التفاهم مع الأشخاص الصمّ (نائلة الحارس)

تقول نائلة الحارس لـ«الشرق الأوسط» إنّ القصة بدأت مع صديقتها ملاك بعد نزوح أهلها الصمّ إلى منزلها في بيروت هرباً من القصف في بلدتهم الجنوبية، فتوسّعت، من خلالهم، دائرة الاهتمام بأصدقائهم وجيرانهم. وعندما وجدت ملاك أنّ الأمر بات يستدعي فريقاً لإنجاز المهمّات، أطلقت مع هشام وعبد الله المبادرة: «اتصلوا بي لأكون جسر تواصل مع الجمعيات المهتمّة بتقديم المساعدات. هكذا كبُرت المبادرة ليصبح عدد النازحين الصمّ الذين نهتم بهم نحو 600 شخص».

لا تواصل بين الصمّ والعالم الخارجي. فهم لا يستطيعون سماع أخبار الحرب عبر وسائل الإعلام، ولا يملكون «لاب توب» ولا أدوات تكنولوجية تخوّلهم الاطّلاع عليها لحماية أنفسهم. كما أنّ لا دورات تعليمية تُنظَّم من أجلهم ليتمكّنوا من ذلك.

كي تلبّي نائلة الحارس رغبات الصمّ وتجد فرصاً لمساعدتهم، كان عليها التفكير بحلّ سريع: «لأنني أدرس لغة الإشارة والترجمة، دعوتُ من خلال منشور على حسابي الإلكتروني متطوّعين لهذه المهمّات. عدد من طلابي تجاوب، واستطعتُ معهم الانكباب على هذه القضية على أرض الواقع».

معظم الصمّ الذين تعتني بهم المبادرة في البيوت. بعضهم يلازم منزله أو يحلّ ضيفاً على أبنائه أو جيرانه.

يؤمّن فريق «مساعدة الصمّ» جميع حاجاتهم من مساعدات غذائية وصحية وغيرها. لا تواصل من المبادرة مع جهات رسمية. اعتمادها الأكبر على جمعيات خيرية تعرُض التعاون.

كل ما يستطيع الصمّ الشعور به عند حصول انفجار، هو ارتجاج الأرض بهم. «إنها إشارة مباشرة يتلقّونها، فيدركون أنّ انفجاراً أو اختراقاً لجدار الصوت حدث. ينتابهم قلق دائم لانفصالهم عمّا يجري في الخارج»، مؤكدةً أنْ لا إصابات حدثت حتى اليوم معهم، «عدا حادثة واحدة في مدينة صور، فرغم تبليغ عائلة الشخص الأصمّ بضرورة مغادرة منزلهم، أصرّوا على البقاء، فلاقوا حتفهم جميعاً».

ولدت فكرة المبادرة في ظلّ مصاعب يواجهها الأشخاص الصمّ (نائلة الحارس)

وتشير إلى أنّ لغة الإشارة أسهل مما يظنّه بعضهم: «نحرّك أيدينا عندما نتحدّث، ولغة الاشارة تتألّف من هذه الحركات اليومية التي نؤدّيها خلال الكلام. كما أن تعلّمها يستغرق نحو 10 أسابيع في مرحلة أولى. ويمكن تطويرها وتوسيعها بشكل أفضل مع تكثيف الدروس والتمارين».

عدد الصمّ في لبنان نحو 15 ألف شخص. أما النازحون منهم، فقلّة، بينهم مَن لجأ إلى مراكز إيواء بسبب ندرة المعلومات حول هذا الموضوع. كما أنّ كثيرين منهم لا يزالون يسكنون بيوتهم في بعلبك والبقاع وبيروت.

بالنسبة إلى نائلة الحارس، يتمتّع الأشخاص الصمّ بنسبة ذكاء عالية وإحساس مرهف: «إنهم مستعدّون لبذل أي جهد لفهم ما يقوله الآخر. يقرأون ملامح الوجه وحركات الشفتين والأيدي. وإنْ كانوا لا يعرفون قواعد لغة الإشارة، فيستطيعون تدبُّر أنفسهم».

يغيب الاهتمام تماماً من مراكز وجهات رسمية بالأشخاص الصمّ (نائلة الحارس)

إهمال الدولة اللبنانية لمجتمع الصمّ يبرز في محطّات عدّة. إن توجّهوا إلى مستشفى مثلاً، فليس هناك من يستطيع مساعدتهم: «ينبغي أن يتوافر في المراكز الرسمية، أسوةً بالخاصة، متخصّصون بلغة الإشارة. المشكلات كثيرة في كيفية تواصلهم مع الآخر. فالممرض في مستشفى قد لا يعرف كيفية سؤالهم عن زمرة دمهم. وليس هناك مَن يساعدهم لتقديم أوراق ووثائق في دعوى قضائية. هذه الثغر وغيرها تحضُر في مراكز ودوائر رسمية».

تختم نائلة الحارس: «التحدّي في الاستمرار بمساعدة الأشخاص الصمّ. فالإعانات التي نتلقّاها اليوم بالكاد تكفينا لأيام وأسابيع. على أي جمعية أو جهة مُساعدة أخذ هؤلاء في الحسبان. فتُدمَج مساعدات الأشخاص العاديين مع مساعدات الصمّ، وبذلك نضمن استمرارهم لأطول وقت».