رحبت إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، بـ«الاختراق التاريخي» الذي تحقق بين حليفين رئيسيين لواشنطن؛ إذ اتخذت سيول خطوة رئيسية لتحسين علاقاتها مع طوكيو تتمثل في دفع تعويضات للكوريين الجنوبيين الذين عملوا قسراً خلال حقبة الحكم الاستعماري الياباني في المنطقة.
وتشهد العلاقات الثنائية بين اليابان وكوريا الجنوبية توتراً يعود إلى حقبة الاحتلال الاستعماري الياباني لشبه الجزيرة الكورية بين عامي 1910 و1945 حين حُشد مئات الآلاف من الكوريين للعمل بالسخرة في الشركات اليابانية، أو اتُّخذوا عبيداً للجنس في بيوت الدعارة التي كان يديرها الجيش في طوكيو خلال الحرب العالمية الثانية. وبمضي الوقت؛ توفي كثير من عمال السخرة. أما الناجون فهم في التسعينات من العمر.
ورغم الانتقادات الفورية للخطة محلياً؛ من قبل الذين يطالبون بتعويض مباشر من الشركات اليابانية واعتذار جديد من الحكومة اليابانية، فإنه يرجح أن تؤدي الخطة، التي أعلنها الرئيس الكوري الجنوبي المحافظ يون سوك يول، إلى تخفيف حدة التوتر في العلاقات وتوطيد التعاون الأمني بين سيول وطوكيو وواشنطن، بهدف التعامل بشكل أفضل مع التهديدات النووية من كوريا الشمالية.
وسارع الرئيس بايدن إلى الإشادة بهذه الخطوة، واصفاً إياها بأنها «فصل جديد رائد» من التعاون بين اثنين من أقرب حلفاء الولايات المتحدة. وكتب على «تويتر»: «اثنان من أقرب حلفائنا؛ اليابان وكوريا، توصلا إلى اختراق تاريخي. الولايات المتحدة تقف بجانب شعبَي البلدين فيما نتحرك معاً نحو مستقبل أكثر أماناً وازدهاراً» في المنطقة وسط ازدياد التوتر بين الدول الثلاث من جهة؛ والصين من جهة أخرى.
وكذلك رحب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، بـ«الإعلانات التاريخية»، وأشاد بـ«شجاعة» و«رؤية» حكومتي سيول وطوكيو.
وكان وزير الخارجية الكوري الجنوبي، بارك جين، أعلن في مؤتمر صحافي أن الضحايا سيعوضون من خلال مؤسسة محلية تديرها الدولة وتمول من تبرعات مدنية، آملاً في أن تقدم الشركات اليابانية مساهمات طوعية للمؤسسة. وقال: «إذا قارنا (الأمر) بكوب من الماء، فأعتقد أن أكثر من نصف الكوب مليء بالماء». وتوقع «تعبئة الكوب بشكل أكبر للمضي بناءً على استجابة اليابان الصادقة».
ولاحقاً، وصف يون الخطوة الكورية الجنوبية بأنها «تصميم على التحرك نحو العلاقات الكورية - اليابانية الموجهة نحو المستقبل»، مضيفاً أن الحكومتين يجب أن تكافحا لمساعدة علاقاتهما في دخول حقبة جديدة.
ولم يوضح المسؤولون الكوريون الجنوبيون الشركات التي ستمول المؤسسة. لكن في يناير (كانون الثاني) الماضي، قال رئيس «مؤسسة ضحايا التعبئة القسرية للإمبراطورية اليابانية»، التي ستتولى التعويضات، شيم كيو سون، إن الأموال ستأتي من الشركات الكورية الجنوبية التي استفادت من معاهدة سيول وطوكيو لعام 1965 التي أعادت تطبيع العلاقات.
وترافقت اتفاقية عام 1965 مع مئات الملايين من الدولارات من المساعدات الاقتصادية والقروض من طوكيو لسيول لاستخدامها في مشروعات التنمية التي نفذتها كبرى الشركات الكورية الجنوبية، بما في ذلك شركة «بوسكو»، التي أصبحت الآن عملاقاً عالمياً للصلب. وأفادت «بوسكو»، الاثنين، بأنها ستنظر بنشاط في المساهمة في «المؤسسة» إذا تلقت طلباً رسمياً.
وتصر اليابان على تسوية جميع قضايا التعويض في زمن الحرب بموجب معاهدة 1965، وانتقمت من التعويض الذي أمرت به المحكمة الكورية الجنوبية من الشركات اليابانية من خلال فرض ضوابط على الصادرات على المواد الكيميائية الحيوية لصناعة أشباه الموصلات في كوريا الجنوبية في عام 2019.
أما كوريا الجنوبية؛ التي كان يحكمها آنذاك سلف يون الليبرالي مون جاي إن، فاتهمت اليابان بتسليح التجارة، وهددت لاحقاً بإنهاء اتفاقية مشاركة الاستخبارات العسكرية مع طوكيو، وهي رمز رئيسي لتعاونهما الأمني الثلاثي مع واشنطن.
وأدى الخلاف بينهما إلى تعقيد جهود الولايات المتحدة لتعزيز التعاون مع حليفيها الآسيويين الرئيسيين في مواجهة الصين وكوريا الشمالية. وازدادت المخاوف بشأن العلاقات المتوترة بين سيول وطوكيو، خصوصاً بعدما تبنت كوريا الشمالية العام الماضي عقيدة نووية تصعيدية وأجرت تجارب على وابل من الصواريخ؛ بعضها له قدرة نووية تضع كلا البلدين على مسافة قريبة.
وبصورة متزامنة، حلقت قاذفة قنابل أميركية من طراز «بي52» القادرة على حمل أسلحة نووية إلى شبه الجزيرة الكورية لإجراء تدريبات مشتركة مع الطائرات الحربية الكورية الجنوبية. وقالت وزارة الدفاع الكورية الجنوبية إن نشر قاذفة «بي52» أظهر قدرة الحلفاء «الحاسمة والساحقة» لردع اعتداءات كوريا الشمالية.
البيت الأبيض يرحب بـ«الاختراق» بين طوكيو وسيول
البيت الأبيض يرحب بـ«الاختراق» بين طوكيو وسيول
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة