«تيك توك» يقود فنون الطهي بوصفات سريعة التحضير

تستخدم المنتجات الطبيعية وتبتعد عن المُعلبات

طبق الشركسية     -     سارة نور الدين
طبق الشركسية - سارة نور الدين
TT

«تيك توك» يقود فنون الطهي بوصفات سريعة التحضير

طبق الشركسية     -     سارة نور الدين
طبق الشركسية - سارة نور الدين

يمكنك تجهيز «دجاجة مشوية» مع صلصة الزعتر والليمون والثوم داخل المقلاة الهوائية، دون أي إضافة لقطع الزبدة أو الزيت، حتى «البطاطس المقلية» التي لا تنجو من الانتقادات، يمكن أيضاً تحضيرها من دون زيت مع إضافة النكهات الطبيعية، بديلاً لأكياس «الشيبس» الموجودة في الأسواق.
هذه واحدة من بين تداعيات بزوغ الاتجاه نحو الطعام الصحي، المدفوعة بثقافة «الترند» التي طالت موائد الطعام، والتأثر بما قد يُطرح على مواقع التواصل الاجتماعي، من تجارب حديثة، وربما مبتكرة.
وهنا عوامل عدة تصنع «ترند» الطعام، فبجانب مواقع التواصل الاجتماعي، هناك الظروف السياسية والاقتصادية والأزمات العالمية. فحين ضرب وباء «كورونا» العالم صعد اتجاه «الأكل الصحي»؛ لكن مع تمدد الأزمة الاقتصادية واحتدام تغير المناخ، فإن مائدة العام الجديد من المتوقع أن تعكس بعض التغيرات.
تقول الطاهية المصرية سارة نور الدين، إن ظهور اتجاهات تؤثر على قوائم الطعام، وتبرز وصفات بينما تُخفي أخرى، هو نتاج الانفتاح الثقافي، وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «العالم بات على اتصال على مدار الأربع والعشرين ساعة، ووسائل التواصل الاجتماعي دخلت شريكاً رئيسياً في تشكيل ثقافة الطعام».
وترى الطاهية المصرية أن «(تيك توك) يتوغّل أكثر في المطبخ، فوصفاته تتميز بسهولتها وسرعتها، من ثم تشبه (جيل الألفية) وتحاكي نمط الحياة الحديثة، كما أنه فتح المجال لدخول كل من لديه مهارة الطهي إلى السباق، ليكون الجمهور هو الحَكَم، و(الوصفة الحلوة) هي الفيصل».

وجبة متكاملة في صحن واحد    -     طاجن بامية

شاي بحبات البوبا الآسيوية، وربما «آيس كريم» مصنوع من عجينة الأرز، وجبة كاملة في طبق واحد. جميعها اتجاهات فرضها جيل «زي» الذي بات يشكل المستقبل أولوياته. تقول الشيف سارة: «لن يسمح لك (جيل الألفية) بأن تقدم وصفة يستغرق تحضيرها أكثر من دقائق معدودة، لذلك تصدرت وصفات (الباستا) التي تُجهز في 7 دقائق، مع الصوص الوردي الذي مزج مدرستين في الطعام، وهما صلصة الطماطم وعشاق كريمة الطهي».
وتردف «جيل (زي) لديه وعي بيئي، فهو من تلقف أزمة تغير المناخ وعاش آثارها، لذلك لا نتوقع بزوغ الأكل الصحي فحسب، بل ستتصاعد الوصفات التي تضع حماية البيئة في الاعتبار، مثل أطباق السلطات الغنية بالأوراق المزروعة مع قليل من شرائح اللحم»، متابعة: «أما الصلصة فلا داعي لتلك المحضّرة والمعلبة في زجاجات على أرفف (السوبر ماركت)، حيث إن مزيج زيت الزيتون والثوم وقطرات الليمون والتوابل الطبيعية سيكون الأبرز».
واللافت أنه من بين تداعيات بزوغ اتجاه الطعام الصحي، نمو مبيعات الأفران البخارية والمقالي الهوائية عالمياً، بنسبة قُدرت بـ10.2 في المائة خلال العام الماضي، ومتوقع مزيد من الصعود في العام الجديد، وفقاً لشبكة «فوود نيت ورك» الأميركية، وهي أفران تجهّز الطعام بأقل قدر ممكن من السعرات الحرارية.
وترى الشيف سارة، أن «في هذا دليل على أهمية الصحة والبيئة، كما أن هذه الأفران باتت أساسية في المطابخ العصرية التي نشاهدها كل يوم على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تشكل الصورة الذهنية لأصناف الطعام الصحي».
وفي حين يتسارع العالم نحو المستقبل، ثمة اتجاه يربطنا بالجذور؛ حيث تشير اتجاهات الطعام في 2023 إلى الحنين إلى الماضي ووصفات الجدات، فحسب تصنيف شبكة الطعام الأميركية لاتجاهات الطهي في العام الجديد، فإن العالم يبحث عن السعادة من خلال الطعام، لا سيما مع وجود حرب مُهددِّة للمستقبل، لذا عادت الوصفات الأصيلة في كل ثقافة إلى الظهور، ربما للبحث عن الطمـأنينة والدفء.
تشير الطاهية المصرية إلى عودة فطائر التفاح اليدوية، والخبز المنزلي، وأنواع «البيتزا» الإيطالية على طريقتها البسيطة التي لا تعرف سوى طبقة العجين وطبقات الصلصة الطازجة، مع رشة الجبن، وربما أوراق الريحان. وتقول: «(على الأصل دوّر)، أعتقد أنه شعار العام، فعلى الرغم من أن أغلب مَن يتابعني هم من جيل الألفية و(جيل زي)، فإني أقدم الوصفات المصرية الأصيلة، مثل (سر الملوخية)، و(البط المحشي) والحمام، بوصفة الجدة، وحتى (الفطير المشلتت)». وترى أن هذا الحنين انعكس بشكل ملحوظ على اتجاه المطاعم، وباتت ثقافة الأكل المصري والعربي الأصيل بارزة. ربما الانفتاح يثير القلق في نفوس لا تهدأ إلا برائحة طعام «بيوت زمان».
مطعم داخل محل لبيع علامات الموضة الراقية، وآخر يتيح تجربة رقمية مثيرة؛ إنها المطاعم المتوقع رواجها في العام الجديد. تقول الشيف سارة: «الإثارة هي التجربة المتوقعة من المطاعم العصرية، ولا أقصد بالعصرية أن نُقتلع من الجذور، إنما الانغماس بما يتناسب مع روح العصر».
وعلى الرغم من التقدم الذي أحرزه الباحثون في ابتكار أطعمة في المختبر، فإن الخبراء لا يتوقعون رواجه في العام الجديد. وتنتهي الشيف المصرية سارة نور الدين إلى القول: «المجتمع المصري والعربي لا يزال بعيداً عن تقبل هذا الاتجاه؛ فهو بطبيعته يميل إلى كل ما هو طبيعي. لا أعرف ما إذا كان سيأتي اليوم الذي أصور فيه مقطع فيديو لوصفة لحم مجهز مختبرياً!».


مقالات ذات صلة

الشيف نوال نويدر: النفس والكرم يشكّلان سرّ نجاحي

مذاقات مع ابنتها ميرنا التي ورثت عنها شغفها للطهي

الشيف نوال نويدر: النفس والكرم يشكّلان سرّ نجاحي

قصة الشيف نوال ضاهر نويدر لا تشبه غيرها من حكايات زملائها في المهنة. شغفها بالطبخ بدأ منذ الثانية عشرة من عمرها. كانت والدتها تطردها من المطبخ لملازمتها الدائمة

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات المطعم في جلسته الخارجية (الشرق الاوسط)

«طاولة عمّيق» جلسة في حضن البقاع بنكهة الأكلات التراثية

«هنا عمّيق أطفئ جهازك الخلوي واستمتع بالطبيعة». هكذا يستقبلك أهل بلدة عمّيق في البقاع الغربي. فهم يناشدونك الانفصال التام عن عالم المدينة.

فيفيان حداد (بيروت)
مذاقات طبق مصمم عن طريق الذكاء الاصطناعي (نيويورك تايمز)

«تشات جي بي تي»: أداة العام الجديدة الرائجة بين الطهاة

على مدار أربعة أشهر في عام 2026، سيقدم مطعم Next في شيكاغو قائمة طعام من تسعة أطباق، يبتكر كل طبق منها طاهٍ مختلف. من بين هؤلاء الطهاة، امرأة تبلغ من العمر 33…

بيت ويلز (نيويورك)
مذاقات فرع «لا بيتيت ميزون» في دبي (الشرق الأوسط)

عنوان محبي الطعام الفرنسي والمتوسطي

أعلن «لا بيتيت ميزون»، المطعم الشهير عالمياً بتقديم المأكولات الفرنسية المتوسطية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
مذاقات الشيف المصري عصام راشد (الشرق الأوسط)

هل تؤثّر طريقة التقطيع على مذاق الطعام؟

لا تتوقف أهمية طرق التقطيع بالسكين عند رفع مستوى الجاذبية البصرية للأطباق، إنما تتجاوز ذلك لتشمل تحقيق تغير جذري في مذاق الطعام، وملمسه، ونكهته.

نادية عبد الحليم (القاهرة)

«سولاي باي كلود» ينقل البحر المتوسط إلى سطح «ذا بينيسولا لندن»

جلسة خارجية في الطابق الثامن من فندق ذا بينينسولا بلندن (أنتون رودريغز)
جلسة خارجية في الطابق الثامن من فندق ذا بينينسولا بلندن (أنتون رودريغز)
TT

«سولاي باي كلود» ينقل البحر المتوسط إلى سطح «ذا بينيسولا لندن»

جلسة خارجية في الطابق الثامن من فندق ذا بينينسولا بلندن (أنتون رودريغز)
جلسة خارجية في الطابق الثامن من فندق ذا بينينسولا بلندن (أنتون رودريغز)

صيف لندن هذا العام «غير»، فهو مختلف عن السنوات الماضية، فلم تبخل الشمس ببسط أشعتها لتزيد من رونق المدينة التي تعاني عادة من علاقة غير وطيدة بالطقس الدافئ واستضافة الشمس لوقت متواصل في فصل الصيف.

ولهذا السبب؛ ترى ازدياداً في توفر الجلسات الخارجية، وتحويل المساحات المتوفرة على أسطح الابنية في وسط المدينة مطاعمَ مطلة على أجمل المعالم والمناظر.

من أطباق "سولاي باي كلود" (أنتون رودريغز)

وينضم اليوم الشيف الفرنسي كلود بوسي إلى الطهاة الذين ينقلون خبرتهم إلى هواء لندن الطلق، من خلال افتتاح مطعم من نوع الـ«Popup» أو «المؤقت» يحمل إسم «سولاي باي كلود» Soleil By Claude، حيث اختار سطح فندق «ذا بينيسولا» في منطقة هايد بارك ليترجم اسم المطعم الذي يعني «شمس» حرفياً إلى واحة فرنسية تنقلك إلى أجواء البحر المتوسط على الشرفة الساحرة في الطابق الثامن من الفندق.

منذ اللحظة الأولى التي تخطو فيها إلى التراس تشعر وكأنك سافرت إلى جنوب فرنسا أو سواحل إيطاليا، مساحة مفتوحة، وديكور مستوحى من البحر، وأشعة الشمس تغمر المكان على أنغام الموسيقى الحية الذي ينسقها «دي جي» نهاية كل أسبوع تحوّل بذلك هذا المكان وجهةً نابضة بالحياة، مثالية لتناول الفطور والغداء والعشاء تحت سماء لندن.

لائحة طعام غنية بالاسماك وثمار البحر(أنتون رودريغز)

قائمة الطعام مستوحاة من البحر المتوسط، ولكنها تعتمد على أجود المنتجات المحلية البريطانية. وهناك خيار كبير من الأسماك، من بينها كارباتشو الأخطبوط وسلطعون البحر وسمك الـ«سي باس» المطبوخ بالملح ويقدم لشخصين، إلى جانب أطباق مرافقة أخرى، مثل طحالب البحر مع الليمون وكرات البطاطس المشوية، كما توجد على اللائحة خيارات عدة لأنواع أخرى من القواقع والأسماك مثل السي بريم والـ«كود» من الساحل البريطاني. ومن الأطباق اللذيذة أيضاً كتف الضأن المطهو لسبع ساعات، والقاروس المشوي يطهى بحرفية عالية جداً.

وتم اختيار الأطباق على اللائحة الخاصة بـ«سولاي» لتكون مزيجاً ما بين المطبخ الفرنسي والمنتج البريطاني، فتم اختيار منتجات من مناطق شهيرة في بريطانيا مثل كورنوول ودورسيت ولايك ديستريكت، واستطاع الشيف بوسي أن يستخدم خبرته ومهارته في الطهي التي قدمت له نجمتي ميشلان بأن يبتكر أطباقاً طازجة بمذاق متوسطي بامتياز.

سي باس مغلفة ومطهوة بقشرة من الملح (أنتون رودريغز)

أما بالنسبة للأطباق الحلوة فجاءت متناسقة مع فاكهة الصيف التي استخدمت في أطباق عدة وبأشكال متعددة، مع لمسة فرنسية واضحة، ومن ألذ الأطباق تارت الفواكه والمانغو بالميرينغ.

تجربة «سولاي باي كلود» الصيفية تستمر لغاية الواحد والثلاثين من أغسطس (آب) المقبل، وبعدها يعود مطعم «بروكلاندس» الذي يستقبل المطعم المؤقت حالياً إلى وضعه السابق ليستقبل زبائنه مجدداً مع قائمة خريفية جديدة وديكور مختلف.حالياً تم تغيير الديكور الداخلي ليتناسق مع فكرة «سولاي» التي توحي بالصيف والشمس والدفء.

من أطباق مطعم "سولاي باي كلود" المؤقت (أنتون رودريغز)

يفتح المطعم أبوابه من الاثنين إلى الاحد ويقدم الفطور الفرنسي من الثامنة إلى الـ11 صباحاً وفترة الغداء تمتد ما بين الساعة 12 ظهراً و10 مساءً.

يشار إلى أن فنادق بينينسولا أطلقت سلسلة طهي فريدة بعنوان «ثلاثة طهاة، ثلاث ولائم»، وهي تعاون مميز يجمع بين ثلاثة من أبرز الطهاة في أوروبا من فنادق بينينسولا في باريس ولندن وإسطنبول. يقدّم كل من الشيف دافيد بيزيه (باريس)، كلود بوسي (لندن)، وفاتح توتك (إسطنبول) قائمة تذوق من ستة أطباق مستوحاة من الذكريات والحرفية ونكهات بلدانهم الأصلية. تتضمن كل وليمة، والمقامة لليلة واحدة فقط، طبقين مميزين من إعداد كل شيف؛ ما يتيح للضيوف تجربة طهوية متنقلة بين ثلاث مدن أوروبية. وتركز هذه السلسلة على إبراز الفلسفات الخاصة بكل شيف، مع الالتزام المشترك بسرد القصص من خلال الطعام والمكونات المحلية والتأثير العاطفي.

مأكولات فرنسية بمكونات بريطانية (أنتون رودريغز)

بعد العشاء الافتتاحي الذي نُظّم في مطعم «لوازو بلان» في باريس والذي نُفذت جميع مقاعده، تنتقل السلسلة الآن إلى لندن ثم إسطنبول لتستكمل فصول هذه الرحلة الطهوية الأوروبية الاستثنائية.

وقد انطلقت هذه السلسلة بالفعل من مطعم «لوازو بلان» في باريس، حيث شهدت الأمسية الأولى إقبالاً استثنائياً أدى إلى نفاد جميع الحجوزات. وتنتقل التجربة الآن إلى لندن ثم إلى إسطنبول، لتواصل ما يمكن وصفه برحلة طهوية أوروبية متعددة الحواس.

اللافت في هذه المبادرة ليس فقط المستوى العالي للطهي، بل أيضاً الالتزام المشترك بين الطهاة الثلاثة بسرد القصص من خلال الطعام. فكل منهم يستلهم من بيئته وذكرياته ومكونات بلده، ليحوّل كل طبق تجربةً ذات بعد إنساني وعاطفي.

كما تشكّل السلسلة فرصة نادرة لعشّاق الطهي لاستكشاف أساليب وتقنيات متنوعة ضمن سياق واحد، يجمع بين التقاليد والابتكار، المحلي والعالمي، في آنٍ واحد.