نظارات «بلايستيشن في آر 2»... قفزة ثورية للواقع الافتراضي

تختبر قدراتها المتميزة للتفاعل بمستويات انغماس عالية مع المستخدمين

سافر عبر المجرات في لعبة star wars مطورة
سافر عبر المجرات في لعبة star wars مطورة
TT

نظارات «بلايستيشن في آر 2»... قفزة ثورية للواقع الافتراضي

سافر عبر المجرات في لعبة star wars مطورة
سافر عبر المجرات في لعبة star wars مطورة

أطلقت شركة «سوني» وحدة نظارات الواقع الافتراضي الجديدة «بلايستيشن في آر2» PlayStation VR2 لجهاز «بلايستيشن 5» التي تقدم قفزات تقنية كبيرة تزيد من مستويات الانغماس في الألعاب. وسيشعر اللاعبون بالمزيد من الواقعية بفضل استخدام شاشات عالية الدقة ذات ألوان غنية، وقدرة على تتبع اتجاه نظر عيني المستخدم، وتتبع موقع الوحدة وأدوات التحكم بكل دقة وسهولة، إلى جانب التفاعل مع المستخدم من خلال اهتزاز الوحدة الرأسية وأدوات التحكم، وتبسيط عملية ترابط الوحدة مع «بلايستيشن 5». واختبرت «الشرق الأوسط» الوحدة قبل إطلاقها في المنطقة العربية، ونذكر ملخص التجربة.
مزايا مبهرة
بداية يمكن القول بأن هذه النظارات ممتازة للعب بألعاب الواقع الافتراضي، حيث إن الصورة واضحة وعالية الدقة بفضل استخدام شاشات تعمل بتقنية «أوليد» OLED تقدم ألوانا غنية وسوادا داكنا للغاية بدقة 2040x2000 بكسل للعين الواحدة، وبتردد يبلغ 90 أو 120 هرتز، وبزوايا مشاهدة تبلغ 110 درجات. كما تدعم النظارة عرض الصورة بتقنية المجال العالي الديناميكي High Dynamic Range HDR التي تزيد من عمق الألوان المستخدمة. يضاف إلى ذلك أن الوحدة الرأسية تحتوي على 4 كاميرات خارجية لمراقبة البيئة من حول اللاعب وتحذيره في حال اقترابه من عقبة ما، إلى جانب قدرتها على عرض صورة البيئة من حول اللاعب بضغطة زر واحدة. وهذه العناصر تجعل الصورة أكثر واقعية مما سبق، وتزيد من مستويات الانغماس في عالم الألعاب.

استكشف عالماً خيالياً ممتعاً في لعبةmoss book II المحدثة

كما تحتوي الوحدة على كاميرات داخلية لتتبع حركة عين المستخدم، وذلك لاستخدام تلك البيانات لتسهيل التفاعل مع قوائم الألعاب وبيئة اللعب بمجرد النظر نحو عنصر ما عوضاً عن الضغط على الأزرار، إلى جانب ميزة رفع دقة الصورة في المنطقة التي ينظر إليها اللاعب في الشاشة وخفض الدقة في المناطق الأخرى التي لا يشاهدها مباشرة، وهي ميزة تعرف باسم «فوفياتيد ريندرنغ» Foveated Rendering. وتسمح هذه الميزة بمشاهدة الصورة بدقة عالية في المناطق التي ينظر نحوها اللاعب، والسماح للنظام بخفض الدقة في المناطق الأخرى التي لا ينظر إليها بهدف رفع سرعة معالجة الصورة، عوضاً عن رفع دقة الشاشة كاملة 120 مرة في كل ثانية. وسيحصل اللاعب بذلك على أعلى معدلات إيقاع اللعب دون التضحية بجودة الصورة في المناطق التي ينظر نحوها في الشاشة.
وتدعم الوحدة الرأسية اهتزازها وفقاً لمجريات اللعب، مثل شعور اللاعب باهتزاز لدى اصطدام عنصر ما برأسه في عالم اللعبة أو تسارع مركبته أو مرور سهم من فوق رأسه. ويمكن وصل سماعات أذن سلكية بالوحدة الرأسية للحصول على تجربة صوتية مجسمة مبهرة باستخدام السماعات المدمجة أو باستخدام أي سماعات سلكية ذات منفذ قياسي 3.5 مليمتر، أو يمكن استخدام سماعات لا سلكية تتصل بجهاز «بلايستيشن 5». وتدعم الوحدة تقنية تجسيم الصوتيات «تيمبيست 3 دي» Tempest 3D الخاصة بجهاز «بلايستيشن 5» التي تتكيف ديناميكيا مع موضع اللاعب وحركات رأسه. كما تقدم الوحدة الرأسية ميكروفونا مدمجا لتسهيل التفاعل مع اللاعبين الآخرين في الألعاب الجماعية عبر الإنترنت.

مشاهد خلابة وتفاعل ممتع في لعبة Horizon: Call of the Mountain

وبالنسبة لأدوات التحكم اللاسلكية، فهي مختلفة عن الإصدار السابق، حيث تقدم كل منها عصا تحكم و4 أزرار للتفاعل مع عالم اللعبة، إلى جانب تقديم زر للخيارات. الجدير ذكره أن كل وحدة من وحدتي التحكم تدعم استشعار ملامسة إصبع المستخدم في 3 مناطق، هي عصاً التحكم والأزرار الأمامية والأزرار الخلفية، الأمر الذي يزيد من واقعية اللعب وتفاعل اللاعب مع عناصر البيئة بشكل مميز. وتدعم الأزرار الخلفية مقاومة الضغط عليها حسب مجريات اللعب، مثل مقاومة الضغط على زناد بندقية معطلة، أو عدم الاستجابة بسلاسة للقفز بسبب وجود سقف منخفض فوق رأس الشخصية، أو الشعور بمقاومة حبل القوس لدى شد السهم قبل إطلاقه، وغيرها من المزايا التفاعلية المبتكرة.

وتسمح الوحدة الرأسية اللعب بالألعاب العادية التي لا تدعم الواقع الافتراضي، بحيث يتم عرض الصورة أمام المستخدم على شاشة مسطحة كبيرة وكأنه يجلس في صالة لعرض الأفلام، وهي ميزة رائعة لدى مشاهدة المحتوى من خدمات البث. ويستطيع اللاعب مشاركة مغامراته مع الأصدقاء والمتابعين عبر الإنترنت باستخدام زر خاص في أداة التحكم، بشكل يماثل ذلك المستخدم في أداة التحكم القياسية لجهاز «بلايستيشن 5». ويمكن تسجيل التقاط لقطات للشاشة وعروض فيديو أثناء اللعب وتحرير المحتوى ومشاركته عبر الشبكات الاجتماعية من دون مغادرة نمط الواقع الافتراضي. كما يمكن بث الألعاب مباشرة إلى قناة «تويتش» و«يوتيوب» والتفاعل مع المشاهدين. ويمكن أيضاً استخدام كاميرا لجهاز «بلايستيشن 5» متصلة به لبث صورة اللاعب أثناء ارتداء الوحدة الرأسية وإظهار ما يفعله وردود أفعاله خلال مجريات اللعب.
إعداد الوحدة
ويمكن وصل الوحدة الرأسية بجهاز «بلايستيشن 5» باستخدام سلك «يو إس بي تايب - سي» واحد فقط، وهو أمر مرحب به مقارنة بالطرق الأخرى الأكثر تعقيدا في أجهزة أخرى التي تشمل وضع عدة كاميرات في زوايا الغرفة واستخدام وحدات مضيئة في أدوات التحكم أو الوحدة الرأسية لتعقب مكان اللاعب، أو حتى استخدام أجهزة منفصلة وسيطة بين الوحدة الرأسية والجهاز الرئيسي.
وبعد وصل النظارات بجهاز «بلايستيشن 5» وتشغيلها لأول مرة، ستبدأ عملية إعداد الوحدة، وهي عملية سهلة وسريعة، حيث يتم عرض خطوات لارتداء الوحدة وتفعيل أداتي التحكم، ومن ثم تتبع حركة عين المستخدم وتعيين البيئة من حوله لحمايته من الاصطدام بالعناصر المختلفة. وسيتم مسح البيئة ضوئياً من حول المستخدم من خلال الكاميرات المدمجة وضبط حدود منطقة اللعب باستخدام أداة التحكم. وسيرى اللاعب تحذيرا على الشاشة أثناء اللعب إذا اقترب من محيط حدود منطقة اللعب، وسيتم تفعيل ميزة العرض الشفاف للبيئة الحقيقية من حوله تلقائياً إذا انحرف خارج حدود منطقة اللعب.
ويمكن تعديل أبعاد الوحدة الرئيسية بما يناسب رأس المستخدم وعينيه، بحيث يمكن تعديل قطر الدائرة الرأسية التي تمسك بالوحدة، وبُعد الشاشة عن وجه المستخدم، وأيضاً تباعد العدسات الداخلية حسب المسافة التي تفصل بين عيني المستخدم، ذلك أن الأبعاد تختلف من لاعب لآخر. كما يمكن وضع كل سماعة في منطقة جانبية خاصةً بعد الانتهاء من استخدامها لحمايتها من الغبار.
ويمكن اللعب أثناء الجلوس أو الوقوف، حسب رغبة اللاعب. وسيحتاج اللعب إلى مساحة خالية تبلغ مترا من كل جهة لتحريك ذراعيه بحرية خلال نمط الجلوس، مع التأكد من خلو المحيط من حوله من العقبات خلال اللعب بنمط الوقوف الذي يتطلب مساحة خالية من حول اللاعب تبلغ مترين في كل اتجاه. وتقدم أداة التحكم رباطا خاصاً على رسغ اللاعب لمنع سقوطها من يده أثناء اللعب أو تحريكها بشكل سريع. وتدعم بعض الألعاب استخدام أداة التحكم الخاصة بجهاز «بلايستيشن 5»، أو مقود القيادة الخاصة بألعاب السباقات.
وتستطيع أداة التحكم العمل لنحو 6 ساعات من الاستخدام في الشحنة الواحدة، قبل الحاجة إلى معاودة شحنها من خلال منفذ «يو إس بي تايب - سي» في كل منهما. ويمكن معاودة شحن بطارية كل أداة تحكم بالكامل في غضون 30 دقيقة. هذا، ويمكن لأي شخص متواجد في الغرفة مشاهدة مجريات اللعب على شاشة التلفاز أثناء لعب اللاعب باستخدام نظارات الواقع الافتراضي دون حدوث أي تأخير في سرعة عرض الصورة جراء ذلك. الجدير ذكره أن وزن وحدة الرأس خفيف ويبلغ 560 غراما فقط، ويبلغ طول الكابل الذي يصل الوحدة بجهاز «بلايستيشن 5» 4.5 متر.
ألعاب منوعة
حاليا توجد أكثر من 40 لعبة تدعم هذه النظارات، من بينها Horizon: Call of the Mountain وGran Turismo 7 وResident Evil: Village وStar Wars: Tales from the Galaxy’s Edge Enhanced Edition وMoss وMoss: Book II وJurassic World Aftermath Collection وThumper وKayak VR: Mirage وCity Builder Townsmen VR، والكثير غيرها. ومن المتوقع تجاوز عدد الألعاب الخاصة بـ«بلايستيشن في آر2» 115 خلال الأشهر القليلة المقبلة.
واختبرت «الشرق الأوسط» مجموعة من هذه الألعاب، وكانت لعبة Horizon: Call of the Mountain هي الأفضل من حيث استعراض قدرات النظارات في البيئة الغنية والتفاعل الكبير داخل اللعبة والألوان والرسومات والصوتيات المبهرة. وتمت تجربة التحديث المجاني للعبة سباقات السيارات Gran Turismo 7 الذي يقدم نمط الواقع الافتراضي، وكانت تجربة القيادة واقعية للغاية وسيشعر اللاعب وكأنه يقود سيارة حقيقية داخل عالم اللعبة، مع انعكاس أشعة الشمس على المرآة وعلى عين اللاعب، وإعاقة قطرات المطر المتساقطة على زجاج السيارة النظر ومدى الرؤية، وغيرها من المزايا الممتعة الأخرى. وتقدم لعبتا Moss وMoss: Book II قدرات متقدمة مقارنة بالإصدارات السابقة من اللعبة تزيد من متعة اللعب والتحكم بالشخصيات الخيالية. وسنشارك المزيد من التفاصيل حول ألعاب الواقع الافتراضي في مقال مقبل بعد الانتهاء من تجربتها.
وتجدر الإشارة إلى أن ألعاب الجيل السابق من نظارات الواقع الافتراضي «بلايستيشن في آر» التي أطلقت قبل 6 أعوام لن تعمل مباشرة على هذه الوحدة الجديدة بسبب عدم حاجة النظارات الجديدة لوجود كاميرا خارجية لتتبع موقع المستخدم وتغير أدوات التحكم المستخدمة. وستعمل الشركات المطورة لتلك الألعاب على إطلاق تحديثات لها لتعمل على هذه «بلايستيشن في آر2».

التوافر في المنطقة العربية
> الوحدة متوافرة في المنطقة العربية في إصدارين، الأول هو الإصدار العادي الذي يقدم الوحدة مع أداتي التحكم والسماعات بسعر 2.499 ريالا سعوديا (نحو 666 دولاراً)، والآخر يقدم الإصدار القياسي مع لعبة Horizon: Call of the Mountain بسعر 2.699 ريالا سعوديا (نحو 719 دولاراً). كما يمكن شراء منصة PlayStation VR2 Sense Controller Charging Station لشحن أداتي التحكم في آن واحد بسعر 229 ريالا سعوديا (نحو 61 دولاراً).


مقالات ذات صلة

أفضل الأقفال الذكية

تكنولوجيا القفل الذكي «نوكي«

أفضل الأقفال الذكية

• القفل الذكي «نوكي» Nuki. يتميز القفل الذكي «نوكي» بمكونات عالية الجودة، وقدرات تكامل سلسة، وتصميم أنيق، كما تصفه الشركة. يعتبر هذا القفل المبتكر جديداً على ال

غريغ إيلمان (واشنطن)
علوم تعرف على معلم الذكاء الاصطناعي الجديد... الخاص بك

تعرف على معلم الذكاء الاصطناعي الجديد... الخاص بك

أصبحت تطبيقات المساعدة المعتمدعلى الذكاء الاصطناعي، اليوم، أكثر من مجرد أجهزة للرد الآلي. وفي واقع الأمر، يعدّ كل من «وضع الدراسة» الجديد من «تشات جي بي تي»،

جيرمي كابلان (واشنطن)
الخليج المهندس أحمد الصويان وأنطونيو غوتيريش يبحثان الموضوعات المشتركة وسُبل التعاون (هيئة الحكومة الرقمية)

غوتيريش يشيد بتقدم السعودية النوعي في الحكومة الرقمية

أشاد أنطونيو غوتيريش، أمين عام الأمم المتحدة، بما حققته السعودية من تقدم نوعي في مجال الحكومة الرقمية، عادّاً ما وصلت إليه نموذجاً دولياً رائداً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تكنولوجيا تكشف البيانات أن المستخدمين يلجأون للمساعد لطرح أسئلة صحية وعاطفية وفلسفية وليس فقط لحلول تقنية أو عملية (شاترستوك)

كيف يتحول «مايكروسوفت كوبايلوت» من أداة عمل إلى رفيق يومي للمستخدمين؟

يكشف التقرير أن «كوبايلوت» لم يعد مجرد أداة إنتاجية بل أصبح شريكاً رقمياً يلجأ إليه المستخدمون للعمل والقرارات اليومية بما يطرح تحديات ثقة ومسؤولية للمطوّرين.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا تُفقد الهيميانوبيا آلاف الناجين من السكتات نصف مجال رؤيتهم وتحدّ بشدة من قدرتهم على أداء الأنشطة اليومية (أدوبي)

علاج مبتكر وواعد لاستعادة المجال البصري لدى الناجين من السكتات

تقنية تجمع تدريباً بصرياً مع تحفيز دماغي متعدد الترددات أعادت تنسيق الإشارات البصرية لدى مرضى الهيميانوبيا، محققة تحسناً في إدراك الحركة وتوسّعاً في مجال الرؤية

نسيم رمضان (لندن)

أبحاث الروبوتات… «ضلَّت طريقها»

رودني بروكس
رودني بروكس
TT

أبحاث الروبوتات… «ضلَّت طريقها»

رودني بروكس
رودني بروكس

يقول رودني بروكس: «أحب أن أنظر إلى ما يفعله الجميع، وأحاول أن أجد قاسماً مشتركاً يفترضونه جميعاً ضمنياً... لكنني أنكر وجوده».

رائد في علم الروبوتات

كان بروكس، رائد علم الروبوتات، يتحدث مباشرةً إلى الكاميرا في فيلم إيرول موريس «سريع، رخيص، وخارج عن السيطرة» عام 1997، الذي يجمع بين مقابلات مع بروكس، ومرّوض أسود، وبستاني متخصص في تقليم الأشجار، وباحث يدرس فئران الخلد العارية. قال بروكس حديثاً عن الفيلم: «أربعة رجال، كان كل منهم يحاول السيطرة على الطبيعة بطريقته الخاصة، وكنا جميعاً نفشل».

في الفيلم، كان بروكس يصف إنجازاً مبكراً. ففي ثمانينيات القرن الماضي، قيّدت قيود الحوسبة التقنية تطوير الروبوتات. لكنه وأثناء مراقبته للحشرات، أدرك أنها تمتلك قدرات عقلية محدودة، لكنها أكثر كفاءة بكثير من روبوتاته، وأن محاكاة بيولوجيا الحيوانات أذكى من محاولة التحكم في كل جانب من جوانب سلوك الروبوت عبر البرمجة. وقادته نجاحاته إلى التنبؤ بانتشار الروبوتات «في كل مكان حولنا».

بروكس مدير مختبر معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا السابق، الذي كرّس حياته المهنية لجعل الآلات الذكية جزءاً من حياتنا اليومية والمشارك في ابتكار مكنسة «رومبا» الروبوتية الشهيرة، وهو في سن السبعين، يجد نفسه الآن متشككاً.

شكوك بقدرة الروبوتات... وأموال مهدورة

يعد رواد الأعمال اليوم بروبوتات لا تبدو بشرية فحسب، بل قادرة أيضاً على القيام بكل ما يستطيع الإنسان فعله.

يضخ مستثمرو التكنولوجيا مليارات الدولارات في هذا المسعى، لكن بروكس يرى أن الروبوتات البشرية متعددة الأغراض لن تعود إلى منازلنا قريباً، وأنها ليست آمنة بما يكفي للوجود حول البشر. وفي سبتمبر (أيلول) الماضي، نشر مقالاً نقدياً لاذعاً خلص فيه إلى أنه خلال الخمسة عشر عاماً المقبلة، «ستُهدر أموال طائلة في محاولة استخلاص أي تحسينات ممكنة من الروبوتات الشبيهة بالبشر الحالية. لكن هذه الروبوتات ستكون قد ولَّت منذ زمن بعيد، وسيتم نسيانها في الغالب».

أثار منشوره على مدونته ضجة كبيرة في عالم الروبوتات الصغير. كان هذا الشخص أسطورة في هذا المجال، وقد ساهمت رؤاه في انتشار موضة الروبوتات الشبيهة بالبشر.

وكتب كريس باكستون، الباحث في مجال الذكاء الاصطناعي والروبوتات، معلقاً: «سألني ما لا يقل عن اثني عشر شخصاً عما إذا كنت أوافق على ما قاله بعد وقت قصير من نشره (وأنا لا أوافق)» على ما قاله.

أمثلة تاريخية

ويتذكر بروكس سيارة إرنست ديكمانز ذاتية القيادة، التي انطلقت في رحلاتها عبر أوروبا عام 1987. كان حاضراً عندما هزم حاسوب «آي بي إم» العملاق «ديب بلو» بطل العالم في الشطرنج غاري كاسباروف عام 1997، وعندما تنبأ باحث الذكاء الاصطناعي جيف هينتون عام 2016 بأن علم الأشعة سيصبح من الماضي خلال خمس سنوات لأن برامج التعلم الآلي ستؤدي أعماله بشكل أفضل.

كانت كل هذه تطورات مهمة، لكن السائقين ولاعبي الشطرنج واختصاصيي الأشعة ما زالوا بيننا.

يصر بروكس على أنه يتصرف بواقعية. قال في مقابلة: «سنمر بفترة من الحماس الشديد، ثم ستأتي فترة من خيبة الأمل».

سباق تسلح نحو الروبوتات الشبيهة بالبشر

يقول بروكس، الذي يعمل الآن في مؤسسة «روبتس»، إن المظهر الخارجي للروبوت يُوحي بقدراته. فالروبوتات المستخدمة على نطاق واسع اليوم مصممة لمهام محددة في ظروف معينة، وتبدو كذلك - كذراع تؤدي نفس الحركة المتكررة على خط الإنتاج، أو رافعات المنصات الآلية في مستودعات «أمازون». إنها ليست مبهرة. ويضيف: «يرى الناس الشكل الشبيه بالبشر، فيعتقدون أنه قادر على فعل كل ما يفعله الإنسان».

بعبارة أخرى، تُعد الروبوتات الشبيهة بالبشر فكرة مثالية لوادي السيليكون، حيث يُمثل النمو المحتمل كل شيء بالنسبة للشركات المدعومة برأس المال المغامر.

طموحات أم أوهام؟

لهذا السبب يبدو أن شركة تسلا، المملوكة لإيلون ماسك، تُراهن بكل شيء على روبوتها «أوبتيموس». في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، صرّح ماسك بأن بناء مثل هذه الروبوتات على نطاق واسع يُمثّل «معضلة مالية لا نهائية»، وتوقّع أن روبوت شركته «قد يُحقق إنتاجية تفوق إنتاجية الإنسان بخمسة أضعاف سنوياً لقدرته على العمل على مدار الساعة». ويعتقد، من بين أمور أخرى، أن أوبتيموس سيكون جراحاً بارعاً، وهو ادعاء جريء، إذ تُعدّ البراعة البشرية من أصعب التحديات في مجال الروبوتات.

ليس ماسك الوحيد الذي يطمح إلى تحقيق أهداف كبيرة. فمن بين شركات أخرى، جمعت شركة Figure AI الناشئة ما يقارب ملياري دولار منذ عام 2022 لتطوير خط إنتاجها من الروبوتات الشبيهة بـ C-3PO، التي تُستخدم في مجالات متنوعة من التصنيع إلى رعاية المسنين. كما يمكنك إنفاق 20 ألف دولار للحصول على روبوت من إنتاج شركة 1X Technologies في بالو ألتو، ووضعه في منزلك العام المقبل، ولكن سيتم دعم استقلاليته المحدودة من قِبل موظفي الشركة، الذين سيتحكمون به عن بُعد ضمن خطة لتعليمه مهامَ جديدة.

صعوبة محاكاة البشر

هذه ليست سوى أحدث محاولة لتحقيق ما وصفه بروكس وزملاؤه في حينه في ورقة بحثية نُشرت عام 1999 بتطوير «الكأس المقدسة». وقد تعثرت المحاولات السابقة لبناء روبوتات بشرية متعددة الأغراض بسبب صعوبة المشي على قدمين، وغيرها من الصعوبات المتعلقة بمحاكاة الشكل البشري باستخدام الإلكترونيات.

ثم هناك العدد الهائل من المواقف التي قد يجد الإنسان نفسه فيها. كيف يُمكن كتابة برنامج يُساعد الروبوت، لحل إحدى المهام الروتينية الشائعة التي يُمكن الاستعانة بمصادر خارجية لتنفيذها، على التنقل في كل منزل، وجمع الغسيل، وفرزه؟

الذكاء الاصطناعي التوليدي

يُقدم الذكاء الاصطناعي التوليدي إجابة جديدة: تعليم الروبوت القيام بذلك بنفس الطريقة التي نُعلم بها أجهزة الكمبيوتر التعرف على الأشخاص، أو نسخ التسجيلات الصوتية، أو الاستجابة لطلبات مثل «اكتب أغنية راب من التسعينيات».

يُعدّ تدريب الشبكات العصبية باستخدام كميات هائلة من البيانات تقنيةً مُثبتة، وهناك كمّ هائل من البيانات التي تُظهر البشر وهم يتحركون في بيئتهم - عقود من اللقطات المصورة لأشخاص يقومون بأعمال مختلفة تُغذّي مراكز البيانات.

قد تبدو النتائج مُبهرة، على الأقل في مقاطع الفيديو، حيث يُمكن رؤية روبوتات بشرية من شركة Figure وغيرها من الشركات وهي تطوي الملابس، أو تُرتّب الألعاب، أو تُصنّف قطع الغيار في مصنع BMW بولاية كارولاينا الجنوبية.

الإنسان وأخطار الروبوت

لكن ما لا يُرى في معظم مقاطع الفيديو هو وجود أشخاص بالقرب من الروبوتات. يقول بروكس إنه لن يقترب من أي روبوت بشري لمسافة تقل عن متر واحد. ويضيف أنه إذا - وعندما - فقدت هذه الروبوتات توازنها، فإن الآليات القوية التي تجعلها مفيدة، تُحوّلها إلى أداة خطرة.

تُلزم لوائح السلامة عموماً الأفراد بالابتعاد عن الروبوتات في البيئات الصناعية. ويقول آرون براذر، مدير قسم الروبوتات والأنظمة المستقلة في ASTM International، وهي منظمة معنية بوضع المعايير، إن الروبوتات البشرية ليست غير آمنة بطبيعتها، ولكنها تتطلب إرشادات واضحة، خاصةً عند خروجها من البيئات التي تدرب فيها البشر على العمل جنباً إلى جنب معها.

ويضيف براذر: «بالنسبة للروبوتات التي تدخل المنازل، وخاصة الروبوتات الشبيهة بالبشر التي يتم التحكم بها عن بُعد، فنحن في منطقة جديدة».

في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، رفع رئيس قسم سلامة المنتجات السابق في شركة «فيغر» Figure دعوى قضائية ضد الشركة بتهمة الفصل التعسفي، مدعياً أنه طُرد بعد محاولته تطبيق إرشادات سلامة صارمة. رفضت الشركة التعليق على تقنيتها، لكن أحد ممثليها نفى الادعاءات الواردة في الدعوى، قائلاً إن الموظف فُصل بسبب ضعف أدائه. من جهته، قال ممثل عن شركة 1X إن روبوتها المنزلي يعتمد على آليات جديدة «تجعله آمناً ومتوافقاً بشكل فريد مع البشر».

قدرة الأصابع الحسّية المذهلة... يصعب ترجمتها للآلات

يشكّك بروكس بشدة في قدرة الشبكات العصبية على حلّ مشكلة البراعة. لا يمتلك البشر لغةً لجمع وتخزين ونقل البيانات المتعلقة باللمس، كما هو الحال بالنسبة للغة والصور. تجمع قدرة أصابعنا الحسية المذهلة أنواعاً شتى من المعلومات التي يصعب علينا ترجمتها للآلات. ويرى بروكس أن البيانات المرئية التي يفضلها الجيل الجديد من الشركات الناشئة في مجال الروبوتات لن تتمكن ببساطة من محاكاة ما نستطيع فعله بأصابعنا.

ويقول بروكس: «لقد صنع طلابي العديد من الأيدي والأذرع، وشحنوا عشرات الآلاف من أذرع الروبوت. أنا على يقين تام بأن الروبوتات الشبيهة بالبشر لن تصل إلى مستوى قدرات التلاعب (الحركي) البشري».

يجادل الباحثون بأنه إذا لم تكن البيانات المرئية وحدها كافية، فيمكنهم إضافة مستشعرات لمسية إلى روبوتاتهم، أو استخدام البيانات الداخلية التي يجمعها الروبوت عند تشغيله عن بُعد بواسطة مستخدم بشري. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت هذه التقنيات ستكون رخيصة بما يكفي لجعل هذه الشركات مستدامة.

لكن هناك أيضاً احتمالات عديدة بين براعة الإنسان وفشل الروبوت. يقول براس فيلاغابودي، كبير مسؤولي التكنولوجيا في شركة أجيليتي روبوتيكس: «يطرح بروكس العديد من النقاط المهمة، لكنني أختلف معه في نقطة واحدة، وهي أننا بحاجة إلى بلوغ مستوى براعة الإنسان لنستفيد من الروبوتات متعددة الأغراض».

واقعي... لا متشائم

يصف بروكس نفسه بأنه واقعي، لا متشائم. ويكمن قلقه الرئيسي في أن التركيز المفرط على أحدث أساليب التدريب سيؤدي إلى إهمال أفكار واعدة أخرى. ويتوقع أن تعمل الروبوتات يوماً ما جنباً إلى جنب مع البشر، وأننا قد نطلق عليها اسم «الروبوتات الشبيهة بالبشر»، لكنها ستكون، كما يقول، مزودة بعجلات وأذرع متعددة، وربما لن تكون متعددة الأغراض.

وهو يعمل حالياً فوق مستودع النماذج الأولية في سان كارلوس، كاليفورنيا، حيث تتعلم روبوتات شركة روبست عملها، لكنه يتوقع الابتعاد عن العمل في الشركات خلال السنوات القليلة المقبلة. ليس للتقاعد، بل لكتابة كتاب عن طبيعة الذكاء، ولماذا لن يتمكن البشر من ابتكاره اصطناعياً قبل 300 عام أخرى.

يقول عن حلمه المتنامي بالذكاء الاصطناعي: «لقد كان هذا حلمي طوال حياتي». ويضيف: «ما أكرهه الآن هو الذكاء الاصطناعي العام. لطالما سعينا نحو الذكاء الاصطناعي العام! وقريباً سيُطلقون عليه اسم الذكاء الاصطناعي الفائق».

«لا أعرف ما سيأتي بعد ذلك، لكنه سيكون الذكاء الاصطناعي الخارق».

* باختصار، خدمة «نيويورك تايمز».


خبراء يحذرون: الذكاء الاصطناعي قد ينفذ هجمات إلكترونية بمفرده

صورة مركبة عن الذكاء الاصطناعي (رويترز)
صورة مركبة عن الذكاء الاصطناعي (رويترز)
TT

خبراء يحذرون: الذكاء الاصطناعي قد ينفذ هجمات إلكترونية بمفرده

صورة مركبة عن الذكاء الاصطناعي (رويترز)
صورة مركبة عن الذكاء الاصطناعي (رويترز)

حذرت مجموعة من الخبراء من قيام نماذج الذكاء الاصطناعي بتحسين مهاراتها في الاختراق، مشيرين إلى أن قيامها بتنفيذ هجمات إلكترونية بشكل كامل بمفردها يبدو أنه «أمر لا مفر منه».

وبحسب موقع «أكسيوس»، سيُدلي قادة من شركتي «أنثروبيك» و«غوغل» بشهادتهم اليوم أمام لجنتين فرعيتين تابعتين للجنة الأمن الداخلي بمجلس النواب الأميركي، حول كيفية إعادة تشكيل الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة الأخرى لمشهد التهديدات الإلكترونية.

وكتب لوغان غراهام، رئيس فريق اختبار الذكاء الاصطناعي في «أنثروبيك»، في شهادته الافتتاحية التي نُشرت حصرياً على موقع «أكسيوس»: «نعتقد أن هذا هو المؤشر الأول لمستقبل قد تُمكّن فيه نماذج الذكاء الاصطناعي، على الرغم من وجود ضمانات قوية، الجهات المُهدِّدة من شنّ هجمات إلكترونية على نطاق غير مسبوق».

وأضاف: «قد تصبح هذه الهجمات الإلكترونية أكثر تعقيداً من حيث طبيعتها وحجمها».

وحذرت شركة «أوبن إيه آي»، الأسبوع الماضي، من أن نماذج الذكاء الاصطناعي المستقبلية ستمتلك على الأرجح قدرات سيبرانية عالية الخطورة، مما يقلل بشكل كبير من المهارة والوقت اللازمين لتنفيذ أنواع معينة من الهجمات السيبرانية.

بالإضافة إلى ذلك، نشر فريق من الباحثين في جامعة ستانفورد ورقة بحثية توضح كيف اكتشف برنامج ذكاء اصطناعي يُدعى أرتميس ثغرات في إحدى الشبكات التابعة لقسم الهندسة بالجامعة، متفوقاً على 9 من أصل 10 باحثين بشريين شاركوا في التجربة.

كما أفاد باحثون في مختبرات Irregular Labs، المتخصصة في اختبارات الضغط الأمني ​​على نماذج الذكاء الاصطناعي الرائدة، أنهم لاحظوا «أدلة متزايدة» على تحسن نماذج الذكاء الاصطناعي في مهام الهجوم السيبراني.

ويشمل ذلك تحسينات في الهندسة العكسية، وبناء الثغرات، وتسلسل الثغرات، وتحليل الشفرات.

وقبل ثمانية عشر شهراً فقط، كانت تلك النماذج تعاني من «قدرات برمجية محدودة، ونقص في عمق الاستدلال ومشكلات أخرى»، كما أشارت شركة Irregular Labs.

وأضافت الشركة: «تخيلوا ما ستكون قادرة عليه بعد ثمانية عشر شهراً من الآن».

لكن، على الرغم من ذلك، لا تزال الهجمات الإلكترونية التي تعتمد كلياً على الذكاء الاصطناعي بعيدة المنال. ففي الوقت الراهن، تتطلب هذه الهجمات أدوات متخصصة، أو تدخلاً بشرياً، أو اختراقاً لأنظمة المؤسسات.

وقد تجلى ذلك بوضوح في تقرير «أنثروبيك» الصادم الشهر الماضي، إذ اضطر قراصنة الحكومة الصينية إلى خداع برنامج كلود للذكاء الاصطناعي والتابع للشركة ليقنعوه بأنه يُجري اختبار اختراق عادي قبل أن يبدأ باختراق المؤسسات.

وسيُخصص المشرعون جلسة الاستماع اليوم (الأربعاء) للبحث في الطرق التي يستخدم بها قراصنة الدول ومجرمو الإنترنت الذكاء الاصطناعي، وما إذا كانت هناك حاجة إلى أي تغييرات في السياسات واللوائح التنظيمية لتحسين التصدي لهذه الهجمات.


5 توقعات لدور الذكاء الاصطناعي المتنامي في الإعلام عام 2026

5 توقعات لدور الذكاء الاصطناعي المتنامي في الإعلام عام 2026
TT

5 توقعات لدور الذكاء الاصطناعي المتنامي في الإعلام عام 2026

5 توقعات لدور الذكاء الاصطناعي المتنامي في الإعلام عام 2026

يدخل قطاع الإعلام مرحلة محورية في علاقته بالذكاء الاصطناعي، تتسم بتسارع تبنيه وازدياد التحديات. وفيما يلي خمسة توقعات رئيسية لعام 2026، تسلط الضوء على كيفية إعادة تشكيل الذكاء الاصطناعي للصحافة والنشر والعلاقات العامة، كما كتب بيت باشال (*):

حقوق النشر

1.تفاقم نزاعات حقوق النشر

من المتوقع أن يتفاقم الجدل العالق حول حقوق النشر بين الناشرين وشركات الذكاء الاصطناعي قبل أن يتحسن. ورغم وجود اتفاقيات ترخيص، فإن التوتر الأساسي لا يزال قائماً: إذ يطالب الناشرون بتعويضات مقابل استخدام المحتوى، بينما تدافع شركات الذكاء الاصطناعي عن مبدأ الاستخدام العادل.

يلجأ كثير من الناشرين حالياً إلى حظر برامج زحف الذكاء الاصطناعي، ما يحد من الوصول إلى البيانات الحديثة، ويجعل أدوات الذكاء الاصطناعي أقل تنافسية. ومع ذلك، تتمتع «غوغل» بميزة فريدة نظراً لتوحيد محرك البحث وبرامج زحف الذكاء الاصطناعي لديها، فلا يمكن لأي ناشر حظر محرك بحث «غوغل».

ويضع هذا الوضع المنافسين، مثل «أوبن إيه آي» و«بيربليكسيتي»، في موقف غير مواتٍ، ويتوقع باشال أن تُعطي شركات الذكاء الاصطناعي الأولوية للتنافسية على حساب الامتثال لأوامر الآخرين.

غرفة الأخبار

2. تحوّل غرف الأخبار نحو منتجات الذكاء الاصطناعي لجني الإيرادات

يتطور دور الذكاء الاصطناعي في غرف الأخبار من مجرد أدوات لرفع الكفاءة إلى منتجات مُدرّة للدخل.

ويعكس تبني صحيفة «نيويورك تايمز» للذكاء الاصطناعي في مجال النسخ وإدارة وسائل التواصل الاجتماعي ازدياد الثقة بهذه التقنية. والأهم من ذلك، أن مبادرات مثل «Times AI Agent»، التي تُحوّل الأرشيفات إلى مجموعات بيانات جاهزة للذكاء الاصطناعي، تُشير إلى توجه نحو منتجات الذكاء الاصطناعي القابلة للاستثمار.

وبينما لا تزال الربحية غير مؤكدة، فإن الناشرين يُبدون استعداداً كبيراً للتجربة، على الرغم من الجدل الدائر، مثل ردة فعل نقابة «بوليتيكو» (Politico) على أداة ذكاء اصطناعي لقسمها المتميز. ويُشير هذا التوجه إلى أن الذكاء الاصطناعي سيُصبح جزءاً لا يتجزأ من استراتيجيات المنتجات التي تهدف إلى تحسين الأرباح.

انتعاش قطاع العلاقات العامة

3. نهضة العلاقات العامة «الرشيقة»

على عكس التوقعات بتراجعها، تشهد العلاقات العامة انتعاشاً مدفوعاً بالذكاء الاصطناعي. يُولي الذكاء الاصطناعي التوليدي أهميةً بالغةً للمصداقية عبر منصات متعددة، ما يجعل الاستشهاد الواسع النطاق أكثر أهمية من أي وقت مضى. تُعزز هذه الديناميكية أهمية العلاقات العامة، حيث يُسهم تأمين التغطية - حتى على المواقع الصغيرة - في تعزيز الظهور في الأنظمة البيئية القائمة على الذكاء الاصطناعي.

مع ذلك، يواجه القطاع ضغوطاً لتبني الذكاء الاصطناعي في توليد المحتوى لخفض التكاليف، ما يُجبر شركات العلاقات العامة على أن تُصبح أكثر رشاقةً وذكاءً. والنتيجة هي قطاع علاقات عامة مُعزز ولكنه مُتحول، يتكيف مع تأثير الذكاء الاصطناعي على المحتوى والمصداقية.

أصالة الكتابة البشرية

4. الأصالة تُعيد تأكيد ذاتها

على الرغم من المخاوف من هيمنة الذكاء الاصطناعي على الصحافة، فإن الكتابة البشرية تظل أساسية. فبينما يُمكن للذكاء الاصطناعي البحث والكتابة، فإن استخدامه يُغير ثقة الجمهور وعلاقاته.

استعادت الأصالة أهميتها، حيث يُنظر إلى سرد القصص الذي يقوده الإنسان كأنه عامل تمييز. لا يزال الذكاء الاصطناعي يلعب دوراً داعماً، ما يُتيح التوسع الفعّال من حيث التكلفة في صيغ، مثل مقاطع الفيديو التوضيحية القصيرة. وفي نهاية المطاف يعمل الذكاء الاصطناعي بوصفه مُسرِّعاً وليس بديلاً، ما يُساعد وسائل الإعلام على التنويع دون التضحية بالأصالة.

التوجه المباشر إلى الجمهور

5. التركيز على الجماهير مباشرة

يستعد الناشرون لعالم يسمى «غوغل الأصغر»، حيث يُعد الاعتماد على ما تقدمه محركات البحث المحسنة أمراً محفوفاً بالمخاطر؛ لذا تتجه الأولوية نحو بناء علاقات مباشرة مع الجمهور من خلال التطبيقات الخاصة والنشرات الإخبارية والفعاليات المباشرة، وهي قنوات تتميز بتفاعل وولاء أكبر.

ومع ذلك، مع تبني مزيد من الناشرين لهذه الاستراتيجيات، ستشتد المنافسة على جذب الانتباه.

الصورة الأكبر

لم يعد تبني الذكاء الاصطناعي في وسائل الإعلام خياراً. مع استخدام 34 في المائة من الأشخاص للذكاء الاصطناعي في البحث عن المعلومات - أي بارتفاع من 18 في المائة قبل عام - وإدراج أكثر من نصف الصحافيين للذكاء الاصطناعي في سير عملهم أسبوعياً، يتكيف القطاع الإعلامي بسرعة. وبينما لا تزال مسائل حقوق النشر وتحقيق الربح عالقة، يُتوقع أن يكون عام 2026 هو العام الذي تُعدّ فيه شركات الإعلام دليلها الخاص للبقاء في عصر الذكاء الاصطناعي.

*مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا»