قلق أميركي متزايد إزاء الوضع في الضفة... وأوستن يزور إسرائيل

التوترات المتصاعدة قد تصرف الانتباه عن التحركات الإيرانية

مسلحون يشاركون في جنازة فلسطينيين قُتلوا على أيدي القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
مسلحون يشاركون في جنازة فلسطينيين قُتلوا على أيدي القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

قلق أميركي متزايد إزاء الوضع في الضفة... وأوستن يزور إسرائيل

مسلحون يشاركون في جنازة فلسطينيين قُتلوا على أيدي القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)
مسلحون يشاركون في جنازة فلسطينيين قُتلوا على أيدي القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية (أ.ف.ب)

قال مسؤول أميركي إن واشنطن قلقة من أن التوترات المتصاعدة في الضفة الغربية يمكن أن تصرف انتباه إسرائيل والولايات المتحدة عن التحركات الإيرانية، وهي رسالة يعتزم وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن توصيلها خلال زيارة لإسرائيل اليوم (الخميس)، وفقاً لوكالة «رويترز».
ووصل أوستن إلى إسرائيل إثر تغيير موعد وصوله، وأصرت الحكومة على تغيير مكان الاجتماعات بسبب توقع المزيد من الاحتجاجات المناهضة لخطة حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليمينية المتشددة لإجراء تغييرات في النظام القضائي. يأتي ذلك في الوقت الذي قتلت فيه القوات الإسرائيلية ثلاثة فلسطينيين اليوم بعد يومين من مداهمتها مخيماً للاجئين في مدينة جنين بالضفة الغربية قتلت خلالها ستة مسلحين فلسطينيين على الأقل. وكان من بين القتلى مسلح من حركة «حماس» مشتبه به في مقتل شقيقين بالرصاص من مستوطنة يهودية قرب قرية حوارة الأسبوع الماضي.
وقال مسؤول دفاعي أميركي كبير، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته نظراً لحساسية الأمر: «الوزير أوستن قادر تماماً على إجراء محادثات حول القضيتين (الضفة الغربية وإيران)». وأشار المسؤول إلى أن انشغال إسرائيل بالضفة الغربية «ينتقص من قدرتنا على التركيز على التهديد الاستراتيجي الحالي، وهو التقدم النووي الخطير لإيران واستمرار السياسة العدوانية إقليمياً ودولياً».
ومن المتوقع أن يلتقي أوستن نظيره الإسرائيلي يوآف جالانت ونتنياهو بالقرب من مطار تل أبيب.
وأدى مقتل الشقيقين الإسرائيليين إلى هجوم انتقامي شنه مستوطنون قتلوا خلاله فلسطينيا وأضرموا النار في عشرات المنازل والسيارات، في أعمال شغب وصفها قائد إسرائيلي كبير بأنها «مذبحة». وأثار الشغب غضباً وتنديداً من المجتمع الدولي، وزادت ردود الفعل حدة بعد أن قال وزير المالية القومي المتطرف بتسلئيل سموتريتش إنه يجب «محو» حوارة. وتراجع الوزير إلى حد ما عن هذه التصريحات لاحقاً.
وسعى نتنياهو يوم الأحد إلى تخفيف حدة الغضب الدولي، قائلاً إن تعليقات سموتريتش «غير لائقة».
وقال مايكل مولروي مساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون الشرق الأوسط سابقاً: «التأكيدات بالأقوال لبذل المزيد من أجل الحد من العنف لا قيمة لها من دون اتخاذ إجراء لتنفيذها. يمكن للولايات المتحدة أن تضطلع بدور إيجابي للمساعدة فقط إذا كان هناك استعداد من جميع الأطراف للعمل من أجل السلام».
ولا يلوح في الأفق أي مؤشر على تراجع حدة أعمال العنف قبل حلول شهر رمضان وعيد الفصح اليهودي.
ومنذ بداية هذا العام، قتلت القوات الإسرائيلية أكثر من 70 فلسطينياً من بينهم مسلحون ومدنيون. وخلال الفترة نفسها قتل فلسطينيون 13 إسرائيلياً وسائحة أوكرانية في هجمات غير منسقة على ما يبدو.
وأطلقت الشرطة الإسرائيلية الأسبوع الماضي قنابل صوت ووقعت مناوشات في تل أبيب خلال «يوم اضطرابات» في أنحاء إسرائيل، ما زاد من حدة الاحتجاجات ضد خطة الحكومة بشأن القضاء.
وفي مشهد لم يحدث في تل أبيب منذ سنوات، واجه رجال شرطة يمتطون خيولاً متظاهرين كانوا يخترقون الحواجز مع تعطل حركة المرور. وأظهرت لقطات حية رجال الشرطة وهم يجرون المتظاهرين بعيداً عن الطريق، بينما صاح المحتجون بعبارات مثل «العار» و«نحن الأغلبية ونحن في الشوارع».

ومن شأن التغييرات القضائية أن تمنح ائتلاف نتنياهو، المؤلف من تيارات قومية ودينية، سلطات حاسمة في عملية اختيار القضاة وتحد من سلطة المحكمة العليا فيما يتعلق بإلغاء التشريعات أو إصدار أحكام ضد السلطة التنفيذية.
وفي عام 2019، وجهت لنتنياهو اتهامات بالفساد ينفيها. وعند تشكيل حكومته الجديدة قبل شهرين، وعد نتنياهو شركاءه في الائتلاف بإعادة تشكيل النظام القضائي وترسيخ سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية، التي يطالب بها الفلسطينيون لإقامة دولة مستقلة.
وقال المسؤول الأميركي: «أوستن ملتزم بأمن إسرائيل، لكن من السبل الرئيسية التي يمكننا من خلالها العمل معاً وتعزيز تلك العلاقة هي أننا بلدان ديمقراطيان بينهما قيم مشتركة»، مضيفاً أن هذه القيم تشمل الحق في التظاهر.
https://twitter.com/SecDef/status/1633785235388153856?s=20
وأعلن عشرات من جنود الاحتياط في سلاح الجو الإسرائيلي، يوم الأحد، التغيب عن تدريب احتجاجاً على خطة نتنياهو المتعلقة بالقضاء، هو ما يمثل صدمة لدولة من المفترض أن يكون جيشها متعدد الأعراق غير مسيّس.
وقال 37 طياراً وملاحاً من سرب طائرات «إف - 15»، في رسالة تداولتها وسائل إعلام محلية، إنهم لن يحضروا بعض التدريبات من أجل «تكريس وقتنا للحوار والتفكير من أجل الديمقراطية والوحدة الوطنية».
وجنود الاحتياط في سلاح الجو الإسرائيلي مطالبون بالتحليق مرة واحدة أسبوعياً في كثير من الأحيان من أجل الحفاظ على جاهزيتها. وينفذون أحياناً مهام قتالية. ومع ذلك، يصنفون كمتطوعين وليس عليهم أي التزام قانوني لحضور التدريب.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.