أعلنت «طاولة الستة» لأحزاب المعارضة في تركيا خريطة الطريق للمرحلة الانتقالية التي ستعقب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية من أجل نقل البلاد من النظام الرئاسي إلى النظام البرلماني المعزز. فيما أعلن الرئيس رجب طيب إردوغان أن موعد الانتخابات، التي قال إنها ستجرى في 14 مايو (أيار) المقبل سيعلن بشكل رسمي في 10 مارس (آذار) الحالي لتنطلق أجندة الانتخابات في البلاد.
وعقب اتفاق «طاولة الستة» على الدفع بزعيم المعارضة رئيس حزب «الشعب الجمهوري» كمال كليتشدار أوغلو كمرشح مشترك للرئاسة لمنافسة إردوغان، أطلقت الأحزاب الستة خريطة الطريق للمرحلة الانتقالية، والمكونة من 12 مادة نصت على أنه خلال الانتقال إلى النظام البرلماني، سنحكم تركيا بالتشاور والتوافق، في إطار الدستور والقانون وفصل السلطات والتوازن ومبادئ الرقابة، بما يتماشى مع مبادئ وأهداف النظام البرلماني المعزز والنصوص المرجعية التي تم التوافق عليها.
كما تضمنت الخريطة أنه سيتم الانتهاء من التعديلات الدستورية المتعلقة بالانتقال إلى النظام البرلماني المعزز، وستدخل حيز التنفيذ في أقرب وقت ممكن من خلال هيكل البرلمان الذي ستسفر عنه الانتخابات العامة. وخلال عملية الانتقال للنظام البرلماني سيكون رؤساء الأحزاب المدرجة في تحالف الأمة نوابا لرئيس الجمهورية، ويحدد توزيع الوزارات على أساس عدد النواب المنتخبين من قبل الأحزاب السياسية المكونة لـ«تحالف الأمة» في الانتخابات البرلمانية، ويمثل كل حزب من أحزاب التحالف وزير واحد على الأقل في مجلس الوزراء، وسيتم إلغاء مجالس ومكاتب السياسات المنشأة بالتوازي مع الوزارات.
ونصت الخريطة على أن يتم تعيين وإقالة الوزراء من قبل رئيس الجمهورية بالاتفاق مع رئيس الحزب السياسي الذي ينتمون إليه، وأثناء عملية الانتقال سيستخدم الرئيس سلطته التنفيذية وواجبه وفقا لمبادئ المشاركة والتشاور والإجماع (مع قادة أحزاب الطاولة)، ويتم تحديد توزيع الصلاحيات والواجبات على مجلس الوزراء الرئاسي (نواب الرئيس والوزراء) بموجب مرسوم رئاسي يصدر في إطار الدستور والقوانين.
وجاء في الخريطة أن للرئيس صلاحيات تجديد الانتخابات وإعلان حالة الطوارئ وسياسات الأمن القومي والقرارات الرئاسية والمراسيم والإجراءات التنظيمية العامة والتعيينات رفيعة المستوى بالتوافق مع قادة الأحزاب المدرجة، وسيتم إنشاء آليات لتنسيق التعاون بين الأنشطة التشريعية خلال الفترة الانتقالية، ومع استكمال الانتقال إلى النظام البرلماني المعزز تنتهي عضوية الرئيس في حزبه.
وتضمنت الخريطة أنه بعد الانتقال إلى النظام البرلماني المعزز، سيكمل الرئيس الثالث عشر والحكومة الانتقالية فترة ولايتهما دون الحاجة إلى انتخابات جديدة.
مادة مثيرة للجدل
أما المادة 12 والتي أضيفت إلى خريطة الطريق بعد تمسك رئيسة حزب «الجيد» ميرال أكشينار بها كشرط للعودة إلى «طاولة الستة»، التي أعلنت مغادرتها لها يوم الجمعة الماضي بسبب اعتراضها على ترشيح كليتشدار أوغلو وتفضيلها ترشيح رئيسي بلديتي أنقرة وإسطنبول منصور ياواش وأكرم إمام أوغلو لما يتمتعان به من قدرة على إلحاق الهزيمة بإردوغان، وكون ترشحهما هو مطلب الإرادة الشعبية، فتضمنت تعيينهما كنائبين للرئيس للمهام المحددة التي يراها الرئيس في الوقت المناسب.
وأثارت هذه المادة جدلاً واسعاً، بعد أن طعن حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في قانونيتها، مؤكدا أنها مخالفة للدستور، لكن أحزاب المعارضة أكدت أنها درست المادة من الناحية القانونية، وأنه لا يوجد تعارض مع الدستور، وفي حالة اقتضى الأمر سيُجرى التعديل اللازم في البرلمان المنتخب.
وقال رئيس حزب «الديمقراطية والتقدم» علي باباجان، في مقابلة تلفزيونية الثلاثاء، إن «من حق رئيس الجمهورية الدستوري أن يعين نائب رئيس، ويجب أن يتم ذلك في الوقت المناسب، أعتقد أن حزب الشعب الجمهوري لن يسلم مفاتيح مدينتين مهمتين مثل أنقرة وإسطنبول لحزب العدالة والتنمية. لقد أضفنا السيد أكرم والسيد منصور إلى الفريق، ونواصل العمل بقوة. الآن هما لاعبان في الفريق أيضاً... وهذا الفريق سيكون فريق بطولة وسنفوز بالانتخابات، وسنقدم أداء مذهلا في السنوات الخمس المقبلة».
ولفت بابا جان إلى أنهم تمكنوا من حل المشكلة والتوصل إلى حل وسط، و«هذا شيء قيم للغاية، أعتقد أنه كان حلاً جيداً استقطب الجميع. نحن جميعاً هنا، وكان من المهم جداً وجود مقعد السيدة ميرال أكشينار على الطاولة... نحن نجلس على الطاولة نفسها منذ عام الآن، لذلك عرفنا مزاج الجميع وموقفهم. لا يوجد أبداً أي إهانة أو استياء. الجميع يعبر عن رأيه. في النهاية اتفقنا... بعكس ما يفعله تحالف الشعب. فحكومة السيد إردوغان لها فيما شريكه رئيس حزب الحركة القومية دولت بهشلي يسكب الإهانات كلما تحدث، إنهم يحكمون البلاد بغضب وكراهية وشتائم. سوف يتركون حطاما».
وأسدلت أحزاب «طاولة الستة»، ليل الاثنين - الثلاثاء، الستار على أزمة الـ72 ساعة التي ضربتها كالزلزال بعد إعلان رئيسة حزب «الجيد» ميرال أكشينار، الجمعة، رفضها اختيار كمال كليتشدار أوغلو كمرشح مشترك لمنافسة الرئيس رجب طيب إردوغان، ومطالبتها رئيسي بلديتي أنقرة منصور ياواش وإسطنبول أكرم إمام أوغلو بالترشح للرئاسة. وأعلنت «الطاولة» في النهاية الاتفاق على ترشيح كليتشدار أوغلو بعد عودة أكشينار بشرط تعيين ياواش وإمام أوغلو نائبين للرئيس.
وترأس كليتشدار أوغلو، للمرة الأخيرة الثلاثاء، اجتماع المجموعة البرلمانية لحزب «الشعب الجمهوري»، بسبب ترشحه للرئاسة، حيث وجه الشكر إلى قادة «طاولة الستة» على إصرارهم على تحقيق التضامن لإنقاذ البلاد من التدهور الذي وصلت إليه، كما وجه الشكر إلى كل من ياواش وأكرم إمام أوغلو الذي وصفه بـ«ابنه».
وعقب إعلان ترشيحه ليل الاثنين، كان كليتشدار أوغلو ألقى خطاباً من أمام مقر حزبه، وحوله ياواش وإمام أوغلو، تعهد فيه باحتواء جميع أطياف الشعب، قائلاً إن «طاولة الستة» ستكون دائما كمائدة «الخليل إبراهيم» مفتوحة للجميع، فلم يكن الخليل إبراهيم ليذهب إلى الفراش وجاره يكون جائعا، موضحاً أن «طاولة الستة» ستكون كطاولة الخليل إبراهيم لا تترك طفلاً واحداً جائعاً، بل تعني نهاية القهر والظلم وإحلال الحق والقانون والعدل. وأضاف «مائدتنا من أجل السلام والعدل، إنها مائدة الأخوة. وهدفنا الأعظم أن نصل بتركيا إلى أيام مثمرة يسودها السلام والبهجة... تحالف الأمة سيحكم تركيا بالتشاور والمصالحة».
وقال: «نريد تغيير هذا النظام... لقد جئت من رحلة طويلة، ملأت حقيبتي بقصص هؤلاء الأشخاص الرائعين والآن أنا مرشح معهم... سنغير هذا النظام الذي يقولون إنه قدرنا... سوف نعيد إنشاء النظام الذي نستحقه... أي شخص يريد الـ418 مليار دولار التي سرقوها هو مرشح. لن تصوت لي فقط. سوف تصوت لنفسك ولأحبائك ومستقبلك. هذه بداية التغيير الكلي. سنعيد النظام الذي نستحقه. المرشح ليس أنا، المرشح هو كل منا. أعزائي شكرا لكم ولنبدأ».
مطلب «الشعوب الديمقراطية»
في غضون ذلك، أعلن الرئيس المشارك لحزب «الشعوب الديمقراطية» (المؤيد للأكراد)، مدحت سانجار، أن حزبه ينتظر زيارة كليتشدار أوغلو له في حزبه، مؤكدا استعداده للتعاون في الانتخابات كحزب «الشعوب الديمقراطية»، وكتحالف «العمل والحرية» الذي يضم 5 أحزاب يسارية. وأضاف «نهدف لتعزيز الديمقراطية والحريات والسلام في تركيا، وهذه قضايا مشتركة بيننا... قطعا نحتاج لدستور جديد لتركيا وهذا أيضا نتفق فيه... نقول لتحالف المعارضة، دعونا معا لكي نُنهي هذا الأمر (حسم رئاسة الجمهورية) من الجولة الأولى للانتخابات، وألا تكون هناك جولة ثانية».
وأثارت الدعوة جدلاً واسعاً، في ظل رفض أكشينار أوغلو إضافة حزب «الشعوب الديمقراطية» من البداية إلى «طاولة الستة»، لكن نائب رئيس المجموعة البرلمانية لحزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزال، أكد أنه ليست هناك مشكلة في زيارة كليتشدار أوغلو لحزب «الشعوب الديمقراطية»، وسبق أن زار الرئيسان المشاركان للحزب مقر حزب «الشعب الجمهوري»، و«كمجموعات برلمانية نلتقي جميعا في البرلمان، ومن الطبيعي جدا لمرشح رئاسي أن يزور كل حزب سياسي ويشرح ما سيفعله».
موقف «العدالة والتنمية»
إلى ذلك، تعرض رئيس حزب «السعادة» تمل كارامولا أوغلو لهجوم شديد من حزب «العدالة والتنمية» الحاكم، كونه حزبا إسلاميا، لكنه دعم ترشيح رئيس حزب «الشعب الجمهوري» العلماني في الترشح للرئاسة، بل وتم إعلان ترشيحه من مقر الحزب.
وقال نائب رئيس المجموعة البرلمانية لحزب «العدالة والتنمية»، بولنت توران، عبر «تويتر»: «نهنئ السيد كمال كليتشدار أوغلو، لقد قلنا دائما إنه أفضل مرشح لنا (على اعتبار أنه منافس ضعيف لإردوغان من وجهة نظرهم)... لكن ما نتوقف عنده هو العار التاريخي الذي سيلاحق حزب السعادة، الذي يعد الممثل الرئيسي لميللي غوروش (النظرة الوطنية الإسلامية التي وضعها رئيس الوزراء الراحل نجم الدين أربكان)... سيلاحقهم الخزي والعار على مدى التاريخ».
إلى ذلك، قال إردوغان، في تصريحات عقب ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء ليل الاثنين - الثلاثاء: «إننا نعتقد أن إجراء الانتخابات في 14 مايو سيعطينا هذه الفرصة، وسيكون جدول أعمالنا في العملية الانتخابية بمثابة زلزال، سنبدأ العملية بالقرار الذي سنتخذه يوم الجمعة 10 مارس بإعلان هذا الموعد كموعد رسمي للانتخابات».