«طفلة الرعد»... معركة العقل مع الخرافة

غادة الخوري تستعيد سردية الاقتتال الأهلي اللبناني

«طفلة الرعد»... معركة العقل مع الخرافة
TT

«طفلة الرعد»... معركة العقل مع الخرافة

«طفلة الرعد»... معركة العقل مع الخرافة

التأتأة التي تعانيها هيلانة، الشخصية الرئيسية في رواية غادة الخوري، «طفلة الرعد» (دار الآداب)، هي ارتجاف النفس البشرية أمام المواجهة المُحتكمة إلى العقل. ففي قرية تمضي نساؤها أيامهن في النميمة، ويغرف أبناؤها فهمهم للحياة من منابع الخرافة، تُقوّض الكاتبة اللبنانية ظَهر بطلتها بصخرة سيزيف في مسار صعودها الشاق نحو الانعتاق.
كانت أيام عزّ الراديو وما سبق دخول الهاتف الثابت إلى المنازل بخجل. زمن الرواية هو سبعينات القرن الماضي، في قرية اتخذت لها اسم ديرزوفا تصديقاً لـ«معجزة» حلّت بالدير فنبتت عشبة الزوفا من قلب الصخر، وبات الأطباء يزجّونها في كل وصفة لكل مرض. حتى التأتأة المُصابة بها هيلانة جراء استجابة معاكسة لقهر طبع طفولتها؛ وحين سألت عن علاج لعاهتها استهتر طبيب القرية بالعلم ونصح بشرب الزوفا عسى الحنجرة تتمرد على أقفاصها!
كنقيض فاضح لما يجري حولها، حيث يسلّم الجميع بالأجوبة الجاهزة، تنقّب هيلانة داخل أسئلة «محرّمة»، وتنبش في ماضٍ بعضه مُبهم وبعضه الآخر يتغذى بشائعات يتلهّى بها أصحابها لكسب جولة في ترويض الضجر. تجرّ وراءها عيون الناس المحدّقة بعاهتها، سخرية رفاق المدرسة وأغنية التأتوءة؛ إلى ديرزوفا، مسقط زوجها صالح الذي خفف عنها وطأة يُتْمها المبكر حين قالت «نعم» لحياة مجهولة.
تتقدّم قرية «تقدّس الشبه» من كونها مجرد مسرح روائي، لتنوط بدور حاسم في رسم مسار الأحداث وترنّح هيلانة على حافة القدر. تضع الكاتبة اختلافها أمام جحافل من النسخ البشرية عديمة الفرادة. موقعها على الهامش، يدفعها إلى الاقتحام. تهذي بكابوس التأتأة اللامتناهي ليقودها هذيانها إلى الصحوة المرتقبة.
شغف هيلانة بالكتب ليس عبثياً في تركيبة شخصية تواقة إلى رؤية خلاصية للذات والعالم. تحبس ما تريد قوله وتكتفي بما يمكنها أن تقوله، باستعمال حيل للكلمات تدرّبت عليها وطوّرتها، خشية على طفلتها الوحيدة هبة من وراثة عذاب التحضير المسبق لولادة الجملة. وحدها دهشتها بروايات كـ«آنا كارنينا» للروسي ليو تولستوي و«رجال في الشمس» للفلسطيني غسان كنفاني، جنّبت عقلها تصديق خزعبلات يسبح بها أهل ديرزوفا الأميّون بغالبيتهم، الذين يستلقون في كهوف الجهل.
فكُّ لغز قرية صدّق أهلها أنّ الشمس تسطع في الليل، وانشغلوا بحكايات العار المُتناقل في السر والعلن، والأخبار العجيبة عن نساء دُفعن إلى ارتكاب المعاصي، يجعل هيلانة تخرج من فقاعتها بحثاً عن وجود حقيقي ينافي زيف الدمى. لم تكن كتب جارها الأستاذ نبيل ولا فصاحته الملتوية ما دمل عقدة نقصها، ولا الأخوّة الضاربة في التباين التي تجمعها بشقيقتها فادية الثرثارة وزوجها «الكتائبي»، وأخيها فريد بقناعاته القومية. ردم الهامش بعد اتساعٍ كاد يبتلعها، مردّه أسرار راحت تنكشف موقظة علاقتها القديمة بالصدمة المتأصلة؛ وتحولات مسّتها كفرد واعٍ يعاند انفعال الجماعة.
موت عائلة صالح، ثم اختفاؤه، راحا يقشّران جلدها الميت طبقة تلو الأخرى. لسعة العقرب المُسببة لاختفائه في المرة الأولى، في الحقل ذاته الشاهد على تراجيدية اندلاع النيران في جسد أخته وردية؛ ليس كالاختفاء الكبير كأحد تداعيات الاقتتال الطائفي وإيقاظ الفتن. تتساقط الأقنعة أمام هيلانة المُدركة متأخرة حجم المؤامرة ضدها، بالإجماع على إخفاء الحقائق عنها كأنّ نقصها يجعلها لا تحتملها؛ وعلى طريقة الفراشات في رفضها الأبدي لشرنقتها، تعود مرئية بألوانها وطلاقتها ونفضها عزلتها المطوَّقة بالصمت والخوف.
تختزلها بئر غرقت فيها والدتها خلال محاولتها انتشال مركب ورقي لها وهي طفلة في السادسة؛ بظلمتها ووجهها المقفل الحائل دون رغبة أحد في النظر إلى قلبها. هذه رواية عن ضريبة الإبقاء على الجهل وثمن الوصول إلى الحقيقة، وما بينهما من وعي شاق ونور باهظ. ورواية الأقدار الخارجة على السيطرة حين تهتزّ الأرض تحت أقدام مُشعلي حرائقها. تنطلق هيلانة بشعور لذيذ بالخفة وعيش مغامرة اللامبالاة، وهي تندم على عمر أضاعته خلف الجدران. أرادت التخلص من صوتها الذي يردّد لها أنها «جبانة». انعتاقها مكلف كخروج أمم من الظلمات إلى الضوء.
بحريق الأحراج ووقوع جريمة وإجهاض بطلتها، تمهّد غادة الخوري لاستعادة سردية الاقتتال الأهلي اللبناني المندلع في العام 1975، كجرج أدبي لبناني لا مهرب من رائحته على الورق. ديرزوفا المسيحية وبقاع نبعا المسلمة، قريتان توائمان معارك شطرت بيروت إلى شرقية وغربية، كاختزالات لمّاعة لأثر فورة الغرائز في تعميم الخراب والعتم المطبق.
ورغم أنّ صالح فلاح أُلحق اسمه بلائحة طويلة تضمّ أسماء شخصيات «مهمّة» لها أولوية السؤال عن اختفائها؛ يؤكد خطفه امتداد «كبش المحرقة» ليطال أبرياء ظلّوا أوفياء لوطن منحوه ولاء نبيلاً. عشقه الغاضب لأرض رفض دسّ مواد كيميائية في محصولها، ومقولته إنها «بتفهم وعندها حكمة، ومش على ذوقنا بتمشي»، لم يجنّباه مآل مصير مفتوح على المجهول.
يحلّ خطف صالح كفعل مطرقة تهدم النسخة القديمة من هيلانة التأتوءة العاجزة عن تغيير واقع كرّسه ماضيها العليل. بحثها عن مبررات للتأتأة في ذاكرتها المفقودة وسخرية الآخرين، لم يفضِ سوى إلى تغذية عدائها لنفسها. ها هي، ذات شتاء بلون الدم إثر مجازر عمّت لبنان، تجد صوتها ينطلق بحرّية فيما أصوات الآخرين تُكبّل بالرضوخ، فتصرخ للحق في وجه الظلم ولقدسية تعاطي صالح مع الأرض ضد شرذمة أبنائها.
تنجلي العبرة: «العجز قرار والحرية أيضاً قرار!»، فتشهد هيلانة على ولادتها بعد معركة حاسمة. يصمد صوتها كتردّدات رعد جديد أمام الرشاش ونافورة الدم، لتدرك أنها أضاعت العمر في الخوف من نفسها، وأنّ الوعي هو بوابة خلاصها. «الجهل شقاء»، تكتب لصالح في رسالة قد لا تصله، معلنة موت وحش أسود أثقل كتفيها طوال حياتها، ليفتك وحش أشدّ سواداً بالوطن كله ويمزّقه.


مقالات ذات صلة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

يوميات الشرق «تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر  في تشجيع الشباب على القراءة

«تيك توك» أكثر جدوى من دور النشر في تشجيع الشباب على القراءة

كشفت تقارير وأرقام صدرت في الآونة الأخيرة إسهام تطبيق «تيك توك» في إعادة فئات الشباب للقراءة، عبر ترويجه للكتب أكثر من دون النشر. فقد نشرت مؤثرة شابة، مثلاً، مقاطع لها من رواية «أغنية أخيل»، حصدت أكثر من 20 مليون مشاهدة، وزادت مبيعاتها 9 أضعاف في أميركا و6 أضعاف في فرنسا. وأظهر منظمو معرض الكتاب الذي أُقيم في باريس أواخر أبريل (نيسان) الماضي، أن من بين مائة ألف شخص زاروا أروقة معرض الكتاب، كان 50 ألفاً من الشباب دون الخامسة والعشرين.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق «تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

«تيك توك» يقلب موازين النشر... ويعيد الشباب إلى القراءة

كل التقارير التي صدرت في الآونة الأخيرة أكدت هذا التوجه: هناك أزمة قراءة حقيقية عند الشباب، باستثناء الكتب التي تدخل ضمن المقرّرات الدراسية، وحتى هذه لم تعد تثير اهتمام شبابنا اليوم، وهي ليست ظاهرة محلية أو إقليمية فحسب، بل عالمية تطال كل مجتمعات العالم. في فرنسا مثلاً دراسة حديثة لمعهد «إبسوس» كشفت أن شاباً من بين خمسة لا يقرأ إطلاقاً. لتفسير هذه الأزمة وُجّهت أصابع الاتهام لجهات عدة، أهمها شبكات التواصل والكم الهائل من المضامين التي خلقت لدى هذه الفئة حالةً من اللهو والتكاسل.

أنيسة مخالدي (باريس)
يوميات الشرق آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

آنية جزيرة تاروت ونقوشها الغرائبية

من جزيرة تاروت، خرج كم هائل من الآنية الأثرية، منها مجموعة كبيرة صنعت من مادة الكلوريت، أي الحجر الصابوني الداكن.

يوميات الشرق خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

خليل الشيخ: وجوه ثلاثة لعاصمة النور عند الكتاب العرب

صدور كتاب مثل «باريس في الأدب العربي الحديث» عن «مركز أبوظبي للغة العربية»، له أهمية كبيرة في توثيق تاريخ استقبال العاصمة الفرنسية نخبةً من الكتّاب والأدباء والفنانين العرب من خلال تركيز مؤلف الكتاب د. خليل الشيخ على هذا التوثيق لوجودهم في العاصمة الفرنسية، وانعكاسات ذلك على نتاجاتهم. والمؤلف باحث وناقد ومترجم، حصل على الدكتوراه في الدراسات النقدية المقارنة من جامعة بون في ألمانيا عام 1986، عمل أستاذاً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة اليرموك وجامعات أخرى. وهو يتولى الآن إدارة التعليم وبحوث اللغة العربية في «مركز أبوظبي للغة العربية». أصدر ما يزيد على 30 دراسة محكمة.

يوميات الشرق عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

عمارة القاهرة... قصة المجد والغدر

على مدار العقود الثلاثة الأخيرة حافظ الاستثمار العقاري في القاهرة على قوته دون أن يتأثر بأي أحداث سياسية أو اضطرابات، كما شهد في السنوات الأخيرة تسارعاً لم تشهده القاهرة في تاريخها، لا يوازيه سوى حجم التخلي عن التقاليد المعمارية للمدينة العريقة. ووسط هذا المناخ تحاول قلة من الباحثين التذكير بتراث المدينة وتقاليدها المعمارية، من هؤلاء الدكتور محمد الشاهد، الذي يمكن وصفه بـ«الناشط المعماري والعمراني»، حيث أسس موقع «مشاهد القاهرة»، الذي يقدم من خلاله ملاحظاته على عمارة المدينة وحالتها المعمارية.

عزت القمحاوي

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
TT

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)
مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى، فإن المصرية مريم شريف تفوقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بالدورة الرابعة لـ«مهرجان البحر الأحمر السينمائي» التي تَنافس على جوائزها 16 فيلماً، وترأس لجنة تحكيمها المخرج العالمي سبايك لي، لتحوز جائزة «اليسر» لأفضل ممثلة عن أدائها لشخصية «إيمان»، الشابة التي تواجه التّنمر بسبب قِصرِ قامتها في فيلم «سنو وايت»، وذلك خلال حفل ختام المهرجان الذي أقيم الخميس في مدينة جدة السعودية.

وعبّرت مريم عن سعادتها بهذا الفوز قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «الحمد لله، هذه فرحة كبيرة تكلّل جهودنا طوال فترتي التحضير والتصوير، لكنني أحتاج وقتاً لأستوعب ذلك، وأشكر أستاذة تغريد التي أخضعتني لورشِ تمثيلٍ عدة؛ فكُنا نجلس معاً لساعات طوال لتُذاكر معي الدّور وتوضح لي أبعاد الشخصية، لذا أشكرها كثيراً، وأشكر المنتج محمد عجمي، فكلاهما دعماني ومنحاني القوة والثقة لأكون بطلة الفيلم، كما أشكر مهرجان (البحر الأحمر السينمائي) على هذا التقدير».

المخرجة تغريد أبو الحسن بين منتج الفيلم محمد عجمي والمنتج محمد حفظي (إدارة المهرجان)

سعادة مريم تضاعفت بما قاله لها المخرج سبايك لي: «لقد أذهلني وأبهجني برأيه حين قال لي، إن الفيلم أَثّر فيه كثيراً بجانب أعضاء لجنة التحكيم، وإنني جعلته يضحك في مشاهد ويبكي في أُخرى، وقلت له إنه شرفٌ عظيم لي أن الفيلم حاز إعجابك وجعلني أعيش هذه اللحظة الاستثنائية مع أهم حدث في حياتي».

وأضافت مريم شريف في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنها لم تُفكّر في التمثيل قبل ذلك لأن السينما اعتادت السخرية من قِصار القامة، وهو ما ترفضه، معبّرة عن سعادتها لتحقيق العمل ردود أفعال إيجابية للغاية، وهو ما كانت تتطلّع إليه، ومخرجته، لتغيير أسلوب تعامل الناس مع قِصار القامة لرؤية الجمال في الاختلاف، وفق قولها: «نحن جميعاً نستحق المساواة والاحترام، بعيداً عن التّهكم والسخرية».

وكان قد شهد عرض الفيلم في المهرجان حضوراً لافتاً من نجوم مصريين وعرب جاءوا لدعم بطلته من بينهم، كريم فهمي الذي يشارك بصفة ضيف شرف في الفيلم، وبشرى التي أشادت بالعمل، وكذلك أمير المصري ونور النبوي والمنتج محمد حفظي.

قُبلة على يد بطلة الفيلم مريم شريف من الفنان كريم فهمي (إدارة المهرجان)

واختارت المخرجة أن تطرح عبر فيلمها الطويل الأول، أزمة ذوي القامة القصيرة الذين يواجهون مشاكل كبيرة، أقلّها تعرضهم للتنمر والسخرية، وهو ما تصدّت له وبطلتها عبر أحداث الفيلم الذي يروي قصة «إيمان» قصيرة القامة التي تعمل موظفة في أرشيف إحدى المصالح الحكومية، وتحلم مثل كل البنات بلقاءِ فارس أحلامها وتتعلق بأغنية المطربة وردة الجزائرية «في يوم وليلة» وترقص عليها.

وجمع الفيلم بين بطلته مريم شريف وبعض الفنانين، ومن بينهم، كريم فهمي، ومحمد ممدوح، ومحمد جمعة، وخالد سرحان، وصفوة، وكان الفيلم قد فاز بوصفه مشروعاً سينمائياً بجائزة الأمم المتحدة للسكان، وجائزة الجمعية الدولية للمواهب الصاعدة في «مهرجان القاهرة السينمائي».

وعلى الرغم من أن مريم لم تواجه الكاميرا من قبل، بيد أنها بدت طبيعية للغاية في أدائها وكشفت عن موهبتها وتقول المخرجة: «كنت مهتمة أن تكون البطلة غير ممثلة ومن ذوات القامة القصيرة لأحقق المصداقية التي أردتها، وحين التقيت مريم كانت هي من أبحث عنها، وكان ينقصنا أن نقوم بعمل ورش تمثيل لها، خصوصاً أن شخصية مريم مختلفة تماماً عن البطلة، فأجرينا تدريبات مطوّلة قبل التصوير على الأداء ولغة الجسد والحوار، ووجدت أن مريم تتمتع بذكاء لافت وفاجأتني بموهبتها».

لم يكن التمثيل يراود مريم التي درست الصيدلة في الجامعة الألمانية، وتعمل في مجال تسويق الأدوية وفق تأكيدها: «لم يكن التمثيل من بين أحلامي لأن قِصار القامة يتعرضون للسخرية في الأفلام، لكن حين قابلت المخرجة ووجدت أن الفيلم لا يتضمّن أي سخرية وأنه سيُسهم في تغيير نظرة كثيرين لنا تحمست، فهذه تجربة مختلفة ومبهرة». وفق تعبيرها.

ترفض مريم لقب «أقزام»، وترى أن كونهم من قصار القامة لا يحدّ من قدرتهم ومواهبهم، قائلة إن «أي إنسان لديه مشاعر لا بد أن يتقبلنا بدلاً من أن ننزوي على أنفسنا ونبقى محبوسين بين جدران بيوتنا خوفاً من التنمر والسخرية».

تغريد أبو الحسن، مخرجة ومؤلفة الفيلم، درست السينما في الجامعة الأميركية بمصر، وسافرت إلى الولايات المتحدة للدراسة في «نيويورك أكاديمي» قبل أن تُخرج فيلمين قصيرين، وتعمل بصفتها مساعدة للمخرج مروان حامد لسنوات عدّة.

المخرجة تغريد أبو الحسن وبطلة الفيلم مريم شريف (إدارة المهرجان)

وكشفت تغريد عن أن فكرة الفيلم تراودها منذ 10 سنوات: «كانت مربية صديقتي من قِصار القامة، اقتربتُ منها كثيراً وهي من ألهمتني الفكرة، ولم أتخيّل أن يظهر هذا الفيلم للنور لأن القصة لم يتحمس لها كثير من المنتجين، حتى شاركنا الحلم المنتج محمد عجمي وتحمس له».

العلاقة التي جمعت بين المخرجة وبطلتها كانت أحد أسباب تميّز الفيلم، فقد تحولتا إلى صديقتين، وتكشف تغريد: «اقتربنا من بعضنا بشكل كبير، وحرِصتُ على أن تحضر مريم معي ومع مدير التصوير أحمد زيتون خلال معاينات مواقع التصوير حتى تتعايش مع الحالة، وأخبرتها قبل التصوير بأن أي مشهد لا ترغب به سأحذفه من الفيلم حتى لو صوّرناه».

مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

وتلفت تغريد إلى مشروعٍ سينمائيّ يجمعهما مرة أخرى، في حين تُبدي مريم سعادتها بهذا الالتفاف والترحيب من نجوم الفن الذين شاركوها الفيلم، ومن بينهم: كريم فهمي الذي عاملها برفق ومحبة، ومحمد ممدوح الذي حمل باقة ورد لها عند التصوير، كما كان كل فريق العمل يعاملها بمودة ولطف.