تكثف أطراف «اتفاق إسطنبول» بشأن الممر الآمن للحبوب في البحر الأسود، اتصالاتها الرامية إلى تجديده للمرة الثانية قبل حلول 18 مارس (آذار)، وهو الموعد الذي سينتهي فيه التمديد الأول للاتفاق الموقع في 22 يوليو (تموز) 2022، في حين وصل الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (الثلاثاء) إلى بولندا، في طريقه إلى أوكرانيا، للقاء الرئيس فولوديمير زيلينسكي في كييف «لمناقشة استمرار مبادرة البحر الأسود للحبوب بعناصرها جميعاً، بالإضافة إلى قضايا أخرى ذات صلة».
يشار إلى أن اتفاق تصدير الحبوب، الذي ينتهي في منتصف مارس الجاري، ينص على أنه يمكن تمديد العمل به، ما لم يخطر أحد الأطراف الآخرين بنيةِ تعديله أو إلغائه.
وبينما أكدت تركيا وأوكرانيا والأمم المتحدة استمرارها في بذل الجهود لاستمرار الاتفاق وتمديده، بدا أن روسيا، الطرف الرابع للاتفاق، لا تزال تتمسك بموقفها الذي يرهن الموافقة على التمديد بتنفيذ الشق المتعلق بخروج أسمدتها ومنتجاتها الزراعية أسوة بالحبوب الأوكرانية.
وقال مسؤول كبير بالحكومة الأوكرانية، إن كييف بدأت محادثات من خلال اتصالات عبر الإنترنت مع شركائها، حول تمديد الاتفاق لضمان قدرتها على الاستمرار في شحن الحبوب إلى الأسواق العالمية.
ونقلت «رويترز»، عن المسؤول الذي لم تحدده بالاسم، أن أوكرانيا لم تجرِ محادثات مع روسيا، التي حاصرت موانئها على البحر الأسود بعد غزوها في 24 فبراير (شباط) عام 2022، لكنها تدرك أن شركاءها يجرون محادثات مع موسكو، مضيفاً أن «وضع المفاوضات معقد نوعاً ما، إذ يتوقف كثير الآن على الشركاء، لا علينا».
وأكدت تركيا أنها تبذل كل ما تستطيع من جهود لتمديد اتفاق الممر الآمن للحبوب في البحر الأسود، الذي تم توقيعه في إسطنبول في 22 يوليو الماضي، وجرى تمديده للمرة الأولى في 19 نوفمبر (تشرين الثاني). وقال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن بلاده تعمل جاهدة لتمديد الاتفاق.
وسينتهي العمل بالاتفاق في 18 مارس الحالي، إذا لم يتم التوافق على تمديده مرة أخرى. وقال جاويش أوغلو، في خطاب الأحد أمام مؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بالبلدان الأقل نمواً في العاصمة القطرية الدوحة: «نعمل جاهدين لتحقيق تطبيق سلس، وإقرار مزيد من التمديد لاتفاق ممر الحبوب بالبحر الأسود».
وأضاف الوزير التركي: «إنه لأمر مخزٍ، أن يكون العالم بعيداً لهذه الدرجة عن القضاء على الجوع في القرن الحادي والعشرين». ولفت إلى أن اتفاق إسطنبول بشأن شحن الحبوب، الذي توسطت فيه تركيا مع الأمم المتحدة، «ساعد الأسر في أنحاء العالم جميعها، خصوصاً في البلدان الأقل نمواً، من خلال خفض الأسعار العالمية للغذاء»، مؤكداً أن تركيا «تعمل جاهدة من أجل ضمان استمرار العمل بالاتفاق دون انقطاع، وتمديده»، وأنه «ناقش جهود تمديد الاتفاق مع الأمين العام للأمم المتحدة غوتيريش في الدوحة».
وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، لنظيره التركي جاويش أوغلو، أن روسيا لن تمدد اتفاق إسطنبول لتصدير الحبوب الأوكرانية، «إن لم تؤخذ مصالح منتجي الحبوب والأسمدة الروس في الاعتبار».
وقالت الخارجية الروسية، في بيان، إن الاجتماع الذي عقد في الأول من مارس، على هامش الاجتماع الوزاري لمجموعة العشرين في نيودلهي بين لافروف وجاويش أوغلو، جرى خلاله تبادل وجهات النظر حول الحوار السياسي الروسي – التركي، والتعاون التجاري والاقتصادي، ومساعدة روسيا لتركيا في مواجهة آثار الزلزال.
وأضاف البيان: «شدد الجانب الروسي على أن استمرار الصفقة يقتضي أن تؤخذ في الاعتبار مصالح منتجي الأسمدة والحبوب الروس، بما يضمن وصول منتجاتهم إلى الأسواق العالمية دون عوائق».
ومن جهته، دعا المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، روسيا إلى الموافقة على تمديد اتفاق الحبوب، قائلاً: «إننا نواصل حث روسيا على الموافقة على التمديد، وصولاً إلى توسيع مبادرة الحبوب... السلطات الأميركية لا ترى أي سبب لرفض مثل هذه الخطوة».
وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، زارت الأمين العام لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) ريبيكا غرينسبان، موسكو؛ لمناقشة مسألة صادرات الأسمدة الروسية، بما في ذلك الأمونيا، وذلك في ضوء الاتصالات المنتظمة مع السلطات الروسية لتسهيل التصدير السلس للحبوب والأسمدة الروسية، بما في ذلك الأمونيا.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إن الأمين العام، غوتيريش وفريقه «يواصلون جهود إزالة العقبات أمام تصدير الأغذية والأسمدة الروسية».
وأضاف: «نحن نعمل بنشاط كبير لضمان عمل مركز التنسيق المشترك؛ للتغلب على العقبات المتعلقة بصادرات الأسمدة... هذا مشروع يجلس فيه طرفا الصراع على طاولة المفاوضات». وأشار إلى أن اتفاق ممر الحبوب بالبحر الأسود «له تأثير واضح في أسعار الحبوب العالمية».
وأكد وزير الزراعة الروسي ديمتري برتوشيف، مرة أخرى، موقف بلاده من الاتفاق، قائلاً: «إنه لا يفيدها، وسيكون لدى روسيا نحو 30 مليون طن من الحبوب متاحة للبيع من محصول الموسم الزراعي الحالي، بفضل المحصول القياسي وتباطؤ الصادرات في بداية موسم التصدير».
وأضاف برتوشيف، في مقابلة مع صحيفة «كوميرسانت» الروسية، أن صادرات الحبوب للموسم الحالي تقدر بما بين 55 و60 مليون طن، وأنه على الرغم من أن روسيا تواجه مشكلات في استيراد البذور الزراعية، «فإنها تحقق اكتفاءً ذاتياً من الحبوب الرئيسية بنسب تتراوح بين 70 و90 في المائة».
وأضاف أن روسيا ستتمكّن من تحقيق الاكتفاء الذاتي «من بذور زيت عباد الشمس خلال السنوات القليلة المقبلة، في الوقت نفسه فإن الموقف أصعب بالنسبة لتقاوي بنجر السكر والبطاطس، حيث تنتج البلاد 3 في المائة من تقاوي بنجر السكر و9 في المائة من تقاوي البطاطس، وتحتاج إلى تقليص اعتمادها على هذه الواردات».
ووفقاً «لمركز التنسيق المشترك» في إسطنبول، الذي يشرف على تنفيذ اتفاق الحبوب، فقد تم تصدير ما يقرب من 23 مليون طن من الحبوب والمواد الغذائية الأخرى من الموانئ الأوكرانية حتى 3 مارس الحالي.
اتصالات مكثفة لمحاولة تمديد اتفاق إسطنبول للحبوب قبل 18 مارس
روسيا لا تزال تراه «عديم الفائدة»... وأوكرانيا تريد استمراره
اتصالات مكثفة لمحاولة تمديد اتفاق إسطنبول للحبوب قبل 18 مارس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة