200 ألف عراقي محاصرون داخل أكبر مدينتين في الأنبار

القوات العراقية تنتظر تحرير منطقة جنوب الرمادي قبل اقتحامها

200 ألف عراقي محاصرون داخل أكبر مدينتين في الأنبار
TT

200 ألف عراقي محاصرون داخل أكبر مدينتين في الأنبار

200 ألف عراقي محاصرون داخل أكبر مدينتين في الأنبار

يعيش أكثر من 200 ألف مواطن عراقي ظروفًا إنسانية كارثية مع الانعدام التام للمواد الغذائية والطبية والخدمات الأساسية الضرورية بعد أن أصبحوا محاصرين داخل مدينتي الرمادي، مركز محافظة الأنبار، والفلوجة ثاني أكبر مدن المحافظة المترامية الأطراف.
ويقول سكان داخل المدينتين إن تنظيم داعش أصدر تعليمات بإعدام كل من يحاول الهرب، فيما تؤكد جهات حكومية استخدام المدنيين المحاصرين داخل الفلوجة والرمادي دروعًا بشرية من قبل التنظيم المتطرف.
ويقول أحد السكان المحليين الذي استطاع الهرب من مدينة الفلوجة في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «مسلحي تنظيم داعش أصبحوا يتعاملون فيما بينهم بحالة هيستيرية تبين حجم المخاوف التي يعيشونها مع اقتراب القوات الحكومية من دخول المدينة». ويضيف الشاهد الذي طلب عدم ذكر اسمه لدوافع أمنية: «لقد تمكنت من التفاوض مع أحد المسلحين ودفعت له مبلغ 1000 دولار من أجل أن يساعدني في الخروج من المدينة وفعلاً تم هذا الأمر بحجة أن زوجتي تحتاج إلى إجراء عملية كبرى في مستشفى كبير في شمال العراق، وبهذه الطريقة تمكنت من الخروج مع زوجتي وأطفالي الأربعة وسلكنا أحد الطرق التي أعلنت عنها القوات الأمنية بأنها طرق آمنة، وها نحن تركنا كل شيء من أجل الهروب من المدينة المرعبة التي يعيش فيها أكثر من خمسين ألف من المواطنين الأبرياء يحاصرهم إرهاب داعش ويعيشون في ظل انعدام تام للمواد الغذائية والطبية والخدمات الأخرى».
من جانب آخر، أكد مجلس محافظة الأنبار أن القوات العراقية تتقدم باتجاه داخل مدينة الرمادي من ثلاثة محاور، مشيرا إلى أن معركة استعادة الرمادي تقترب من الحسم. وقال عضو مجلس المحافظة والمتحدث الرسمي باسم المجلس، عيد عمّاش، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «القوات الأمنية سيطرت على مناطق كثيرة في داخل مدينة الرمادي وهي مناطق البو ذياب والتأميم وحصيبة الشرقية وتل مسعود والجمعية بعد قطع خطوط الإمداد لتنظيم داعش من قبل طيران التحالف الدولي»، مضيفا أنه «بقيت فقط منطقة الحميرة في القاطع الجنوبي للمدينة، وبعد أن نسيطر عليها سنشن الهجوم الكبير لاستعادة الرمادي من سيطرة داعش».
إلى ذلك، قال قائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت لـ«الشرق الأوسط» إن القوات الأمنية قتلت 10 من عناصر تنظيم داعش، بينهم انتحاري وثلاثة قناصين، خلال تقدم القوات الأمنية في المحور الشرقي لمدينة الرمادي. وأضاف جودت أن «أربعة جنود أصيبوا بحروق خلال محاولتهم إطفاء نيران أضرمها عناصر التنظيم بعدد من المنازل في منطقة حصيبة»، مشيرا إلى «تفكيك خمسة منازل مفخخة في المحور الشرقي للمدينة».
من جهة أخرى، أعلن قائد عمليات الجزيرة والبادية بالوكالة اللواء علي إبراهيم، عن تفجير ثماني مركبات مفخخة لتنظيم داعش وتفكيك وتفجير أربعة منازل و199 عبوة ناسفة غرب الأنبار. وقال إبراهيم لـ«الشرق الأوسط» إن «القوات الأمنية تمكنت من تفجير وتدمير ثماني مركبات مفخخة يقودها انتحاريون والاستيلاء على 40 صاروخ كاتيوشا بعملية عسكرية للقوات الأمنية في منطقة الصكرة غرب حديثة». وأضاف إبراهيم، أن «القوات الأمنية تمكنت كذلك من تدمير أربعة منازل، وقتل قناص وتدمير حظيرة هاون 120 ملم، وتفجير 199 عبوة ناسفة في نفس المنطقة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.