ترمب يلوّح بالانسحاب من «الناتو» وخفض المساعدات إلى أوكرانيا

زيلينسكي يؤكد عقب لقائه الرئيس الأميركي المنتخب تطلعه إلى «سلام مستدام»

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب والرئيسان الأوكراني زيلينسكي والفرنسي ماكرون قبل اجتماع ثلاثي في الإليزيه السبت (د.ب.أ)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب والرئيسان الأوكراني زيلينسكي والفرنسي ماكرون قبل اجتماع ثلاثي في الإليزيه السبت (د.ب.أ)
TT

ترمب يلوّح بالانسحاب من «الناتو» وخفض المساعدات إلى أوكرانيا

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب والرئيسان الأوكراني زيلينسكي والفرنسي ماكرون قبل اجتماع ثلاثي في الإليزيه السبت (د.ب.أ)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب والرئيسان الأوكراني زيلينسكي والفرنسي ماكرون قبل اجتماع ثلاثي في الإليزيه السبت (د.ب.أ)

أفاد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بأن إدارته المقبلة ستخفّض «على الأرجح» المساعدات لأوكرانيا، كما دعا إلى وقف فوري للحرب الأوكرانية، ولوّح من جهة أخرى بالانسحاب من حلف شمال الأطلسي (ناتو)، إذا لم «يسدّد الحلفاء فواتيرهم».

وفي مقابلة أجرتها معه شبكة «إن بي سي»، وبثّت الأحد، قال ترمب رداً على سؤال بخصوص وقف المساعدات: «ربما. نعم، على الأرجح، بالتأكيد». وسجّلت المقابلة الجمعة، أي عشية محادثات ثلاثية بين ترمب والرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون، والأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في باريس.

وتطرق ترمب إلى موضوع احتمال سحب الولايات المتحدة من حلف «الناتو»، إذ قال للشبكة الإخبارية: «يجب أن يدفعوا فواتيرهم»، مضيفاً أنّه «قطعاً» سيفكّر في إخراج الولايات المتحدة من الحلف «ما لم يعاملنا» الأعضاء «بشكل عادل».

وكان ترمب قد دعا إلى «وقف فوري لإطلاق النار»، والشروع في مفاوضات لإنهاء الحرب في أوكرانيا، التي أودت بحياة 400 ألف جندي «على نحو عبثي». وكتب على منصته للتواصل الاجتماعي «تروث سوشيال»: «يجب أن يكون هناك وقف فوري لإطلاق النار والشروع في مفاوضات. لقد فُقد كثير من الأرواح عبثاً، ودُمر كثير من الأسر، وإذا استمر الوضع فقد يتحول إلى شيء أكبر، وأسوأ بكثير». وأشار إلى أن أوكرانيا خسرت 400 ألف جندي «على نحو عبثي»، إضافة إلى «عدد أكبر بكثير من المدنيين»، في حين «أصيب أو قتل قرابة 600 ألف جندي روسي، في حرب لم يكن ينبغي أن تبدأ مطلقاً، ومن المحتمل أن تستمر إلى الأبد».

وأكد ترمب، الذي سيتولى منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، عبر منشوره، أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي «يريد عقد صفقة» لإنهاء الحرب.

الرئيسان الأميركي المنتخب ترمب والأوكراني زيلينسكي في الإليزيه السبت (د.ب.أ)

«حان وقت التحرك»

وبعد اجتماعه الأول بعد انتخابه في باريس مع الرئيس الأوكراني، السبت، بمبادرة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، كتب ترمب: «يريد زيلينسكي وأوكرانيا عقد صفقة ووضع حدّ للجنون». وأشار مصدر دبلوماسي فرنسي إلى أن هذا الاجتماع الثلاثي «تقرر في اللحظة الأخيرة». وأضاف المصدر الفرنسي: «أعرف فلاديمير (بوتين) جيداً. حان وقت التحرك. ويمكن للصين أن تساعد. والعالم ينتظر!».

وأثار فوز ترمب مخاوف في كييف وأوروبا بشأن مستقبل المساعدات الأميركية، وقدرة أوكرانيا على الصمود في وجه الهجمات الروسية في حال توقف الدعم الأميركي.

وفي حين تسابق واشنطن الوقت لتقديم دعم لكييف، قبل تولي ترمب منصبه، أعلنت الولايات المتحدة السبت عن حزمة مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا بقيمة 988 مليون دولار.

ولطالما انتقد ترمب بشدة في الأشهر الأخيرة المساعدات الأميركية لأوكرانيا، المقدرة بمليارات الدولارات. وأكد قطب الأعمال، الذي نجح في العودة إلى البيت الأبيض، مرات عدة نيته عدم مواصلة سياسة تقديم الدعم الهائل لكييف التي انتهجها الرئيس الأميركي جو بايدن. وتعهد الرئيس المنتخب إنهاء الحرب بين كييف وموسكو، حتى قبل أدائه اليمين الدستورية في يناير، من دون أن يوضح كيفية ذلك.

ويخشى حلفاء أوكرانيا الغربيون تخلي الولايات المتحدة عن التزاماتها في هذا النزاع، حتى ممارستها لضغوط للتوصل إلى اتفاق على حساب كييف.

«سلام عادل»

وخلال اجتماعه مع ترمب، السبت، أكد زيلينسكي الذي يسعى إلى إجراء مفاوضات سلام محتملة مع روسيا من موقع قوة وبضمانات أمنية كافية، على ضرورة التوصل إلى «سلام عادل» مع موسكو. وبعد الاجتماع الثلاثي، قال الرئيس الأوكراني على شبكات التواصل الاجتماعي: «نريد جميعاً أن تنتهي هذه الحرب في أسرع وقت ممكن وبطريقة عادلة». وأضاف: «لقد قلت إننا ننشد سلاماً عادلاً ومستداماً، سلاماً لا يتمكن الروس من تدميره بعد بضعة أعوام، على غرار ما فعلوا مراراً في السابق». وتابع أن القادة الثلاثة «اتفقوا على مواصلة العمل معاً».

وتطرق زيلينسكي إلى حصيلة الحرب المستمرة منذ نحو 3 سنوات، فقال: «منذ بدء الحرب الشاملة، خسرت أوكرانيا 43 ألف جندي قُتلوا في ميدان المعركة»، كما أصيب 370 ألف جندي، لكن «نصفهم» عاد للقتال.

من جهته، اتّهم الكرملين الأحد الرئيس الأوكراني بـ«رفض التفاوض» مع بوتين لإنهاء الحرب في أوكرانيا، لافتاً إلى أن زيلينسكي حظر بموجب مرسوم صدر في أكتوبر (تشرين الأول) 2022 أي تواصل مع الرئيس الروسي. ودعا الكرملين الرئيس الأوكراني إلى الأخذ في الاعتبار «الوقائع على الأرض» حيث تحقّق القوات الروسية تقدّماً على الجبهة منذ مطلع العام، على الرغم من تقدّم أوكراني داخل الأراضي الروسية في الصيف.

بدوره، قال ماكرون الذي أحرز نجاحاً دبلوماسياً رغم الأزمة السياسية الداخلية التي عصفت ببلده إثر حجب الثقة عن رئيس وزرائه في 4 ديسمبر (كانون الأول)، على منصة «إكس»: «دعونا نواصل جهودنا المشتركة من أجل السلام والأمن».

ويكتسب «اجتماع الإليزيه» أهمية حاسمة بالنسبة لزيلينسكي الذي يقاتل جيشه منذ ما يناهز 3 سنوات القوات الروسية بمساعدة دول غربية، بعد محادثة هاتفية مقتضبة مع ترمب منذ انتخاب الأخير في 5 نوفمبر (تشرين الثاني).

وأشار مستشار الأمن القومي الأميركي، جايك ساليفان، السبت، إلى أن مهمة إدارة بايدن «تمثلت في محاولة وضع أوكرانيا في أقوى موقع ممكن في الميدان، بحيث تكون في أقوى موقع ممكن على طاولة المفاوضات».

صورة وزعت الأحد لجنود أوكرانيين مصابين لدى إجلائهم على متن حافلة طبية من الخطوط الأمامية للقتال إلى مستشفى في منطقة دونيتسك (إ.ب.أ)

هجوم بـ46 مسيّرة

ميدانياً، أعلنت روسيا، الأحد، أنها أسقطت خلال ليل السبت - الأحد 46 مسيّرة أطلقتها أوكرانيا فوق الحدود ومناطق بجنوب البلاد. وأشارت وزارة الدفاع الروسية إلى أنها أسقطت 17 مسيّرة فوق منطقة بيلغورود الحدودية، و12 في أجواء منطقة كورسك الروسية التي تسيطر القوات الأوكرانية على أجزاء منها بعد عملية عسكرية شنّتها قبل أشهر. وأسقطت مسيّرات أخرى فوق منطقتي روستوف وأستراخان الجنوبيتين، بحسب الوزارة.


مقالات ذات صلة

بوتين يهنّئ ترمب ويؤكد انفتاحه على الحوار بشأن أوكرانيا لتحقيق «سلام دائم»

الولايات المتحدة​ جانب من لقاء بين بوتين وترمب في اليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

بوتين يهنّئ ترمب ويؤكد انفتاحه على الحوار بشأن أوكرانيا لتحقيق «سلام دائم»

سارع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تهنئة دونالد ترمب، الاثنين، قبل ساعات من تنصيبه رئيساً، قائلاً إنه «منفتح على الحوار» بشأن أوكرانيا لتحقيق «سلام دائم».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا رجال الإطفاء يظهرون في موقع تعرض لهجوم صاروخي روسي على كييف (أ.ب)

روسيا: قصف كييف يأتي رداً على هجوم بصواريخ أميركية

ذكرت وزارة الدفاع الروسية أن هجوماً صاروخياً أسفر عن مقتل أربعة أشخاص في كييف، خلال الليل، جاء رداً على هجوم أوكراني في وقت سابق من الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (كييف)
الولايات المتحدة​ الاستعدادات جارية لحفل تنصيب ترمب أمام مبنى الكابيتول في 12 يناير 2025 (أ.ف.ب)

ترمب في عهده الثاني: نسخة جديدة أم تكرار لولايته الأولى؟

يأمل كبار السياسيين بواشنطن في أن تكون إدارة دونالد ترمب الثانية مختلفة عن الأولى، وأن يسعى لتحقيق توازن في الحكم ومدّ غصن زيتون للديمقراطيين.

رنا أبتر (واشنطن)
أوروبا أفراد من القوات العسكرية البولندية خلال العرض العسكري لإحياء ذكرى انتصار بولندا على الجيش الأحمر السوفياتي عام 1920 في وارسو 15 أغسطس 2023 (رويترز)

كيف تستعد بولندا لإعادة التسلح الأوروبي؟

بوصفها «أفضل طالب» في حلف الناتو، تحاول بولندا إشراك شركائها في مواجهة تحدي زيادة الإنفاق الدفاعي ومواجهة التهديد الروسي، حسب تقرير لصحيفة «لوفيغارو».

«الشرق الأوسط» (وارسو)
أوروبا خلال إطلاق صاروخ «أتاكمز» الأميركي الصنع نحو مياه البحر الشرقي قبالة كوريا الجنوبية في 5 يوليو 2017 (رويترز)

روسيا تتهم أوكرانيا باستخدام صواريخ «أتاكمز» الأميركية مجدداً وتتوعد بالرد

قالت وزارة الدفاع الروسية، الجمعة، إن أوكرانيا شنت هجوماً على منطقة بيلغورود بـ6 صواريخ «أتاكمز» أميركية الصنع، الخميس.

«الشرق الأوسط» (موسكو )

رئيس وزراء فرنسا: أوروبا قد «تُسحق» إذا لم تفعل شيئاً في مواجهة ترمب

رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو يجيب عن أسئلة الصحافيين في باريس (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو يجيب عن أسئلة الصحافيين في باريس (أ.ف.ب)
TT

رئيس وزراء فرنسا: أوروبا قد «تُسحق» إذا لم تفعل شيئاً في مواجهة ترمب

رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو يجيب عن أسئلة الصحافيين في باريس (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو يجيب عن أسئلة الصحافيين في باريس (أ.ف.ب)

حذر رئيس الوزراء الفرنسي فرنسوا بايرو من أن فرنسا والاتحاد الأوروبي قد «يسحقان» بسبب السياسة المعلنة لدونالد ترمب الذي يؤدي اليمين الدستورية الاثنين، إذا لم يتحركا.

وأضاف بايرو أن «الولايات المتحدة قررت اتباع سياسة مهيمنة على نحو لا يصدق من خلال الدولار، ومن خلال السياسة الصناعية، ومن خلال الاستيلاء على كل الأبحاث والاستثمارات». وأضاف: «إذا لم نفعل شيئاً، فسوف نخضع للهيمنة ونتعرض للسحق والتهميش... والأمر مناط بنا نحن الفرنسيين والأوروبيين لاستعادة زمام الأمور»، وفق ما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وكان وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، حذّر أول من أمس (السبت)، من أنه «إذا تعرضت مصالحنا للضرر فسوف نرد»، في وقت ينذر فيه وصول دونالد ترمب إلى السلطة في الولايات المتحدة بعلاقات تجارية ودبلوماسية عاصفة بين واشنطن والاتحاد الأوروبي.

وقال بارو في مقابلة مع صحيفة «ويست فرنس»: «من لديه مصلحة في حرب تجارية بين الولايات المتحدة وأوروبا؟ الأميركيون لديهم عجز تجاري معنا، ولكن العكس تماماً من حيث الاستثمار. فكثير من المصالح والشركات الأميركية موجود في أوروبا».

وقد هدد ترمب الذي يعود إلى البيت الأبيض، الاثنين، الأوروبيين بفرض رسوم جمركية شديدة جداً. وهو يتوقع خصوصاً أن يشتري الاتحاد الأوروبي مزيداً من النفط والغاز الأميركي، ويقلل من فائضه التجاري مع الولايات المتحدة.