علامات استفهام إزاء قرار «ميتا» فرض رسوم لتوثيق الحسابات

علامة التوثيق الزرقاء على خلفية تحمل شعار «ميتا» (رويترز)
علامة التوثيق الزرقاء على خلفية تحمل شعار «ميتا» (رويترز)
TT

علامات استفهام إزاء قرار «ميتا» فرض رسوم لتوثيق الحسابات

علامة التوثيق الزرقاء على خلفية تحمل شعار «ميتا» (رويترز)
علامة التوثيق الزرقاء على خلفية تحمل شعار «ميتا» (رويترز)

أثار إعلان شركة «ميتا» بدء اختبار ميزة جديدة، تتضمن فرض رسوم على توثيق الحسابات، تساؤلات بشأن أسباب هذه الخطوة وتأثيرها على المستخدمين، ولا سيما أن الجمهور اعتاد أن تكون مواقع التواصل الاجتماعي مجانية. وفي حين أرجع بعض الخبراء القرار إلى تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية ومعاناة مواقع التواصل الاجتماعي مادياً، في ظل تراجع عائدات الإعلانات، فإنهم أكدوا أن الخطوة ما زالت تجريبية.
مارك زوكربرغ، رئيس مجموعة «ميتا» مالكة «فيسبوك» و«إنستغرام» و«واتساب»، أعلن في منشور عبر حسابه على «فيسبوك» و«إنستغرام»، عن إطلاق الميزة الجديدة تحت اسم «ميتا فيريفايد». وهي تتيح للمستخدم توثيق حسابه، والحصول على العلامة الزرقاء المميزة، مقابل اشتراك يتراوح بين 11.99 و14.99 دولار أميركي شهرياً. وهذا القرار مشابه للصيغة التي اعتمدتها في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي منصة «تويتر» بفرضها رسوماً على توثيق الحسابات تبدأ من 7 دولارات شهرياً. ومما قاله زوكربرغ، أن فرض رسوم على توثيق الحسابات يهدف إلى «تحسين الصدقية والأمان للحسابات... وسيصار إلى اختبار الميزة الجديدة في أستراليا ونيوزيلندا أولاً، قبل طرحها في الولايات المتحدة وبقية دول العالم». وسيحصل المستخدم لقاء دفع الاشتراك الشهري على شارة التحقق الزرقاء، إضافة إلى إمكانية إدارة حساباته، وحمايتها من انتحال الهوية، مع إمكانية «ظهور أفضل لمنشوراتهم». وللعلم، تستهدف الخدمة صُناع المحتوى ونجوم مواقع التواصل الاجتماعي.
مهران كيالي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا»، أشار إلى أن «ميتا» اعتادت تقليد منافسيها في فضاء عالم التواصل الاجتماعي. وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «سبق لـ(ميتا) أن قلدت تطبيق (سنابشات) في ميزة (ستوري)، ثم (تيك توك) في ميزة (الريلز)، وها هي الآن تتجه لتقليد (تويتر) في تحصيل رسوم لقاء توثيق الحسابات». ووفق كيالي: «بات من الواضح أن كل منصات التواصل الاجتماعي تعاني مادياً، ما يدفعها للبحث عن أي مصدر دخل، ولو كان ضئيلاً». وهو يُرجع السبب في مُعاناة مواقع التواصل الاجتماعي مادياً إلى «إحجام الشركات الكبرى عن الإنفاق على الإعلانات، وهو ما يتضح من خلال النتائج السنوية أو الفصلية التي أعلنتها المنصات». ويضيف سبباً آخر هو «علاقة (ميتا) غير الجيدة مع الناشرين على منصاتها خلال السنوات الأخيرة».
ويذكر كيالي أن «دخول (تيك توك) عالم التواصل الاجتماعي، وجّه ضربة مُوجعة لبقية المنصات، وخاصة تلك التابعة لشركة (ميتا)؛ إذ سهّل تطبيق (تيك توك) لمشتركيه التوثيق والمشاهدات من دون حساب». ومع أن خبراء توقعوا أن تجتذب «ميتا» 12 مليون مستخدم بحلول 2024، يرى خبير «السوشيال ميديا» أن «ميتا» قد لا تنجح في تحقيق ما خططت له بشأن رسوم توثيق الحسابات؛ «ذلك أنها لن تستطيع أن تجتذب سوى الشركات الكبيرة التي لديها ميزانيات تسويقية، أما الشركات المتوسطة والصغيرة الحجم، وكذلك الأفراد، فلن يكونوا مهتمين بهذا الأمر»، ولكن من جانب آخر، يعتقد كيالي أن «فرض رسوم على توثيق الحسابات سيتيح التخلص من عدد كبير من الحسابات الموثقة، لينحصر الأمر في شركات وأسماء كبيرة، في حين يتساوى باقي المستخدمين»، وهو ما يعتبره أمراً إيجابياً.
وحقاً، تراجعت عائدات «ميتا» من الإعلانات عام 2022 للمرة الأولى منذ دخول الشركة الأميركية العملاقة البورصة عام 2012؛ إذ سجلت الشركة تراجعاً عن عام 2021 بنسبة 41 في المائة، مع صافي أرباح بلغ 23.2 مليار دولار، وفقاً للإحصاءات الرسمية.
من جهة ثانية، يرجع الجدل الدائر بشأن قرار «ميتا»، وقبلها «تويتر»، إلى ارتباط مواقع التواصل الاجتماعي منذ نشأتها بفكرة المجانية، إلا أن رجل الأعمال العالمي إيلون ماسك تحدى هذه الفكرة عندما فرض رسوماً على توثيق الحسابات على «تويتر»، بحسب جوشوا بينتون، الباحث في معهد «نيمان لاب» المتخصص في علوم الإعلام. ويشير بينتون في تقرير نشره، خلال فبراير (شباط) الماضي، إلى أن «الشارة الزرقاء الموضوعة بجوار اسم المستخدم، ظهرت في البداية كوسيلة للتحقق من هوية صاحب الحساب، غير أنه مع الوقت غدت علامة على مكانة بعض الشخصيات على الإنترنت... وبمقابل مادي»، ثم يضيف: «لقد تحولت الشارة الزرقاء من ميزة مرتبطة بالثقة والأمان إلى منتج استهلاكي»، معرباً عن حزنه من ربط إحدى المزايا الأساسية للأمان بمبالغ مالية. وبالفعل، جاء قرار «ميتا» في إطار نهج جديد لمنصات التواصل الاجتماعي فرضته الأزمة الاقتصادية العالمية، بحسب خالد البرماوي، الصحافي المصري المتخصص في الإعلام الرقمي. وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال البرماوي إنه «أصبح لزاماً على منصات التواصل الاجتماعي أن تتحول لنماذج ربحية، بعدما لم تعد عائدات الإعلانات كافية لخطط التوسع في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي والميتافيرس». وأردف أن «خطط (ميتا) في استغلال (واتساب) تجارياً لم تنجح، مع أنه واقعياً يفترض أن يكون أكثر وسيلة استخداماً لتحقيق أرباح».
أيضاً، يرى البرماوي أن المعلومات المُتاحة حتى الآن بشأن قرار «ميتا» فرض رسوم على توثيق الحسابات، «لا تقدم صورة كاملة عن المزايا التي سيحصل عليها المستخدم. كما أن سعر الخدمة مُبالغ فيه، ولا يوازي حجم الخدمات التي سيحصل عليها صاحب الحساب، مقارنة بما قدمه (تويتر) مقابل الخدمة ذاتها». ويلفت البرماوي إلى أن قيمة التوثيق في حد ذاته ستختلف مع فرض رسوم مقابل الخدمة. ويوضح أن من بين خصائص مواقع التواصل الاجتماعي إمكانية إنشاء حسابات مجهولة، ما سيُقوض من مصداقية هذه المواقع، وإن كان الأصل أن تكون ملكية الحسابات معروفة وواضحة. ويتابع الصحافي المصري شارحاً أن «التوثيق بالعلامة الزرقاء كان وسيلة للتيقن من صاحب الحساب، ولكن مع تحويله إلى نظام مدفوع، ربما لن يكون ذلك متاحاً بالطريقة نفسها»، ومن ثم يعود ليقول إن «المسألة ما زالت في بدايتها، والتجربة هي التي ستثبت نجاحها أو لا». للعلم، على «فيسبوك»، انخرط زوكربرغ في الرد على بعض التعليقات بشأن القرار، ومنها أنه لا يمكن أن يدفع المستخدم مقابل حظر حسابات تنتحل شخصيته. وفي تعليق آخر قال أحد المستخدمين إن تسهيل الوصول لخدمة العملاء أكثر أهمية من الشارة الزرقاء. واتفق زوكربرغ مع هذا الرأي، غير أن توثيق الحسابات مقابل رسوم تسبب بالفعل في مشاكل انتحال هوية على «تويتر». وأخيراً، حذف موقع «بي بي سي» خبراً، اعتمد فيه على حساب موثّق على «تويتر» يحمل اسم الممثل الأميركي ويل فيريل، قبل أن يتبين لاحقاً أنه غير صحيح، واعتذرت «بي بي سي» عن الواقعة. وهنا تقول «ميتا» إن أسماء مستخدمي الحسابات على منصاتها «يجب أن تطابق الأوراق الرسمية المرسلة إلى الشركة مقابل الحصول على العلامة الزرقاء».


مقالات ذات صلة

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (إ.ب.أ)

«إيه بي سي نيوز» تدفع 15 مليون دولار لمكتبة ترمب الرئاسية لتسوية دعوى تشهير

وافقت شبكة «إيه بي سي نيوز» على دفع 15 مليون دولار لصالح مكتبة دونالد ترمب الرئاسية، لتسوية دعوى قضائية تتعلق بتصريح غير دقيق من المذيع جورج ستيفانوبولوس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
TT

السعودية تؤكد ضرورة تكاتف الإعلام العربي لدعم فلسطين

الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)
الدوسري مترئساً اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب (واس)

أكّد سلمان الدوسري وزير الإعلام السعودي، الاثنين، أهمية توظيف العمل الإعلامي العربي لدعم قضية فلسطين، والتكاتف لإبراز مخرجات «القمة العربية والإسلامية غير العادية» التي استضافتها الرياض مؤخراً.

وشددت القمة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على مركزية القضية الفلسطينية، والدعم الراسخ للشعب لنيل حقوقه المشروعة، وإيجاد حل عادل وشامل مبني على قرارات الشرعية الدولية.

وقال الدوسري لدى ترؤسه الدورة العادية الـ20 للمكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب في أبوظبي، أن الاجتماع يناقش 12 بنداً ضمن الجهود الرامية لتطوير العمل المشترك، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، بمشاركة رؤساء الوفود والمؤسسات والاتحادات الممارسة لمهام إعلامية ذات صفة مراقب.

الدوسري أكد أهمية توظيف العمل الإعلامي لدعم القضية الفلسطينية (واس)

وأضاف أن الاجتماعات ناقشت سبل الارتقاء بالمحتوى الإعلامي، وأهم القضايا المتعلقة بدور الإعلام في التصدي لظاهرة الإرهاب، وجهود الجامعة العربية في متابعة خطة التحرك الإعلامي بالخارج، فضلاً عن الخريطة الإعلامية العربية للتنمية المستدامة 2030.

وتطرق الدوسري إلى استضافة السعودية مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتصحر «كوب 16»، وقمة المياه الواحدة، وضرورة إبراز مخرجاتهما في الإعلام العربي، مؤكداً أهمية الخطة الموحدة للتفاعل الإعلامي مع قضايا البيئة.

وأشار إلى أهمية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإعلام العربي، واستثمار دورها في تعزيز المحتوى وتحليل سلوك الجمهور، داعياً للاستفادة من خبرات «القمة العالمية للذكاء الاصطناعي» في الرياض؛ لتطوير الأداء.