«هل يشتري المال السعادة؟»... هذا السؤال شغل الكثير من الفلاسفة والاقتصاديين وعلماء الاجتماع لعقود. بالنسبة لغالبية الأميركيين، فالإجابة هي «نعم، 200 ألف دولار تكفي».
توصل إلى هذه النتيجة الباحثان دانيال كانيمان وماثيو كيلينغزورث، وفقاً لما نشرته صحيفة «واشنطن بوست»، اليوم (الخميس)، في دراسة مشتركة نشرتها هذا الشهر الأكاديمية الوطنية للعلوم، لتقلب المفهوم السائد بأن الناس بشكل عام يشعرون بالسعادة أكثر كلما زاد دخلهم بصورة طردية.
طرح كانيمان هذا الحد في دراسة نشرها عام 2010 خلصت إلى أن «الشعور بالرفاهية يرتفع مع ارتفاع الدخل، ويتوقف الارتفاع عندما يصل الدخل السنوي إلى 75 ألف دولار». لكن في عام 2021 وجد كيلينغزورث، وهو باحث في السعادة بكلية وارتون في جامعة بنسلفانيا، أن السعادة لا تتوقف عن الارتفاع عند عتبة 75 ألف دولار سنوياً، وأن الشعور بالرفاهية يمكن أن يواصل الارتفاع لدخل سنوي أكثر من 200 ألف دولار.
وسبق لكانيمان نشر نتائج دراساته السابقة والتي تخلص إلى أن المال يحقق السعادة حتى سقف معين بين 75 ألف دولار و200 ألف دولار، وأي زيادة في الدخل بعدها لا تصنع فارقاً كبيراً، مثلاً يكفي هذا القدر من المال لشراء منزل مريح ومتسع نسبياً والزيادة لا تضيف سوى غرف أكثر أو وسائل رفاهية أكثر لا تؤدي بالضرورة إلى إسعاد الناس.
شملت دراسة كانيمان وكيلينغزورث أكثر من 33 ألف شخص، تتراوح أعمارهم بين 18 و65 عاماً يعيشون ويعملون في الولايات المتحدة ويحصل كل منهم على أجر سنوي 10 آلاف دولار على الأقل.
طلب الباحثان من المشاركين في التجربة التعبير عن مشاعرهم في فترات مختلفة من اليوم عبر تطبيق على الهواتف الذكية طوره كيلينغزورث يسمى «تتبع سعادتك». وأضح كيلينغزورث، أن التطبيق يحث المشاركين، في أوقات عشوائية من اليوم، على التعبير عن إحساسهم بالسعادة خلال اللحظة ويسألهم «ما شعورك الآن؟ على مقياس يتراوح من جيد جداً إلى سيئ جداً».
توصلت الدراسة إلى استنتاجين كبيرين، الأول: هو أن الشعور بالسعادة يواصل الارتفاع كلما ارتفع الدخل لدى معظم الناس، والآخر هو وجود «أقلية غير سعيدة» يمثلون نحو 20 في المائة من المشاركين في الدراسة، يتوقف شعورهم بالسعادة عن الارتفاع عند الوصول إلى حد معين من الدخل.
تشعر «الأقلية غير السعيدة» بشعور سلبي مثل الحرمان أو الاكتئاب أو انفطار القلب، ولا يمكن التخفيف منه بالمزيد من الأموال، وقد تقل «معاناتهم» إذا وصل دخلهم السنوي إلى 100 ألف دولار.
تشير الدراسة إلى أن الاستثناء هم أناس ميسورو الحال، لكنهم غير سعداء، «فإذا كنت غنياً وحزيناً، فالمزيد من الأموال لن يساعد، أما بالنسبة للآخرين فالمزيد من الأموال مرتبط بسعادة أكبر بدرجات مختلفة».
وتوضح الدراسة، أن الشعور بالسعادة أو الرفاهية يتغير يومياً، وأن ليس كل الناس سعداء بالقدر نفسه، وأن هناك درجات من السعادة وحداً أقصى لها أيضاً.
ويقول كيلينغزورث إن المال ليس كل شيء، بل واحد من محددات السعادة، موضحاً أن «المال ليس سر السعادة، لكنه، على الأرجح، سيساعد قليلاً».
دراسة حديثة تحدد مقدار الدخل السنوي الذي تحتاج إليه لـ«شراء السعادة»
دراسة حديثة تحدد مقدار الدخل السنوي الذي تحتاج إليه لـ«شراء السعادة»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة