حقوقيون ومحامون ينفون مخططاً لـ«عزل» الرئيس التونسي

الرئيس قيس سعيد (رويترز)
الرئيس قيس سعيد (رويترز)
TT

حقوقيون ومحامون ينفون مخططاً لـ«عزل» الرئيس التونسي

الرئيس قيس سعيد (رويترز)
الرئيس قيس سعيد (رويترز)

أكد حقوقيون وهيئة الدفاع عن المتهمين في قضية «التآمر على الدولة وتبديل هيئة الدولة التونسية»، أمس، أن الاتهامات الموجَّهة إلى المتهمين بالتواصل مع بعض المرشحين المستقلين، الذين فازوا في الدور الثاني للانتخابات البرلمانية، بهدف عزل الرئيس قيس سعيد هي «قضية مفتعلة لتصفية الخصوم السياسيين للرئيس»، لكنهم أقروا في المقابل بعقد لقاءات في منزل الناشط السياسي خيام التركي، بهدف تنظيم تحركات سياسية لتوحيد المعارضة. ونفى الحقوقيون وهيئة الدفاع وجود برنامج لتشكيل أغلبية داخل البرلمان الجديد، الذي سيعقد أولى جلساته بعد غد (الاثنين)، على أن تكون هذه الكتلة قادرة على تعديل الدستور، وإقرار عزل الرئيس سعيد بطريقة دستورية، وذلك باستعمال البرلمان في غياب المحكمة الدستورية، التي تعد الطرف القادر على اتخاذ قرار عزل رئيس الجمهورية.
وجاء هذا النفي رداً على ما تداولته وسائل إعلام محلية عن وجود اتصالات جرت بين أطراف سياسية معارضة لمسار 25 يوليو (تموز) 2021، ومرشحين فازوا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، بهدف إزاحة الرئيس سعيد من المشهد السياسي، وهو ما سرّع بفتح تحقيقات قضائية لبحث ملف «التآمر على أمن الدولة ومحاولة تبديل هيئة الدولة». وأكدت هذه المصادر الإعلامية أن استعدادات جرت لتشكيل كتلة برلمانية في البرلمان المرتقب، بهدف سحب الثقة من الرئيس سعيد، وعزله تحت قبة البرلمان الجديد.
ووفق عدد من المراقبين، فإن الاتهامات موجّهة في المقام الأول إلى قيادات «جبهة الخلاص الوطني» المعارضة، المدعومة من حركة «النهضة»، على اعتبار أنها لم تعترف أبداً بالنظام الجديد، ودعت في أكثر من مناسبة إلى عودة المؤسسات الدستورية، واعتبارها أن تفعيل الفصل 80 من الدستور التونسي، وإعلان الرئيس سعيد عن التدابير الاستثنائية التي أدت إلى حل الحكومة والبرلمان والمجلس الأعلى للقضاء، وتقويض منظومة الحكم السابقة، هو بمثابة «انقلاب» على المؤسسات الدستورية.
وكان رياض الشعيبي، القيادي في حركة «النهضة»، قد نشر في بداية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، صوراً تلخص تسارع الأحداث في دولة البيرو بأميركا الجنوبية، بعد إعلان رئيسها حل البرلمان، ودعوته لانتخابات برلمانية مبكرة، واعتراض القضاء على قراراته، ثم توقيفه من قوات الأمن. ورأى أن نفس السيناريو قد يحصل في تونس، وأن الأوان لم يفت للقيام بذلك، ملمحاً إلى أن سيناريو اعتقال الرئيس سعيد «يبقى ممكناً»، على حد قوله. وخلال الفترة التي تلت رفض الرئيس سعيد التعديل الوزاري، الذي اقترحه هشام المشيشي، رئيس الحكومة لسنة 2021، لم يغب سيناريو سحب الثقة من الرئيس عن الأذهان، اعتماداً على البرلمان في ظل عدم تركيز المحكمة الدستورية، غير أن صعوبة تحصيل ثلثي أعضاء البرلمان (145 صوتاً)، وتنامي خلافات الأحزاب السياسية، وتفاقمها بين رأسَي السلطة التنفيذية (رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة)، أجّل هذه الطرح إلى أن أعلن سعيد خلال السنة ذاتها عن التدابير الاستثنائية، اعتماداً على الفصل 80 من دستور 2014.
ويُتهم في هذه القضية إلى حد الآن أكثر من 20 معارضاً من الصف الأول للرئيس قيس سعيّد، وإعلاميين ورجال أعمال، بينهم القيادي في «جبهة الخلاص الوطني» جوهر بن مبارك، ورجل الأعمال كمال اللطيف، والوزير السابق لزهر العكرمي، والناشط السياسي خيام التركي. علاوة على بعض الأشخاص، الذين تم إيقافهم على خلفيّة «اتصالاتهم مع بعثات دبلوماسية معتمدة بتونس»، وهو ما دفع الجانب الأميركي إلى انتقاد هذه الخطوة، والتعبير عن انشغاله لاعتقال تونسيين فقط لأنهم أجروا اتصالات ببعثته الدبلوماسية المعتمدة في تونس.
وفي هذا الشأن، أكد سمير ديلو، عضو هيئة الدفاع عن الموقوفين، أن بعض المعتقلين «ليست لهم تهم ولا قضية ولا ملف، على غرار نور الدين بوطار مدير إذاعة موزاييك، ورجل الأعمال كمال لطيف، فيما تم الاحتفاظ ببقية المتهمين بتهمة التآمر على أمن الدولة، التي شملت كل من احتسى قهوة مع خيام التركي»، على حد قوله. وقال ديلو إن التهم «نُسبت إلى هؤلاء الموقوفين بسبب محجوزات تتمثل في بطاقات أعمال شخصية، وهواتف جوالة وحواسيب، وتم ذلك ليس في إطار تهم وقضايا، بل لصنع قضايا، وهذا أمر خطير جداً»، على حد تعبيره. في غضون ذلك، أصدر القطب القضائي المالي أمراً بسجن رياض الموخّر، الوزير الأسبق للبيئة، على خلفية ملف يتعلق بشبهات فساد مالي وإداري مرتبط بإحدى الصفقات العمومية، التي أبرمتها وزارة البيئة إبان إشرافه عليها، وتقرر لاحقاً التمديد في الاحتفاظ به، قبل إحالته إلى أنظار قاضي التحقيق، الذي تولى استنطاقه على امتداد ساعات قبل أن يصدر في حقه أمر بالسجن على ذمة القضية.


مقالات ذات صلة

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

شمال افريقيا تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على  أمن الدولة»

تونس تحقق مع 4 محامين في قضية «التآمر على أمن الدولة»

وجه القطب القضائي لمكافحة الإرهاب طلبا رسميا إلى رئيس الفرع الجهوي للمحامين بتونس لبدء تحقيق ضدّ المحامين بشرى بلحاج حميدة، والعيّاشي الهمّامي، وأحمد نجيب الشابي، ونور الدين البحيري، الموقوف على ذمة قضايا أخرى، وذلك في إطار التحقيقات الجارية في ملف «التآمر على أمن الدولة». وخلفت هذه الدعوة ردود فعل متباينة حول الهدف منها، خاصة أن معظم التحقيقات التي انطلقت منذ فبراير (شباط) الماضي، لم تفض إلى اتهامات جدية. وفي هذا الشأن، قال أحمد نجيب الشابي، رئيس جبهة الخلاص الوطني المعارضة، وأحد أهم رموز النضال السياسي ضد نظام بن علي، خلال مؤتمر صحافي عقدته اليوم الجبهة، المدعومة من قبل حركة النهضة، إنّه لن

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

المنقوش تبحث في الجزائر الانتخابات الليبية وعودة الحركة على المعابر

بحثت وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش مع نظيرها الجزائري أحمد عطاف، خلال زيارة لها اليوم الخميس إلى الجزائر، في فتح المعابر البرية والنقل البحري والجوي أمام حركة التجارة وتنقل الاشخاص، بعد سنوات طويلة من الإغلاق، بسبب الأزمة السياسية والامنية في ليبيا.

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

الرئيس التونسي يؤكد «احترام حرية التعبير»

أعلنت نقابة الصحافيين التونسيين أمس رصد مزيد من الانتهاكات ضد حرية التعبير، مع تعزيز الرئيس قيس سعيد لسلطاته في الحكم، وذلك ردا على نفي الرئيس أول من أمس مصادرة كتب، وتأكيده أن «الحريات لن تهدد أبدا»، معتبرا أن الادعاءات مجرد «عمليات لتشويه تونس». وكان سحب كتاب «فرانكشتاين تونس» للروائي كمال الرياحي من معرض تونس الدولي للكتاب قد أثار جدلا واسعا في تونس، وسط مخاوف من التضييق على حرية الإبداع. لكن الرئيس سعيد فند ذلك خلال زيارة إلى مكتبة الكتاب بشارع الحبيب بورقيبة وسط تونس العاصمة قائلا: «يقولون إن الكتاب تم منعه، لكنه يباع في مكتبة الكتاب في تونس...

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

تشكيل أول كتلة نيابية في البرلمان التونسي الجديد

بعد مصادقة البرلمان التونسي المنبثق عن انتخابات 2022، وما رافقها من جدل وقضايا خلافية، أبرزها اتهام أعضاء البرلمان بصياغة فصول قانونية تعزز مصالحهم الشخصية، وسعي البرلمانيين لامتلاك الحصانة البرلمانية لما تؤمِّنه لهم من صلاحيات، إضافة إلى الاستحواذ على صلاحيات مجلس الجهات والأقاليم (الغرفة النيابية الثانية)، وإسقاط صلاحية مراقبة العمل الحكومي، يسعى 154 نائباً لتشكيل كتل برلمانية بهدف خلق توازنات سياسية جديدة داخل البرلمان الذي يرأسه إبراهيم بودربالة، خلفاً للبرلمان المنحل الذي كان يرأسه راشد الغنوشي رئيس حركة «النهضة». ومن المنتظر حسب النظام الداخلي لعمل البرلمان الجديد، تشكيل كتل برلمانية قبل

المنجي السعيداني (تونس)
شمال افريقيا تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

تونس: الشركاء الأجانب أصدقاؤنا... لكن الاستقرار خط أحمر

أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج نبيل عمار أمس، الاثنين، أنه لا مجال لإرساء ديكتاتورية في تونس في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن التونسيين «لن ينتظروا أي شخص أو شريك للدفاع عن حرياتهم»، وفق ما جاء في تقرير لـ«وكالة أنباء العالم العربي». وأشار التقرير إلى أن عمار أبلغ «وكالة تونس أفريقيا للأنباء» الرسمية قائلاً: «إذا اعتبروا أنهم مهددون، فسوف يخرجون إلى الشوارع بإرادتهم الحرة للدفاع عن تلك الحريات». وتتهم المعارضة الرئيس التونسي قيس سعيد بوضع مشروع للحكم الفردي، وهدم مسار الانتقال الديمقراطي بعد أن أقر إجراءات استثنائية في 25 يوليو (تموز) 2021 من بينها حل البرلمان.

المنجي السعيداني (تونس)

الجزائر: ترقب تشكيل حكومي جديد بعد عزل 10 محافظين

الرئيس تبون في اجتماع سابق لمجلس الوزراء (الرئاسة)
الرئيس تبون في اجتماع سابق لمجلس الوزراء (الرئاسة)
TT

الجزائر: ترقب تشكيل حكومي جديد بعد عزل 10 محافظين

الرئيس تبون في اجتماع سابق لمجلس الوزراء (الرئاسة)
الرئيس تبون في اجتماع سابق لمجلس الوزراء (الرئاسة)

بينما عزل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون 6 ولاة (محافظين)، وقام بتعيين 6 إداريين بنفس الصفة، تترقب الأوساط السياسية والإعلامية في البلاد تشكيل حكومة جديدة مطلع عام 2025، في سياق فوز تبون بولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية، التي جرت في السابع من سبتمبر (أيلول) الماضي.

وأفادت الرئاسة الجزائرية، في بيان، أمس، بأن تبون «أنهى مهام» محافظي ولايات أم البواقي والجلفة ومعسكر وخنشلة وبرج باجي مختار وسكيكدة. كما قرر نقل 10 محافظين إلى ولايات أخرى مع تعيين 6 محافظين جدد، من دون ذكر أسباب هذه التغييرات.

لكن مراقبين يعتقدون أنها مرتبطة بعجز عن حل مشاكل كثيرة مرتبطة بالتنمية بالنسبة للذين صدر بحقهم قرار العزل، وإعطاء نفس جديد للمشروعات المعطلة في مناطق عديدة، بخصوص المحافظين الذين تم نقلهم بين الولايات التي يبلغ عددها الإجمالي 58.

الرئيس تبون مع الوزير الأول (الرئاسة)

وعد مراقبون التغييرات التي شهدها قطاع المحافظين في الإدارة الحكومية «مذاقاً مسبقاً» لتشكيل حكومي جديد، يرتقب أن يتم الإعلان عنه بعد التوقيع على قانون المالية 2025، وهو إجراء تعودت الرئاسة على إحداثه في آخر يوم من كل سنة.

ويرتبط الطاقم الحكومي المنتظر بالدورة الرئاسية الجديدة، التي فاز بها الرئيس تبون في الاستحقاق الأخير، بعد أن توقعت الأحزاب ووسائل الإعلام الإعلان عنه بعد الانتخاب.

وبعد أن أدى تبون «اليمين الدستورية» في 17 سبتمبر، إيذاناً ببدء ممارسة ولاية ثانية، قدم له الوزير الأول نذير العرباوي استقالة طاقمه الوزاري في اليوم نفسه، لكن الرئيس رفضها، وطلب «تأجيل الاستقالة من أجل مواصلة العمل في ملفات عاجلة تتطلب دراية بالوضع من قبل وزراء حاليين»، وفق بيان للرئاسة، تحدث يومها عن «الحاجة لمواصلة العمل، من أجل نجاح الدخول المدرسي والجامعي والمهني، بالإضافة إلى إعداد مشروع قانون المالية لسنة 2025 قبل عرضه على البرلمان».