في ظل تعزيزات أمنية مكثفة ووضع وحدات أمنية على مختلف المداخل المتفرعة من شارع الحبيب بورقيبة منذ الصباح الباكر، بعد غلقها أمام جولان العربات، وفتحها لحركة المارة فقط، أمّنت وزارة الداخلية التونسية التحرك الاحتجاجي الذي نظمته «جبهة الخلاص الوطني» المعارضة المدعومة من قبل «حركة النهضة»، على الرغم من عدم منح المحتجين ترخيصاً قانونياً للتظاهر. وذكرت مصادر من وزارة الداخلية أن المسيرة الاحتجاجية دارت «في ظروف عادية وفقاً لمقتضيات الأمن والنظام العام، رغم عدم امتثال الجهة الطالبة لتنظيم التحرك لقرار السلطة الجهوية بعدم الموافقة». وبالتوازي مع تأمين هذا التحرك حتى لا ينفلت وينقلب إلى مواجهات بين المحتجين والوحدات الأمنية، فقد أعلنت الداخلية أنها أعلمت النيابة العامة التونسية بجميع مراحل وملابسات هذا التحرك، وهو ما يشي بإمكانية التتبع القضائي لمنظمي هذا التحرك بتهمة عدم احترام القانون.
وكان ممثل وزارة الداخلية التونسية قد دعا أنصار «جبهة الخلاص الوطني» عبر مكبر للصوت إلى الانسحاب، وعدم إنفاذ المسيرة المقرر انطلاقها من ساحة الجمهورية إلى شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة. وتم تنظيم هذا التحرك على الرغم من قرار والي تونس في وقت سابق رفض الترخيص للتظاهرة «بحجة أن بعض قياديي الجبهة تتعلق بهم شبهة جريمة التآمر على أمن الدولة». ويرى مراقبون أن السلطات التونسية تفادت التصادم مع المتظاهرين في ظل الانتقادات المحلية والدولية، التي تتهمها بالتضييق على الحريات، كما فوتت الفرصة على الأطراف المعارضة، التي قد تتهمها بالكيل بمكيالين من خلال الترخيص للبعض، ومنع البعض الآخر من التظاهر السلمي.
وعدّت جبهة الخلاص هذا القرار «تعسفياً وباطلاً ومستنداً إلى أسباب لا تمت للقانون بصلة»، ورأت أن الاجتماعات العامة والمظاهرات «حرة، ويمكن أن تنعقد دون سابق ترخيص»، وذلك وفق ما ينص عليه الفصل الأول من قانون سنة 1969 المتعلق بالاجتماعات العامة والمظاهرات، وأن كل السلطات المسؤولة لا يمكنها اتخاذ قرار بمنع الاجتماع الذي هو حق دستوري.
وذهبت الرابطة التونسية لحقوق الإنسان في اتجاه دعم حق التظاهر الاحتجاجي، عندما طالبت بضمان حق التظاهر السلمي لكل التونسيين دون استثناء، في إشارة إلى منح الترخيص يوم السبت لاتحاد الشغل بالتظاهر والاحتجاج، ومنعه في اليوم التالي عن جبهة الخلاص الوطني.
في المقابل دعت وزارة الداخلية المشاركين في الوقفة التضامنية التي نظمها الحزب الجمهوري أمس أمام مقره بالعاصمة التونسية للمطالبة بإطلاق سراح رئيسه عصام الشابي، إلى التوجه إليها بشكل فردي، على أساس أنه تم الترخيص لهذه الوقفة. وتجمهر أنصار جبهة الخلاص، ورفعوا شعارات منددة بإيقاف نشطاء، واعتقال قيادات سياسية وانتهاك الحريات العامة والفردية، ودعوا إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين، والعودة إلى المسار الديمقراطي، واحترام المؤسسات الدستورية، والفصل بين السلطات الثلاث.
يذكر أن السلطات التونسية قد أصدرت خلال الفترة الماضية بطاقات إيداع بالسجن في حق عدد من أعضاء جبهة الخلاص المعارضة بتهمة «التآمر على أمن الدولة»، وضمت القائمة جوهر بن مبارك، وشيماء عيسى، وعصام الشابي، إضافة إلى عدد من الناشطين السياسيين الذين معظمهم من قيادات حركة النهضة.
{الداخلية} التونسية تؤمّن احتجاجات المعارضة
رغم عدم منح المحتجين ترخيصاً قانونياً للتظاهر
{الداخلية} التونسية تؤمّن احتجاجات المعارضة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة