ميراي ماتيو غنت للبنان بعد 41 سنة من الغياب والحنين

حفل استثنائي اضطرها لوداع جمهورها حافية القدمين

لم تترك ميراي ماتيو وسيلة لتعبر عن حبها لجبيل وجمهورها اللبناني إلا واستخدمتها
لم تترك ميراي ماتيو وسيلة لتعبر عن حبها لجبيل وجمهورها اللبناني إلا واستخدمتها
TT

ميراي ماتيو غنت للبنان بعد 41 سنة من الغياب والحنين

لم تترك ميراي ماتيو وسيلة لتعبر عن حبها لجبيل وجمهورها اللبناني إلا واستخدمتها
لم تترك ميراي ماتيو وسيلة لتعبر عن حبها لجبيل وجمهورها اللبناني إلا واستخدمتها

لم يكن حفل ميراي ماتيو في «مهرجانات بيبلوس الدولية»، مساء أول من أمس، عاديا. كادت الفنانة التي طالما شبهت بإديت بياف تذوب مع جمهورها. عودتها بعد حفل أحيته في هذه المدينة، يوم كانت لا تزال في بداياتها منذ 41 عامًا أرجعتها إلى حنين غامر. الجمهور الفرانكفوني الذي يعرفها وردد أغنياتها عشرات السنين احتضنها كما لم يفعل مع فنانين كثر كبار حطوا على هذا المسرح الغائصة مدرجاته في البحر.
في المقابل لم تترك ميراي ماتيو وسيلة لتعبر عن حبها لجبيل وجمهورها اللبناني إلا واستخدمتها. إطلالتها وحدها كانت كافية لتثير زوبعة من التصفيق. فستانها الأسود، فرقتها الموسيقية التي حضرت بكامل لباسها الرسمي بالياقات البيضاء وربطات العنق رغم الحر الشديد، أضفى هيبة على المنصة التي تلونت بإضاءة تماوجت بين البنفسجي والأبيض والأحمر. حيّت ميراي جمهورها، بلكنتها الفرنسية المتوسطية المحببة، وذكّرت أنها كانت هنا ذات يوم في بداياتها، وقالت: «كما أعطيتموني قلبكم، فأنا أعطيكم قلبي»، وانطلقت لتغني للبنان وبيبلوس، وسط تصفيق الحضور الذي أدهشته هذه اللفتة.
غنت ميراي ماتيو أشهر أغنياتها: «أحبك حتى الموت» و«الحرية على الأطلسي» و«حب باريس» و«لأقل لك وداعًا».
ميراي ماتيو التي شارفت على السبعين، ربما ظنت أن حفلها لن يستمر أكثر من ساعة، لذلك وبعد ما يقارب الثلاثين دقيقة أو أقل من بدء الغناء، أعلنت الاستراحة. لكن ما تلا هذه الوقفة جاء أكثر تألقًا وحيوية، غنت ابنة أفينيون البارّة ورقصت، وتمايلت، وردد معها الحضور أغنياتها التي حفظها عن ظهر قلب. منذ بدأت حياتها الفنية في ستينات القرن الماضي إلى اليوم، لم تغير ماتيو تسريحتها الأثيرة، التي تعتبرها جزءًا من شخصيتها الفنية. حنجرتها التي لا تمل من تمرينها حتى حين لا تكون في فترات تحضير لحفلات، لا تزال تحتفظ بقوتها وصداها القوي الأخاذ.
فتنت ماتيو جمهورها، وفتنت هي بحرارته، توقفت لوهلة عن الغناء، وقالت للحضور بأنها ستقدم لهم والدتها، التي تزور لبنان للمرة الأولى. «نحن عائلة من 14 ولدًا» ذكّرت ماتيو التي وهبت حياتها لإخوتها، كما هو معلوم. ظهرت على المسرح سيدة تسعينية، ربما، بشعر أبيض خالص، وقامة قصيرة جدًا، وقد أمسك بها شابان من الجانبين، ووقفت إلى جانب ابنتها النجمة. حيا الحضور الأم وقوفا وتصفيقًا وصفيرًا، خاصة حين قبلتها وغمرتها ماتيو، وهي تقول لها: «أحبك يا ماما».
Rien de Rien أغنية جديدة ألهبت القلوب. لم يقاوم جمهور ميراي هذه اللحظة المؤثرة، كانت التلفونات التي تسجل الأغنية تلتمع في كل مكان. الموسيقيون الـ11 الذين رافقوا صوت نجمة السبعينات، أجادوا وأبدعوا. واضح أن هذه السيدة التي قضت نصف قرن ونيفا على المسرح، تعرف كيف تقدم الحفلات، وأي شروط لا بد أن تكون حليفة لها لتجعلها على المسرح أكثر بريقًا وجاذبية.
فستانها الأسود الثاني، الطويل هذه المرة، والقمر في الأفق بدر مكتمل في بيبلوس، وهي تغني هشاشة سماء الحب الذي يسكن جلدها، أشعل عاطفة جياشة. «أكروبوليس وداعًا» أو «سانتا ماريا»، أو حتى «لا شيء سوى الشجن»، كلها أغنيات خرجت من قلب تلك المرأة التي لم تعد تعرف ماذا تفعل أمام حرارة هذا اللقاء الاستثنائي. أدت مقاطع لأغنيات بالإنجليزية والصينية والإسبانية والألمانية، خاطبت الأطفال والبحر والسماء والعشاق. أخرجت أجمل ما لديها، حاولت تكرارا أن تنسحب من المسرح بعد ما يقارب ساعتين من بدء الحفل، لكنها كانت سرعان ما تعود تجاوبًا مع تلك الصيحات التي كانت تناديها: «ميراي... ميراي». حاولت الفرقة الموسيقية مع الكورس الصغير أن تريح الصوت الذي لا يبدو أنه تعب أو كلّ من الغناء، بالعزف للجمهور. لكن نجمة فرنسا التي ربما نسيها مواطنو بلدها، وكثيرون في العالم، وبقيت حية في قلوب اللبنانيين، كانت تضطر للعودة والغناء.
للحظة يبدو أن ميراي ماتيو قررت أن الحفل قد انتهى، لكن الحاضرين لم يغادروا أماكنهم، بقوا واقفين وعيونهم مسلطة على المسرح، والتصفيق متواصل، لم تقاوم ميراي هي الأخرى كل هذا الحب، عادت حافية القدمين وقد خلعت عنها ثوبها وارتدت معطف الكواليس. بعينين تشعان حبورًا وسعادة، ودّعت للمرة الأخيرة كل هذا السيل من الحفاوة، وهي تردد بصوت متأثر: «لن أنساك يا بيبلوس».. «لن أنساك يا بيبلوس».



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.