طهران: الاتفاق مع السعودية بداية لحل أزمات المنطقة بما فيها اليمن

دعوات إلى تكوين آليات لمتابعة الحوار... وتحذير من العودة إلى نقطة الصفر

إيرانيون يقرأون عناوين الصحفات الأولى للجرائد الصادرة صباح السبت (رويترز)
إيرانيون يقرأون عناوين الصحفات الأولى للجرائد الصادرة صباح السبت (رويترز)
TT

طهران: الاتفاق مع السعودية بداية لحل أزمات المنطقة بما فيها اليمن

إيرانيون يقرأون عناوين الصحفات الأولى للجرائد الصادرة صباح السبت (رويترز)
إيرانيون يقرأون عناوين الصحفات الأولى للجرائد الصادرة صباح السبت (رويترز)

غداة إعلان الاتفاق على استئناف العلاقات السعودية - الإيرانية، تباينت الردود الإيرانية على الخطوة المفاجئة، رغم الإجماع على إيجابية التطور. وأعرب نواب برلمان ووسائل إعلام حكومية عن أملهم بأن يؤدي الاتفاق مع السعودية إلى حل أزمات المنطقة، بما فيها اليمن، محذرين في الوقت نفسه من العودة إلى نقطة الصفر.
وقال رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قاليباف، إن إحياء العلاقات مع السعودية خطوة مهمة في إطار استقرار المنطقة والخليج (...)، والتنمية السياسية والاقتصادية في سياق التعاون الإقليمي».
وشدد قاليباف على ما تضمنه نص الاتفاق من احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، معرباً عن أمله باتخاذ «قرارات بناءة» في الملفات الإقليمية، خصوصاً في اليمن وفلسطين ولبنان.
وذكرت وكالة «إيسنا» الحكومية، في تحليل، أن الاتفاق جاء بعد مضي عشرة أشهر على خامس جولات الحوارات الأمنية التي جرت بين السعودية وإيران في العراق وسلطنة عمان. وأشارت إلى أن قليلين كانوا يتوقعون حدوث تقدم في هذه المفاوضات، بينما كان الجميع منشغلين بأخبار اتفاق إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، أو المعلومات المتداولة عن احتمال إطلاق سراح معتقلين أميركيين - إيرانيين بوساطة عمانية.
وقالت الوكالة، التي تعكس أوساط الحكومة، إنه رغم عدم انتشار تفاصيل الاتفاق والمفاوضات في الصين، إلا أنه يعتبر في سياق متابعة سياسة توسع التعامل مع الجيران. وقالت إنه «إذا سارت أمور الاتفاق على ما يرام سيكون له تأثير كبير على الحد من التوترات في المنطقة، بما في ذلك حل أزمة اليمن، وسيوفر الأساس لاستئناف العلاقات بين عدد من دول الخليج، بما في ذلك البحرين، وتطبيع العلاقات مع مصر، وخفض الضغوط على لبنان بسبب طبيعة علاقاتها مع طهران، وتحسين العلاقات السورية مع الدول العربية وعودتها إلى الجامعة العربية».
لكن الوكالة حذرت من أن «مجالات ومقاربات وأسس الإجراءات السابقة للبلدين التي أدت إلى تنافس وخصومات لا تزال باقية»، وقالت: «إذا لم تتم مراجعة هذه المجالات، فإن العودة إلى نقطة الصفر لا تزال باقية».
وقالت: «الاتفاق الأخير بين طهران والرياض لاستئناف العلاقات إيجابي وتطور واعد للبلدين، ومنطقة غرب آسيا، والعالم الإسلامي، لكن لا ينبغي المبالغة في أبعاد هذا الاتفاق وفاعليته». وأضافت: «الصبر والذكاء الدبلوماسي لتنفيذ هذا الاتفاق بشكل صائب، وإبعاد الأعشاب الضارة بواقعية، وبعيداً عن الهيجان، أمور ضرورية ولا بد منها».
وأشارت الوكالة إلى أن العلاقات الإيرانية - السعودية «بحاجة إلى إنشاء آليات ثنائية» و«ركائز» عبر تعزيز التعاونين الاقتصادي والتجاري، و«خلق مصالح مادية ملموسة».
من جانبه، قال رئيس اللجنة الداخلية في البرلمان الإيراني، محمد صالح جوكار، إن الاتفاق «سيؤدي إلى موضع ممتاز في المنطقة من الجانبين السياسي والاقتصادي في منطقة غرب آسيا». وقال: «الموقع الجيوستراتيجي لهذين البلدين يمكن أن يلعب دوراً مؤثراً على المستويين الإقليمي والدولي».
أما نائب جوكار في اللجنة الداخلية، النائب محمد حسن أصفري، فقد قال إن «الاتفاق يوجه رسالة للدول الأخرى بأننا مستعدون لحل القضايا عبر الحوار نوعاً من هزيمة سياسة الترهيب من إيران على المستوى العالمي».
وتحدث النائب عن «رغبة» طهران في إقامة «علاقات بناءة» مع دول مجلس التعاون الخليجي، ودول الجوار. وصرح النائب لوكالة «إيسنا» الحكومية: «نرغب بأن تنتهي الأحداث التي وقعت في اليمن حتى الآن، وأن تحل المنطقة قضاياها بالهدوء وعبر الحوار».
وكانت للمسؤولين في الحكومة السابقة حصة الأسد في الردود على استئناف العلاقات السعودية. وقال رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية السابق، علي أكبر صالحي، إن «الاتفاق مع السعودية في محله للخروج من المأزق السياسي، رغم أن هناك بعض التأخير». وقال «كان من الممكن أن نتوصل إلى نتيجة من دون واسطة، وألا نكون مدينين لأي طرف». وأعرب عن أمله أن يلتزم الطرفان بالاتفاق، وقال «يجب اعتبار الاتفاق مع السعودية فأل خير».
وقال: «هذا التوجه لن يكون من دون تأثير على إحياء الاتفاق النووي». ودعا جميع التيارات والفصائل السياسية إلى «الوحدة ودعم هذه الحركة السياسية العقلانية، في هذا التوقيت الحساس». وقال لموقع «انتخاب» الإخباري، إنه «لا ينبغي السماح لمن يسيئون في إيران بتضييق الساحة الدولية وتعزيز نياتهم ورغباتهم بسهولة».
من جانبه، قال محمود واعظي، مدير مكتب الرئيس السابق حسن روحاني، إن اتفاق الصين كان استمراراً للمفاوضات التي بدأت بين السعودية وإيران في العراق وسلطنة عمان.
وأضاف واعظي أن هجوم «المتشددين» على السفارة السعودية في طهران يناير (كانون الثاني) 2016، «لم يخرب العلاقات بين البلدين فحسب، بل شوه صورة إيران الدولية، وكان الكيان الصهيوني الرابح الوحيد» و«يجب التفكير في حل لكي لا تتكرر هكذا إجراءات لم تثمر سوى الترهيب من إيران».
وعنونت صحيفة «شرق» الإصلاحية: «نهاية مأزق دام سبع سنوات». في المقابل، خاطبت صحيفة «كيهان»، التابعة لمكتب المرشد الإيراني، الإصلاحيين، قائلة: «على دعاة الإصلاحات أن يتعلموا التفاوض». وقالت صحيفة «سازندكي»، الناطقة باسم فصيل الرئيس الأسبق على أكبر هاشمي رفسنجاني، إن الاتفاق «عودة إلى استراتيجية رفسنجاني».
وقال الكاتب الإصلاحي عباس عبدي، في رد على عنوان «كيهان»، «لقد اتفقت إيران والسعودية على العودة لاتفاقيات تعاون في عامي 2001 و1998، أي فترة الإصلاحات (محمد خاتمي)، الآن يعطون دروساً في المفاوضات، تحت راية الصين، لقد أسروا الشعب 25 عاماً من أجل طلب السلطة»، وذلك في إشارة إلى التيار المحافظ المؤيد للحكومة الحالية.
وكتب الناشط أحمد زيدي آبادي، في مقال نشرته صحيفة «هم ميهن»، أنه يعتقد أن «الجانب الإيراني كان يتحرك على خلاف مشروع الصين، حتى أرسل الرئيس الصيني خلال زيارته للمنطقة إشارات مفادها إذا لم تعدل إيران موقفها ستواجه عزلة وغضب الصين، لهذا السبب جرت مشاورات خلف الستار أدت إلى زيارة رئيسي إلى بكين».
وأضاف: «أمين عام مجلس الأمن القومي جلس على طاولة التفاوض، وهذا يعني أنه قرار النظام وليس قرار وزارة لكي تتهم بأنها اتخذت قراراً من تلقاء نفسها، حضور شمخاني يحظى بأهمية، لأن أصواتاً مثل (كيهان) و... التي تعارض هكذا علاقات، لن تعلو، ولأنه قرار النظام، إنهم مجبرون على المسايرة أو الصمت».


مقالات ذات صلة

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

المشرق العربي اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

اليوم الثاني لرئيسي في دمشق... فلسطيني

في اليوم الثاني لزيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى سوريا، التقى وفداً من الفصائل الفلسطينية الموجودة في دمشق، بحضور وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان. وأكد رئيسي، خلال اللقاء الذي عقد في القصر الرئاسي السوري أمس (الخميس)، أن بلاده «تعتبر دائماً القضية الفلسطينية أولوية في سياستها الخارجية». وأكد أن «المقاومة هي السبيل الوحيد لتقدم العالم الإسلامي ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي»، وأن «المبادرة، اليوم، في أيدي المجاهدين والمقاتلين الفلسطينيين في ساحة المواجهة».

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شؤون إقليمية باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

باريس تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

نددت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع علم بنما في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس التابع للبحرية الأميركية وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم الخارجية الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)
شؤون إقليمية منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

منظمات تندد بـ«إصرار» فرنسا «على رغبتها بترحيل» إيرانيين

قالت منظمات غير حكومية إن فرنسا احتجزت العديد من الإيرانيين في مراكز اعتقال في الأسابيع الأخيرة، معتبرة ذلك إشارة إلى أنّ الحكومة «تصر على رغبتها في ترحيلهم إلى إيران» رغم نفي وزير الداخلية جيرالد دارمانان. وكتبت منظمات العفو الدولية، و«لا سيماد»، و«إيرانيان جاستس كوليكتيف» في بيان الأربعاء: «تواصل الحكومة إبلاغ قرارات الترحيل إلى إيران مهددة حياة هؤلاء الأشخاص وكذلك حياة عائلاتهم». واعتبرت المنظمات أن «فرنسا تصرّ على رغبتها في الترحيل إلى إيران»، حيث تشن السلطات قمعاً دامياً يستهدف حركة الاحتجاج التي اندلعت إثر وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في سبتمبر (أيلول)، أثناء احتجازها لدى شرط

«الشرق الأوسط» (باريس)
شؤون إقليمية قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قاآني: انتقمنا جزئياً لسليماني بطرد القوات الأميركية من المنطقة

قال مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، إسماعيل قاآني، إن قواته انتقمت جزئيا من القوات الأميركية بطردها من المنطقة، مضيفا في الوقت نفسه «القدس ليست الهدف النهائي وإنما هدف وسط»، مشددا على ضرورة أن تجد إيران موقعها في انتقال القوة من الغرب إلى الشرق. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن قاآني قوله خلال اجتماع الجمعية العامة لطلاب الحوزات العلمية في قم إن «أميركا وإسرائيل وحتى الناتو و... تقوم بالتعبئة لتخريب إيران». وقال قاآني «مثلما قال المرشد فإن إيران من المؤكد لن تبقى بعد 25 عاماً، وهم (الإسرائيليون) يستعجلون ذلك».

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

فرنسا تدين احتجاز إيران ناقلة نفط في مياه الخليج

ندّدت فرنسا باحتجاز البحرية التابعة للحرس الثوري الإيراني ناقلة النفط «نيوفي» التي ترفع عَلَم بنما، في مضيق هرمز الاستراتيجي، وذلك صبيحة الثالث من مايو (أيار)، وفق المعلومات التي أذاعها الأسطول الخامس، التابع لـ«البحرية» الأميركية، وأكدها الادعاء الإيراني. وأعربت آن كلير لوجندر، الناطقة باسم «الخارجية» الفرنسية، في مؤتمرها الصحافي، أمس، أن فرنسا «تعرب عن قلقها العميق لقيام إيران باحتجاز ناقلة نفطية» في مياه الخليج، داعية طهران إلى «الإفراج عن الناقلات المحتجَزة لديها في أسرع وقت».

ميشال أبونجم (باريس)

فيديو بالذكاء الاصطناعي يظهر نتنياهو وترمب وهما يقودان مقاتلة

لقطة من الفيديو الذي نشره المكتب الصحافي لبنيامين نتنياهو
لقطة من الفيديو الذي نشره المكتب الصحافي لبنيامين نتنياهو
TT

فيديو بالذكاء الاصطناعي يظهر نتنياهو وترمب وهما يقودان مقاتلة

لقطة من الفيديو الذي نشره المكتب الصحافي لبنيامين نتنياهو
لقطة من الفيديو الذي نشره المكتب الصحافي لبنيامين نتنياهو

نشر المكتب الصحافي لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم (الأربعاء)، مقطع فيديو مولد بالذكاء الاصطناعي لرئيس الوزراء والرئيس الأميركي دونالد ترمب، وهما يقودان طائرة مقاتلة فوق مجموعة من المباني في منطقة صحراوية غير محددة.

ووفق ما ذكرته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، فإن الفيديو الذي تم نشره على تطبيق «إنستغرام» يبدو أنه يأتي في مناسبة مرور 6 أشهر على الحرب الإسرائيلية الإيرانية.

ويظهر في الفيديو، الذي تبلغ مدته بضع ثوانٍ، نتنياهو وترمب وهما يرتديان نظارات شمسية ويتبادلان نظرة خاطفة. وجاء في التعليق: «في جولة احتفالية بالنصر»، مع وسم «ستة أشهر».

واستمرت المواجهة العسكرية الخاطفة بين إسرائيل وإيران 12 يوماً فقط، وبدأت في ساعات الفجر الأولى من يوم 13 يونيو (حزيران) 2025، حين شنّت إسرائيل هجوماً مباغتاً على عشرات الأهداف الإيرانية.

وقالت إسرائيل إن هجومها على كبار القادة العسكريين الإيرانيين، وعلماء نوويين، ومواقع تخصيب اليورانيوم، وبرنامج الصواريخ الباليستية، «كان ضرورياً لمنع طهران من تنفيذ خطتها المعلنة لتدمير الدولة اليهودية»، وفق «تايمز أوف إسرائيل».

وتنفي إيران باستمرار سعيها لامتلاك أسلحة نووية. ومع ذلك، فقد زادت من مستويات تخصيب اليورانيوم إلى مستويات «يمكن استخدامها في أغراض غير سلمية»، وعرقلت وصول المفتشين الدوليين إلى منشآتها النووية، ووسّعت قدراتها الصاروخية الباليستية.

وقالت إسرائيل إن إيران اتخذت مؤخراً خطوات نحو إعادة بناء قدراتها الصاروخية، ولا تزال تسعى إلى امتلاك سلاح نووي.

وردّت إيران على الضربات الإسرائيلية بإطلاق أكثر من 500 صاروخ باليستي، ونحو 1100 طائرة مسيرة على إسرائيل. وأسفرت الهجمات عن مقتل 32 شخصاً، وإصابة أكثر من 3000 آخرين في إسرائيل، وفقاً لمسؤولين صحيين ومستشفيات.

ومع اقتراب نهاية الحرب، انضمّت الولايات المتحدة إلى الضربات على المنشآت النووية الإيرانية.


تركيا: غموض حول الأهداف يبطئ «عملية السلام» مع الأكراد

قررت اللجنة البرلمانية الخاصة بـ«عملية السلام» تمديد عملها لشهرين إضافيين (البرلمان التركي - إكس)
قررت اللجنة البرلمانية الخاصة بـ«عملية السلام» تمديد عملها لشهرين إضافيين (البرلمان التركي - إكس)
TT

تركيا: غموض حول الأهداف يبطئ «عملية السلام» مع الأكراد

قررت اللجنة البرلمانية الخاصة بـ«عملية السلام» تمديد عملها لشهرين إضافيين (البرلمان التركي - إكس)
قررت اللجنة البرلمانية الخاصة بـ«عملية السلام» تمديد عملها لشهرين إضافيين (البرلمان التركي - إكس)

مدّدت لجنة بالبرلمان التركي تتولى إعداد الأساس القانوني لـ«عملية السلام»، التي تمر عبر حلّ حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته، عملها لشهرين إضافيين.

وقال رئيس البرلمان التركي، نعمان كورتولموش، الذي يترأس أيضاً اللجنة المعروفة باسم «لجنة التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية»، إنه تم خلال فترة عمل اللجنة، الذي استمر منذ تشكيلها في 5 أغسطس (آب) الماضي، تجاوز مراحل حرجة بحساسية بالغة.

وعقدت اللجنة، الأربعاء، اجتماعها الـ20 لعرض وتحليل نتائج الاجتماعات السابقة، تمهيداً لإعداد «تقرير مشترك» استناداً إلى التقارير التي أعدّتها الأحزاب المشاركة وقدمتها إلى البرلمان.

رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش متحدثاً خلال اجتماع اللجنة البرلمانية لوضع الأساس القانوني لنزع أسلحة «العمال الكردستاني» (حساب البرلمان في «إكس»)

وجرى تصويت خلال الاجتماع، تمّ خلاله الموافقة بالإجماع على تمديد عملها لمدة شهرين بدءاً من 31 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. وقال كورتولموش إنهم كانوا يهدفون إلى إتمام العملية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن لم تستطع إنجاز عملها بالكامل حتى هذا التاريخ.

قضايا عالقة وغموض

وأكد كورتولموش أن اللجنة البرلمانية ليست هي مَن سيحل القضية برمتها، لافتاً إلى أن هناك شقاً يتعلق بإلقاء «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، وهي ذراع لحزب «العمال الكردستاني» في سوريا، أسلحتها، استجابة لنداء زعيم الحزب السجين في تركيا، عبد الله أوجلان، الذي أطلقه في 27 فبراير (شباط) الماضي، وطالب فيه بحل الحزب ومختلف المجموعات المرتبطة به. وتساءل كورتولموش: «كيف ستضمن اللجنة إلقاء (قوات سوريا الديمقراطية) أسلحتها؟».

وعرضت أكاديميتان تركيتان، خلال الجلسة، ملخصاً تنفيذياً لتحليل محاضر جلسات اللجنة التي بلغت 58 جلسة خلال 19 اجتماعاً، تم خلالها الاستماع إلى 135 شخصاً يمثلون الحكومة والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، بما في ذلك عائلات ضحايا عملية حزب «العمال الكردستاني» وجمعيات المحاربين القدامى.

لا تزال عودة مسلحي «العمال الكردستاني» واندماجهم بالمجتمع تشكّل نقطة غامضة في عملية السلام بتركيا (رويترز)

وعكس التحليل تبايناً واضحاً في مقاربات الجهات الفاعلة فيما يتعلق بتحقيق التوازن بين مفهومي الأمن والحرية، في العملية التي تسميها الحكومة «تركيا خالية من الإهارب»، ويسميها الجانب التركي «عملية السلام والمجتمع الديمقراطي».

وأشار التحليل إلى أن الغموض لا يزال يكتنف الهدف النهائي للعملية، وهو «إنهاء الإرهاب»، ويتم التعبير عن أهداف مختلفة مثل «المصالحة» و«النموذج التركي» لحلّ المنظمة الإرهابية (العمال الكردستاني) و«الأخوة» و«التطبيع» و«الديمقراطية» و«الاندماج السياسي». ولا يوجد إجماع واضح على كيفية دمج هذه الأهداف معاً، وما الخطوات الملموسة التي ستُتخذ.

ولفت أيضاً إلى وجود اختلافات كبيرة في المقاربات بالنسبة لمسألة العفو والاندماج الاجتماعي لعناصر «العمال الكردستاني»، فضلاً عن استخدام أُطر مختلفة في تحديد الأسباب الجذرية للمشكلة، وهي أمور يجب معالجتها في التقرير النهائي.

مبادئ أساسية

وطالبت الأحزاب المشاركة في اللجنة، خلال الاجتماع، بسرعة الانتهاء من إعداد التقرير النهائي دون تأخير، مع «التمسك بمبادئ الجمهورية التركية وهوية الأمة واللغة في أي خطوات ستتخذ من أجل تعزيز الديمقراطية، ومراعاة ألا تفتح هذه الخطوات آفاقاً جديدة أمام المنظمات الإرهابية». ورفض النائب عن حزب «العدالة والتنمية»، كورشاد زورلو، استخدام مصطلح «السلام» للإشارة للعملية الجارية، قائلاً إن «الحرب تقع بين الدول».

رئيس حزب «الجيد القومي» موساوات درويش أوغلو متحدثاً أمام المجموعة البرلمانية للحزب الأربعاء (حساب الحزب في «إكس»)

في السياق، طالب رئيس حزب «الجيد القومي»، الذي أعلن منذ البداية رفضه العملية الجارية وأي تفاوض مع أوجلان، مساوات درويش أوغلو، الرئيس رجب طيب إردوغان بعدم إهدار وقت البرلمان في إعداد تقارير.

وقال دوريش أوغلو، في كلمة خلال اجتماع المجموعة البرلمانية لحزبه الأربعاء، إن إردوغان «يتصرف أحياناً بوصفه رئيساً لحزب (العدالة والتنمية)، وأحياناً بصفته رئيساً للبلاد، خلال هذه العملية. وبما أنه يدعي أنه وراء هذه العملية، وأنها مشروع دولة ومشروع القرن، فإنه يملك السلطة، لا ينبغي أن يضيع وقت البرلمان في إعداد التقارير، بل وأن يفرج عن أوجلان، إن استطاع».


الكنيست يصادق مبدئياً على «لجنة تحقيق ناعمة» في «7 أكتوبر»

نائبة إسرائيلية معارضة ترفع لافتة كُتب عليها «لا تخفوا الحقيقة» في الكنيست الأربعاء (إ.ب.أ)
نائبة إسرائيلية معارضة ترفع لافتة كُتب عليها «لا تخفوا الحقيقة» في الكنيست الأربعاء (إ.ب.أ)
TT

الكنيست يصادق مبدئياً على «لجنة تحقيق ناعمة» في «7 أكتوبر»

نائبة إسرائيلية معارضة ترفع لافتة كُتب عليها «لا تخفوا الحقيقة» في الكنيست الأربعاء (إ.ب.أ)
نائبة إسرائيلية معارضة ترفع لافتة كُتب عليها «لا تخفوا الحقيقة» في الكنيست الأربعاء (إ.ب.أ)

تجنب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، المشاركة في التصويت على قرار الكنيست (البرلمان)، الذي نص على تشكيل لجنة تحقيق ناعمة، في إخفاقات السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تم تفصيلها بشكل يضمن إعفاءه من المسؤولية، ويُحمّل مسؤولية الإخفاق للجيش والمخابرات واتفاقيات أوسلو (1993).

وتم إقرار القانون في القراءة التمهيدية بأكثرية 53 نائباً ومعارضة 48 آخرين، ويحتاج إلى قراءات ثلاث أخرى حتى يصبح قانوناً ساري المفعول.

وأجري التصويت في جلسة عاصفة، برز فيها حضور عدد كبير من ممثلي عائلات القتلى والأسرى الإسرائيليين في الحرب، الذين يعرفون أن لجنة كهذه لن تجري تحقيقاً جدياً، بل تم تفصيلها بطريقة تساير القيادة السياسية وتضيع الحقيقة.

وحضروا وهو يرفعون شعارات احتجاج ويطالبون بتشكيل لجنة تحقيق رسمية، يعينها رئيس محكمة العدل العليا، وتكون ذات أسنان، قادرة على الوصول إلى الحقيقة والتوصية بمعاقبة المسؤولين.

جانب من احتجاج عائلات ضحايا هجوم 7 أكتوبر ضد طريقة تشكيل لجنة التحقيق في الهجوم داخل الكنيست (إ.ب.أ)

وحسب متابعين ومقربين، فإن نتنياهو الذي كان موجوداً في الكنيست لم يشارك في التصويت بالأساس بسبب «خجله من هذه العائلات»، وكذلك فعل وزير آخر في حكومته، زئيف الكين، وعضو الكنيست يولي إدلشتاين، ونائبة وزير الخارجية شيران هسكل.

المعارضة تحضر بلباس أسود

وقد حضر أعضاء الكنيست من المعارضة إلى التصويت بلباس أسود، وتم إخراج عدد منهم من القاعة بعد صراخهم ورفع لافتات منددة باللجنة التي تشكلها الحكومة، وعندما تم التصويت على القانون، قاموا بتمزيق الأوراق التي طُبع عليها، لكن هذا لم يؤثر على قادة الائتلاف الحكومي.

وقد انقسم الجمهور الإسرائيلي أيضاً إلى قسمين، ما بين مؤيد ومعارض، للجنة التحقيق الرسمية. لكن أكثرية 69 في المائة منهم أيَّدوا موقف المعارضة، بتشكيل لجنة رسمية ومهنية.

عائلات ضحايا هجوم 7 أكتوبر يرفعون شعارات وصوراً ضد طريقة تشكيل لجنة التحقيق في الهجوم داخل الكنيست (إ.ب.أ)

ومن يعارضون اللجنة الرسمية هم مؤيدو الحكومة، الذين لا يريدون أن يتورط نتنياهو في قضية أخرى، ويخشون من أن تتوصل اللجنة إلى نتيجة مفادها بأن نتنياهو هو المسؤول الأول عن الإخفاق.

وعبَّر عدد من أنصار الليكود عن رغبتهم في أن تحقق هذه اللجنة ليس فقط في إخفاق 7 أكتوبر، بل فيما سبقه من أحداث، مثل اتفاقيات أوسلو، التي وقَّع عليها إسحق رابين، وقرار الانسحاب من غزة سنة 2005 الذي قرره رئيس الوزراء إرئيل شارون؛ ما دفع صحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى أن تنشر رسماً كاريكاتورياً يظهِر اللجنة تتوجه إلى ضريح دافيد بن غوريون، مؤسس إسرائيل، وتستجوبه: «أين كنت في 7 أكتوبر؟».

اتهامات للمحكمة

وتنطلق الحكومة الإسرائيلية في موقفها من اتهماها لرئيس المحكمة العليا، بأنه «ليس نزيهاً، ولا يجوز الاعتماد عليه لتشكيل لجنة تحقيق رسمية»؛ لذلك ينص مشروع القانون الجديد على أن رئيس الكنيست، أمير أوحانا، هو الذي يقرر في تشكيلة اللجنة من خلال «التشاور» مع مندوبي الائتلاف والمعارضة، ثم يصادق الكنيست على تشكيلة اللجنة بأغلبية 80 عضو كنيست، وفي حال عدم وجود أغلبية كهذه، سيقرر رئيس لجنة الكنيست في هوية ثلاثة أعضاء في اللجنة ورئيس المعارضة، يائير لبيد، سيختار الأعضاء الثلاثة الآخرين، وفي حال رفض لبيد ذلك سيقرر رئيس الكنيست هوية الأعضاء الثلاثة الآخرين.

وينص مشروع القانون أيضاً على تعيين أربعة مشرفين للجنة من عائلات قتلى إسرائيليين في 7 أكتوبر، وسيعينهم أعضاء لجنة التحقيق نفسها عندما تبدأ عملها.

وقال لبيد إن «نتنياهو يهرب من المسؤولية. وهذا الهدف الوحيد لمشروع القانون هذا. مساعدته في الهروب. ومساعدته في تحميل مسؤوليته عن الإخفاق على آخرين. وقد قال إن هذه اللجنة الوهمية ستحقق في أوسلو. لماذا أوسلو فقط؟ ماذا عن الهيكل الأول؟ لماذا ليس تمرد اليهود في غيتو وارسو (إبان الحرب العالمية)؟».

زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد (رويترز)

وشدد لبيد على أن «المعارضة لن تتعاون مع هذه المهزلة المخزية، وأمواتنا يستحقون أكثر من ذلك، وكذلك أمن الدولة. وإذا لم تكن هناك لجنة تحقيق رسمية، فلن نعرف الحقيقة أبداً، والأخطر من ذلك أن هذا الهجوم سيحدث مرة أخرى».

وكان نتنياهو قد شكل برئاسته طاقماً وزارياً من أجل إقرار صلاحيات اللجنة، وحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن نتنياهو يريد منح اللجنة تفويضاً كبيراً بقدر الإمكان؛ من أجل التحقيق في أكبر عدد ممكن من المواضيع ولسنوات طويلة إلى الوراء؛ بهدف إبعاد مسؤولية إخفاق 7 أكتوبر عن الحكومة الحالية وتوسيع التحقيق كي لا تقدم اللجنة تقريراً أولياً قبل الانتخابات العامة المقبلة.

ويتوقع أن تعود اللجنة في تحقيقها إلى فترة اتفاقيات أوسلو، في عام 1993، أو إلى فترة تنفيذ خطة فك الارتباط عن غزة، في عام 2005، وأن يشمل عمل اللجنة التحقيق في مسؤولية جهاز القضاء والمستويين السياسي والأمني خلال هذه السنين.